علاقات التعاون الثنائي، والتطورات الراهنة في المنطقة، خصوصا المستجدات على الساحة السورية، وجهود تحقيق السلام وفقا لحل الدولتين.
وأكد جلالته والرئيس غول، خلال لقاء ثنائي، حضرته جلالة الملكة رانيا العبدالله وعقيلة الرئيس التركي خير النساء، تبعه اجتماع موسع، على مواصلة الجهود الهادفة إلى تعزيز علاقات التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية، والسياحية، والطاقة، والنقل، ومشاريع البنى التحتية.
وقال جلالة الملك إن العلاقات الأردنية التركية هي نموذج للعلاقات القوية في منطقة الشرق الأوسط، والتي تتطور وتنمو خدمة للمصالح المشتركة للشعبين الشقيقين.
وبين جلالته أن هناك فرصة لتطوير التبادل التجاري، والذي وصل الى نحو 900 مليون دولار، مشيرا في هذا الصدد إلى وفد رجال الأعمال الأردني الذي يزور تركيا حاليا، والفرص المتاحة أمامه لتعميق تعاونه مع رجال الأعمال الأتراك.
وأضاف جلالته أن نموذج الاقتصادي التركي له مكانة كبيرة عالميا، ويخطو الى الأمام بنتائج ملموسة وقوية.
وهنأ الرئيس غول جلالة الملك خلال المباحثات الموسعة على نموذج الإصلاح الأردني الذي يقوده جلالته، مشيدا بالرؤية القوية لجلالته وقيادته الحكيمة للجهد الإصلاحي، وحرصه على إشراك المواطنين في صنع القرار.
وقدر الرئيس التركي عاليا الورقة النقاشية الثالثة التي كتبها جلالته، فضلا عن الورقتين النقاشيتين السابقتين، معتبرا ان هذه الأوراق مؤشر حقيقي على رؤية جلالة الملك الإصلاحية.
وقال الرئيس غول “من المهم أن يتماشى مسار الإصلاح السياسي مع الحفاظ على الاستقرار والأمن، وهذا ما تميز به النموذج الأردني”، مشيدا بنزاهة وشفافية الانتخابات البرلمانية الأردنية وحسن إدارتها وتنظيمها.
وأثنى الرئيس التركي على سياسات الأردن الاقتصادية التي بدأت بالخروج من سياسة الدعم المباشر للسلع نحو إعادة توجيه الدعم لمستحقيه وللطبقات التي تحتاجه، مؤكدا أن أحد الأسباب الرئيسية لنجاح التجربة الاقتصادية التركية قبل عقدين من الزمان هو تبني هذه السياسات من خلال توجيه الدعم للطبقات التي تستحق، وهذه أحد أهم الأسباب التي ساهمت في بناء اقتصاد تركي قوي.
وشكر الرئيس غول جلالة الملك على استضافة الأردن لوفد من كبار الإعلاميين الأتراك قبل الزيارة، والذي نتج عنه تغطية ايجابية للعلاقات بين البلدين، والفرص المتاحة لتعميق التعاون في مختلف المجالات، خصوصا الاقتصادية والثقافية.
وتناولت المباحثات الموسعة، التي حضرها كبار المسؤولين في البلدين، آليات التنسيق والتشاور حيال القضايا الإقليمية والدولية الراهنة، وفي مقدمتها الوضع المتأزم في سوريا، وجهود تحقيق السلام في الشرق الأوسط وصولا إلى حل شامل للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني.
وفي تصريحات للصحافيين بعد المباحثات، عبر جلالة الملك عبدالله الثاني عن شكره للرئيس غول والرئاسة التركية على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
وقال جلالته “إن مباحثاتي اليوم مع الرئيس التركي شملت مواضيع عديدة، وكانت مثمرة للغاية، حيث تأتي زيارتي الى تركيا في وقت مهم تعيشه منطقة الشرق الأوسط”.
