عاجل

تعرض سيدة للضرب والشتم والمنع من الدراسة وأخرى للإهانة .. تفاصيل مؤلمة

وكالة الناس – حياة صعبة وقاسية تلك التي فُرضت على العشرينية رند صالح بسبب تعرضها الدائم للضرب والشتم والإهانة من قبل زوجها. هي ولأنها لم تجد من يحميها من أذاه وقسوته رضيت أن تكون امرأة معنفة مكسورة ليس لها الحق في أن تبدي رأيها في أبسط الأمور.

استطاعت رند أن تتيقن من السبب والذي يعود لتنشئتها وهي صغيرة في بيت أهلها وشكل المعاملة المهينة التي كانت تتلقاها من أبيها وإخوتها، وتسلطهم عليها الذي أضعفها وأشعرها بأن البنت ليس لها منفذ إلا الزواج.

رند حرمت من إكمال دراستها لأسباب كثيرة أولها أن أهلها يربطون بين الدراسة والتمرد فهم يعتقدون أن البنت كلما تعلمت كلما أصبح من الصعب السيطرة عليها، وهذا كله انعكس عليها سلبا بعد الزواج، إذ أن تعودها على العنف جعلها أكثر استسلاما ورضوخا لزوجها الذي لم يزده ذلك إلا قسوة.

افتقادها للسند وعدم وقوف أهلها إلى جانبها، أضعفا من موقفها أمام زوجها ودفعه لأن يستغل هذه النقطة لصالحه.

قصص كثيرة تختبئ خلف تلك الأبواب الموصدة، تحمل بين تفاصيلها مشاعر من الذل والمهانة والخوف لنساء معنفات اخترن أن يلتزمن الصمت فهن لم يجدن من ينصفهن ويساندهن وافتقادهن للدعم المعنوي والمادي.

ذلك أرغمهن على أن يكن ضحايا لظلم الزوج ولثقافة المجتمع التي زرعت في عقل الرجل أفكارا تبرر استبداده وقسوته وتعطيه كامل الحق لأن يتمادى على زوجته أو ابنته أو أخته فقط لأنه المسؤول الأول عنها وذلك بحجة تقويمها أو تربيتها، متناسيا أن هذه المرأة لها مشاعر وأحاسيس ومن حقها أن تحترم وتقدر.

سمر بسام هي أيضا امرأة منعتها أمومتها وحبها لأطفالها من أن تدافع عن نفسها، لكن صمتها لم يستمر طويلا. تقول في البداية كان ضرب زوجها لها وشتمه مرتبطا بمخالفتها الشديدة لآرائه، إلا أن الأمر لم يلبث أن يتحول إلى عادة وجزء من الحياة اليومية وعلى أتفه الأسباب.

وتضيف خوفها على استقرار أبنائها جعلها تبذل كل المحاولات لتغييره، لكن دون جدوى هي أبت أن تظل مهانة خاضعة لاستبداده وأنانيته فلم يكن أمامها سوى اللجوء لأهلها الذين ساندوها في موقفها ولم يتأثروا بكلام الناس ونظرتهم السطحية للموضوع.

وقوف العائلة بجانب سمر، ساهم باسترداد حقها وزاد من قوتها ومكنها من أن تواجه كل من تسول له نفسه بتسخيف قضيتها واعتبارها أمرا طبيعيا. وتبين مساندة الأهل لابنتهم نقطة مهمة جدا تحد من العنف ومن تفاقم المشكلات التي قد تصل إلى القتل أحيانا والتسبب بعاهات دائمة للمرأة المعنفة.

الأخصائي النفسي الدكتور موسى مطارنة يرى أن مهمة الأسرة أساسا توفير السلام والأمان والطمأنينة والمساندة لأبنائها، لافتا إلى أن تعرض الزوجات للعنف من قبل الزوج أمر في غاية الخطورة، ويترتب عليه الكثير من التشوهات النفسية والاجتماعية.

ويضيف أن افتقاد المرأة للدعم والحماية وتنشئتها على بعض المفاهيم الخاطئة التي تغذي لديها الشعور بالاستسلام والرضوخ مثل المرأة لبيتها و كل الرجال بيضربوا ولازم تتحملي مشان أولادك ، كلها عبارات تصنع شخصية مهزوزة ضعيفة لا تملك حق الدفاع عن نفسها شخصية، فترضى بالذل والمهانة وتجهل حقوقها وأهمية أن تكون مصانة كرامتها تحظى بقدر كاف من الاحترام والتقدير حتى تستطيع أن تنجح في بناء أسرة متماسكة متحابة يسودها الدفء والهدوء والأمان.

ويبين مطارنة أن تولد العنف في الأسرة يتسبب حتما في خلق حالة من الرعب والآلام النفسية، كما يسهم أيضا في إشاعة العدائية في المجتمع، وينتج عن ذلك كله أشخاص مشوهين نفسيا يسقطون كل ما عاشوه على محيطهم ويصبح من الصعب السيطرة على تصرفاتهم.

