0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

تحرش وابتزاز لفتيات من خلال صور بروفايل "واتس آب"

وكالة الناس – هددها مجهول عبر هاتفها النقال بانه سيقوم باساءة استخدام صورتها الشخصية الموضوعة على “بروفايل” تطبيق “الواتس اب”، حين رفضت الامتثال لطلبه التعرف اليها، فسبب لها صدمة نفسية كما تقول العشرينية لوكالة الأنباء الأردنية “بترا”.

وفي التفاصيل ان احدهم وهو مجهول بالنسبة اليها، تواصل معها عبر رقم خارجي، كاتبا رسالة يدفعها من خلالها للتعرف اليه بالقوة، مستخدما اسلوبا فضا وغير لائق، وحين ردت بالنفي المطلق، كتب لها ” كما تريدين، ولكن صورة بروفايلك اصبحت على هاتفي وانتظري الفضائح التي ستأتي منها “، حينها شعرت الفتاة بخوف مرده انه ربما ينتظرها حدث مزعج جراء احتمالية تنفيذ تهديده مستخدما صورتها بطريقة تسيء لسمعتها واخلاقها .

وتشدد الفتاة العشرينية على ان الصورة عادية جدا , وهي صورة لوجهها، ولا تشكل اي استفزاز، او اعلان مبطن لاحدهم حتى يتطاول ويتجاوز حدوده في اي نوع من انواع التواصل مشيرة الى انها حسمت الموضوع بقيامها بعمل “بلوك”، او حظر، على رقمه، ولكنها تصر على اللجوء الى القضاء اذا حاول مضايقتها مرة اخرى .

ما حصل للفتاة ليس مقتصرا عليها، فمثل هذه القصة نسمعها عشرات المرات، وان بحيثيات مختلفة، ولكن جميعها يدل على ان هنالك شرخا للقيم والاخلاقيات واساءة استخدام للتكنولوجيا سببه البعض من اصحاب النفوس المريضة،  والتي لابد وان تقابل بحسب حقوقيون واخصائيون اجتماعيون ونفسيون بالمكاشفة وعدم السكوت واللجوء للقضاء لمعاقبة كل من تسول له نفسه التطاول على حرية الاخرين وخصوصياتهم وابتزازهم , مشيرين الى ان هذا السلوك المشين لا يخرج عن اطار التحرش المسيء للضحية معنويا ونفسيا، مؤكدين ان اساءة استخدام الصور والابتزاز بشانها جريمة يعاقب عليها القانون . ” لنعترف ان وسائل الاتصال التكنولوجي في مجتمعنا تحولت الى واحدة من ادوات العنف من حيث الانطباعات الخاطئة عن استخدامها دون ان يشعر هؤلاء المستخدمون انهم يمارسون جريمة من نوع ما يحاسب عليه القانون “، هذا ما يستهله استاذ علم الاجتماع الدكتور حسين محادين لـ “بترا” في تعليقه على هذا الموضوع مضيفا : لابد من القول ان التقانة اي ( التكنولوجيا ) هي اسرع في الاستقدام لمجتمعاتنا دون ان يقابلها سلوكا حضاريا مكافئا لمضامينها الخدمية والتسهيلية، لذا اساء البعض استخدامها في وحي من خيالاته المريضة والتي ترسم له تصورات غير سليمة بشأن حرية الاشخاص وبخاصة الفتيات ممن اخترن وضع صور لهن على ” بروفايل ” تطبيق الواتس اب الخاص بهن في سياق الحرية الشخصية للافراد المصانة بحكم القانون .

ويستطرد: هنا نقع في فجوة نسميها ” تقدم التكنولوجيا وتخلف الاستخدام في آن معا “، ويعود هذا التخلف عمليا كما يوضح لطبيعة الثقافة والتنشئة الاجتماعية التي تشربناها في علاقتنا مع الجنس الآخر، وهي علاقة مكبوتة بحكم الكثير من العوامل الاجتماعية والتربوية والنفسية ، تحركها ثنائية “الفريسة والصياد”، بحيث يظن من يقوم باساءة استخدام الصور ان له الحق في التصرف بها كما يشاء طالما انها وضعت للعلن , وفي اطار الحرية الفردية والشخصية، التي يقوم هو بدوره بتوظيفها على هواه .

