0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

الاســم واللقــب

في الوقت الذي توجه فيه اسرائيل الطعنة تلو الاخرى للرعاية الاردنية للمقدسات في القدس وآخرها الغاء اتفاق استقبال بعثة اليونسكو للتحقق والتفقد في اوضاع المواقع الاثرية؛ ينشغل مجلس الامة بشقيه في موضوع شائك قد يستدعي جلسة مشتركة لمجلس الامة حول اللقب والمهنة في جواز السفر , بعد اصرار النواب على ضرورة وضع اللقب قبل الاسم في جواز السفر ووضع المهنة ايضا ويرفض الاعيان ذلك .

في التقاليد الاردنية الراسخة هناك مفهوم مستقر في العقل والوجدان ان قيمة الشخص في ذاته وسلوكه وليس في لقبه ولذا انتج معجم اللسان الاردني لازمة “ مع حفظ كريم القابك “ عند الحديث مع شخص تولّى او سبق له تَولّي منصب رسمي , ولم نسمع عن الذوات السابقين ان احدهم قدّم لقبا قبل اسمه بل ان الكثير من الروايات عن الراحل الحسين رحمه الله بأنه كان يقول لمن يطلبه او يتلقّى اتصاله، اسمه واسم ابيه فقط .

ولم نسمع ان شيخا من شيوخ القبائل والعشائر قدّم نفسه بأنه الشيخ فلان , فالناس هي التي تقول عن الشيخ شيخا والناس من يمنحون الالقاب والصفات ولا يمنح الفرد نفسه لقبا , بل ان مادح نفسه كاذب حسب المنطق العربي والاردني , فالقيمة الاجتماعية يُحددها سلوك الفرد وصفاته لا القابه مهما علت تلك الالقاب .

مرض اللقب والمهنة افراز لمرحلة الميوعة الوطنية وانحدار المنظومة القيمية للمجتمع وتراجع قيمة وقامة المناصب السياسية والشعبية , بعد دخول نادي النخبة اعضاء ليس لهم اي دور او علامة في الحياة الاجتماعية سوى نسب او صداقة مع مسؤول وتمكنوا من خلال الصداقة او النسب من الوصول الى المقعد الرسمي الوثير سواء في مقاعد مجلس الامة او مجلس الوزراء او مجالس الادارات والبلديات.

الصراع المُحتدم على اللقب والمهنة داخل مجلس الامة تعبير عن الأزمة القيمية التي شهدها المجتمع الاردني وتعاظمت هذه الازمة مع الربيع العربي الذي ادخل القابا جديدة الى القاموس السياسي , مثل الحراكي والناشط وما تيسر من مفردات النضال , وكل هذا تعبير عن فقدان الهيبة الذاتية او الحصانة الاجتماعية لفائض قيمة الفرد الشخصية فيحاول تعويضها باللقب قبل الاسم علّ ذلك يمنحه بعضا من قيمة او وزن نوعي .

وحتى يكون التأصيل مسنودا بالمرجعيات الدينية والاجتماعية نعاود التذكير بأن محكم النص القرآني قد ذكر الانبياء بأسمائهم في حين كنّى الكفرة فيقول تعالي “ تبت يدا ابي لهب وتب “ في حين خاطب القرآن نبي الامة عليه الصلاة والسلام” وما محمد الا رسول … “ وقال تعالى “ وارسلنا الى مدين اخاهم شعيبا “ , فلماذا الاصرار على اللقب طالما ان الفقه لا يسند ذلك ولم اسمع في حياتي احد يقول دولة وصفي التل , بل ان الناس تتحدث عن وصفي وكأنه بينهم رغم السنين الطوال على رحيله , وكثيرا ما تسمع قال وصفي او قلت لوصفي لأن الرجال قيمتهم في اسمائهم لا في القابهم , لأن وصفي قامة وطنية دون القاب .

رحلة البحث عن اللقب رحلة مضنية لن تعود بالجدوى على مستوى القيمة الاجتماعية والقيمة الوطنية فثمة القاب كثيرة أودت بحاملها الى السجن او الى المراتب الدنيا في السلم الاجتماعي وثمة ذوات بأسمائهم يذكرهم الوجدان والتاريخ بأبهى صورة , وعلى مجلس الامة استيعاب الدرس التاريخي جيدا فكل الالقاب لن تشفع لحاملها في الدنيا والآخرة ولن ينفعه الا العمل الوطني المخلص وحمل هموم الناس واحترامهم , فمن يضع المنصب والمال تحت قدميه يعلو ومن يضعها على رأسه ينخفض .

omarkallab@yahoo.com