عمان يريدونها طريقاً إلى دمشق
تتسرب معلومات كثيرة حول تدفق السلاح من الأردن الى سورية، وتدريب مقاتلين سوريين في الاردن، والتجهيز لإطلاق جيش سوري جديد قوامه الفارون والمنشقون عن الجيش السوري، من اجل التدخل العسكري في سورية.
أيا كانت صحة هذه التقارير، وما يزاد عليها من وجود الفتى المدلل مناف طلاس في الأردن، لتزعم هذا الجيش الجديد، فإن التورط في الملف السوري ليس من مصلحة الأردن، حتى لو كان ذلك بديلا، عن تدخل الأردن المباشر، عبر مؤسساته وقواته.
سابقاً كان يتم الحديث عن تدخل اردني عسكري مباشر في سورية، ثم تم استبدال هذا السيناريو بسيناريو آخر يقوم على انشاء كتائب سورية مدربة عسكرياً، بحيث تتولى مهمة الدخول الى درعا في فترة من الفترات.
السيناريو البديل أخف وطأة على الأردنيين من تورطهم مباشرة لأنه لا تضحية هنا بدماء الأردنيين في المحرقة السورية، غير ان كلفة السيناريو البديل قد تؤدي الى الإضرار بحياة الاردنيين في المحصلة.
غير أنه لا فرق جوهريا، لأن التدخل هو التدخل، والأردن لا يأمن على نفسه من شرور الملف السوري، ونسمع كل يومين، عن خلية سورية تحاول تهريب الصواريخ الى الأردن، أو عن مجموعة بحوزتها أجهزة اتصالات، ومجموعات تحاول تهريب السلاح.
هذا غير الخلايا النائمة والكامنة التي تدفقت أصلا من سورية وإيران وتركيا ولبنان الى الأردن بجنسيات مختلفة، والقدرة على تفجير أي بلد من الداخل، واردة، وليس أدل على ذلك من العبث بالجوار السوري، كما في لبنان قبل يومين، أيا كان عنوان العبث.
معنى الكلام أن ارتداد أي توطئة اردنية للتدخل في سورية، ولو عبر قوات سورية، ارتداد خطير على الداخل الاردني، فلماذا نتورط اصلا بملفات الآخرين، وحرائقهم المشتعلة؟!.
ثم أن الله سلّم البلد، خلال اعوام الربيع العربي، من الفوضى والخراب، فلماذا نحسد أنفسنا على هذا الاستقرار ونقترب من فوهة البركان مصرين على اللعب بالنار، كرمى لخواطر الآخرين ومصالحهم؟!.
موقع الأردن في الازمة السورية، حساس، ما بين تداعيات اللجوء السوري، وضغوط عواصم عربية واجنبية لتحويل الأردن الى ممر للسلاح والمال والمقاتلين، وتهديدات النظام السوري، ثم مخاطر التنظيمات التي باتت تضغط على خاصرتنا الشمالية.
العقل الاستراتيجي للدولة يعتقد أن إطفاء أي نار مشتعلة حاليا، لابد أن يتم عبر نار اخرى، ومواجهة الفوضى السورية او مخاطر التنظيمات في جنوب سورية، باستحداث ردود فعل من بينها تأسيس كتائب سورية للتدخل اللاحق، امر مؤسف، لأن معالجة المرض لا تكون بمرض آخر، اقل مظاهره ان هؤلاء الفارين من جيشهم الاصلي، مرتزقة غير آمنين لبلادهم، فكيف لنا؟!.
الواضح ان عمان الرسمية خفضت منسوب حيادها الجزئي اساسا تجاه الأزمة السورية، وسر ذلك عائد الى الاعتقاد بقرب الحسم في سورية، وضرورة ان نكون شركاء في الحسم، للتحكم في نتائج مابعد الحسم، تخفيفاً من النتائج المفتوحة بلا سقوف تجاهنا.
هذه لعبة محفوفة بالمخاطر، وفاتورتها مكلفة جدا، لن تنفع معها تطمينات ووعود هذه العاصمة او تلك، والمتاجرة برموز سورية منشقة من مناف طلاس وصولا الى رياض حجاب، وغيرهما من رموز قديمة وجديدة، متاجرة بائسة، وخاسرة في نهاية المطاف.
هذه حرب ليست حربنا، وخوضها بالوكالة عن عواصم اخرى، خوض آثم ومرفوض، وحماية الأردن تكون بإغلاق الباب كليا في وجه أي مداخلات، بدلا من تكتيك الشراكة في المداخلات، وهو تكتيك انتحاري، مهما ظن اصحابه أنه استراتيجي وآمن.
الطريق إلى دمشق تمر عبر عمان، ما أوعر هذا الطريق وما أخطره؟!