عاجل

وسط البلد – بقلم الكاتبة أسماء البسطامي

وكالة الناس  – كانت رحلة شهرية تبدأ من ركن سيارتي بجانب سُوَر مدرسة الفرير ، ثم ( بالسرفيس ) الى البلد . مشياً هويناً على رصيف مهترئ علّني اطأ مكان سير أبي رحمه الله في طريقه الى المكتبة ،،، مروراً بمكتبة المحتسب ،، ثم ” جبري والقدس ” وبعدها معضلة قطع الطريق الى الجانب الآخر حيث تطالعني مكتبة أبي القديمة ” وأكاد أراه وعمي يتناقشان امورهما امام بابها المشرع دوماً ،،، هناك عند أبي إلتقيت بنخبة رجال الوطن (( روكس بن زائد العزيزي ، وحسني فريز ، والساكت ، وأسماء كثيرة لا أذكرها ، رحلوا وأخذوا ابي معهم . اشيح بنظري سريعاً عن تلك الرؤية الجميلة عائدة الى الواقع بصوت الباعة المرتفع ورائحة الفلافل الشهية تأتي من ” فؤاد ” حيث لا مجال لمقاومة ‘ سندويش باالشطة ‘ ولا اروع …

صعودا لشارع بسمان القديم ‘ وكمشة بزر ساخن ‘ والتحدث مع البلعاوي العجوز الكريم بعد شراء مجموعة مكسرات طازجة تعدُ بسهرة حافلة ، تأخذني الطريق نزولاً فيطالعني مشهد محبب لمئذنة ‘ جامع الحسيني ‘ حيث أقف على زاوية الطريق امام محل العصير مع كأس شراب بارد يحمل بصمات من مروّا ذلك اليوم ،،،، لا يهم كل شيئ مع ‘ بِسْم الله الرحمن الرحيم ‘ طاهر ،،،، فلننسى اليوم كل قواعد النظافة فدخول السوق بمحاذاة الجامع والتمتع ببسطة الكتب القديمة تستحق ذلك ،،،،، تلك البسطات واصحابها بيني وبينهم صداقة طويلة ” بعض كتبهم القديمة ذات طبعه أولى .

كل شيئ هناك له طعم اخر ،، رائحة الخضار والفاكهة ، بسطات الألعاب ، صراخ الباعة ، وجوه الناس ، وترحيب اصحاب المحلات ،،،، كل ذلك وأكثر في وسط البلد ،،،،، بلدك بين اهلك وناسك ، يتحدثون بلهجتك ، ويفهمون حاجتك بلا كلمات ، ولغة العيون ابلغ ،،،!!! زاد ثقل الحمل بعد الكتب ، غير ان هناك شيئ لا تكتمل الرحلة بدونه ،،، ” حبيبة ‘ ،،،،، وعلى مقعد ” أبو علي مع صحن كنافة خشنة ،،، وحديث ثقافي في كشك الثقافة تنتهي رحلتي الجميلة ‘ العمّانية ‘ من وسط البلد ، أشير لتاكسي امام ذلك الباب الضخم الذهبي ذو المقابض الدائرية للبنك العربي ، وعيناي تأخذان صوراً بانورامية للمباني القديمة حولي ، مودعه وواعدة بزيارة اخرى بإذن الله .

عائدة الى سيارتي المركونه بسرعة قبل ان ينصرف الطلاب وتبدأ الأزمة ،،، يراودني سؤال ملّحْ ،،،، كيف يغفل بعض الناس عن هكذا متعه ،،، كيف لا يخطر ببالهم رؤية عمان القديمة الجميلة ،،، كيف يضيعون أوقاتهم في أماكن حديثة باردة تاريخها مختلط ولا تحمل الا رائحة وحيدة ،،، ” رائحة الحضارة المزيفة “”

أما أنا فأعشق رائحة السنين ، والأرصفة المتشققة ، والطرقات العتيقة العابقة بآثار اقدام من رحلوا عنا ، وتركوا لنا ارثاً عزيزاً من ذكريات عابره …

الكاتبة – أسماء البسطامي ( صاحبة الإحساس الجميل )