وحدة الخليج
قد نتفاجأ هذا الأسبوع باعلان القمة الخليجية السابعة والثلاثين لدعوة الوحدة، التي بدأها المغفور له عبدالله بن عبدالعزيز قبل سنوات.
والوحدة الخليجية قد لا تكون إجماعاً، وتتحد الدول القابلة لهذه الخطوة القومية فيما يبقى التعاون الخليجي قائماً، وقد لاحظنا اثناء احتفالات دولة الامارات المتحدة تلازماً احتفالياً سعودياً واتحادياً تحت عنوان «عزّنا عزكم» واقتران العلمين السعودي – الاتحادي، وأغانٍ خاصة بالمناسبة.
ودول الخليج لها مقتربات خاصة فالبحرين لظروفها ومواقعها الصدامية مع ايران ستكون حقاً قريبة من هذه الوحدة، وعُمان ستبقى على دورها المتحفظ، وقطر ما تزال كما كانت قبل خمس واربعين عاماً خارج اطار الوحدة، التي كانت عام 1971 تساعية واصبحت في النهاية سباعية دون البحرين وقطر، ولعل هناك من يأخذ بعين الاعتبار وجود «حالة ديمقراطية» في كل من البحرين والكويت، ولكن مثل هذه الحالة لا تقف عائقاً بوجه فيدرالية او كونفدرالية..
ووحدة دول الخليج وحدة مطلوبة، لأنها الرد الطبيعي على التحركات الخطرة التي تمارسها ايران في المنطقة، وقد تكون ردة فعل ولو متأخرة على سياسات الادارة الاميركية الديمقراطية، التي حاولت اقناع العرب بامكانية اقتسام المنطقة مع ايران، مع أنها لم تحاول بذل جهد، ولو بالقليل، باقناع ايران قبول التعايش مع جيرانهم العرب.
ونعود الى الاردن، فقد حاول الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز صنع صيغة لمجلس التعاون مع كل من الأردن والمغرب، وضغط لتخصيص خمسة مليارات دولار لكل منهما لغايات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لكن دولة من دول مجلس التعاون اختارت ان تجعل لكل شيء ثمناً، وذكرّنا المبلغ الذي صادقت على تخصيصه للأردن، بالكلام الذي باعه وزيرها على تونس هذا الأسبوع برصيد 25ر1 مليار دولار «للشقيقة» تونس، ولعلنا نعرف الآن الثمن الذي تريده لقاء هذا العطاء الجزل، وهو يكاد يكون صورة طبق الأصل مع كرم إعمار لبنان قبل عشرة أعوام!!.
نعود الى الاردن فنقول: إنه من الطبيعي أن يكون الأردن جاهزاً للانضمام الى مجلس التعاون وان يكن اقترابه من مبدأ الوحدة غير مشروط، فالاردن الذي أثبت دائماً التزامه التاريخي بالوحدة مع أي كيان عربي، وباستعداد هذا الكيان للمقاربة حسب امكانياته وظروفه، ذلك أن الوحدة ليست خياراً وإنما هي قدر العرب في مسيرة الحياة والمصير..
كتب المؤسس الشهيد عبدالله بن الحسين في مذكراته لقاءه بالدكتور ناظم القدسي رئيس الوزراء السوري وقد سألت فخامته لدى احدى زياراته لعمان بعد أن اعتزل العمل السياسي عن أية إضافة لما أشار إليه جلالة الشهيد المؤسس، فقال بالحرف: كل كلمة في المذكرات، وقتها قال جلالته: ندعو الى الوحدة ودونك أخوك سعيد باشا (سعيد المفتي) فإن أردتموها جمهورية فلا اعتراض وإذا إردتموها ملكية فلا مانع عندي، فأنا حجازي أبطحي قاتلت من أجل حرية العرب ووحدتهم، ولعل التاريخ يكشف تفاصيل اجتماعات المغفور له الملك طلال بكل من اللواء فوزي سلو والعقيد أديب الشيشكلي من أجل الوحدة!!.
أن تكون عربياً هو أن تكون وحدوياً تحت أي ظرف وبأية شروط ودرجات!!.