النسور: عنوان المرحلة المقبلة الارتقاء بالحياة السياسية إلى مستوى الإنجازات الحضارية
على أكثر من صعيد، لافتا الى الالتزام بعلاقة متوازنة بين الحكومة ومجلس النواب خدمة لمصلحة الوطن والمواطن والأهداف السامية للدولة الأردنية.
جاء ذلك، خلال عقد النسور أمس لقاءين مع الأمناء العامين للاحزاب السياسية ورؤساء لجان الخدمات واللجان الاستشارية في المخيمات.
وقال النسور “سنسعى لمساعدة مجلس النواب للنجاح والارتقاء بالاداء السياسي البرلماني وصولا الى استعادة ثقة المواطنين بهذه المؤسسة الدستورية المهمة”، مؤكدا التزام الحكومة بعدم تسليط الأضواء على سلبيات المجلس ومحاولة إضعاف دوره في الحياة العامة.
وأكد أنه أجرى مشاورات نيابية صادقة مع جميع اعضاء مجلس النواب لتشكيل الحكومة المقبلة.
وخلال لقائه بالأمناء العامين للاحزاب السياسية، شدد رئيس الوزراء على ان لا حياة نيابية صحية إلا بوجود حياة حزبية قوية وعميقة في المجتمع، لافتا الى ان قانون الاحزاب يحتاج الى مزيد من التطوير لتجذير الحياة الحزبية وتمكين الأحزاب من القيام بدورها في تنمية الحياة السياسية.
وبشأن قانون الانتخاب لفت رئيس الوزراء الى أن الكرة الآن في ملعب النواب الذين يحق لهم طلب تعديل أي قانون، مشيرا الى انه “غير منحاز للقانون الحالي وللقائمة الوطنية بصيغتها الحالية”.
وأكد أن الحكومة تقدمت بحزمة من القوانين والتشريعات الاصلاحية ومنها مشروع قانون حماية المستهلك الذي يعد من القوانين الافضل على مستوى العالم ومشروع قانون من اين لك هذا وغيرها من التشريعات الإصلاحية.
وبشأن الإصلاح الاداري اكد رئيس الوزراء ان الحكومة اعدت نظاما خاصا لتعيينات شاغلي وظائف الفئة العليا تم نشره في الجريدة الرسمية يراعي الكفاءة في الاختيار.
وحول الشأن الاقتصادي لفت رئيس الوزراء الى ان المشتقات النفطية مسعرة حسب اسعار السوق ويمكن ان ترتفع او تنخفض حسب سعرها عالميا، مبينا أن أسعار النفط العالمية خلال الشهر الحالي تدل على أنها ستنخفض في التسعيرة المقبلة، مضيفا انه سيطلع النواب والقوى السياسية على الارقام والحقائق المتعلقة بالكهرباء لاقتراح الحلول والبدائل الممكنة.
وخلال لقائه رؤساء لجان الخدمات واللجان الاستشارية في المخيمات اكد رئيس الوزراء ان الحكومة المقبلة ستكون للكافة بعيدا عن اي اعتبارات في ادارة شؤون الدولة وسيكون اداؤها بنزاهة مطلقة.
وشدد رئيس الوزراء على ان “ابناء المخيمات هم شريحة مهمة من نسيج مجتمعنا الاردني”، مؤكدا التزام الحكومة بتحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع ابناء الوطن وترسيخ مفهوم الوحدة الوطنية عملا لا قولا.
من جهتهم، وصفت قيادات حزبية لقاء ممثليها بالنسور، بلقاء “العلاقات العامة”، مؤكدة أن لا صلة له بالحوار، فيما رهن حزب جبهة العمل الإسلامي موقفه من الحكومة بتحقيق 12 مطلبا.
ورأت قيادات حزبية أخرى ان اللقاء اتسم بالايجابية والانفتاح.
وحذر ممثلو الأحزاب بحسب ما نقلوا في تصريحات لـ”الغد” الحكومة من مغبة التوجه نحو رفع أسعار الكهرباء، فيما انتقد البعض مداخلة النسور المطولة، مقابل منح كل أمين عام مدة دقيقتين فقط للتعليق، وفقا لهم.
وامتد اللقاء الذي حضره ممثلون عن الأحزاب إلى نحو ساعتين من الزمن، أكد فيه النسور عزم حكومته، بحسب حزبيين، على إعادة فتح قانون الانتخاب ومراجعة قانون الأحزاب السياسية.
في الأثناء، اعتبر أمين عام حزب التيار الوطني صالح ارشيدات، أن اللقاء كان “إيجابيا” وتضمن العديد من القضايا المحورية التي طرحها النسور، في مقدمتها تأكيد ضرورة تعديل قانون الانتخاب والنظام الانتخابي.
وقال ارشيدات لـ”الغد” إن الحديث عن أن اللقاء كان “بروتوكوليا” هو أمر “متوقع”، لكنه يأتي في سياق عمل النسور لاستكمال المشاورات المتعلقة بتشكيل الحكومة، معتقدا أنه يعرف تماما ما هي مطالب الأحزاب السياسية.
ورأى ارشيدات أن هناك ملفات شائكة تواجه السلطتين التشريعية والتنفيذية، ما يستدعي إشراك الاحزاب السياسية في صناعة القرار ومنحهم دورا أكبر.
ودعا أن لا يكتفي النسور بإجراء اللقاء بل المضي قدما في تنفيذ المطالب الاصلاحية لدفع عجلة الاصلاح بالتعاون مع القوى السياسية، وقال “من المنتظر أن تلتزم الحكومة ببرنامج الاصلاح”.
