استئصال أرحام المعوقات عقليا خشية الحمل جراء الاغتصاب
أرحام بناتهن ‘المعاقات عقلياً وجسدياً’، رغم تحريم الأديان لتلك الممارسات، باعتبار أنها ‘تعد’ على خليقة الله
ويضرب الأهالي بعرض الحائط ، بالتعاون مع جهات طبية، ما كفلته المواثيق والاتفاقيات الدولية من حقوق لتلك الفئات، ولا سيما الأطفال منهم، تساهم في حمايتهم من كافة أشكال التمييز والتعرض التعسفي وغير القانوني لهم بأي صورة كانت.
وقد أدت تلك الممارسات إلى أن تصل معدل عمليات ازالة الأرحام لذوات الإعاقة في المملكة سنويا لنحو 65 عملية، بحسب ما أوردته احصائيات جمعية معهد تضامن النساء الأردني ‘تضامن’، والتي صنفتها ضمن اطار ‘التمييز ضد النساء’.
وتقول مديرة البرامج والانشطة في جمعية المعهد الوطني الدولي لتضامن النساء، المحامية إنعام العشا، إن ‘مبررات غالبية أسر الفتيات المعوقات ذهنياً الذين أجروا العملية تتمثل في جانبين; الخوف من الحمل جراء الاغتصاب، وعدم القدرة على العناية بالنظافة الشخصية’.
واعتبرت العشا ان ‘هذه المبررات ليست سوى تنصل للأهل من مسؤوليتهم’، واصفة الاجراء الجراحي بحق هذه الفئة أنه ‘انتهاك للحقوق الانسانية لهذه الشريحة الضعيفة’.
ويتفق علماء الشريعة في الأردن على عدم جواز إزالة الرحم بحجة حماية المعاقة عقلياً من الحمل الناتج عن الاغتصاب، حيث اعتبرت دائرة الإفتاء الأردنية أن لجوء بعض الأسر إلى إزالة أرحام بناتهن المصابات بإعاقات عقلية يشكل مخالفة شرعية واضحة.
ويقول أمين عام دائرة الافتاء الدكتور محمد الخلايلة أن الإسلام لا يجيز القيام بهذا الأمر، موضحاً أن الشريعة الإسلامية ترى أن للمصابة بإعاقة عقلية حقوقاً يجب أن تؤدّى من خلال الأسرة والمجتمع.
وأضاف الخلايلة أن القبول بقضاء الله وابتلائه يحتم على العائلات اللواتي ابتليت بابنة مصابة بعاهة عقلية الصبر وقبول الأمر ورعاية هذه الأنثى بما يرضي الله، وعدم تعريضها للخطر أو الضرر أياً كان شكله ودوافعه.
ورغم المحاذير الدينية والطبية لعملية استئصال الرحم إلا أن ثمة جهات طبية أخرى تؤيد إجراؤها، ضمن شروط محددة.
وأقر مدير مستشفى البشير الدكتور عصام الشريدة بإجراء عمليات من هذا النوع في المستشفى، مضيفا أن المستشفى أجرى 10 عمليات استئصال ارحام لفتيات معوقات ذهنياً في الفئة العمرية بين 10 الى 20 سنة.
وأشار الى حالات لا تكون فيها الفتاة مدركة لوضعها الصحي، ما يؤثر بشكل كبير على نظافتها الشخصية وبالتالي يؤثر على المحيطين بها.
وتوضح الاراء الطبية التأثير الضارنفسياً لهذه العمليات على الفتيات إن استئصال الرحم يسبب اضطرابات واكتئاب وهشاشة عظام.
وأكدت أن هؤلاء الآباء لم ينظروا إلى وظيفة الرحم إلا من منظور واحد فقط (الحمل والإنجاب)، ولم يدركوا أن هناك هرمونات يفرزها عنق الرحم تساعد على بناء الجسم، وتعد مهمة جدًّا للحالة النفسية والجسمانية للأنثى.
وتشدد على أن هذا لا يعد حلاًّ لحماية هؤلاء الفتيات من الاغتصاب، وأنه بالرعاية والمتابعة يتم حمايتهن من الاغتصاب الوارد حدوثه، سواء تم استئصال الرحم أم لا؟.
ويرى باحثون حقوقيون أن للطفلة المعاقة، وبغض النظر عن طبيعة إعاقتها، مثلها مثل قريناتها المراهقات غير المعاقات، حقا أساسياً في أن تنمو في كل مراحل عمرها، وأن يكون جسمها مكتملاً غير منقوص لأي سبب من الأسباب، وأن أي استئصال لأي جزء منه بما في ذلك رحمها، انتهاك لحقها بالمساواة وعدم التمييز، وكذلك اعتداء على حقها الصحي، وخصوصية جسمها.
ويزيدون أن ذلك الانتهاك، لا يمكن تبريره تحت أي دواع طبية أو أمنية قاصرة، تخفي وراءها عجزاً واضحا في حماية الأطفال المعاقين من كافة أشكال العنف الموجه ضدهم، بما في ذلك العنف الجنسي.
ويشددون على أن حماية كافة الأطفال من العنف، بمن فيهن الفتيات المراهقات، وإن كن معاقات، هي مسؤولية اجتماعية مشتركة، ما بين والدي الطفل والدولة. مبينين أنه يتوجب على الحكومة الاتزام بحماية كافة الأطفال من جميع أشكال العنف، اذ تنص المادة (19) من اتفاقية حقوق الطفل على أن ‘ تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة، لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال، أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية’.
إضافة إلى أن المادة (23) من الاتفاقية نفسها، تنص على أن ‘تعترف الدول الأطراف، بوجوب تمتع الطفل المعوق عقلياً أو جسدياً، بحياة كاملة وكريمة، في ظروف تكفل له كرامته وتعزز اعتماده على النفس، وتيسر مشاركته الفعلية في المجتمع، وتعترف الدول الأطراف بحق الطفل المعوق في التمتع برعاية خاصة’.
وبخصوص اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقات، تنص المادة (16) فيها على أن ‘تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية وغيرها من التدابير المناسبة لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة، داخل منازلهم وخارجها على السواء، من جميع أشكال الاستغلال والعنف والاعتداء، بما في ذلك جوانبها القائمة على نوع الجنس’.
ووفق حقوقيين، يستندون إلى هذه المواد في قضية تجريم عملية استئصال رحم المعاقة، بأنه انتهاك لحقها في الرعاية الخاصة التي نصت عليها المادة (23) من اتفاقية حقوق الطفل وتراخٍ في حمايتها من عنف الاستغلال الجنسي، وبالتالي انتهاك لحقها بالحماية كطفلة، والذي نصت عليه المادة (19) من الاتفاقية نفسها، وحقها في الحماية كمعاقة، كما نصت عليه المادة (16) من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
*أُعدَّ لبرنامج الاعلام و حقوق الانسان
مركز حماية و حرية الصحفيين