العرب اليوم..حكاية
ربما كانت مراهقة صحفية ..أو فرحة فطرية لمولود أعلامي مختلف..أو بحث عن جديد في زمن كان ممعن في “اللا جديد”.. بصراحة لا أدري حتى اللحظة ما سرّ الحماسة التي حطّت عليّ منذ أن أعلن عن تأسيسها ،حيث كنت أتابع أخبارها وتوقعات صدورها وأسماء كتابها وشكل شعارها،رغم أني كنت طالباً جامعياً آنذاك ولا يوجد أي رابط رسمي بيني وبين الإعلام سوى الشغف وحب اقتناء الجرائد منذ الصف الأول إعدادي ..
“العرب اليوم” دعتني للخروج ثلاث مرات من بيتي الى دكان الحاج “محسن”رحمه الله..أسأله عن ” صدورها قبل 17 عاماً.. سلّمت على الخال “ابو تيسير” الذي كان يجلس خلف دفة الميزان…وقبل أن انظر إلى “ستاند الصحف” ..سألته بجملة مختصرة وملهوفة “شلون العرب اليوم” ؟..فقال لي دون ان يعرف أن هناك صحيفة جديدة ستصدر بهذا الاسم : والله يا خالي “أهمل من عرب مبارح”!!! فوضّحت له أني لا أسأل عن حال العرب ..وإنما عن صحيفة العرب اليوم .. وقلت له هي صحيفة جديدة متوّقع صدورها اليوم!!..فأكد انها لم تصله مع باقي الجرائد، ثم قال :ربما لخلل في التوزيع، او لم يعرفوا “دكان خالك محسن بعد”..غبت ساعتين ثم عدت إليه ثانية أسأله إن كانت قد وصلت..إلا انه أشار إلى قفص الجرائد الخالي من العرب اليوم..بعد الظهر عدت للمرة الثالثة توجهت إلى مكان الجرائد قرب الباب ؛ فكانت “الرأي والدستور”..والخانة الثالثة فارغة…في اليوم الثاني عرفت أن “ظرفاً ما ” أخّر صدورها ، وسمعت عن قطع التيار الكهربائي عن مطابعها ساعات طويلة “بقصد أو بدون قصد”!! لا أعرف ..فعرفت أن ولادتها متعسّرة وان طريقها شائك وصعب..
سبعة عشر عاماً لم تغب العرب اليوم عن رفوف المكتبات ولا عن أقفاص الجرائد، سبعة عشر عاماً ونحن نقرأ فيها الخبر المحايد ، والرأي الجرىء ، وندمن فيها على زوايا الزملاء الكتّاب ..سبعة عشر عاماً وهي “تنبش” قضايا فساد وتقدّمها للرأي العام وللعدالة..بل في زمن ما كانت تقوم هي بوظيفة الرأي العام والعدالة من شدة حماسة طاقمها لوطن نقي وقوي…سبعة عشر عاماً لم ينحنِ حرفها ولم يتغيّر فيها طعم الحبر ولا رائحة الورق..سبعة عشر عاماً ما غابت وما تعبت ولكن هم غابوا وتعبوا…
رحل الحاج محسن قبل “العرب اليوم” بشهور..ذهبت الى دكانه الخميس الماضي، لأكتشف أن يوم التوقّف يشبه يوم الصدور….العرب اليوم غائبة عن الشقيقات…بعد ان تركت الفراغ للخانة الثالثة…
احمد حسن الزعبي