في الأثناء، رهن حزب جبهة العمل الإسلامي موقفه من حكومة النسور الجديدة باثني عشر مطلباً، وسط تأكيده بأن لقاء الرئيس بالأحزاب “لا يعدو كونه جزءاً من حملة علاقات عامة، لإرسال رسالة إلى الداخل والخارج أنه لم يتم تجاهل الأحزاب السياسية”.
ولفت الحزب في المذكرة التي سلمها الأمين العام حمزة منصور للنسور خلال الاجتماع ووصلت “الغد” نسخة منها، أن اللقاء جاء بعد أن حسم الرئيس المكلف خياراته باختيار فريقه الوزاري وبرنامجه الحكومي، لظنه بأن “المجموعات النيابية التي لا تملك برنامجاً ولا رؤية موحدة هي التي تمنحه الثقة ونسي أن الثقة الدستورية لا تعكس الثقة الشعبية”.
وطالب الحزب بإعطاء الأولوية لتعديلات دستورية وقانونية تؤسس لإصلاح بات “ضرورة لا تحتمل التأجيل”، فيما قال إن النظام الانتخابي الذي جرت الانتخابات بموجبه هو “نظام متخلف مناف للمعايير الديمقراطية ولا يفرز كتلاً نيابية حقيقية، ولا يؤسس لحكومة برلمانية حتى لو كان جميع أعضائها نواباً”.
وقال الحزب في مذكرته إن الحديث عن “حكومة برلمانية في غياب النص في الدستور على تكليف كتلة الأغلبية النيابية بتشكيل الحكومة لا يقنع طلاب المدارس.”
وطالب بالإسراع في إصلاحات اقتصادية تعالج “الاختلالات الخطرة” التي يشهدها الوطن سواءً على مستوى التشريعات أو السياسات، داعيا إلى الالتزام بالنص الدستوري الذي يعتمد مبدأ الضريبة التصاعدية، إلى جانب إصلاحات اقتصادية وخفض النفقات الحكومية.
ودعا “العمل الإسلامي” الى وقف سياسة الخضوع لإملاءات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، محذراً من رفع الدعم عن قطاع الكهرباء والماء.
وفيما دعا منصور إلى اعتماد سياسة حازمة في التصدي للفساد، طالب بوقف ملاحقة الإصلاحيين، وعدم الزج بهم إلى محكمة أمن الدولة، وسحب القضايا المقدمة إلى محكمة أمن الدولة بحق المطالبين بالإصلاح، والإفراج عن الأشخاص الذين أكملوا مدة محكوميتهم، وفي مقدمتهم الجندي أحمد الدقامسة، والمفكر السلفي أبو محمد المقدسي.
وحث على ضمان حق المواطنين، وفي مقدمتهم المطالبون بالإصلاح، في التعبير السلمي، واعتبار الحراك الشعبي ظاهرة صحية.
وطالب باعتماد سياسة حكيمة في معالجة ظاهرة العنف التي “اتسعت في السنوات الأخيرة”.
كما طالب منصور، بترجمة وعد النسور بأن تكون حكومته ذات ولاية عامة، “تضطلع بمسؤولياتها التنفيذية، بعيداً عن هيمنة بعض الأجهزة الأمنية”.
وفيما يتعلق بدور الأحزاب، طالب النسور بإعادة النظر في الموقف الرسمي من الأحزاب السياسية.
وتوافق عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية عبد المجيد دنديس على وصف لقاء النسور بـ”العلاقات العامة والبروتوكولي”، قائلا إن هناك إجماعا على رفض رفع أسعار الكهرباء التي لوح الرئيس برفعها، وفقا له.
وقال دنديس الذي حضر اللقاء ممثلا عن الحزب لـ”الغد” إن الرئيس قدم شروحا و”تبريرات لسياسية الحكومة وقراراتها، فيما منح لكل أمين عام حزب دقيقتين فقط مقابل مداخلة قاربت الخمس والأربعين دقيقة له”.
من جهته ايضا، اعتبر الأمين العام للحزب الشيوعي الدكتور منير حمارنة في تصريح لـ”الغد” أن اللقاء “لا يرتقي إلى مستوى الحوار”، واصفا إياه بـ”العلاقات العامة”، فيما أشار الى أن الرئيس وعد بإجراء لقاءات دورية مع الأحزاب السياسية لاحقا.
وتباينت مواقف الأحزاب السياسية من قضية توزير النواب في الحكومة، فيما طالب عدد محدود من ممثلي الأحزاب النسور بإشراك الأحزاب السياسية في الحكومة المقبلة.
ودعا رئيس حزب الاتحاد الوطني النائب محمد الخشمان خلال اللقاء رئيس الوزراء، إلى اعتماد تمثيل عادل في الحكومة المرتقبة للأحزاب السياسية، لتعزيز المسار الإصلاحي الذي يقوده الملك.
وقال الخشمان ان التحدي الحقيقي الذي يواجه الاردنيين اليوم هو تجذير ثقافة الديمقراطية، لافتا الى ان هذا غير ممكن التحقيق بدون تجذير التجربة الحزبية وتمكينها.
وقال، بحسب بيان صدر عن الحزب عقب الاجتماع وصلت “الغد” نسخة منه، إن حزب الاتحاد لن يبخل في تقديم المساعدة للحكومة المرتقبة.
وأعرب الخشمان عن تقديره ان الوقت قد حان لقانون جديد يدعم قيام ثلاثة تيارات متماسكة برامجية حزبية تمثل (اليسار- اليمين – الوسط) وحسب وزن كل تيار في الشارع، لتكون قاعدة تشكيل السلطة التنفيذية ضمن مفهوم الحكومات البرلمانية الحزبية مستقبلا، بعيدا عن فكر وسيطرة الفكر الخدماتي على حساب التخطيط الاستراتيجي للخروج من الأزمة الحالية.