إيطاليا تنوي الثأر من اسبانيا في مواجهة لاهبة
تبحث إيطاليا عن الثأر من اسبانيا التي سحقتها برباعية نظيفة في نهائي كأس أوروبا 2012 لكرة القدم، عندما تواجهها اليوم الخميس في فورتاليزا ضمن نصف نهائي كأس القارات المقامة راهنا في البرازيل.
وكانت اسبانيا حققت في 2012 لقبها الكبير الثالث على التوالي بعد كأس اوروبا 2008 وكأس العالم 2010، ونصبت نفسها زعيمة كبرى لكرة القدم العالمية.
ويتابع “لا فوريا روخا” مشواره في المسابقة الحالية على الإيقاع ذاته، فحقق 3 انتصارات في الدور الأول على حساب الأوروغواي 2-1 وتاهيتي 10-0 (رقم قياسي في بطولات فيفا) ونيجيريا 3-0، فيما حلت إيطاليا وصيفة للمجموعة الأولى بفوزين على المكسيك 2-1 واليابان 4-3 وخسارة أمام البرازيل 2-4.
لكن ما يزيد من محنة الطليان تعرض تشكيلة المدرب تشيزاري برانديلي لعدة إصابات ابرزها الهداف ماريو بالوتيلي في فخذه. وارتفعت حظوظ المخضرم ألبرتو جيلاردينو مهاجم بولونيا للحلول بدلا من لاعب ميلان.
ويتوقع أن يتعافى لاعبا الوسط اندريا بيرلو وريكاردو مونتوليفو قبل مباراة اسبانيا، اذ غاب الأول عن مباراة البرازيل لإصابة في ربلة ساقه، فيما تعرض مونتوليفو لضربة على رأسه في المباراة عينها.
وردا على سيطرة محتملة لاسبانيا على مجريات اللعب، اعتبر برانديلي أن إيطاليا يجب ان “تكون خلاقة” من الناحية التكتيكية لمواجهة أبطال العالم.
وذكرت الصحافة الإيطالية أن مدرب فيورنتينا السابق سيعتمد خطة 3-5-2، وبالتالي على دفاع يوفنتوس حامل لقب الدوري متمثلا بجورجيو كييليني وليوناردو بونوتشي واندريا بارزاغلي.
وساعدت هذه الخطة إيطاليا على التعادل 1-1 مع اسبانيا في الدور الأول من البطولة القارية، قبل أن يغير برانديلي خطته إلى أربعة مدافعين ويخسر النهائي في كييف بالاربعة.
من جهتها، تعاني اسبانيا من إصابة لاعب وسطها سيسك فابريغاس ومهاجم فالنسيا روبرتو سولدادو، خلال مباراة نيجيريا الأخيرة في الدور الأول، وتدرب اللاعبان بمفردهما أول من أمس الثلاثاء في فورتاليزا.
ويتعين على المدرب فيسنتي دل بوسكي ان يقرر هوية الحارس الأساسي بعدما جرب ايكر كاسياس في الأولى وبيبي رينا في الثانية وفيكتور فالديز في الثالثة.
ولم تخسر اسبانيا اي مباراة في مسابقة رسمية منذ سقوطها أمام سويسرا 1-0 في الدور الأول من كأس العالم 2010، لكن لاعب وسط إيطاليا كلاوديو ماركيزيو يعتقد أن إيطاليا تملك الأسلحة اللازمة لضرب الارمادا الاسبانية: “هم الفريق الأقوى، الأبطال، فازوا بكل شيء، لكننا لا نلعب كي نخسر.. اسبانيا لم تتغير كثيرا، نعرف أسلوبهم جيدا. نغير أحيانا تكتيكنا لكننا عادة نلعب بطريقة مماثلة”.
ولا يتوقع المنتخب الأسباني أن تخوض إيطاليا مباراتهما بلعب مفتوح، وقال المدافع الاسباني سيرجيو راموس في مؤتمر صحفي أول من أمس بمدينة فورتاليزا، عندما سئل عما إذا كان يتوقع أن يعود المنتخب الإيطالي إلى طريقة اللعب الدفاعية “كاتيناتشو” التي اشتهر بها في عقدي الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي: “إن هذه المباراة شديدة الأهمية، مع حلم اللعب في ستاد بهذه المكانة”، في إشارة إلى النهائي الذي يقام على ستاد ماركانا الشهير.
وأضاف قلب دفاع ريال مدريد: “لا ننتظر أي مفاجآت، نعرف المنتخب الإيطالي عن ظهر قلب، ونعلم أنه سيصعب علينا الأمور كثيرا. لو كانت إيطاليا تتميز بعنصر ما، فهو الخبرة”.