ويبين الدكتور محادين ان هذا الفهم القاصر لحرية الناس واختياراتهم يقود الى عمليات الابتزاز , واغواء الصورة , والاهم من ذلك , ان ما توفرة التكنولوجيا من خصوبة فكرية للافراد , قد منحت بعضهم ” المريض بطبيعة الحال ” جرأة التطاول على خصوصيات الاخرين , لذلك نجد ان البلوتوث على سبيل المثال , وغرف الدردشة ” التشات ” , تعج بالمكبوت في دواخلنا والذي قد وجد منفذه للاخر اما فرضا وقسرا او طوعا وتجاوبا , وبكل الاحوال فان هنالك من يعتقد ان حريته بالتواصل مع الاخر برضاه وطوعه , تتيح له اقتحام حياة الاشخاص الاخرين قسرا . ويوضح انه وفي ضوء هذا الفهم الخاطىء لاحترام الخصوصية تتحول التفاعلات من مستوى العقل والحوار المتوازن كما يفترض , لتهبط الى مستوى الغرائز المجردة , المرتبطة بامكانية التملص من الوعي وفي كثير من الاحيان يصاب الجاني بمرض بالتعميم , وما مفاده ان كل صور الاناث هي مشاريع للافتراس غير الطوعي .

ويشدد محادين هنا على احترام حق الناس في التعبير عن اوضاعهم , وفي وضع صور شخصية على ” بروفايل ” تطبيق الواتس اب قائلا ” انا من مؤيدي وضع الصور الشخصية واتقان مهارة استخدام التكنولوجيا , اما كيفية الرد على الابتزاز , يكون بالاهمال وبعمل ” بلوك ” على رقم الشخص , او اللجوء للقضاء وذلك حسب تقدير كل شخص حول كيفية الرد “.

ويشير في سياق ذي صلة الى اننا امام خيار فردي , والتكولوجيا تمنحنا المفاضلة بين الاشياء واختيار ما يتواءم معنا , اذ ان التكنولوجيا هي واحدة من اطر تعميق القيم الفردية , والافراد باتوا كونيين , ومن فضائل التكنولوجيا ايضا , انها تعلي من اعمال العقل في التفويض وهي حرية فردية يجب ان تصان .

ويقول المحامي سعد خليفات ان ” سرقة الصور ” سواء عن ” بروفايل ” الواتس اب او اي من مواقع التواصل الاجتماعي واعادة استخدامها في سياق الابتزاز , يقع في اطار الجريمة التي يعاقب عليها القانون بالحبس او الغرامة والتعويض وذلك حسب تقدير القاضي وحسب طبيعة وحيثيات الجرم ومدى تأثيره المعنوي والنفسي على المجني عليه , او الضحية .

ويضيف ان من يتصرف بالصور العادية بطريقة مسيئة كأن يُركّب صورة لرأس امراة على جسد اخر , ومحاولة التشهير بالضحية عبر بث هذه الصورة المركبة باي وسلة اتصال , فانه يكون قد ارتكب سلوكا مشينا بل جريمة اخرى لها علاقة بالتشهير والقذف والاساءة لسمعة الاشخاص , وحتى لو اثبت القضاء انها صورة مركبة , فان الضحية تكون قد تعرضت لبلبلة وتشويه في سمعتها , فضلا عن الاضرار المعنوية والنفسية التي لحقت بها , والنظرة المجتمعية التي ربما يأخذها بعضهم نقيصة للضحية مع انها بطبيعة الحال ” ضحية ” ويستدرك المحامي خليفات بقوله ” نحمد الله اننا نعيش في مجتمع متمسك بالعادات والتقاليد , ويحترم الاخر , وهو مجتمع محصن من هذه الافات , واذا كان هنالك حالات تمارس مثل هذا النوع من الابتزاز , فهي حالات شاذة , وغير ذات موضوع ” , مضيفا , غير ان الاضاءة على مثل هكذا موضوع هامة للغاية حتى نبقى في اطار الحرص , ونتعلم كيف نتعامل مع التكنولوجيا والعالم الرقمي بما يكفل لنا حماية خصوصياتنا , وبما يضمن بقاؤنا متصلين مع الاخر ومواكبين ” .

