0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

سايكولوجيا الباعة المتجولين!

هذه السايكولوجيا تحكمنا في السياسة والتجارة والصناعة والسياحة وقبل كل هذا في الثقافة، وهي باختصار فقدان الاستراتيجية، والحياة كالمتسولين الذين لا يفكرون بما هو ابعد من الوجبة القادمة، انها تتأسس على الكسب الفوري والسريع حتى لو ترتب على ذلك فقدان وخسارة ما هو اعظم واهم انها سايكولوجيا مضادة للتراكم، وهي رهينة النمو الدائري والتكرار، ولا يهم المصابين بها سمعة او اسم، لان الزبائن يتبدلون يوميا، اما البضاعة فهي ذاتها.

وشعار هذا النمط من الثقافة هو ان ما يسقط من السماء تتلقاه الارض، وثمة كلمة تختصرها هي «البركة»، واحيانا يضاف اليها حكمة خرقاء هي لا تفكر فان لها مدبرا!

نتائج سايكولوجيا البائع المتجول سياسيا هي جملة من الكوارث التي لا ينفع معها اي استدراك. اما ثقافيا فهي السبب في هذه العشوائيات الفكرية الاخطر من اية عشوائيات سكنية، لانها قائمة على التلفيق وفي احسن الحالات على التوفيق بين النقائض، لهذا علينا ألا نفاجأ بما تنتجه هذه السايكولوجيا من الخرافات وانانيات مجنونة، بحيث يتصور الفرد نفسه محور الكون ومقياس الصواب والخطأ والحق والباطل اما جذرها فهو تربوي، ومنقوش في العظم والنخاع، وفلسفته هي متوالية من الامثال والمواعظ التي تحرض على المراوغة والكذب، وارتداء الاقنعة فخداع الاخرين مهارة، والكذب ملح الرجال والنساء معا كما يقول مثل افرزته حقبة سوداء من تاريخ الانحطاط.

والبائع المتجول في هذه المجالات يطلب من الله ان يحييه اليوم ويميته غدا لانه محدود الخيال وذاكرته تعج بالفوبيات والاشباح. فالخوف من الفقر انكى واشد من اي فقر والريبة المتبادلة تحول الحياة اليومية الى كمائن واخيرا فان الجميع خاسرون، وخداع الاخرين يتطلب اولا خداع الذات والتصور انها الاذكى والاعلم، وحصيلة هذا الخداع المركب والمزدوج هي منظومة من القيم المضادة، والتي تنظر الى الصادق على انه ساذج والى الصريح بانه متهور والى من يعرف قدر نفسه على انه عديم الثقة بنفسه.

ما جنيناه حتى الان من هذه الثقافة احال اوطانا بكل ما فيها ومن فيها الى سوق تعرض فيه المسروقات وجعل الثقافة تنافسا محموما على استرضاء اولى الامر حتى لو كانوا اولي القهر والزجر.

فهل نفعل ما فعله ديوجين ونحمل شمعة في عز الظهيرة كي نبحث عن الحقيقة؟

ام يسارع من تمنعوا عن الشرب من نهر الجنون الى ملء بطونهم منه كي يستطيعوا مواصلة الحياة والتناغم مع انماط سلوك تستجيب للغرائز فقط؟

ان سايكولوجيا الباعة المتجولين وغياب البعد الثالث عن ثنائيات الكراهية والحب والخيانة والبطولة والصداقة والعداء هما سببان كافيان لتحويل حياتنا الى جحيم!