الازدهار، فهل هذه النصيحة قابلة للتطبيق في ظروف الأردن الموضوعية؟.
الفكرة طرحها الاقتصادي كينز وبرزت بشكل واضح في أميركا وأوروبا الغربية إثر الحرب العالمية الثانية، وهي تبدو
منطقية وهدفها حفظ التوازن وتقليل التقلبات في نسب النمو من سنة لأخرى.
هذه السياسة قابلة للتطبيق في الدول الصناعية التي تملك احتياطات عالية أو قادرة على الاقتراض بدون حدود.
وقد تم تطبيقها في السعودية ودول الخليج العربي التي حافظت على مستوى النشاط الاقتصادي بالرغم من
هبوط أسعار البترول بشكل مفاجئ قبل عدة سنوات فقد استمر الإنفاق على المشاريع في السعودية عن طريق السحب على احتياطات
المملكة في الخارج التي تقدر بمئات المليارات من الدولارات عندما كان اقتصادها في حالة تعثر بسبب هبوط أسعار البترول إلى النصف.
لكن هذه السياسة قد لا تقبل التطبيق في الأردن الذي لا يملك أية احتياطات للسحب عليها في حالة الركود الاقتصادي ، بل لديه احتياطات
سالبة هي القروض المتراكمة.
في حالة الركود الاقتصادي تهبط إيرادات الخزينة من الضرائب والرسوم ، فكيف يمكن أن تواجه هبوط إيراداتها بزيادة الإنفاق وهي أحوج ما
تكون للسيولة لمواجهة التزاماتها. ما هو مصدر التمويل وهل يمكن اعتبار المزيد من الاقتراض حلاً مقبولاً.
أما خفض الإنفاق في حالة الازدهار الاقتصادي فكأن المقصود به كبح جماح النمو الاقتصادي، وهي حالة لا يمكن أن تأخذ بها حكومة أردنية.
وليست هناك حالات نتصور أن يشكو فيها الاردن من ارتفاع معدل النمو الاقتصادي ويحاول أن يضع حلاً لها بطريقة أو أخرى.
هذه النصيحة تعني في التطبيق أن تزيد الحكومة من وتيرة الاقتراض في حالة التعثر الاقتصادي وقد فعلت ذلك وتفاقمت المديونية لدرجة
تهدد بالأزمة.
النفقات العامة في الأردن لا تتحلى بالمرونة حتى يمكن إنقاصها عند اللزوم، فهي مكونة في معظمها من الرواتب والفوائد والإيجارات
ومخصصات الجيش والأجهزة الامنية ولكنها لا تقبل التخفيض في المدى القصير لا في وقت الازدهار ولا في وقت التعثر.
حاول المجلس بدراسته أن يحرك المياه الراكدة، وأن يضع أكبر عدد من الخيارات أمام المسؤولين، وكلها قابلة للنقاش والحوار على ضوء
أوضاع الأردن.