0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

الموريسكيون ومحاكم التفتيش في الاندلس

(الموريسكيون ومحاكم التفتيش في الاندلس) للمتخصصين في دراسة تاريخ الاندلس

يبحث هذا الكتاب الجامع بشكل اساسي في الممارسات الوحشية والقمعية التي تعرض لها مسلمو الاندلس الذين يطلق عليهم الموريسكيين على ايدي محاكم التفتيش في شبه الجزيرة الايبيرية وهي ممارسات ترقى بلا شك الى درجة جرائم الابادة ، وقد شكلت وصمة عار في التاريخ الاسباني يندى لها جبين الانسانية .
فلم يكتفِ النصارى الاسبان بإطهاد الموريسكين والتضيق عليهم وسجنهم ومصادرت املاكهم وانما تعدّ ذلك الى تفنّن في تعذيبهم في اساليهم لا تخطر على بشر للقضاء عليهم وابادتهم ابادة جماعية او دفعهم الى مغادرة وطنهم الذي احبوه وبنوا فيه حضارة مزدهرة ما زالت اثارها ماثلة الى يومنا هذا .
يبدأ الكتاب بالتعريف بالاندلس في تمهيد مختصر يله الفصل الاول الذي يناقش احوال ايبيريا قبيل الفتح العربي الاسلامي من حيث الديانات والمذاهب التي كانت سائدة فيه والطبقات التي كانت تتكون منها المجتمع الاسباني آنذاك .
اما الفصل الثاني فيتناول فتح الاندلس والعهود التي مرت بها منذ الفتح وحتى استسلام غرناطة اخر معاقل المسلمين في الاندلس .
ويبحث الفصل الثالث موضوع التنصير القصري لمسلمي الأندلس ، ومعاهدة تسليم غرناطة التي عقدت بين ابي عبد الله الصغير والملكين الكاثوليكيين فرديناند و ايسابيلا الى جانب سياسة الملكين الكاثوليكيين القمعية ضد الموريسكيين واصرارهم على التمسك بعاداتهم وتقاليدهم وشعائر دينهم التي اضطروا الى ممارستها سراً في ظل ما تعرضوا له من اضطهاد .
كما يبحث الفصل حالة الموريسكيين ابان حكم الملكة خوانا المعتوهة ، والمراسيم الجائرة التي صدرت ضد الموريسكيين لتضييق الخناق عليهم حتى في شؤون حياتهم اليومية وعاداتهم المتعلقة بالملابس والذبائح والزواج والزيارات وبيع الاملاك والعقارات والإرث ، بالاضافة الى منعهم من حمل الاسلحة واقتناء الكتب العربية والاسلامية والاتصال مع اخوانهم مسلمي شمال افريقيا .
كما تطرق الفصل الى سياسية الملك شارل الاول اتجاه المسلمين المنصّرين قصراً ، وتناول الثورات التي قام بإشعالها الموريسكيين انتصاراً لدينهم وكرامتهم .
ولعل مشاركة الجيش الالماني في القضاء على بعض ثوارت الموريسكيين تؤكد على نحو لا يقبل الشك ان الحرب على مسلمي الاندلس لن تقتصر على النصارى الاسبان وانما كانت تتجاوزهم الى باقي انحاء اوروبا بمباركة من الكنيسة ومشاركة منها الامر الذ يؤكد الطابع الديني للحروب التي كانت تشن على موريسكيي الاندلس ولا ترضى بأقلمن استئصال شأفة الاسلام والمسلمين من القارة الاوروبية برمتها .
يبحث الفصل الرابع من الكتاب مقاومة مسلمي الاندلس عمليات التهجير القسري وسياسة الملك فيليب الثاني القهرية ضد مسلمي الاندلس ، وكذلك مراسيم التهجير الجماعي في عهد كل من الملك فيليب الثاني والملك فيليب الثالث التي آلت الى تهجير اعداد كبير جداً من الموريسكيين الى خارج شبه الجزيرة الايبيرية .
ويناقش الفصل ايضاً نتائج التهجير ، وبخاصة ظهور الادب الخميادي الذي كان احد اساليب الموريسكيين في الحفاظ على تراثهم .
اما الفصل الخامس فموضوعه هجرة الاندلسيين الى اقطار المغرب العربي وجهادهم ، والاثار الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والعمرانية التي تركتها هجرتهم على الاقطار التي هاجروا اليها ، وبخاصة المغرب وتونس والجزائر .
ويناقش الفصل السادس الاستغاثات الاندلسية بالعالم الاسلامي التي لم تجد نفعاً في تثبيت الاندلسيين في شبة الجزيرة الايبيرية لأنها كانت في اغلبها متأخرة ولأن دول العالم الاسلامي كانت آنذاك اضعف من ان تمد يد العون لمسلمي الاندلس وكانت في كثير من الاحيان منشغلة في حروبها وفتنها الداخلية ، الامر الذي انتهى الى الاحتلال البرتغال والاسباني للشمال الافريقي .
اما الفصل السابع ( الاخير ) – وهو الموضوع الاساسي لهذا الكتاب – فقد افاض في وصف ممارسات محاكم التفتيش لشبة الجزيرة الايبيرية ، فتطرق الى نشأت تلك المحاكم وهيكلتها وضحاياها ، واساليب التحقيق ووسائل التعذيب في سجونها لإجبار الموريسكيين على الاعتراف في التهم الموجه اليهم ، كما تناول في التفصيل طرق التعذيب وادواته التي يمكن القول عنها انها تجسد اقصى ما يمكن ان يصل اليه الانسان وحشيه في سبيل بلوغ اهدافهم .
وينتهي الكتاب بخاتمه موجزة ، تتبعها مصادر البحث ومراجهة ، بالعربية واللغات الاجنبية .
وقد بثت صور كثيرة بين ثنايا الكتاب لتوثق الاحداث والممارسات التي تطرق اليها .
وعلى الرغم من ان الكتاب يحمل عنوان (( الموريسكيون ومحاكم التفتيش في الاندلس )) ، فقد اسهب في سرد الاحداث التي سبقت نشأت تلك المحاكم والتي اعقبتها ، يكون بذلك مرجعاً جامعاً للباحثين والدارسين المتخصصين وكذلك للقراء والمثقفين الساعين وراء زيادة معرفتهم .
والمتعمق في ما جرى من احداث ، بشأن ما جرى لمسلمي الاندس على ايدي محاكم التفتيش ، فإنه ليس بحاجة الى كبير عناء او ذكاء ليدرك ان ضياع الاندلس لم يكن الا بسبب تفرق كلمة المسلمين وتشتتهم وحرص امرائهم وحكامهم على التمسك بالحكم حتى وان ادى ذلك الى يفتك الوالد بولدة والاخ بأخية والولد بوالدة .
وصدق الله العظيم الذي يقول في محكم التنزيل (( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )) .