ويلفت إلى ضرورة أن يكون الأهل متفهمين ومساندين لابنتهم لديهم القدرة على تسليحها بأهم الأسس التي تحميها من أي ظلم قد يقع عليها والإصرار على جعلها امرأة قوية تعرف حقوقها جيدا لا تقبل أن تهان كرامتها لأي سبب من الأسباب، كذلك اشعارها بأن لها سندا تتكئ عليه وتلجأ له إذا جارت الحياة عليها يجعلها بالتأكيد تقدر ذاتها وتعيش حياة كريمة بعيدا تماما عن القلق والتوتر والألم.

هذا الشعور تحديدا يزيدها اعتدادا بنفسها ويجنبها الوصول إلى الإيذاء النفسي والجسدي، ويؤكد على أن مسؤولية حماية المرأة من العنف مهمة تحتاج إلى توعية جميع الأطراف وتحديدا المرأة نفسها وتفعيل القوانين حتى تكون رادعة لكل من تسول له نفسه بممارسة العنف.

الأخصائي التربوي الأسري الدكتور عايش نوايسة يقول أن العنف مشكلة خطيرة، منه اللفظي والجسدي والجنسي والنفسي، إذ يترك آثارا كبيرة على نفسية الفتاة وتكيفها الاجتماعي وينعكس على حياتها الأسرية مستقبلا، فالمعنف حتما سيمارس العنف كردة فعل على البيئة التي عاش فيها والتي احتضنت العنف ومارسته، وتتنوع هذه الآثار ما بين آثار نفسية تنعكس على نفسية البنت وثقتها بنفسها وآثارا اجتماعية وصحية وغيرها.

الأخصائية النفسية واستشارية العلاقات الدكتورة سلمى بيروتي تذهب إلى أن الأمان من أهم الحاجات التي ينبغي تلبيتها في العلاقات الإنسانية، ولا سيما في العلاقات الوالدية أو الزوجية، حيث أن ذلك يمنح الابن والابنة والزوج والزوجة قاعدة من الطمأنينة والراحة والسكينة والدعم والسند للجوء إليها طلبا للمساعدة أو التفهم.

ويمكن تعريف الأمان بأنه التحرر من الخوف أو الشعور بالإيذاء بل بالشعور بالانسجام والسلام في العلاقات، حيث يسود الجو النفسي الإيجابي الذي يبعث الراحة والطمأنينة في قلب الإنسان، وفق بيروتي.

والأمان من إحدى أهم الحاجات العلاقاتية الإنسانية التي تمكن الفرد من تحقيق ذاته وإطلاق إمكاناته والمواهب الكامنة لديه.

ويتضمن الأمان مشاعر الراحة والسلام والثقة بالذات والشعور بقوة الإحساس بالاندماج، إذ يخلو من التهديد أو العنف بأشكاله. وأنواعه مادي عاطفي جسدي، وبالنسبة للأمان الجسدي فهو مطلب إنساني أساسي في جميع أنواع العلاقات لأنه أساس البنية النفسية الصحيحة للفرد.

وتشير بيروتي الى أن وجود مصدر للأمان في حياة الإنسان يشعره بأنه ليس لوحده بل هناك من يلجأ إليه عندما يواجه تحديات أو الرياح العاصفة العاتية، ومعرفة أن هناك مصدرا متواجدا لدعمنا يقف إلى جانبنا ويدافع عنا ويحمينا من لدغات الحياة السامة التي نتعرض لها أحيانا من بعض البشر.

الى ذلك، فإن غياب عنصر الأمان والتعرض للعنف قد يسلبنا إيماننا بأنفسنا وبمن حولنا، فنشعر بالخوف والتوتر والحذر بشكل دائما ويجعلنا متأهبين قلقين، كما يزرع الشك في إمكانية العيش بسلام، بحسب بيروتي.

وتبين بيروتي أن منح الشعور بالأمان للآخرين سواء كان ذلك وعي مجتمع أو وعي أفراد وبالطرق العملية اللفظية أو غير اللفظية يُمكن الإنسان من تحقيق الأمان، ومن ناحية أخرى يعتبر العمل على توعية المجتمع بتأثير العنف العلاقاتي على الناحية النفسية للفرد ضروري جدا.

وأشارات دراسات عدة إلى وجود علاقة ارتباطية بين العنف الجسدي أو اللفظي وعدم القدرة على التركيز وأمراض سيكوسوماتبة جسدية ونفسية والاكتئاب وتدني تقدير ومفهوم الذات. لذلك، تنصح بيروتي بتقديم برامج توعوية والاتصال بالخط الساخن في حال تعرض أي فرد من النساء أو الرجال للعنف ومعرفة حقوقهم وضرورة عدم عدم السكوت عند التعرض للإيذاء بكافة أشكاله، والتأكيد على ضرورة أن تكون العائلة صمام الأمان لكل فرد فيها مما ينعكس إيجابيا على صحة المجتمع.سرايا