وثيقة السلط الشعبية تؤكد البدء باختصار تكاليف وتقاليد وعادات الوفيات وحالات العزاء
*يرأسها معالي العين رجائي المعشر وعضوية المئات من رجالات وسيدات الاردن
وكالة الناس – من المهندس هشام خريسات – بدأت لجنة الصياغة في مجموعة الحوار الوطني التي يرأسها معالي العين رجائي المعشر وتضم في عضويتها المئات من رجالات واعيان الوطن؛ خطواتها الأولى بروحٍ من الالتزام والمسؤولية، واضعةً الأساس لصياغة تعكس تطلعات الجميع.
وقد نشرت بالفعل المسودة الأولية لمقدمة المبادرة، إضافةً إلى التوصيات الخاصة بحالة الوفاة وبيوت العزاء، إدراكًا لأهمية هذه التفاصيل في ترسيخ قيم التضامن والتكافل.
ومع اكتمال الصياغة النهائية واعتمادها، ستُعرض على مجموعة الحوار المجتمعي، ليكون القرار جماعيًا، نابضًا برؤيةٍ مشتركة، ومستندًا إلى توافق يعكس روح هذه المبادرة وأهدافها النبيلة.
ويعتز الاردنيون بارثهم الثقافي المستمد من عاداتهم وتقاليدهم و الذي يشكل بمجمله الهوية المجتمعية الأردنية. وتعتبر هذه الهوية بمثابة الرابط الذي يجمع بين الأجيال، حيث يتناقله الأجيال عبر الزمن لتكون شاهدًا على أصالة مجتمعنا وقيمه الراسخة الرحيمة.
فهي ليست مجرد ممارسات متوارثة، بل هي منظومة اجتماعية تعكس روح التكافل والتضامن، وتُعزز معاني الاحترام والتآخي والرحمة والمحبة والوئام بين افراد المجتمع الاردني. كما أنها تسهم في مد و بناء جسور التواصل بين مختلف فئات المجتمع، فتقرب بين الغني والفقير، وتُرسّخ مفاهيم العطاء والتعاون والمساعدة، مما يجعلها عنصرًا جوهريًا في استقرار منظومة القيم الاجتماعية.
ورغم ما تحمله العادات والتقاليد من معانٍ سامية وأهداف نبيله، إلا أن المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتطورات التكنولوجية التي شهدها العصر الحديث ألقت بظلالها عليها، وأدت إلى بروز بعض الممارسات التي أثقلت كاهل الأفراد وحادت عن جوهرها الحقيقي. فقد تحولت بعض العادات من رمز للتراحم والتكافل إلى مصدر للتكلف والتفاخر، مما فرض أعباء مالية وحياتيه مبالغ فيها على الأسروالافراد ، خاصة في المناسبات الاجتماعية مثل مناسبات الافراح وبيوت العزاء وغيرها من الممارسات.
وانطلاقًا من ضرورة التوازن بين الحفاظ على التراث الاجتماعي الاردني الأصيل وبين التكيف مع الواقع المعاصر، بادر مجموعة من من رجالات وسيدات المجتمع الأردني إلى دراسة هذه الظاهرة والعمل على إعادة العادات والتقاليد إلى جوهرها النبيل. وقد استندت هذه الجهود إلى وثيقة السلط الشعبية التي طُرحت عام 1981 برؤية متقدمة، بالإضافة إلى عدد من المبادرات المجتمعية البارزة، لا سيما تلك التي انطلقت في محافظات أردنية بهدف الحد من الأعباء المالية المترتبة على الممارسات الاجتماعية، مع الحفاظ على القيم الأصيلة التي تمنح هذه العادات مشروعيتها وروحها الحقيقية.
وبعد نقاشات مستفيضة ودراسة معمة ، إرتأت هذه المجموعه ، بضرورة إعادة التوازن للعادات والتقاليد، بحيث تعود إلى دورها الطبيعي كأداة لتعزيز الروابط الاجتماعية، بدلًا من أن تكون عبئًا اقتصاديًا يرهق الأفراد والمجتمع ككل. وذلك على النحو الاتي :
حالة الوفاة وبيوت العزاء :
الموت قدرٌ محتوم وسنةٌ من سنن الحياة، لكنه يظل من أقسى اللحظات التي يمر بها الإنسان، حين يخطف منا عزيزًا دون سابق إنذار، تاركًا خلفه فراغًا لا يُملأ ووجعًا لا يبرأ. في تلك اللحظات الحزينة، تتجلى أسمى معاني الإنسانية في الوقوف إلى جانب أهل الفقيد، فهم لا يحتاجون سوى لمسة حانية، وكلمة مواساة تخفف عنهم وقع الفقدان، ووجود محبّين يشاركونهم الألم، فيشعرون أن الحزن وإن كان ثقيلًا، إلا أنه لا يُحمل وحده.
