الملكة رانيا .. المعلمون هم خط الدفاع الاول لدحر اعداء الانسانية
وكالة الناس – اعربت جلالة الملكة رانيا العبد الله عن املها في اطلاق تحالف من المعلمين العرب لحمل رسالة النور وشعلة الأمل بغد أفضل، مؤكدة أن «الظروف المعتمة التي يمر بها وطننا العربي اليوم، زادت قناعتي بأن مستقبلنا معتمد على المعلمين»، فالمعلمون هم خط الدفاع الأول في الحرب لدحر أعداء الانسانية. وناشدت جلالتها المعلمين خلال جلسة خاصة عقدها ملتقى مهارات المعلمين في يومه الثاني أمس العمل بجد من أجل تطوير أنفسهم ومهاراتهم ومواكبة متطلبات مجال عملهم السريعة، مبينة أن على المعلمين أيضا أن يدركوا أهمية مواقعهم وحساسيتها؛ فهم المؤتمنون على عقول أبنائنا. وقالت جلالتها: سعيدة بانضمامي لكم للعام الثاني، وأهلا بكل المعلمين الذين انضموا لنا هذا العام، سواء من الأردن أو الوطن العربي، وقالت « انتم أصحاب البيت … وهذا مؤتمركم … وأنا اليوم ضيفتكم، يسعدني دائما أن أكون بحضرة المعلمين المهتمين بتطوير أنفسهم، فما من معلم أقدر على غرس الالتزام والطموح في طلابه من ذلك الذي يسعى إلى التطور والاستزادة من العلم. ويكون بذلك قدوة لطلابه». وأضافت جلالتها إن إيماني بمحورية دور المعلم لطالما كان متأصلا في أعماقي، فأنتم أهل التربية والتعليم، وأصحاب المهنة التي تنبثق عنها جميع المهن، ومن ذلك الإيمان الراسخ، خرجت الكثير من المبادرات المعنية بتمكين التربويين، ومنها هذا الملتقى. ومع ذلك… أعترف.. بأنني حتى هذه المرحلة لم أدرك خطورة وحساسية موقعكم. فالظروف المعتمة التي يمر بها وطننا العربي اليوم، زادت قناعتي بأن مصير مستقبلنا معتمد عليكم، وجعلتني أقف وأتساءل: كيف وصلت الحال إلى ما هي عليه؟ كيف تحولت بلداننا العربية إلى حلبات اقتتال؟ كيف تشرد ملايين العرب عن بيوتهم وأوطانهم؟ كيف وصلنا إلى المرحلة الأكثر ضياعا للقيم الإنسانية، المرحلة الأكثر سوادا في تاريخنا العربي؟ وربما السؤال الأكبر والأهم.. ما العوامل التي ولّدت الفكر الظلامي المنتشر اليوم؟ كما تساءلت جلالتها كيف دخلت علينا تلك الآفة؟ تلك الأفكار الهدامة التي تجد طريقها إلى العقول ثم تتفشى في المجتمع.. وتأكله كالصدأ؛ كيف نتصدى لأسلحة أشد فتكا من السيوف.. ودعت جلالتها الى وضع نظريات المؤامرة جانبا؛ ولنتحمل مسؤولية ما نحن فيه.. فأيادينا التي صنعت المشكلة.. وحدها قادرة على حلها، حتما…إن الحل لما نعاني منه موجود بيننا، موجود في مقدمة الفصل الدراسي كل صباح…أنتم …الأجوبة على امتحانات عصرنا الأصعب ليست في الكتب والنصوص ولا في المنتديات والمؤتمرات. بل فيكم أنتم…في رسالتكم وفي القيم التي تغرسونها في طلابكم. كما تساءلت جلالتها ماذا تعلمونهم؟… كيف تعاملونهم؟ ما حجم الآفاق التي تفتحونها أمامهم. ما شكل العدسة التي تصورون لهم من خلالها الدنيا ومن فيها، فمهمتكم السامية ليست حشو العقول بل بناء الشخصيات. ونبهت جلالتها الى ان حربنا ضد الأفكار الهدامة تستدعي الجيوش والعتاد، لكن ساحة المعركة وحتى بعد أكبر انتصار لا توفر سوى الحلول المؤقتة، هي تضمد الجرح فقط… ولا توقف النزيف، أنتم تعملون على إجهاض أيدولوجيتهم وعدم السماح لها بإبصار النور. وأكدت جلالتها ان المعلمين خط الدفاع الأول في حربنا لدحر أعداء الإنسانية، وكما تسلح البلدان جيوشها، واجب علينا أن نمكنكم بالمهارات وبأحدث وأهم أساليب وتقنيات التعليم المتميز في عصرنا. فلستم بناة الحاضر فحسب، بل المعلم هو من يعطي الأمل ويصنع الفرص، من يزرع في قلوب