الطراونة يلتقي النواب المستقلين
بهدف الوصول إلى توافق لاختيار رئيس الوزراء القادم
وكان الدكتور الطراونة اختتم يوم أمس الجولة الأولى من المشاورات، التي شملت الكتل النيابية الثمانية وهي كتل: وطن، والتجمع الديمقراطي للإصلاح، والمستقبل، والوعد الحر، والوفاق، والوسط الإسلامي، والاتحاد الوطني، والنهج الجديد.
واستمع رئيس الديوان الملكي الهاشمي، الذي استند في المشاورات إلى تكليف جلالة الملك عبدالله الثاني بعد افتتاح مجلس الأمة السابع عشر، إلى وجهة نظر النواب المستقلين حول طبيعة المرحلة القادمة، ورئيس الوزراء والحكومة القادرة على تحمل المسؤولية خلالها.
وأكد الدكتور الطراونة أن نهج المشاورات، الذي اختاره جلالة الملك لإشراك مجلس النواب في عملية صنع القرار، هو نهج جديد ضمن إطار مؤسسي يصب في تعزيز العملية الإصلاحية الشاملة، التي تبناها جلالة الملك للمضي قدما في بناء الأردن الحديث والنموذج.
وأوضح أن جلالته يعول كثيرا على أعضاء مجلس النواب، وعلى هذه العملية التشاورية لاختيار رئيس الوزراء، الذي عليه بعد ذلك الدخول في مشاورات مع المجلس حول تشكيلة الحكومة القادمة وبرنامجها.
وتحدث رئيس الديوان الملكي الهاشمي عن الأوضاع الراهنة والتحديات السائدة في المنطقة، ودور الأردن المحوري تجاهها بقيادة جلالة الملك، الذي يعمل باستمرار على تقوية وتعزيز هذا الدور الذي يستند إلى جبهة داخلية قوية ومتماسكة تحقيقا للمصالح الوطنية العليا.
من جانبهم، استعرض النواب المستقلون الصفات التي يجب توفرها في رئيس الوزراء القادم، الذي يجب أن يكون لديه برنامج شامل يعالج مختلف التحديات، انطلاقا من الحرص على مصلحة الوطن والمواطن، وصاحب خبرة كبيرة في العمل العام، خصوصا في المجالين السياسي والاقتصادي.
وتباينت أراء النواب المستقلين حول مفهومهم للحكومة البرلمانية، فمنهم من رأى ضرورة أن تنبثق بالكامل من رحم البرلمان، فيما رأى البعض الأخر أن مثل هذه الحكومة يجب أن تكون نصف برلمانية وتضم وزراء من ذوي الكفاءة والخبرة، في حين ارتأى نواب آخرون أن تكون من خارج مجلس النواب.
وأشاد النواب المستقلون بنهج المشاورات مع مجلس النواب، وصولا إلى اختيار رئيس الوزراء، معتبرين أن ذلك خطوة على الطريق الصحيح تسجل لجلالة الملك لبناء الأردن النموذج، ومؤكدين ضرورة إعادة الثقة بمؤسسات الوطن، التي هي السبيل لتعزيز هيبة الدولة.
وتحدثوا عن التحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن وضرورة أن يتصدر الهم الاقتصادي وكيفية التعامل معه أجندة الحكومة القادمة، داعين في ذات الوقت إلى أن تسود روح التعاون والتشاركية والتكاملية بين جميع السلطات، خصوصا في هذه المرحلة من تاريخ الوطن، ومحاربة الواسطة والمحسوبية والشللية، واعتماد النهج المؤسسي القائم على تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة بين جميع فئات المجتمع.
وأكدوا أهمية المحافظة على أمن واستقرار الوطن، وترسيخ الوحدة الوطنية، وتماسك الجبهة الداخلية، وتعزيز استقلالية القضاء ونزاهته، وضبط النفقات، والاهتمام بقطاع التربية والتعليم ورفع سويته، والتصدي لمشكلتي الفقر والبطالة، وتطوير النظام الداخلي لمجلس النواب، وأن يكون هناك نظام داخلي لآلية عمل أعضاء الفريق الوزاري.
وتناول النواب المستقلون التحديات الراهنة في المنطقة وتطورات الأوضاع فيها، خصوصا مستجدات الأزمة السورية وتداعياتها الخطيرة، بما في ذلك الأعباء الكبيرة المترتبة على الأردن جراء استضافته لأعداد كبيرة من اللاجئين السوريين.
وشارك في اللقاء النواب المهندس عبد الهادي المجالي، عبد الكريم الدغمي، محمود الهويمل، ياسين بني ياسين، محمود الخرابشة، فواز الزعبي، إبراهيم العطيوي، عبدالله عبيدات، الدكتورة رولا الفرا الحروب، والدكتور أحمد الرقيبات.
