إدخال تجريبي لـ”التربية الإعلامية” في مناهج الثامن والتاسع والعاشر
وكالة الناس – اكد مسؤولون ومتخصصون في الإعلام أهمية التربية الإعلامية باعتبارها رافعة اساسية لبث الحقيقة ومواجهة ومحاربة الإشاعات وتحصين المجتمع والأجيال، ومساهمتها في تعزيز الوعي زمن الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي.
وقال وزير الثقافة الدكتور باسم الطويسي إن الخطة الوطنية للتربية الإعلامية والمعلوماتية للأعوام (2020-2023)، والتي أطلقتها الوزارة أخيرا بالتعاون مع عدد من الوزارات والمؤسسات المعنية، ستدخل حيز التنفيذ الشهر المقبل.
وتتضمن الخطة أهدافا تركز في جزء كبير منها على تثقيف وتحصين المجتمع في تعامله مع التكنولوجيا الرقمية والاتصال والإعلام المعاصر، ومحو الأمية الإخبارية والرقمية والمعلوماتية.
واضاف أن إدماج مفهوم التربية الإعلامية في المناهج الدراسية للصفوف الثلاثة؛ الثامن والتاسع والعاشر، ستكون ضمن نسخ تجريبية تخضع للتقييم، مبينا أن دمج ذلك المفهوم سيكون ضمن مواد دراسية محددة، وهي التربية الوطنية والاجتماعية، وتكنولوجيا المعلومات(الحاسوب)، فيما لا يوجد منهاج مستقل للتربية الإعلامية.
وأشار إلى أنه سيتم التركيز على الأنشطة اللامنهجية والإثرائية التي أتاحتها وزارة التربية والتعليم بشكل أوسع في الفترة الأخيرة، وسيكون هناك أدلة خاصة بالأنشطة الإثرائية في مجال التربية الإعلامية والمعلوماتية للمعلمين من الصف السادس وحتى التوجيهي.
وبين أن الخطة تعتمد منهجية تدريب وبناء قدرات واضحة، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، حيث سيتم الاعتماد على مجموعة من الخبراء المحليين والدوليين ومؤسسات ذات خبرة في هذا الاطار، كاشفا انه سيتم إنشاء ثلاثة مراكز إقليمية في الشمال والجنوب والوسط، لتزويد النظام التعليمي ومراكز الشباب بالمتطلبات التدريبية والتعليمية اللازمة لتعزيز مفاهيم التربية الإعلامية.
وأكد أنه سيتم التركيز في مجال التدريب وحملات التوعية على مفهوم المواطنة الرقمية، وتمكين الفرد أثناء استخدامه للمنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي من معرفة الحقيقة والبعد عن التضليل، والتحقق من صحة الأخبار والمواد المنشورة، ومكافحة التنمر على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي السياق، اظهرت دراسة استقصائية أطلقتها جامعة اليرموك في شهر نيسان الماضي حول “أثر الشائعات على المجتمع الأردني في ظل أزمة كورونا”، أن 80 بالمئة من الأفراد لا يدركون مدى تأثير الإشاعة في توجيه الرأي العام، وأن نحو 34 بالمئة من الأفراد يعتمدون على المعلومات المرتبطة بهذا الوباء من خلال الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ونحو 56 بالمئة من أفراد العينة يأخذونها بجدية، فيما أن 4ر31 بالمئة قاموا بتداولها على نطاق واسع دون التأكد والتحقق من مصدرها.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) قد اطلقت وبالتعاون مع إذاعة مونت كارلو في نيسان الماضي مبادرة دعت فيها الشباب العربي لرفع التحديات المرتبطة بأزمة (كوفيد-19)، لاسيما فيما يتعلق بمكافحة الإشاعات والأخبار الزائفة والوصول إلى المعلومات.
وقال عميد كلية الإعلام بجامعة اليرموك وعضو الفريق الوطني المكلف بوضع وثيقة مرجعية للاطار الاستراتيجي الوطني لنشر التربية الإعلامية والمعلوماتية الدكتور خلف الطاهات إن الاشاعات تتكاثر في اوقات الازمات، مشددا على أن غياب ثقافة استخدام منصات التواصل الاجتماعي لدى غالبية روادها، تجعل كثيرا منهم يخلط الحقائق بالإشاعات، ما يؤدي إلى تكريس السلبية وجلد الذات وغياب الإنجاز .