وأكد جلالة الملك أنه وبالرغم من التحديات المشتركة التي تواجه الأردن وتركيا، والتي جاءت نتيجة للتوترات والصراعات التي تشهدها المنطقة، “إلا أنه ومع هذه التحديات تأتي الفرص، وأحد أهم أهداف زيارتي الى تركيا هو تطوير العلاقات الثنائية والاستفادة من الميزات التي تجمعنا، خصوصا اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، وكذلك التعاون المثمر والذي نعمل على تعزيزه في مجالات استراتيجية، أهمها التجارة، وقطاع تكنولوجيا المعلومات، والسياحة، والصناعة، والطاقة، والمياه”.
وحول القضايا الإقليمية، أكد جلالته في تصريحاته أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يشكل جوهر عدم الاستقرار في المنطقة، “وعلى المجتمع الدولي مضاعفة جهوده لإعادة إطلاق المفاوضات وبسرعة بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس حل الدولتين، الذي يشكل السبيل الوحيد للوصول الى سلام عادل وشامل ودائم”.
وعبر جلالته عن القلق العميق من التهديدات التي تواجه مدينة القدس والأماكن المقدسة فيها، مؤكدا أن الأردن سيستمر في بذل جهوده لحماية هوية المدينة المقدسة وأماكنها التاريخية الإسلامية والمسيحية، ومقدرا الدعم التركي في هذا المجال.
وقال جلالة الملك أنه جرى خلال المباحثات مناقشة الأزمة السورية، مشيرا الى الحاجة الملحة لإيجاد حل سياسي شامل لها يضع حدا لسفك الدماء، ويعيد الأمن والاستقرار الى سوريا، ويحفظ وحدتها، أرضا وشعبا.
وبين جلالته أن هذا الحل يجب أن يكون جامعا، وأن يؤدي إلى وقف جميع مظاهر الصراع الطائفي ويجنب سوريا أي انقسام، محذرا جلالته من العواقب الوخيمة لهذا الأمر على الشعب السوري والمنطقة ككل.
من جانبه، أكد الرئيس غول خلال تصريحاته للصحافيين عمق العلاقات التاريخية التي تربط الأردن وتركيا، مرحبا بجلالة الملك والوفد الأردني.
وقال إن الأردن وتركيا يحظيان بعلاقات صداقة قوية، “ونحن حريصون على تطويرها في مختلف المجالات”.
وأضاف أن وفدا من رجال الإعمال الأردنيين سيلتقي على هامش زيارة جلالة الملك بنظرائهم الأتراك ما يتيح فرص تطوير التعاون بين القطاع الخاص في البلدين.
وقال الرئيس غول إن تركيا والأردن يتشاركان في تحمل تداعيات تدفق اللاجئين السوريين، حيث وصل عددهم في تركيا الى ما يزيد على 180 ألفا، بينما الرقم في الأردن أكبر من ذلك بكثير.
وحضر المباحثات الموسعة عن الجانب الأردني رئيس مجلس النواب المهندس سعد هايل السرور، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي الدكتور فايز الطراونة، ووزير الخارجية ناصر جودة، ومدير مكتب جلالة الملك عماد فاخوري، والسفير الأردني في أنقرة أمجد العضايلة.
فيما حضرها عن الجانب التركي وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، وعدد من كبار المسؤولين.
وجرى لجلالة الملك والملكة استقبال رسمي في باحة القصر الرئاسي، حيث عزفت الموسيقى السلامين الملكي الأردني والجمهوري التركي، وأطلقت المدفعية واحدا وعشرين طلقة، ومن ثم قام جلالته والرئيس غول باستعراض حرس الشرف الذي أصطف لتحيتهما.
يشار إلى أن آخر زيارة للرئيس التركي الى الأردن كانت في كانون الأول من العام 2009.

من جهة اخرى، بحث جلالة الملك عبدالله الثاني خلال زيارته اليوم الى الجمعية الوطنية التركية، ولقائه رئيسها جميل جيجك وأعضاء الجمعية، الوسائل الكفيلة بتعزيز التعاون البرلماني بين البلدين، بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين، إضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأكد جلالته، خلال اللقاء الذي حضره رئيس مجلس النواب المهندس سعد هايل السرور، عمق العلاقات التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين، مشيرا إلى حرص الأردن على تطوير العلاقات الأردنية التركية، وتبادل الخبرات بين البلدين في المجالات التشريعية.
