كلمة السّر
تتراكم التساؤلات هذه الايام حول علاقة حماس بجوارها العربي،خصوصا،بعد الانقلاب العسكري في مصر،وشيطنة حماس في السياسة والاعلام المصري،بالاضافة الى وضع حماس بعد تنصيب امير جديد في قطر،والكلام عن تخلي الدوحة المحتمل عن الحركة.
التساؤلات تتركز حول مستقبل حماس بعد قفزها من المعسكر السوري الايراني،فيما معسكر جماعة الاخوان المسلمين يتعرض الى حرب منظمة ،وهزات صعبة،كانت ذروتها بالانقلاب على الرئيس المصري،وهو سياق بات يستخدم لقراءة مآلات الحركة،فوق العامل القطري سالف الذكر.
تسأل خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وهو في الدوحة فيقول ان «حماس تأثرت دوما بتقلبات السياسة العربية،ولم تشتغل يوما الا في ظروف صعبة ومتناقضة،وهذا امر ليس جديدا في السياسة العربية».
يشير الى ان «واقع حماس السياسي يحدده الواقع الميداني على الارض الفلسطينية،قبل التحالفات مع دول عربية واسلامية،دون ان ينفي ذلك حاجة الحركة لدعم هذه العواصم،ودون ان يلغي ذلك تأثر حماس سلبا وايجابا بالواقع العربي».
جواب مشعل ناعم ودبلوماسي،غير انك تفهم بشكل واضح،ان حماس تراهن اولا على وزنها على الارض،واذا كانت القضية الفلسطينية تتأثر بمايجري في الدول العربية،الا ان حماس في ذات الوقت،لن تسمح بتهميشها.
ليس ادل على ذلك ان مصر في عهد مبارك،وفي العهود التي تلت عهده بقيت على علاقة جيدة مع حماس،واللقاءات الامنية مع قيادات معروفة لم تنقطع عبر لقاءات مع شخصيات امنية مثل محمد العصار،ومحمود حجازي من جهاز الاستخبارات المصري،وغيرهما.
وجود مرسي في الحكم،كان يقدم دعما رمزيا للحركة،حتى لايقال ان الحركة ،فقدت رعاية خاصة،وتنفي الحركة اي تورط لها في سيناء او في مظاهرات مصر،فلماذا يسعى البعض لشيطنة الفلسطيني في كل مكان؟!.
لماذا تزج الحركة بنفسها في وضع داخلي شائك لدولة عربية…وهو سؤال استنكاري على مستوى الحركة،وتكشف حماس عن وجود اتصالات حالية مع مصر الجديدة،وان هذه الاتصالات لم تتوقف يوما ما،في سياق اعتبار الحركة ان العلاقة مع مصر مهمة جدا،ولايجوز التفريط بها؟!.
حماس غير متشائمة ولاتتخوف من تدهور علاقاتها العربية،مع مصر او حتى قطر،اذ ترى الحركة ايضا ان علاقتها ثابتة مع الدوحة ولن تخضع لتغييرات في عهد الامير الجديد،على عكس مايتوقعه مراقبون،وترى الحركة هنا ان ارثها كان حافلا بالصعوبات،من خروج الحركة من الاردن الى قطر،ومن التحالف مع المعسكر الايراني في مرحلة دون ان يلغي ذلك علاقتها بالسعودية مثلا،فالسياسة قائمة على ادارة المتناقضات،وهو فن خبرته الحركة في العالم العربي.
يرى خالد مشعل ان «التسرع في اطلاق تحليلات حول ضعف الحركة» يدل اما على سوء النوايا،او على الامنيات في حالات،معتبرا ان علينا ان ننتظر الفترة المقبلة لنرى الصورة بشكل اوضح،وهو هنا يلمح الى «اختراقات ومفاجآت»..وان لم يقل ذلك حرفيا،لكنه كان يبدو واثقا من ان بيده اوراقا ستثبت ان حماس لن يتم عزلها،ولن تتحوصل بسبب انقلابات المعادلات في العالم العربي.
اتكاء الحركة قائم على الشعب الفلسطيني ،وعلى الواقع الميداني،وليس ادل على ذلك من الحرب الاخيرة،التي خاضت فيها حماس معركة سياسية بالتعاون مع المصريين،في ظل حرب عسكرية،اثمرت عن انجازات ميدانية وسياسية للحركة،وهي توظيفات جلبت اتصالات عواصم العرب والعالم للحديث مع حماس،دون قدرة على تجاوزها.
ما تفهمه استنتاجا دون تصريح واضح،من قصة الاتكاء على الداخل الفلسطيني في ادارة وجود حماس السياسي خارجيا،يقول ان الحركة تتمسك بسلاحها وهو السلاح القادر على اعادة خلط الاوراق في المنطقة،وفتح البوابات المغلقة،في حال اضطرت الحركة لذلك،وفي حال عانت من عزلة سياسية عامة.
السلاح الموجه هنا للاحتلال،لايبدو دوره وظيفيا،بقدر كونه معينا للحركة على البقاء،والقوة في وجه التقلبات،ومحاولات اخراجها من المشهد.
معنى الكلام ان حماس حاليا متأثرة بما يجري في العالم العربي،وفي حالة ترقب ومتابعة،لكنها لن تقبل العزل ولا الاضعاف ولادفع اثمان الاقليم وتقلباته وفواتيره،ولعل مغزى تعبير مشعل «وزن الحركة على الارض» يشي بتفسيرات كثيرة،اقلها القدرة على رد الجاذبية السياسية للحركة،في حال سعى كثيرون لاضعافها،وهذا لن يكون عمليا الا بالسلاح،واجبار اطراف كثيرة،على الرضوخ لمساحة حماس في الداخل وفي الاقليم.
كلمة السر في كلام مشعل تحمل تفسيرات كثيرة،غير ان ابرزها يقول ان حماس لن تذوب بهذه البساطة.