وشاطر الطاهات، وهو المستشار الإعلامي للمركز الوطني لتطوير المناهج، وزير الثقافة الرأي من أن التربية الإعلامية ستلعب دورا مهما في عملية التغلب على الإشاعة من خلال تعزيزها لدى طلبة المدارس والجامعات.
وقال مدير مرصد مصداقية الإعلام الأردني “أكيد” التابع لمعهد الإعلام الأردني طه درويش، إن مصدر الإشاعات هو منصات وسائل التواصل الاجتماعي، لعدم وجود رقيب عليها، ومن الخطورة تناقلها عبر وسائل الإعلام بدون التوثق أو التحقق، مشيرا إلى أن الخطاب الإعلامي الرسمي يدار بحرفية عالية، ما أدى إلى نجاح الإعلام الرسمي والخاص في تناول أزمة كورونا ومتابعة أحداثها وآخر تطوراتها.
وتصدّرت مواقع التواصل الاجتماعي نشر الإشاعات وترويجها خلال شهر أيار الماضي، إذ بلغ عددها 38 شائعة وبنسبة بلغت 5ر74 بالمئة، وارتفع دور الإعلام في ترويج الإشاعات أيضًا، حيث روّج لـ 13 شائعة وبنسبة 5ر25 بالمئة، بحسب موقع مرصد “أكيد” الإلكتروني.
خبير الملكية الفكرية المحامي محمد مازن الناصر، أشار إلى أن اهمية منهجية الإيجازات الصحفية والتواصل الإعلامي لوزير الإعلام والوزراء المعنيين في توضيح مجريات الأحداث وتطور الإجراءات بكل شفافية ووضوح، عزز الثقة بالمصادر الرسمية وضرورة استقصاء المعلومة منها، وصرف النظر عن الإشاعات والمعلومات المغلوطة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبين الناصر أن الإعلام الأردني أبدع في إيصال رسالته الإعلامية، إذ كان ولا زال بمثابة النافذة الأولى لتزويد المتلقي بمجريات الأحداث المحلية في ظل الأزمة، مثمنا جهود الإعلام الرسمي وبخاصة وكالة الأنباء الأردنية (بترا) لجهة انفرادها بالتغطية الصحفية المتميزة التي عززت اجواء الثقة، باعتبارها مرجعا إخباريا رسميا.
ودعا الناصر إلى تعزيز مفهوم ثقافة التحقق، وبخاصة فيما يتعلق بالسبق الصحفي، والذي قد يقع معدّه في فخ الإشاعة، ما لم يتم التحقق من الخبر بالشكل الصحيح والتأكد من مصادره الرسمية.
ورأى الأخصائي النفسي مالك الشامي، أن الإشاعة لها دور في التأثير على حياة الناس لأنها تبث الأمل أو التشكيك في مجريات الأحداث، وهذا ما يستدل عليه من خلال استراتيجيات الدفاع النفسي، والتي يأتي بها العقل الباطني بهدف التلاعب بالأفكار والتحايل على العواطف أو تشويه الواقع وتغييره.
وبين الشامي أن الرسالة الإعلامية الناجحة في علم النفس الإعلامي، هي التي تجعل المجتمع شريكا في الرسالة، باستخدام الصيغ الجمعية التشاركية مثل كلمة (نحن)، لإشراك المتلقي بالرسالة، بدلا من الرسالة الأحادية في صيغة الأمر، والتي تكون الاستجابة لها بشكل.
ونصح رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين الزميل يحيى شقير، بضرورة مواجهة الإشاعات عبر تعزيز ثقافة التحقق، مبينا أن العرب هم من أطلقوا (علم التحقق).
وأشار إلى أن السبب الأساس في كثرة الإشاعات في وقت الحروب والأزمات، هو ازدياد الطلب على المعلومات بشكل أكبر من العرض، خاصة في ظل غياب المعلومة من المصدر الرسمي، داعيا إلى العمل على إحياء العقل النقدي والتفكير المنطقي، وتعزيز التربية الإعلامية في المدارس والجامعات باعتبارها أداة لمحاربة الاشاعة والحد من انتشارها.