ويشاطرالمحامي المتخصص بقضايا النشر والاعلام خالد عبدالله المحامي خليفات رأيه القانوني معقبا , بيد ان مجرد الاستحواذ على الصورة دون استعمالها ودون نشرها والاحتفاظ بها لا يشكل جريمة , مستدركا ولكن هذا لا يجيز للاشخاص الاحتفاظ بصور لاشخاص لا يمتون لهم بصلة درءا لاي مخاطر مستقبلية وخاصة لجهة الاساءة لسمعة الاشخاص و اخلاقهم .

ويبين المحامي عبدالله ان القانون لا يجيز نشر الصور اصلا للافراد دون موافقتهم مهما كان وضع الصورة – يستثنى من ذلك الشخصيات العامة اذا كانت الصورة بمناسبة احداث عامة – , متابعا انه لا يجوز ايضا نشر اي صور لاشخاص دون موافقتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي سواء اخذها من موقع صاحب العلاقة على ” الفيسبوك ” او اخذها عن ” بروفايل ” اي من تطبيقات الهواتف الذكية سواء ” واتس اب ” او ” فايبر ” .

وبشان عقوبة اساءة استخدام الصور او الابتزار بشانها يقول المحامي عبدالله ان العقوبة تتحدد حسب الفعل , حيث تعرض مرتكبها لعقوبة الحبس والتعويض المدني في حال مطالبة المتضرر , للفاعل بالتعويض مكررا ان قيام اي شخص بنشر صور لافراد بالصورة العلنية دون موافتهم وخاصة عبر ” النيوميديا ” , او ما يسمى بوسائل الاعلام الحديثة لا يخرج سياق الجرم الذي من المفترض ان يعاقب عليه . ويفسر استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحباشنة سلوك بعضهم باساءة استخدام التكنولوجيا والابتزاز بناء عليه بقوله ” بعضنا يستخدم ادوات لا يعرفها , وطريقة تواصله هجينة , طارئة على الحداثة ” , وعليه لنتوقع كل انواع الاضطرابات النفسية , ليس اساءة استخدام الصورة والابتزاز بها , بل المحاولات المستمرة للاتصال الهاتفي , وارسال الرئسائل القصيرة , فكثيرا ما يتم عمل ” بلوك ” او حجب لاشخاص مزعجين , نجدهم يتواصلون عبر رسائل نصية .

ويسمي الدكتور الحباشنة قيام اشخاص بالتطاول على اخرين سواء بالابتزاز او اساءة استخدام الصور عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة ب ” التحرش ” الذي لا يختلف ابدا عن اي نوع من التحرش الذي يطال اعراض الناس وقيمهم الاخلاقية , مشددا على عدم السكوت مطلقا على هكذا تصرفات , اذ ان عدم الاكتراث , او السكوت يفسر , طبعا وحسب العقليات الرجعية لمن يقوم بذلك على انه تواطؤ معه .

ويشدد على ان الرد المنطقي على هكذا تصرفات هو اللجوء للقانون خاصة في ظل تصاعد الحديث عن تفعيل ما يسمى بالجرائم الالكترونية , منعا لتفشي هذه السلوكات الخاطئة التي من شأنها اذا لم يتم التعاطي معها بحزم او ان سكت عليها خوفا من اي عواقب اخرى , من شانها ان تسبب رهابا مجتمعيا نحن في غنى عنه(بترا)