وقال الدكتور الطراونة في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية بترا بعد اللقاء “إن تكليف جلالة الملك لي مع الفريق العامل في الديوان الملكي الهاشمي جاء مباشرة بعد خطاب العرش السامي لبدء المشاورات، التي وعد بها جلالته البرلمان والشعب الأردني في سلسلة من أوراق العمل والتصريحات”.
وأشار إلى أن حكومة الدكتور عبدالله النسور قد قدمت استقالتها بعد الانتخابات مباشرة، وقد طلب جلالة الملك من الحكومة الاستمرار بتولي مسؤولياتها، ودعا إلى عملية التشاور، “أي أن هناك حكومة ستكون في إطار التشكيل برغبة صادقة بإحداث التغيير، وفقا لمنهجية جديدة، لتشكيل الحكومات، وبالتالي عملها”.
وقال الطراونة إن جلالة الملك أمر بإجراء عملية التشاور في قصر بسمان، الذي آثر أن يشرك ممثلي الشعب الأردني فيها.
وأِشار الطراونة إلى “أننا بدأنا بالكتل النيابية التي كانت إحدى المؤشرات الإيجابية لهذا المجلس، لأنها تكونت حتى قبل الدعوة للدورة غير العادية وبالفترة ما بين الانتخاب وما بين الدعوة للدورة غير العادية، فتشكلت، وكانت ما تزال في حالة حراك، وعندما بدأنا بعد خطاب العرش، كان الاتفاق مع رئيس مجلس النواب أن تسجل هذه الكتل حتى تكون رسمية حسب النظام الداخلي لمجلس النواب، الذي نحترم لأنه جزء من التشريع”.
وأوضح أنه “عند استكمال وتسجيل الكتل، بدأنا بعملية التشاور معها، ثم التشاور مع النواب المستقلين، مشيرا إلى أن 140 نائبا من أصل 150 قد تكتلوا في كتل نيابية، وهذا مؤشر إيجابي مع التمني أن تكون الكتل أقل من ذلك، لتصل إلى ثلاث أو أربع، وهذا يعطي زخما أكبر، ولكنها بداية طيبة”.
وقال الطراونة إن “نسبة الحضور من كل الكتل كانت نسبة عالية جدا، وكان هناك تفاعل كامل من أعضاء مجلس النواب، وهو دلالة على احترامهم الكبير لجدية التوجه الملكي في هذا الخصوص”.
وتابع أن كل كتلة مثلها بالحديث رئيسها، ومع ذلك أعطي لكل شخص من أعضاء الكتل في تلك الجلسات الحديث بشمولية، “وكان الحديث يتشعب إلى خارج الإطار المرسوم لهذا التشاور، بمعنى تعدى موضوع شخص الرئيس إلى مفهوم الحكومة والمواصفات التي يتمتع بها رئيس الوزراء أو الطاقم الوزاري، والى تعريف الحكومة البرلمانية والتفريق ما بين الحكومة البرلمانية والدستورية والنيابية، ووضع مواصفات عامة وإلى تسمية محددة”.
وأشار إلى أنه تم تسجيل جميع التشاورات مع الكتل، وبالتالي “لدينا محاضر اجتماعات كاملة لما قيل سواء كان تعبيرا عن الكتلة أو عن الأفراد، وسنزود عند الانتهاء من المشاورات كل كتلة بمحضرها، وبالتالي هذا الأمر سينقل ويرفع إلى جلالة الملك بكل أمانة وحيادية وموضوعية وحرفية عن موقف كل كتلة”.
وأشار الطراونة إلى انتهاء المرحلة الأولى من المشاورات اليوم، وقال إن أراد الأخوة النواب كتلا أو تآلفات من الكتل أن يدعو إلى جلسة أخرى، “فستكون الأولوية الأولى في كل أعمالنا لهذا الطلب، ونحن تحت التصرف في أي وقت يريدون”.
وقال “إننا نعلم ونسمع أن هناك حراكا في أروقة مجلس النواب الآن ما بين الكتل لمحاولة التوصل إلى تآلفات، أو إلى توافقات فيما يتعلق بالمواقف التي كانت متعددة ومتشعبة”، التي إذا جمعت قد تشكل أغلبية برلمانية.
وأضاف رئيس الديوان الملكي أنه يجب أخذ عامل الوقت في عين الاعتبار خلال عملية التشاور، لكنه أكد “أننا لسنا بمأزق سياسي ولا طائفي ولا جهوي ولا أي شيء آخر، يمنعنا من الوصول إلى توافقات من خلال ممثلي الشعب”.