ما وراء ميزان السياحة
من المتوقع أن تبلغ مقبوضات السياحة هذه السنة 5ر2 مليار دينار ، في حين ينفق الأردنيون في الخارج (غير المغتربين) حوالي 600 مليون دينار حسب التقديرات الرسمية وقد يصل الإنفاق الفعلي إلى ضعف هذا الرقم أي ما يقارب ربع إلى نصف المقبوضات السياحية.
هذا لا يعني بالضرورة أن ميزان السياحة يميل بقوة لصالح الاردن كما تقترح هذه الأرقام ، فهناك فرق كبير بين المبالغ المصروفة في الخارج وتلك المقبوضة في الداخل. وإذا عرفنا أن القيمة المضافة في المقبوضات السياحية متدنية ، فإن الميزان السياحي سوف يظهر قدراً من التوازن بين المقبوضات الصافية والمدفوعات.
بعبارة أخرى فإن نصف إلى ثلاثة أرباع المقبوضات السياحية يعاد للخارج عن طريق المواد المستوردة التي يستهلكها السياح القادمون كاستهلاك الباصات السياحية والمحروقات والمشروبات والمواد الغذائية ولوازم الفنادق وما إلى ذلك.
الأردن بلد سياحي ، يتمتع بنقاط جذب هامة في العقبة والبحر الميت والبتراء وجرش وأم قيس والمغطس وغيرها ، فمن الممكن والحالة هذه أن يميل الميزان السياحي لصالح الأردن باجتذاب المزيد من السياح العرب والأجانب وتقليل أعداد الأردنيين المسافرين للخارج لأغراض الترفيه.
وكلاء السفر والسياحة في الأردن يعملون في ترويج السياحة للخارج أكثر مما يعملون في ترويج السياحة الواردة. يكفي النظر إلى الصحف ووسائل الإعلام الاخرى المليئة بالإعلانات المغرية للسفر إلى شرم الشيخ وتركيا والشرق الأقصى وغيرها. بل إن بعضهم يتوجه حتى إلى من لا يملك تكاليف السياحة فيعرض عليه التقسيط أي السياحة بالدين.
من ناحية أخرى فلا بد من ملاحظة نوع السياحة الواردة ، فإذا صح أن مدفوعات المرضى العرب الذين يأمون الأردن للعلاج تعادل نصف إجمالي إيرادات السياحة ، أدركنا أن النشاط السياحي البحت قد يكون أقل مما تقترحه الأرقام المتداولة.
إمكانيات الأردن السياحية هائلة وغير ُمستغلة بالكامل أو بما هو قريب من الكمال ، ويعود السبب أساساً إلى غياب مقومات سياحة الترفيه ، فليس كل السائحين مرضى ينشدون العلاج ، أو خبراء يحضرون مؤتمرات ، فلا بد من قدر أكبر من الانفتاح وتوفير وسائل الجذب السياحي وفي المقدمة وجود الكازينو لغير الأردنيين سيكون من شأنه اجتذاب سياحة مكثفة ، وتحقيق إيرادات مالية مباشرة ، فضلاً عن كسب العملات الأجنبية. ومن الغريب أن الذين يسكتون عن نشاط الكازينوهات في البلدان العربية كمصر ولبنان والعراق ، يصبحون من المتزمتين في الأردن ، وكأنهم حراس على أخلاق الأجانب ، أم أن القمار في البحر الميت حرام وفي شرم الشيخ حلال!.