الأجيال شغف المعرفة والطموح، ومن يرسم في أذهانهم حب الحياة بأزهى ألوانها. وقالت جلالتها أسألكم أمرين فقط؛ الأول: هو أن تعملوا جاهدين على تطوير أنفسكم؛ ومهاراتكم؛ ومواكبة متطلبات مجالكم السريعة، والثاني هو أن تدركوا أهمية مواقعكم وحساسيتها؛ فأنتم المؤتمنون على عقول أبنائنا. ما أعظم تلك المسؤولية وما أعظم تأثيركم في مستقبلنا. وتمنت جلالتها أن يعمل المعلمون على تخريج جيل من الشباب إلى عالم عربي يريد أن يعيش وأن يتعايش، عالم غير مكبل بالخوف بل منطلق بالأمل، غير مشغول بالكفاح من أجل العيش، بل دافعه الطموح والإنجاز، إن التزامي بمسؤولية تسليحكم وتجهيزكم هو بحجم الالتزام والتفاني في التعليم الذي أطلبه منكم. فلكل منا دور وعلى كل منا مسؤولية، و»ملتقى تدريب المعلمين» ما هو إلا جزء من ذلك الالتزام. وتمنت جلالتها أن يسفر المؤتمر عن ولادة تحالف من المعلمين العرب، جيش قوي منضبط… ملتزم وحريص على حمل رسالة النور وشعلة أملنا بغد أفضل. وعرض الرئيس التنفيذي لأكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين المهندس هيف بنيان انجازات الملتقى في دورته الثانية، حيث شارك به العام الحالي أكثر من ألف مشترك من الأردن والدول العربية، وهذا بحد ذاته يشكل انجازا وتأكيدا على نجاحه. ولفت بنايان الى أهمية الاستثمار في التعليم فهو أمر أساسي، كون الاستثمار في التعليم هو البوابة نحو التطور الاجتماعي والرفاه الاقتصادي، ويفتح الآفاق أمام شبابنا الذين هم بحاجة الى فرصة لتحقيق الأفضل. وبين ان العناصر التعليميه بجميع مكوناتها تعد وسيلة اساسية للاستثمار في التعليم، ولكن يبقى المعلم هو صاحب الأثر الأكبر الذي يؤثر على الطالب، ذلك ان الدراسات تشير الى ان المعلم له ضعفا التأثير مقارنة بأي عامل آخر. وشدد على أهمية تأهيل المعلمين قبل التحاقهم في الغرفة الصفية، نظرا لوجود عدد من المشاكل التي على المعلم ان يملك القدرة للتعامل معها، من خلال امتلاك استراتيجيات مواكبة للتطور الذي يحدث في العالم بروح انسانية في طريقة التواصل مع الطلبة. وأشار الى وجود دراسات عالمية تؤكد ان التعليم له الأثر المباشر في النمو الاقتصادي، لافتا الى ضرورة الاهتمام بالتعليم بخاصة في المناطق التي يوجد بها نسب بطالة عالية. ونبه الى ضرورة الاهتمام بالطالب في المدرسة قبل وصوله للجامعة، فهي مرحلة هامة ودقيقة يجب ايلاؤها اهمية خاصة، فنحن لا نريد أن يصل الطالب غير مؤهل للجامعة. وحضرت جلالتها حلقة نقاشية حول آليات الانتقال بمنهجية العمل في الصف المدرسي (من ماذا.. الى كيف)، تحدث خلالها الدكتور ياري لافونن استاذ في جامعة هلنسكي، الذي أكد أهمية تحفيز الطالب ليصبح أكثر فضولا ومعرفة داخل الصف المدرسي. وأكدت الاستاذه في جامعة مكغيل رتنا غوش اهمية اكساب المعلمين المهارات التي تمكنهم من التعامل مع خلفيات الطلاب وغرس حب الانتماء، مشيرة الى انه في الوقت الذي اصبح فيه التعليم سلعة تم تجاهل نوعية التعليم في عدد من الدول، الامر الذي يحتاج الى وقفة جادة لمعالجة الامر. وبين ليث القاسم رئيس مجلس ادارة «الاستثماريون العرب» لتنمية الأعمال ان مخرجات التعليم تحدد مستقبلنا لذا علينا ان نسأل انفسنا ما نوع الاقتصاد الذي نريد، مبينا اننا بحاجة الى الابتكار والتجديد لمواكبة متطلبات المرحلة. ولفتت المحاضرة في جامعة دبلن ديدري بتلر الى ان بعض المعلمين يرون في التكنولوجيا عبئا في استخدامها بالتعليم، وعليه يجب تزويدهم بهذه المعرفة ليس بطريقة الضغط انما بالترغيب.