وقال راموس: “يتمتعون بعقلية تنافسية مرتفعة للغاية، وأثبتوا ذلك دوما رغم النتائج التي قد يكونوا حققوها أمامنا”.
إلى جواره ، كان الظهير جوردي ألبا الذي اتفق معه في أن إيطاليا لن تكون بالخصم السهل، وقال مدافع برشلونة “إيطاليا دائما ما حافظت على أسلوب لعبها. إنها حقيقة أنهم تركوا لنا في نهائي أمم أوروبا مساحات أكثر مما كانوا قد فعلوا في مرحلة المجموعات، لكن الأمور ستكون صعبة. دائما ما كانت مواجهة إيطاليا شاقة”.
وطالب ألبا زملاءه بتناسي ذلك النهائي الأوروبي: “في تلك المباراة قدمنا المباراة الكاملة من كل الوجوه، لكن ذلك بات ماضيا. الآن علينا أن نفرض طريقة لعبنا ، فهي التي وفرت لنا الكثير من النجاحات”.
ويعتقد راموس أن أسبانيا وإيطاليا “يحتفظان بنفس فلسفة اللعب” التي كانا يتبعانها قبل عام مضى، وقال “إيطاليا أيضا لديها لاعبون شبان ومخضرمون، سيحاولون جعل الأمور أصعب بكثير مما كانت عليه في نهائي أمم أوروبا. نحن علينا ألا نتهاون، وأن نحاول الدفاع عن أحقيتنا باللقب الأخير، والأهم إثبات جدارتنا باللقب الحالي”.
كما علق لاعب ريال مدريد على ما نشره أول من أمس الاثنين أحد المواقع البرازيلية، مؤكدا أن خمسة من لاعبي المنتخب الأسباني أقاموا احتفالا مع خمس سيدات عقب الفوز 2-1 على أوروغواي بمدينة ريسيفي في مستهل مشوار الفريق في البطولة، وقال “لا يمكنك المغامرة بسمعة اسبانيا، والتلاعب بعائلات وأبناء، وصديقات في حالة البعض منا. إننا نتمتع بتاريخ ناصع ومشرف”.
وأضاف “لا أعرف فربما كان ذلك استراتيجية منهم (البرازيل)، لكن في المنتخب وفي هذا التوقيت لن ندع إستقرارنا يتزعزع جراء أمور ليس لها أهمية”.
ونفى مدافع المنتخب أن يكون فريقه قد اشتكى من درجة الحرارة المرتفعة والرطوبة في فورتاليزا، الواقعة شمال شرقي البرازيل، وقال “لسنا أطفالا مرفهين نطالب بأمور. جئنا إلى هنا من أجل لعب كرة القدم، ولابد من التعامل مع الظروف القائمة. بالتأكيد تحققتم أنتم أيضا من أن مستوى الفنادق لا يمكن التشكيك به. لكن القرارات تبقى في يد الفيفا، نحن لسنا بأشخاص مخولين باتخاذ قرارات”.
إلى ذلك، أعرب المدافع الإيطالي السابق جوزيبي بيرغومي عن اعتقاده بأن المدرب برانديلي عليه أن يتخلى عن مبادئه وأفكاره لمدة يوم واحد وأن يلجأ لأسلوب “كاتيناتشيو” من أجل التغلب على المنتخب الاسباني، وقال بيرغومي في تصريحات صحفية: “المنتخب الأسباني هو الفريق الوحيد الذي يجب أن يلعب أمامه المنتخب الإيطالي بالطريقة القديمة”.
ويتواجد بيرغومي (49 عاما)، الذي شارك في أربع بطولات لكأس العالم وساهم في فوز المنتخب الإيطالي بلقب مونديال 1982 باسبانيا، حاليا في البرازيل كمحلل تلفزيوني لبطولة كأس القارات، وقال بيرغومي: “يجب أن يفعل براندللي هذا في هذه المباراة فقط وأمام هذا المنافس فقط. يجب أن تتعامل بذكاء وتتفهم قوة المنافس”.
ويشتهر بيرغومي بأنه من المؤيدين بقوة لأسلوب الاستحواذ على الكرة والذي يفرضه برانديللي على أسلوب أداء الفريق منذ أن تولى قيادة الأزوري عقب بطولة كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا.
