0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

شيطان وغيلان وحملان! *

حتى الآن لم أكتشف «جدوى» مبايعة جبهة النصرة لأيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، وكان بإمكان الجبهة أن تبقى في منأى عن تصريحها هذا الذي جر على الثورة السورية ما جر من «خسائر»، حتى في الأمم المتحدة تراجع نحو 30 عضوا عن تأييد الثورة، في آخر تصويت على قرار يدين النظام، صحيح أن هذا القرار وغيره لا يساوي الحبر الذي كتب به، لكننا نأخذ دلالة هذا الرقم كمقاربة لما آلت إليه الحال!

ثورة سوريا كانت قبل هذه المبايعة في حالة مراوحة، وألغاز، ويعجز كبار المحللين والاستراتيجيين عن وضع سيناريو «واقعي» لما يمكن أن تؤول إليه هذه الدولة، فكيف حينما تدخل في الإطار جبهة النصرة كتنظيم «قاعدي» في وقت تنأى فيه تنظيمات قاعدية حقيقية عن هذا الاسم، وتنزوي وراء تسميات أخرى، من باب السياسة والكياسة وارباك الخصم..؟

آخر تقويمات المشهد السوري قرأناه في «معاريف» حين تنقل صحيفة تايمز الأميركية، أن «إسرائيل معنية باستمرار نظام الأسد وبموقفها هذا عدلت عن موقفها السابق» الصحيفة الأميركية اقتبست أقوال مصدر رفيع في المخابرات الإسرائيلية وهو يبدي مخاوفه من استيلاء ما تسميه «العناصر الإسلامية المتطرفة «على سوريا: «الشيطان خير لنا من الغيلان التي نستطيع فقط أن نتخيلها»، وبين الشيطان والغيلان، ثمة حملان، تقدم للذبح، لا يبدو أن أحدا معنيا بوقف تقديمها قرابين عبثية لمستقبل غامض، في أكبر مذبحة مفتوحة ربما يشهدها هذا القرن، وتبث حية على الهواء مباشرة، في قتل بكل الاتجاهات، فالقتل حينما يُصاب بالجنون، لا يستثني أحدا، وتكون ضحاياه من كلا الطرفين، وثمة من لا يدري لم قتل، وربما لم يشارك بقتل بعوضة!

الارتباك السائد الآن حيال المشهد السوري، في مراكز صنع القرار والرصد في بلاد الدنيا، يمكن اختصاره بما يجري في مختبرات التفكير الصهيونية، الصحافة العبرية نشرت صورة موجزة عن هذا الارتباك، نقلا عن مسؤول رفيع في المنظومة الأمنية الإسرائيلية خلال جلسة تقييم مغلقة، يكشف فيها أن جهاز الاستخبارات العسكرية فشل في تقديرات الوضع في سوريا، بشأن احتمالات بقاء نظام الأسد وسيطرته على الأرض. حيث تشتد الخلافات داخل المنظومة الأمنية حول تقديرات الوضع السوري، والوضع الأفضل بالنسبة إلى «إسرائيل» في ظل التغيرات المتسارعة. ففي الفترة الأخيرة خفتت الأصوات داخل المنظومة الأمنية التي كانت تنادي بسقوط نظام الأسد، وأن تولي المعارضة للحكم هو الأفضل لـ»إسرائيل»، بعد أن تبين التغلغل العميق لعناصر من الجهاد العالمي والقاعدة بين الثوار السوريين، والتعبير لصحيفة الجيروزاليم بوست الإسرائيلية فيما نشرته يوم الجمعة، وتدعو تقديرات أخرى إلى الاستعداد لسيناريو بقاء نظام الأسد من خلال خلق وضع جديد يسيطر فيه النظام على شق من المدن الساحلية الكبرى، علما أن الوقائع على الأرض تشير إلى ضعف هذا الاحتمال، ويتحدث هذا السيناريو عن تقسيم سوريا إلى ثلاث دول مستقلة. كما تشير التقديرات إلى أن هذا السيناريو هو الخيار الأمثل بالنسبة لـ»إسرائيل»، ويؤكد المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون أن كل سيناريو يتحدث عن تطورات الوضع في سوريا من المحتمل حدوثه، وحتى احتمال تغير دول الغرب لسياستها والسماح بتدخل عسكري لصالح أحد الأطراف!

ثمة سؤال لا جدوى منه الآن ولكنه قد يفيد في المستقبل: ما الذي كان سيحصل لو لم تدخل «القاعدة» على الخط، وبقيت جبهة النصرة تقاتل تحت راية «الجهاد» فقط دون ربطه بـ «الارهاب»؟ ماذا خسر أربكان، ومن بعده أردوغان، حينما كانا يؤسسان حزبا جديدا كلما حل العسكر حزبهم؟ وحتى الإخوان المسلمين، أسسوا جماعات وأحزابا بدون اسمهم، وظلوا «أخوانا ومسلمين»، هل يتعين على الإسلاميين أن يرفعوا «راية» فاقعة كي يستدعوا كل أعدائهم، حتى قبل أن يقوى عودهم؟