ولأن المجتمع الأردني عُرف عبر تاريخه بروابطه المتينة وتكافله العميق، فقد كانت عاداتنا الأصيلة نبراسًا نهتدي به في مثل هذه المواقف الصعبة، حيث يجتمع الأهل والأصدقاء لتقديم العزاء، ليس فقط بالكلمات، بل بالمساندة الحقيقية التي تعكس معنى الأخوة والتآزر. ومن هذا المنطلق، اجتمعت مجموعة الحوار المجتمعي لتقديم توصيات تعزز هذه القيم، وتؤكد على أهمية الوقوف مع أهل الفقيد بطريقة تحفظ كرامتهم وتراعي ظروفهم، ليبقى العزاء رسالة حب ورحمة، لا عبئًا يثقل كاهلهم في وقتٍ هم فيه بأمسّ الحاجة للسند والدعم وبناء عليه نقدم التوصيات التالية :
1.المشاركة في واجب الدفن والصلاة على المتوفى
إن أداء صلاة الجنازة والمشاركة في الدفن سنة نبوية شريفة تحمل في طياتها الأجر العظيم وتساهم في التخفيف عن أهل الفقيد. كما أن حضور القداس في الكنيسة لمن فقد عزيزًا يترك أثرًا طيبًا في قلوب ذويه، ويجسد أسمى معاني التعاطف والمساندة.
2.تقديم العزاء في المقبرة:
يكون العزاء بالمصافحة دون التقبيل، ومن قدّم واجب العزاء عند المقبرة يُعد قد أدّى ما عليه، ولا يلزمه التوجه إلى بيت العزاء مرة أخرى.
3.فتح بيوت العزاء
إذا رغب أهل الفقيد في استقبال المعزين، فيكون ذلك لمدة يومين من تاريخ الوفاة، بشرط أن تكون الوفاة قد حدثت قبل صلاة الظهر. وتُفتح بيوت العزاء من الساعة الرابعة عصرًا حتى التاسعة مساءً، للرجال والنساء على حد سواء.
4.بيوت العزاء في شهر رمضان المبارك
نظرًا لخصوصية هذا الشهر الفضيل، يكون استقبال المعزين بعد صلاة المغرب بنصف ساعة، بما يراعي ظروف الصيام والعبادة.
5. المصافحة بدل التقبيل
يكفي أن تمتدّ الأيدي بالمصافحة لتعبر عن التعاطف والمواساة، دون الحاجة إلى التقبيل، وذلك حرصًا على الصحة العامة وتقديرًا لحالة أهل الفقيد الذين يمرون بلحظات مرهقة نفسيًا وجسديًا.
6.الاقتصار على تقديم الماء والقهوة السادة
لتبقى بيوت العزاء مكانًا للذكر والدعاء، نوصي بالاكتفاء بتقديم الماء والقهوة السادة فقط، بعيدًا عن أي مظاهر إضافية قد تثقل كاهل أهل الفقيد.
7.عدم توزيع كتب الأدعية والأذكار في بيوت العزاء
إن كان لأهل الفقيد رغبة في إهداء الأجر لروح فقيدهم، فمن الأجدر توجيه ثمن هذه الكتب إلى دعم دور العلم وطلبته، ليكون لهم صدقة جارية ونفع مستدام.
8.الامتناع التام عن تقديم الطعام في بيوت العزاء
بيوت العزاء أماكن للسلوى والمواساة، وليست موائد للضيافة، لذا نحثّ الجميع على الامتناع التام عن تقديم الطعام فيها.
9.إرسال الطعام لأهل الفقيد في اليوم الأول فقط
أسوةً بالسنة النبوية الشريفة، ومن باب التخفيف عن أهل الفقيد، نحثّ الأقارب والأصدقاء الراغبين في تقديم الطعام على إرساله إلى بيت الفقيد في اليوم الأول فقط، وبما لا يزيد عن خمسة مناسف، دون أن يُعتبر ذلك دينًا واجب السداد.
10.رفض دعوات طعام العزاء
نناشد الجميع الامتناع عن حضور أو تنظيم ولائم العزاء، إذ إن المشاركة الحقيقية تكمن في التخفيف عن أهل الفقيد لا في إثقالهم بالمجاملات الاجتماعية.
11.التخفيف عن أهل الفقيد ورفع الحرج عنهم
نرجو من المعزين القادمين من خارج المحافظة مراعاة ظروف أهل الفقيد والتنازل عن واجب الضيافة الذي يستحقونه، فهم منشغلون بمصابهم، وليسوا في موقف يسمح لهم باستقبال الضيوف كما يليق بهم.
12.منح أهل الفقيد فرصة لالتقاط أنفاسهم
بعد انتهاء أيام العزاء، نناشد الجميع عدم زيارة بيت أهل الفقيد مباشرة، احترامًا لحاجتهم إلى الهدوء وإعادة ترتيب حياتهم بعد الفقد.
13.التخفيف من العتاب وقبول الأعذار
لا يكون العزاء بتحميل الآخرين مشقة الحضور أو اللوم على من لم يتمكّن من القدوم، بل بتقدير الظروف والتماس الأعذار، فالمواساة تُبنى على النوايا الصادقة وليس على التواجد الجسدي فقط.
14.الامتناع عن زيارة بيوت العزاء في حال المرض
نرجو ممن يعاني من أي مرض معدٍ الامتناع عن الحضور إلى بيوت العزاء، والاكتفاء بتقديم العزاء عبر الهاتف أو الرسائل، حرصًا على سلامة الجميع، وتقديرًا لظروف أهل الفقيد الذين يكفيهم ألم الفقد دون القلق بشأن صحة المعزين.