تشييع المستهلك
تزاحم شديد عند مخرج المسجد، وإرباك في تناول الأحذية من رفوف الخشب ، أحدهم أمضى وقتاً طويلاً بــ”تلبيق” فردتي حذائه المتباعدتين في رفّين متناظرين “خشية السرقة او التبديل” ، ختيار انحنى أكثر من اللازم امام الجموع المتزاحمة ، وهو يهمّ بإخراج “حفايته” من خلف العمود..في هذه الأثناء صاح أحد أقرباء المتوفّى..”افتحوا طريق للجنازة” يا إخوان..خرج المشيعون من الباب ، تبعهم عدد كبير من المصلين وهم يهللون ويترّحمون على الميت…قفز صبيّان في سيارة الموتى وتابع باقي المشيعون مسيرهم خلف “الامبلانص” بهدوء وتؤده..
أخرج أبو يحيى مسبحته من جيبه ومشى خلف الجنازة بسكينه وهو يسّبّح تارة ،و”يدوزن” شماغه تارة أخرى، صافحه جوز فزّة وطلب منه الاستعجال ليحتلا مكاناً استراتيجياً في المقبرة..وأثناء تهامسهما..وكز جوز فزّة ابا يحيى منبهاً لشخص يرتدي بدلة فاخرة ونظارات سوداء :
– جوز فزّة: لدّ ع جنبك!!
– أبو يحيى: أوففف!!
– جوز فزّة: مش هاظ عبد الله النسور
– ابو يحيى : آه هو..
– جوز فزّة: شكله المتوفى واصل..يا وزير..يا سفير..يا مليان..!!
– ابو يحيى: لا والله..المرحوم مسخّم أقطع مني ومنّك..البين حاديه من أربع حدايد..
– جوز فزّة: مالك يا زمّ..معقول ييجي وزير الوزرا على جنازة مواطن زيي وزيك..
– ابو يحيى: بيجي لأنه بيعتبره “خسارة”..
– جوز فزّة : معناته هاظا الزلمة حشم..بس لويش هالقد حزنان..وزعلان أكثر من أولاد المرحوم نفسه…
– أبو يحيى: كيف ما بده يحزن!!..اللي مات كان يدفع ديزل وكاز وغاز و فاتورة كهربا ومي وانترنت وبطاقات خلوي ومسقفات ومبيعات..يعني بتحكي عن 400 /500 ليرة كل شهر رايحات للحكومة ..كيف ما بده يحزن عليهن دولته!!.
احمد حسن الزعبي