عاجل

هرمِنا هرمِنا – بقلم اسماء البسطامي

لم تؤثر بي كلمة مثل ( هرمِنا هرمِنا )
كلمة واحدة تلّخص حياة بأكملها ،، كبرنا وما عادت وجوهنا الصغيرة معروفة ، أصبح من ينظر إلينا بعد هذا العمر تعلو وجهه الدهشة ،،، تلك الدهشة التي تصيبنا بالإحباط ،، أين ذهب بريق عيوننا الملآى بالاحلام ، الى أين غادرنا ذلك التوق الذي كان يرتسم على جباهنا ،،،، توقٌ وترقب وطموح لغدٍ اجمل ،،،، لم نكن نعرف نعمة البراءة والبقاء في رحابها زمناً أطول ، لم نكن ندري أن طول قاماتنا سيأخذ من فرح نظراتنا الفرح ، ولا ملابسنا الجميلة وعيشنا السهل المريح سيبّدل برائتنا ويحّول رفاهيةً نرتع بها الى تحسّر وندم عَلى زمنٍ ولى لم نجد له بديلاً ولا كان كما أردناه وحلمنا به ، !!
” زمان المدارس الحكومية ، مشياً صيفا وشتاءا ، حقائبنا المهترئه ، عقوبة النسخ المكررة ، الخوف الممزوج بالاحترام للمعّلمة ، الحفظ بين الحصص ، ‘ تسميع القصائد ورهبة انتظار النتيجة ، متعة اللعب في ‘ الفرصة ‘ سهولة تكوين الصداقات ،، كتابة الأوتوغراف الذي بقي معنا سنوات اكثر ممن وقعّوه !!! ” سندويشةالزعتر” والتي كنّا نتشاركها سوياً ،، وإرواء عطشنا من حنفية مقلوبة تتابعت عليها أيدي البنات الصغيرة ، بلا أمراض ولا فيروسات صديقة !!!
كتب المدرسة التي تحمل اكثر من عشرة اسماء سبقت ، بمحتوى خربشاتٍ على الهوامش تُخبر عن آمالٍ وأمنيات طفولية ، عدا عن دفاتر زرقاء تحمل صورة الملك الراحل ،، دفاتر اشبعناها بصمات أصابعنا الصغيرة دون ( نسخ ولصق ) طابور الصباح ونشيد الوطن يرافقه ارتجاف أطرافنا من برد الصباح (( موطني موطني )) !!!
سعادة الحصة السادسة لا يعادلها فرحا سوى احاديث العودة بلا خوف في طرقاتٍ آمنة ، ونحن نتبادل حديثا ضاحكاً حول يومنا الدراسي ،، مع التوقف التام عن الضحك عند مرور المعلّمة المبجلة ، وانحناءة صغيرة تشبه حضوراً امام ملكة .
ذاك كان يوما عابراً في شريط الذكريات ،، ولعله يعبر خواطرنا كلما استعد احد ابنائنا للمدرسة ، فرق كبير في كل شيئ ،،، لا فائدة ترجى في ذكره أمامهم حيث يعتبروننا من كوكب آخر .
تُرى هل صحّت كلمة ” هرمِنا ” او حتى اقتربت منها !!!

اسماء البسطامي