في البطولة الآسيوية.. الفيصلي غير !
ينتابك شعور عميق بأن علاقة الفيصلي وبطولة كأس الاتحاد الاسيوي لا تعتمد على الواقع الفني والمردود، بل الامر يصل الى ابعد من ذلك بكثير، حيث قصة العشق المتبادل و»كبرياء الكبار».
عبر ممثل الكرة الاردنية الى الدور ربع النهائي بعد فوزه على ضيفه الرفاع البحريني 3/1 في المباراة التي جرت امس الاول على ستاد عمان ضمن الدور الثاني، ولم يراهن احد على تأهل «زعيم البطولة» بهذه الطريقة، وبالنظر الى سلسلة الظروف الصعبة التي واجهته قبل لقاء دهوك مع ختام مرحلة المجموعات، فان الفيصلي حقق «الاعجاز».
جاء المدرب فراس الخلايلة قبل يوم واحد من لقاء دهوك، وكان الفيصلي يحتاج للتعادل لضمان التأهل لقادم الادوار، لكن ممثل الكرة الاردنية انتزع فوزاً جنبه مواجهة حامل اللقب في ملعبه، ومنحه فرصة لقاء الرفاع في عمان، ورغم ذلك كله، لم تكن المسألة سهلة على الاطلاق.
كان الفيصلي حديث الشارع الرياضي محلياً منذ انطلاق الموسم، والرواية بدأت بتغيير اربعة مدربين خلال ستة اشهر، ومع التراجع الملفت في مستوى النتائج، الا انه نجح بالخروج بلقب كأس الكؤوس دون ان يلعب المباراة!
قصة الفيصلي لا تقبل الا احتمال وحيد هذا الموسم، وهو ان الفريق خاض الموسم المحلي وفقاً لامكاناته الفنية المتاحة، لكنه مضى بالمشوار الاسيوي حاملاً على عاتقه تاريخاً مشرقاً وكبرياء عظيم يدفعه نحو الانجاز دون تردد.
فنياً، قدم الخلايلة لجماهير الفيصلي اداء واقعي ومستوى غير متذبذب، ورغم ان الفريق لم يصل لقمة الاداء المرجو والمأمول، الا انه حقق ثباتاً في النتائج على الصعيد القاري ونجح في التقدم خطوة كبيرة لاستعادة عرشه الاسيوية بعد طول انتظار.
«فريق قاري».. هو العنوان الذي اختارته «الرأي» للتعبير عن انجاز الفيصلي بتخطي الرفاع نحو ربع النهائي، ونحن ندرك تماماً مقاصد هذا العنوان، فنحن نقف امام فريق فرض احترامه اسيوياً رغم اهتزازه محلياً، وشق طريقه بثقة الى ابعد الادوار مفتقداً دعم الجماهير المعتاد، ومتنازعاً مع مجلس الادارة منذ وقت طويل حول التفاصيل المالية والتي باتت وقود الرياضة في مختلف انحاء العالم، لكن الفيصلي لعب بلا وقود، واكتفى بمن حضر من جماهيره ليرد اطماع الضيف البحريني.
الغريب في الامر ان الانتماء انتصر على الاحتراف ولو مؤقتاً، ولمشاركة الفلسطيني اشرف نعمان مع الفيصلي وتألقه بتسجيل هدفين مثالاً يحتذى خاصة اذا علمنا بان اللاعب المعار من وادي النيص انتهى عقده مع «الازرق» قبل اسبوع من مواجهة الرفاع، لكنه فضل خوض المباراة الاسيوية وقدم كل ما لديه، بل اكمل اللقاء وهو «يعرج» و»يلهث» و»يتألم».. انه الفيصلي!
لن نبالغ اذا تحدثنا بان الفيصلي حقق الاصعب في كأس الاتحاد الاسيوي، والقادم اسهل بكل تأكيد، والمقصد من ذلك ان ممثل الكرة الاردنية خاض سبع مباريات وبقي امامه خمس مواجهات حاسمة تضمن له الكأس.. وبكل تأكيد بات يملك الوقت لمعالجة الظروف الصعبة التي عاناها خلال الفترة الماضية، ذلك ان الدور ربع النهائي سينطلق بعد اربعة اشهر، والاتحاد الاسيوي والمحلي سيفتح باب قيد اللاعبين قريباً، ومن هنا نرى بان ادارة النادي قادرة على اشهار «حركة تصحيحية» خلال المرحلة المقبلة لتجهيز «فيصلي قادر على المنافسة».
نعود الى كلام المدرب الروماني تيتا فاليريو والذي خص «الرأي» بحوار قبل رحليه عن الفيصلي بايام، حيث اكد في ذلك الوقت ان «العميد» قادر هذا الموسم على التأهل للدور الثاني، لكنه عاجز بشكله الحالي عن المنافسة الحقيقية في الادوار النهائية، لكن «الكتيبة الزرقاء» اثبتت عكس ذلك ومضت بثقة نحو مناحرة كبار اسيا على اللقب، ما يفرض على الادارة الان تحمل مسؤولياتها كاملة تجاه الفريق.. لكن ما المطلوب؟
نعلم ان اغلب لاعبي الفريق انتهت عقودهم بصافرة نهاية مواجهة الرفاع، وندرك ان ما مر به الفيصلي سابقاً يثير ريبة اي لاعب عندما تعرض عليه الادارة الانضمام للفريق، لكننا الان نتحدث عن خطوات قليلة تفصل حامل لقب الكأس الاسيوي في مناسبتين لاضافة لقب ثالث لخزائنه، ما يشكل حافزاً كبيراً للنجوم محلياً وخارجياً للمشاركة في الانجاز المقبل لو تحقق.
لا نريد استباق الاحداث، لكن الفرق المتبقية في البطولة ليست افضل من الفيصلي ولا اقرب للفوز باللقب، ولو عدنا الى ذاكرة «الزعيم» قبل سنوات قليلة، فلن نجد الكويت الكويتي عائقاً امام ممثل الكرة الاردنية، ومواطنه القادسية عانى الامرين من الفيصلي بشهادة التاريخ، واربيل العريق ليس «بعبع».. وفرق المالديف والهند وهونج كونج واندونيسيا ليست قادرة على المضي قدماً اسيوياً اذا ما استذكرنا «خماسيات» و»سداسيات» السنوات الماضية، وهذا ليس تقليلاً من شأن المنافسين، بل تحفيزاً لممثل الوطن سعياً للقب الاهم.
الفيصلي في البطولة الاسيوية خرج ولم يعد حتى الان، ونحن نتطلع لصحوة تاريخية لممثل الكرة الاردنية تكلل جهوده السابقة بلقب غالٍ، ونتمنى جهوداً حقيقية من الادارة واللاعبين لتغليب المصلحة العامة.. الحُلم على الابواب، فلا تطيحوا به!