الكويت وقطر : التجديد والدمقرطة
تسلم أمير شاب في قطر في انتقال سلمي من سلالة تحكم منذ عقود، يحمل معاني كثيرة في ظل زمن عربي يطالب فيه الجمهور بالتجديد والمزيد من الحرية، ولا صحة بأن الرخاء عدو للديمقراطية بل هي نتيجة له أحيانا، وما حصل في الكويت أيضا من حكم للمحكمة الدستورية قبل أسبوعين بإبطال الانتخابات الأخيرة والدعوة لانتخابات رمضانية مقبلة، هو استقبال رحب من أعلى سلطة قضائية في الكويت لمطلب مواطن طعن في الانتخابات وانتصرت له المحكمة، لأنها وجدت أن هناك خللاً شاب العملية الانتخابية السابقة.
نعم ربحت الكويت التي تُعد اعرق الديمقراطيات الخليجية إن سلمنا بوجود الديمقراطية الفاعلة في بقية الدول، والتي مارست دورا رياديا في الفكر والثقافة العربية، وفي مشاريع التنمية عبر صندوقها التنموي الذي مول الكثير من المشاريع الأردنية والعربية والإسلامية، وهي اليوم تستعيد ألقها بانحيازها لحكم الدستور من جديد.
على مقربة من التجربة الكويتية العريقة في الحرية السياسية، والتي سمعت منذ ثلاثة عقود أول نقد عربي لدولة القبيلة على يد الراحل المفكر خلدون النقيب، تنتقل قطر لحاكم شاب يُنتظر منه الكثير، ويُطلب من الكثير في ظل زمن عربي صعب، وفي ظل دور كبير نما لقطر في عهد والده، ويتمنى الجميع أن يُوظف في المستقبل لمصلحة الوحدة العربية واستقرار المنطقة والتخلي عن الأدوار التي كانت تُنتقد قطر عليها وتعتبر أدوارا مقلقة.
الكويت تظل صاحبة أقدم تجربة دستورية في دول الخليج العربي، وظهرت الأقل تأثرا بمخاطر الربيع العربي، وهي كانت على الدوام تحفل بالسجالات السياسية وتكرار عملية الانتخاب وتتبدل بها الحكومات، وهي بإجرائها الأخير تثبت أن النأي عن الديمقراطية والخوف منها غير ممكن، ولا قوة للدولة إلا بالمزيد من الديمقراطية والحريات.
قطر التي ظهرت الرابح الأكبر في الربيع العربي؛ نتيجة لتنامي دورها سواء في مصر أو الحالة السورية، وفي تونس أيضا، ونتيجة لقوة الإعلام وتعاظم الثروة السيادية، التي جعلت الدوحة قبلة الثوار، تذهب اليوم إلى حالة جديدة من الحكم قد تحمل رؤية مختلفة لشاب عهد دولته في أكبر أزمنتها الـتأثيرية، وهي اليوم تشهد ولادة حقبة قد تكون الرؤى فيها مختلفة بين جيلين، وستكون الدوحة العاصمة الوحيدة خليجيا أو عربيا والتي يعيش بها ثلاثة حكام أحياء.
لكن ترتيب البيت القطري لم يكن ليمر دون تفاهمات ومباركة الرياض التي زارها الأمير الجديد وأقام فيها أياما في شهر نيسان 2012م يوم كان والده يجري عملية جراحية، ذلك أن العلاقة بين الرياض والكويت والدوحة أعمق من مجرد ارتباط أصول السلالات الحاكمة في قطر والبحرين والكويت لكونها خرجت من منطقة وادي الهدار في نجد إبان القرن الثامن عشر.
Mohannad974@yahoo.com