ترامب: أمرٌ واقع
تبادل الجمهوريون والديمقراطيون رئاسة أميركا مرات عديدة دون أن يشهد العالم انقلاباً أو تغيراً جوهرياً في سلوك أميركا السياسي ، ذلك أن هذه السياسة تقررها المصالح الموضوعية للدولة، وليس المزاج الشخصي للرئيس.
صحيح أن رئيس البيت الأبيض يتمتع بصلاحيات واسعة كرئيس منتخب، ولكن هناك اجتهادات مختلفة ليست حسب الأشخاص فقط بل حسب تغير الظروف والأحوال أيضاً.
ينطبق هذا بدرجة ما على الرئاسة القادمة لدونالد ترامب ، فرجل الأعمال هذا يأتي من خارج المؤسسة الرسمية ، ولديه أفكار وقناعات قوية قد لا تكون مألوفة ، ومع أن من حق العالم أن يراقب وينتظر بحذر ، إلا أنه قد يكون من والواجب إعطاء ترامب فرصة ليرى العالم أعماله بعد أن سمع أقواله.
في هذا المجال لا بد من الاعتراف للرئيس الأميركي المنتخب أنه طرح أفكاراً وتصريحات جريئة وصحيحة فقد قال:
– ليس صحيحاً أن العالم أفضل حالاً اليوم بدون نظام صدام حسين كما ادّعى بوش.
– أتمنى أن أكون الرئيس الذي يحقق السلام بين إسرائيل وفلسطين.
– المنظمات المسلحة في سوريا التي تدعمها أميركا ليست أفضل من نظام بشار الأسد.
– روسيا تحارب داعش في سوريا ويجب أن نساعدها.
ترامب جاء من مجتمع الأعمال والعقارات ، بدون أية خبرة عملية في الحكم ، وهذه ميزة قد ُتحسب له، فقد تعب العالم من أولئك (الخبراء في الحكم) الذي ورطوا أميركا بحروب مدمرة لا معنى لها، ابتداءً من فيتنام ، وانتهاء بالمنظمات المسلحة في سوريا ، مروراً بالحرب على أفغانستان والعدوان على العراق، حيث كانت النتيجة بزوغ عصر الإرهاب.
ترامب أطلق خلال الحملة الانتخابية تصريحات شديدة التطرف والعدائية تجاه هذه الفئة أو تلك ، ولكنه اعتدل وغير لهجته بعد فوزه في الانتخابات وأعلن عن سعيه لتوحيد أميركا وإخراجها من حالة الاستقطاب غير المسبوق ، كما طمأن العالم إلى أن أميركا ستكون إلى جانب حلفائها وأصدقائها كما كانت دائماً. وكما بدأ ترامب في التكيف مع الواقع ، فإن العالم سوف يتكيف مع الامر الواقع أيضاً.
سواء كان ترامب عنصراً إيجابياً أو سلبياً ، وسواء كان يمثل خطوة إلى الامام أم إلى الخلف، فإن العالم أصبح أمام أمر واقع، وعليه أن يتعايش مع ترامب خلال السنوات الأربع القادمة على الأقل، وإذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون.