0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

حروب دفاعية تنتج فوضى دائمة

يقول حزب الله انه يقاتل في سوريا للدفاع عن الهرمل وشيعة سوريا ولبنان ويعتبر ذلك مقاومة مادام الحزب قد صنف الثورة السورية بانها مؤامرة امريكية صهيونية ، وتقول روسيا أن معركتها في سوريا حرب دفاعية لمواجهة الإرهاب ، أما أمريكا والاتحاد الأوروبي فان حجتهم في فرض الحصار على توريد السلاح للجيش الحر طوال عامين كانت لمنع وقوعها في يد جبهة النصرة والمتطرفين حتى لا يهددوا امن أوروبا وإسرائيل أيضاً.
والأمر نفسه ينطبق على مواقف دول عربية مما يجري في سوريا ومصر ، فمن العرب من يناصر ثورة الشعب السوري ليس حباً بمبادئ الحرية والكرامة والعدالة إنما من اجل مواجهة رياح التغيير في بلادهم ، اما بتشويه الثورة عن طريق مد المتطرفين بالسلاح والمال دون غيرهم لان هؤلاء ضد الديموقراطية قلبا وقالبا ، او من اجل إطالة أمد الصراع الدامي والمدمر الذي يأتي على البشر والحجر لكي يردعوا شعوبهم حتى عن مجرد التفكير برفع الرأس للمطالبة بالحرية والعدالة .
انها حروب دفاعية تنتشر في بلدان الربيع العربي تخوضها أطراف إقليمية وعربية ودولية ، بعضها بدوافع امن يحفظ الحكام من المحكومين ، وبعضها لتأجيل التغيير الديموقراطي في بلادها بنقل المعركة والمواجهة الى ساحات خارجية مثل الساحة السورية والمصرية والليبية الى آخره .
ان اختلاط الحابل بالنابل في المواقف العربية والدولية من ازمات الربيع العربي لا يفسره سوى تبني معظم الاطراف لحروب دفاعية هي ابعد ما تكون عن الايمان بحرية الشعب السوري او المصري ، حروب يهدف كل طرف منها الى ابعاد النار عن قرصه حتى لا يحترق . غير ان الرياح تجري بما لا تشتهي السفن . وفي المحصلة وعلى ارض الواقع فان هذا التذبذب في المواقف من ثورات الربيع ، وتناقض وتضارب الأهداف حولها جر وسيجر المنطقة الى فوضى دموية عارمة ، لان من يستفيد الان وعلى المدى القريب من كل هذا هو التطرف والإرهاب والتنظيمات المعادية للديموقراطية وأصحاب الأجندات الشمولية .
فشل الديموقراطية في مصر وتونس وليبيا او فشل الثورة في سوريا لا يصب في مصلحة أي دولة عربية لان المنطقة تسبح على بحيرة من مخزون السلاح الليبي وغير الليبي الذي يتدفق في كل اتجاه ليغذي روح التمرد والعنف المنتشرة في كل مكان ، ولا يقل عنه خطورة هذا التدخل الايراني الروسي بالسلاح والرجال والخبراء والأعوان لتكريس مسلسل جرائم الحرب التي باتت شبه يومية على يد النظام السوري ، جرائم تغذي نزعات الثأر والإرهاب والانقسام الإثني والطائفي .
لا حصانة لأية دولة ولا امن واستقرار الا بتصالح الأنظمة مع شعوبها وتحقيق الإصلاحات والتغيير الديموقراطي والمطلوب الوقوف وقفة جادة الى جانب حرية الشعب السوري ضد كل اعدائه ، أما الاعتقاد بأن الحروب الدفاعية ونقل المعارك الى هذه الساحة او تلك سيؤخر الاستحقاق التاريخي بالإصلاح فهو اعتقاد خاطئ لانه يمثل اكبر مساهمة في تأجيج الفوضى وتوفير البيئات والمناخات المظلمة لانتشار الإرهاب والتطرف والعنف وكل ما يقود المنطقة الى فوضى شاملة ودائمة .