سياسة المخيمات
على الرغم من شكوى الأردن المريرة من تداعيات اللجوء السوري الاقتصادية والاجتماعية والأمنية،وخذلان المجتمع الدولي للأردن على صعيد تمويل كلف اللجوء، إلا ان سياسة الدولة الميدانية تجاه اللاجئين السوريين باتت تتسم بالغموض والتناقض.
الأردن الذي يعلن شكواه من قلة التمويل العربي والدولي،على وشك ان يعلن عن افتتاح مخيم جديد للاجئين السوريين في الأزرق والمعلومات تقول إن افتتاحه مطلع الشهر المقبل،بعد اكتمال بناه.
المخيم الجديد يتسع لمئة ألف لاجئ،وهو مخيم أقيم بلا خيم،وتم تأسيسه عبر اقامة البيوت المتنقلة مع تأمين كل الخدمات بشكل مسبق.
هذا المخيم يضاف الى مخيم الزعتري ومخيم مريجيب الفهود،ومراكز الايواء في الشمال،ولاصحة للكلام حول اقامة مخيم جديد في مادبا مثلما تردد سابقا،ولم تكن مادبا مطروحة اصلا على خارطة المخيمات السورية.
الأردن سوف يفتتح المخيم بشكل رسمي بداية الشهر الجديد، وافتتاحه ليس مناسبة سعيدة بالتأكيد للاجئين السوريين،ولا للاردنيين ايضا،والاردن يخضع لمعايير دولية تفرض عليه استقبال اللاجئين وهذا يفسر المضي في تأسيس المخيم الجديد وجاهزيته لاعتبارات يأتي ذكرها لاحقا،على الرغم من التمنع غير المعلن في ادخال اللاجئين الى الاردن.
الاردن بات وفقا لمعلومات مؤكدة يتشدد في دخول اللاجئين،لاعتبارات اغلبها امني،وهذا يفسر منع دخول السيارات السورية غير المؤمنة في اغلبها،وخوفا من استعمالها لغايات امنية خطيرة،وهذا يشرح ايضا سر المعايير الجديدة في ادخال اللاجئين عبر المطارات والمراكز الحدودية والتشدد في وجه اللاجئين الشباب،والحملات على العمالة السورية.
الأردن يريد خفض جاذبية اللجوء الى الاردن، وتحويل اللجوء الى حالة منفرة، خصوصا،مع قلة التمويل المالي،والحسابات الامنية الاكتوارية.
بهذا المعنى يأتي افتتاح مخيم الأزرق الجديد لسبب محدد أردنيا، باحتمال حدوث انهيار كامل في الوضع السوري، وتخوفا من موجة بشرية كبيرة لايمكن ردها من اللاجئين السوريين،وليس في سياق ادامة جاذبية اللجوء السوري الى الاردن، أو فتح الابواب لمزيد من التدفقات الاعتيادية.
هذا يعني ان الجهات الدولية التي اقامت المخيم بالتعاون مع الامم المتحدة اقامته لغايات استيعاب اللاجئين،بشكل عادي ومتدرج، فيما يريده الأردن احتياطا لاي حالة انهيار كبرى في الوضع السوري،وهذا يقول ان هناك تباينا في دوافع الطرفين،الاردني والدولي،ازاء توظيفات المخيم الجديد.
لامؤشرات على نوايا رسمية بنقل عدد من اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري الى مخيم الازرق،برغم ان ظروف الزعتري صعبة جدا،والمعلومات تقول ان لاتوجه في هذا الصدد،والزعتري الذي يعيش فيه مايزيد عن مائة وعشرين الف سوري،اغلبهم من درعا،سيبقى قائما،ولعل المفارقة المحزنة تقول ان درعا وريفها التي يعيش بها اصلا مائة وخمسين الف سوري،بات اغلبهم في الاردن ومخيم الزعتري، وكأن درعا انتقلت الى الاردن، دون ان ينفي ذلك وجود عائلات سورية من مناطق اخرى.
هناك غموض آخر في ملف اللجوء السوري،فأعداد السوريين في الاردن تتجاوز المليون سوري،مابين موجات اللجوء اثر احداث حماة عام 1982،والذين كانوا يعيشون بشكل عادي قبل الازمة الاخيرة، ثم موجات اللجوء إثر الازمة السورية،وهي موجات لم توثق بشكل كامل.
هناك عدد من اللاجئين رفضوا تسجيل اسمائهم لدى مفوضية اللاجئين لعدم حاجتهم للمساعدات او تخوفا من انتقامات امنية سورية لاحقة،وهذا يفرض على الجهات الرسمية في الاردن ان تكاشف الجمهور بالعدد الحقيقي لوجود السوريين في الاردن،مابين القديم والجديد،ومابينهما.
توقعات الاردن بوصول عدد اللاجئين السوريين الى الاردن الى ثلاثة ملايين سوري،توقعات تراجعت امام انخفاض عدد اللاجئين مؤخرا وامام تشدد الاردن الحدودي،والواضح ان هكذا رقم سيفرض على الاردن لاحقا اقامة مخيمات جديدة للاجئين،وهو توجه قرر الاردن على مايبدو العودة عنه لصالح سياسة التشدد في وجه اللاجئين وهي سياسة ناعمة لايتم اعلانها صراحة.
الخلاصة:الاردن لايريد ان يكون حاضنة جاذبة للسوريين،وهو هنا ينسخ بعض مواصفات التجربتين العراقية والتركية في تعاملهما مع ذات الازمة.