علماء يرصدون قرائن للمادة والمادة المضادة
توصل العلماء الذين يبحثون طبيعة المادة إلى قرائن تفسر السبب في أن الكون ليس مجرد خواء، رغم أن هذه الشواهد ليست كافية لشرح نشوء مليارات المجرات المتناثرة في الكون السحيق.
ولكل جسيم أولي من الجسيمات دون الذرية مادة مضادة لها نفس الكتلة، لكنها تختلف معه في الشحنة، وعند التقائهما في ظروف معينة يمحق أحدهما الآخر بالتبادل لتنتج الطاقة في صورة أشعة غاما أو بوزونات.
ويعتقد العلماء بأن كميات متساوية من المادة والمادة المضادة انبثقت مع الانفجار العظيم الذي نشأ عنه الكون قبل 13.7 مليار عام، إلا أنه في غضون ثانية من حدوث الانفجار العظيم صارت المادة المضادة في حكم العدم.
وقال العلماء أمس إنهم رصدوا فرقا ضئيلا خلال تحلل جسيم ما إلى مادة أو مادة مضادة أثناء عمليات التصادم التي تحدث في مصادم الهدرونات الكبير بالمختبر الأوروبي لفيزياء الجسيمات المترامي الأطراف والواقع في منطقة الحدود السويسرية الفرنسية المشتركة عند سفح جبال جورا قرب جنيف وعلى عمق مائة متر تحت الأرض.
ويمثل هذا الكشف الجديد المرة الأولى التي تؤكد أن الجسيم المعروف باسم ميزون ينتج عنه جسيم آخر عند تحلله يختلف عنه في الكتلة، كما يتسق مع ما توصل إليه العلماء من خلال تجارب سابقة تختص بجسيمات أخرى، إلا أن هذه الفروق لا تزال ضئيلة للغاية على نحو لا يمكنه أن يفسر توافر المادة بكميات هائلة في الكون.
وقد توصل العلماء في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن) إلى هذا الكشف بعد تحليل بيانات من 70 تريليون تصادم في واحدة من أربع تجارب تجري في مصادم الهدرونات الكبير، وهو مجمع ضخم من المغناطيسات الحلقية العملاقة والأجهزة الإلكترونية المعقدة والحاسبات، تكلف إنشاؤه عشرة مليارات دولار ويصل عمره الافتراضي إلى 20 عاما.
ويأمل العلماء أن تسهم مضاعفة قدرة المصادم في إماطة اللثام عن عوالم جديدة في ملكوت الفيزياء الفلكية، والتعرف على طبيعة المادة المعتمة التي تشغل الفراغ المحيط بالكواكب والنجوم والمجرات، بينما يرى آخرون أنهم قد يعثرون على جسيمات غير معروفة من قبل أو مؤشرات على أن الكون له أكثر من ثلاثة أبعاد.