قطع غيار مغشوشة
كما أن لكل عيلة شابا نغشا يضرب فيه المثل في القدرة على إضحاك الآخرين –وهو في الواقع لا يضحك الا القريبات والأقارب المعجبين منهم- وكما أن لكل عيلة كذابا مناوبا ولقاقا مناوبا وغنيا مناوبا ودكتورا مناوبا ومثقفا مناوبا وفسّادا مناوبا ،وممسحة زفرمناوبا، فإن لكل عيلة كبيرا مناوبا .
الكبير رجل كبير في السن ،أشيب أو أصلع، المهم أنه يرتدي شماغا بشكل دائم ، يجلس في صدر المكان ، أو يصبح صدر المكان حيث يجلس ، ينهض الجميع عندما يدخل ويقف الجميع عندما يخرج.
اذا تكلم خلال حديثك فعليك أن تسد بوزك فورا وتستمع الى سواليفه، التي غالبا ما تكون قصصا بايتة تماما، أو أنك لا تفهم ماذا يقول أصلا (مثله تماما)، وهي على الأغلب قصص معادة ومكررة بشكل شبه يومي، يحرص على أن يكون له في كل قصة دورا محوريا وبطوليا..وأحيانا يخطئ في سرد الأحداث أو يزيد عليها مع أنها حصلت في الماضي ، لكن على الجميع الإستماع والإستمتاع بكل وقار وسؤدد، ولا بأس بهز الرأس بين الفينة والأخرى، على سبيل الموافقة الحرفية .
الرجل يستشهد حول بطولاته على طريقة (وفي الأمارية كان معي أبو خليل…) وبالصدفة فقط، فإن جميع من يستشهد فيهم الرجل هم موتى منذ عقود، ولا يمكن –طبعا- تأكيد النبأ من مصادر أخرى. كل ما عليك هو التصديق ثم التصديق ثم التصديق. طبعا لا بد أن تكون منطقة الدوار السابع وما حوله قد عرضت عليه مقابل ست نيرات – حينما كان شابا- لكنه رفض. وانه يتذكر عندما كان الخروف بربع دينار ، ودوار الداخلية برميل ، والإشارات الضوئية أبيض وأسود، والحرب شلاليط.
الأخطر في الموضوع أن الرجل ينظر الى الشباب بكل استخفاف، ويؤكد لهم بأنه حاصل على الرابع الابتدائي عندما كان الرابع الابتدائي أقوى من الجامعات حاليا، وأنه يعرف معلومات في جميع الموضوعات اكثر منهم بكثير، لا بل أن الذي نسيه اكثر بكثير مما يعرف الشباب الحاصلون على الدكتوراة حاليا .
ثم يشرع كبير العيلة في إسداء النصائح من موقع الحكيم المناوب، ويؤكد لهم بأن عليهم أن يمشوا الحيط الحيط ويقولوا يا رب السترة، وأن يبوسوا الكلب ع ثمة حتى ينالوا مرادهم منه، وأن للحيطان آذانا وعيونا ، وأن اللي بتجوز أمي بقول إله عمي، والكف لا يناطح المخرز ..وأن وأن وأن .
أصدقائي الشباب
صدقوني من موقع الناقد وليس الكبير بالعمر، بأن عجلة التاريخ ما كانت لتتحرك الى الأمام لو صدق الجميع أمثال هذا الحكيم، لوصدق سبارتاكوس ذلك لما حصلت أول ثورة للعبيد في التاريخ، ومع انها فشلت الا انها اسهمت في تغيير وجه العالم فيما بعد، ولو صدق الجميع المطروح والمألوف واقتنعوا بديمومته لما كان هناك انبياء ولا اي ثورة اجتماعية غيرت وجه العالم .
لو صدق نيوتن سواليف من قبله لما اكتشف الجاذبية، ولو صدق اينشتاين،ولو صدق اديسون لما اخترع المصابح الكهربائي واكثر من ألف اختراع آخر، ولو ولو ولو .
أصدقائي الشباب
اذا كنتم في جلسة فيها مثل هذا الكبير، فاخرجوا منها ..وانفضوا نعالكم على الباب، حتى تتخلصوا من غبار هزائمنا نحن الختيارية الذين لم نعد نصلح حتى ولو قطع غيار .