من جانبه، شدد رئيس الجمعية الوطنية التركية على متانة العلاقات الأردنية التركية، معربا عن حرص الجمعية على التواصل مع أعضاء البرلمان الأردني، وبحث سبل الاستفادة من تجارب البلدين البرلمانية، خصوصا في ضوء التقارب الثقافي والتاريخي بين الشعبين الشقيقين.
واستعرض جلالة الملك خلال اللقاء جهود الإصلاح التي يقوم بها الأردن في مختلف المجالات، مبينا أن الانتخابات النيابية الأخيرة جاءت كخطوة أساسية على طريق الإصلاح، الذي يعزز المشاركة الشعبية في صنع القرار، ويسهم في بناء غد أفضل لجميع الأردنيين.
واستمع جلالته خلال اللقاء، الذي تخلله مأدبة غداء أقامها رئيس الجمعية الوطنية التركية تكريما لجلالته والوفد المرافق، إلى إيجاز حول العملية البرلمانية التشريعية في تركيا. وأشاد جيجك بمسيرة الإصلاح الأردنية، والتي تعد نموذجا في تدرجها وشموليتها، مشيدا في هذا السياق برؤية جلالة الملك الإصلاحية، وقدرة الأردن على المضي قدما في الإصلاح على مختلف المسارات.
وأشار إلى علاقة الصداقة المتينة والتاريخية بين الأردن وتركيا، لافتا إلى أن زيارة جلالة الملك ستساعد في تعميق هذه العلاقة.
وتناول اللقاء عددا من القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها جهود تحقيق السلام العادل والشامل، والذي يضمن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة استنادا الى حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. وأكد جلالة الملك ضرورة الحفاظ على هوية القدس، وحماية مقدساتها الإسلامية والمسيحية من التهديدات الإسرائيلية، مشيرا جلالته إلى المسؤوليات التاريخية التي يتحملها الأردن في الحفاظ على هذه المقدسات.
وأشاد جيجك بدور المملكة في دعم جهود تحقيق السلام، ومساعدة الأشقاء الفلسطينيين على نيل حقوقهم المشروعة، مثمنا الجهود الأردنية الموصولة في الحفاظ على المقدسات في مدينة القدس.
كما تطرق اللقاء الى الأزمة السورية، حيث استعرض جلالته وجيجك التحديات التي تواجه الأردن وتركيا، كدولتين جارتين لسوريا، في التعامل مع تبعات تدفق اللاجئين السوريين، وتقديم خدمات الإغاثة الإنسانية لهم.
وفي مقابلة لـ (بترا) مع رئيس الجمعية الوطنية التركية جميل جيجك، قال إن زيارة جلالة الملك مهمة ولها فوائد كثيرة، وستسهم في تطوير العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين.
وبين أن الأردن وتركيا الأكثر تأثرا من التطورات في المنطقة، وتأتي زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني الى تركيا في فترة حرجة تمر بها المنطقة.
وأكد رئيس الجمعية أن الزيارات المتبادلة ستعزز العلاقات بين البلدين، ومنها العلاقات البرلمانية.
وفيما يتصل بالقضية الفلسطينية، أشار جيجك إلى معاناة الشعب الفلسطيني، وسلب حقوقه وتهجيره من أراضيه، لافتا إلى أن التعنت في الموقف الإسرائيلي هو العائق أمام التوصل الى حل عادل. وبخصوص الأزمة السورية، قال إن هذه الأزمة جاءت لتزيد من التعقيد في المنطقة، والأردن وتركيا الأكثر تحملا لنتائج الأزمة كونهما يستقبلان أعدادا كبيرة من اللاجئين، ما زاد من الأعباء الاقتصادية عليهما.