0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

وزير الخارجية الألماني: الاردن لن ينجو من انهيار سوريا

على جيرانها وعلى راسهم الاردن والعراق ولبنان .

جاء ذلك في مقال نشره بصحيفة \’سوددويتشيه تزايتونغ\’ الألمانية بعنوان \’الربيع بالعربية\’ قال فيه ان استمرار الأزمة السورية سيؤدي إلى أن ينهار النظام كلياً. وستكون سوريا في هذه الحالة مهددة بالتفسخ وعدم الاستقرار ويشعل حربا اهلية طاحنة بين طوائف دينية وأثنية ناهيك ان وقعت الأسلحة بيد الأطراف المتطرفة، فإن حرباً طاحنة ستكون شبه حتمية.

ويرى فيشر ان هذا الوضع لن تنجو منه العراق والأردن ولبنان. أما مستقبل سوريا فسيكون أسوأ من الوضع في ليبيا بكثير . وتابع الربيع العربي لم يجلب لشعوب المنطقة سوى الفقر والحقد بين الفئات الدينية والعرقية. ومعه أصبحت الحدود غير مستقرة وما زالت شعوب بلا دول. كما أضاف بأن أوروبا تقع إلى جانب برميل بارود يمكن أن ينفجر في أي لحظة .

مر ما يزيد عن العامين على بدء التحولات الكبيرة التي عصفت بالعالم العربي. وكان القاصي والداني يتحدث عن الربيع العربي. اليوم يكاد المرء لا يجد من ينبس بكلمة \’الربيع\’ في العالم العربي، حسب قول وزير الخارجية الألماني السابق. ويعزي فيشر هذا الأمر إلى الحرب الأهلية في سوريا وإنتشار الإسلام السياسي حتى في ظل الانتخابات الحرة التي تزامنت مع الأزمات السياسية والإقتصادية الحادة في مصر وتونس. هذا إلى جانب عدم الاستقرار في العراق والتخوف مما قد يحل بالأردن ولبنان، إضافة إلى التهديدات الناجمة عن البرنامج النووي الإيراني .

ويعتقد فيشر أن المحيط الخارجي لهذه المنطقة سواء كان من الشرق أو الغرب، أي أفغانستان والمغرب بما في ذلك منطقة الساحل الأفريقي والصحراء الجنوبية والسودان يزداد سوء يوماً بعد يوم. ويشير فيشر إلى الوضع غير المستقر في ليبيا، معتبراً أن تنظيم القاعدة أصبح يحل ويربط هناك كما هو الحال في مالي أيضاً، وقد تّعلم هذا التنظيم من تجربته في أفغانستان. ويمكن القول، حسب رؤية فيشر، إن الانسحاب الأمريكي وانسحاب حلف الناتو من أفغانستان عام 2014 سيؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار في المنطقة وتزايد العنف. وقد يكون من الصعب التكهن بما يمكن حصوله في الأشهر والسنوات التي ستلي الانسحاب .

من الخطأ أن يعتقد المرء بأن الثورات تؤدي دائماَ إلى انتصار الحرية وتحقيق العدالة الاجتماعية، فقط لمجرد أنها أسقطت دكتاتورية النظام السابق. وعلى ما يبدو أن هذا المنطق هو السائد في القطاعات الشعبية الواسعة والقابلة للرضوخ لتأثير الإسلام السياسي. ويقول فيشر في مقاله إن الثورات لم تأت في المعتاد بشيء إيجابي وهذا ما علمنا إياه التاريخ. ويعلل ذلك بالقول إن الثورات تؤدي في العادة إلى سقوط سلطة قمعية ما وفي الوقت نفسه يسقط معها النظام السابق، فاتحاً المجال لصراع جديد على السلطة من أجل نظام جديد، غالباً ما يكون عنيفاً. ولا يقتصر الأمر بالطبع على السياسة الداخلية لبلد ما، بل يشمل السياسة الخارجية أيضاً. وهكذا تنشأ المراحل الخطيرة من تاريخ تلك البلدان، حسب قول فيشر .

ولا شك أن هناك حالات استثنائية في التاريخ كما هو الحال في جنوب أفريقيا، حيث حصل هذا الانتقال بفضل نيلسون مانديلا. ولو لم يتوفر شخص مثل مانديلا لأصبح الأمر في جنوب أفريقيا لا يختلف عما هو الحال عليه اليوم في زيمبابوي .

وعلى الرغم من أنه من الصعوبة مقارنة العالم العربي بشرق أوروبا، حيث جاء التغيير في شرق أوروبا من الخارج المرتبط بظروف الحرب الباردة التي سبقت ذلك، أما في العالم العربي فقد تداخلت عدة عوامل داخلية وخارجية، إلا أن بلدان شرق أوروبا وبلدان العالم العربي تجتمع في مطالبها التي تنادي بالديمقراطية والحرية وإقتصاد السوق الحر والأمن والاستقرار. وبينما كانت الشعوب في أوروبا الشرقية ترفض العودة للنظام السوفييتي السابق، فإن الشعوب العربية ترفض العودة للدكتاتورية السابقة، حتى وإن لم تحقق البديل المنشود .