ورغم هذا، دفعت الهزيمة الثقيلة أمام الماتادور الأسباني في نهائي كأس أوروبا، المدافع الإيطالي الدولي السابق إلى الاقتراح بعودة الأزوري لأسلوب لعبه القديم في هذه المباراة فقط وأن يلجأ برانديللي لأسلوب “كاتيناتشيو” الذي يعتمد على الدفاع القوي والهجمات المرتدة السريعة حيث كان هذا الأسلوب سمة لأداء الفريق لسنوات طويلة، وقال بيرغومي: “لن نكون أبدا كالمنتخب الأسباني” في إشارة إلى استحالة أن يحاكي لاعبو إيطاليا أسلوب أداء تشافي هيرنانديز وزملائه في المنتخب الأسباني.
ويرى بيرغومي أن الآزوري سقط في النهائي الأوروبي لأنه حاول اللعب بأسلوب المنتخب الأسباني الذي يعتمد على الاستحواذ الهائل على الكرة وهو ما لم يكن ممكنا لأن المنتخب الأسباني يتمتع بتفوق واضح في المستوى الفني للاعبين، وأضاف “إذا حاولت اللعب مثلهم فلن تنجح. عليك أن تتقبل أن شخصا ما أفضل منك. اسبانيا فقط هي من يلعب هذا النوع من الأداء، وحتى البرازيل لا تستطيع تقديمه”.
وقال نجم إنتر ميلان الإيطالي سابقا: “أعتقد أن عليك أن تكون متماسكا للغاية وتستفيد من نقاط ضعف المنافس. إن عاجلا أو آجلا، ستمنحك أسبانيا فرصة”.
وأضاف “لتنظروا إلى كرة القدم على مستوى الأندية وتتعرفوا على الفرق التي نجحت في إيقاف برشلونة. بخلاف نجاح بايرن ميونيخ هذا العام، والذي كان حالة خاصة، كانت الفرق التي أطاحت ببرشلونة هي الفرق ذات الأسلوب الدفاعي مثل إنتر ميلان الإيطالي. إذا أراد المنتخب الإيطالي الفوز على أسبانيا ، عليه أن يلعب هكذا”.
واعترف بيرغومي بتأثير نجاح برشلونة والمنتخب الأسباني في تغيير عقلية الكرة الإيطالية، ولكنه حذر من إغراءات المحاولة لنسخ أسلوب الاستحواذ على الكرة والذي تتمتع به الكرة الأسبانية، وقال: “حاول كثيرون نسخ هذا الأسلوب ولكن هذا ليس سهلا. من الضروري أن نتخذ أفضل العناصر من الكرة الأوروبية والعالمية ولكن ليس عندما يكون هذا ضد ثقافتنا الكروية. لن نكون مثل أسبانيا. نحن إيطاليا ولدينا نوعية أخرى من كرة القدم. لا يمكننا أن نسير ضد طبيعتنا”.
وأضاف “سنظل نجيد في الدفاع دائما وفي الهجمات المرتدة. ولكن إذا حاولنا نسخ ما يقدمه الآخرون، سيكون خطأ كبيرا منا. علينا أن نأخذ أشياء قليلة من البلدان الأخرى ولكن يجب أن نحافظ على هويتنا”.
وأوضح بيرغومي أن “التطور الكبير الحقيقي” الذي حققه برشلونة والمنتخب الأسباني ليس الاستحواذ الكبير على الكرة ولكنه استرداد الكرة، وقال: “عندما يفقدون الكرة، لا يتراجعون للوراء ولكنهم يتقدمون للأمام. ولهذا، إطارهم الدفاعي متقدم للغاية ومهاجمو الفريق مستعدون دائما للصراع على الكرة. يضغطون بشكل سريع للغاية من أجل استرداد الكرة”.
وأضاف “بالنسبة لي، كان هذا هو التطور الكبير الجديد لأن الاستحواذ على الكرة يجعلك تتنفس الصعداء بعد المجهود الذي بذلته لاستردادها. لم أر هذا من قبل، إنها عقلية جديدة. ما من فريق حقق هذا من قبل”.
وتنوي اسبانيا إكمال تشكيلتها من الألقاب بعد إحرازها الذهبية الأولمبية على أرضها في برشلونة 1992 وكأس أوروبا وكاس العالم، واللافت أن تاريخ مواجهات المنتخبين يشهد تعادلا كاملا، ففاز كلاهما 8 مرات مقابل 11 تعادلا، وسجل كل منتخب 30 هدفا.
وتواجه المنتخبان لأول مرة العام 1920 في ألعاب انفير الأولمبية حيث فازت اسبانيا 2-0 في نصف النهائي، عندما كانت تضم في صفوفها العملاقين الحارس ريكاردو زامورا والمهاجم رفاييل مورينو ارانزادي الملقب “بيتشيشي”، واللذين تركا اسميهما على جائزة أفضل حارس وأفضل هداف حتى اليوم. -(وكالات)