لكن فيشر يرى الأفق أمام بلدان العالم العربي مظلماً والمستقبل قاتماً. والسبب في رؤية فيشر التشاؤمية هذه يعود إلى عدم وجود قوة محلية أو إقليمية أو عالمية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، قادرة على إيجاد نظام مستقر ولو جزئياَ في هذه المنطقة أو حتى التأثير الفعلي فيه. ويضيف فيشر بأنه لا توجد أيضاً أية قوة مستعدة للمغامرة في المنطقة .

يصل فيشر إلى نتيجة بضرورة تقديم الدعم لقوة إقليمية في المنطقة قادرة على وضع حد للفوضى الحالية ومنع تفاقمها، لأن مثل هذه الفوضى يمكن لها أن تؤدي إلى زيادة المخاطر المحدقة بالسلام الدولي .

إذاً ما هي الأسباب التي تجعل من هذه المنطقة عصية على التغيير والاستقرار، بالرغم من ضرورة الملاحظة بأن هناك بعض المناطق العربية وإن كانت جغرافياً محدودة المساحة، إلا أنها تنعم باستقرار ما؟

 

يتطرق فيشر إلى مسألة الفقر والتخلف والقمع والتنامي السكاني والاضطهاد الديني والعرقي ووجود شعوب كالأكراد والفلسطينيين بلا دولة حتى اليوم، وعدم أمان واستقرار الحدود التي تعود في رسمها إلى عهد الاستعمار الفرنسي والبريطاني باستثناء إيران ومصر. ويشكك فيشر في شرعية تلك الحدود. لكنه يشير إلى ظاهرة ملفتة للنظر في المنطقة، ألا وهي طموح بعض الدول للحصول على دور إقليمي ما مؤثر كالسعودية وقطر، التي يرى في دورها بعض من الخطر. ويقول إن هذه التناقضات بدأت تتفجر اليوم أمامنا في سوريا .

ويحذر فيشر من تفكك سوريا وانهيارها معتبراً أنه في حال حصول ذلك، فستكون المنطقة كلها مهدد بالبلقنة. وفي الوقت الذي يبدو فيه التدخل العسكري بسوريا غير وارد، إلا في حال التدخل من أجل تأمين الأسلحة الكيماوية، ولكن مثل هذا التدخل سيكون لفترة محدودة جداً، وكل الأطراف تحاول تجنب هذا الأمر. ويعزو فيشر ذلك إلى معرفة كافة الأطراف بأنه يترتب على أي تدخل في سوريا حرباً أهلية طاحنة وضرورة ترتيب أوراق المنطقة وإيجاد حل لكافة المسائل العالقة وهي كثيرة جداً وصعبة الحل. إن أي تدخل في سوريا سيؤدي إلى اصطدام مع الجيش السوري النظامي وبالتالي مع روسيا ومع حزب الله وإيران. ناهيك عن خشية كافة الأطراف من نشوب حرب تكون فيها إسرائيل طرفاً. وهنا تبدو مأساة الشعب السوري واضحة تماماً .

إويتوقع ن وزير الخارجية السابق، يوشكا فيشر، الذي يعد من العارفين بالمنطقة وأحوالها استمرار الأزمة السورية إلى أن ينهار النظام كلياً. وستكون سوريا في هذه الحالة مهددة بالتفسخ وعدم الاستقرار والحرب الأهلية الطاحنة بين طوائف دينية وأثنية وفي حال وقعت الأسلحة بيد الأطراف المتطرفة، فإن حرباً طاحنة ستكون شبه حتمية. ومثل هذا الوضع سيؤثر على العراق والأردن ولبنان. أما مستقبل سوريا فسيكون أسوأ من الوضع في ليبيا بكثير .

ويتساءل فيشر ماذا سيحصل للأكراد وللفلسطينيين والمسيحيين والدروز وبعض الطوائف المسلمة الصغيرة؟ وماذا سيحل بالعلويين؟ إن فيشر يتوقع مستقبلا دموياً خطيراً ولا يجد أي إجابة عن أسئلة كثيرة. ويقول إنه من الواضح أن الفرص لحل دبلوماسي ضعيفة جداً .

هذه النظرة التشاؤمية ليوشكا فيشر تعني من منظوره الخاص أن الشرق الأوسط سيمر ولفترة طويلة بمرحلة عدم استقرار وسيحتاج زمناً طويلاً حتى يتمكن من إيجاد نظام آمن لا يشكل خطراً على جيرانه. ومن بين جيران هذه المنطقة أوروبا، وهذا ما لا يجوز نسيانه! ويختم فيشر محذراً من تبعات ما يجري في الشرق الأوسط على أوروبا