حمى«الإستيزار» تتوسع وسط النواب… والنسور يخترق ويدعم الإفراج عن صقور الحراك الشعبي
وكالة الناس – خطط رئيس الوزراء الأردني الدكتور عبدلله النسور جيدا لإستثمار وتوظيف لحظة حرجة دعم فيها قرار الإفراج عن تسعة معتقلين من قادة الحراك الشعبي لطالما شكل الإفراج عنهم مطلبا جماهيريا للعديد من الأطراف في قضية إستثمرتها حتى جماعة الأخوان المسلمين.
ملف المعتقلين المشار إليهم وهم الأشرس في المستوى الحراكي في عدة بؤر حراكية ساخنة بين مدينتي الطفيلة وعمان كان دوما من الملفات الأمنية وليس السياسية مما يؤشر على أن النسور حقق في هذه القضية تحديدا إختراقا ملائما يخدم إحتمالات صمود حكومته للمزيد من الوقت تحت إيقاع سيناريوهات التغيير الوزاري.
فعل النسور ذلك فيما كان الهتاف بإسقاط حكومته نشطا في صحيفة الرأي أبرز صحف الدولة طوال الأسبوعين الماضيين تفاعلا مع أزمة حادة في الصحيفة لم تكشف تفصيلاتها بعد وإن كانت تعكس صراعا بين مراكز القوى والنفوذ.
ويبدو واضحا من البداية أن النسور ‘قطف’ اللحظة المناسبة حيث تسلطت الأضواء طوال الأيام الخمسة الماضية على مشهد تقييد أحد النشطاء بالسلاسل خلال إحضاره لمحكمة أمن الدولة وهو مشهد حمل الحراكيون مسؤوليته مباشرة للمتشددين في المؤسسة الرسمية الذين يعارضون الإفراج عن معتقلي الحراك.
وزير الداخلية حسين المجالي كان قد نفى وجود معتقلي رأي في البلاد لكن الموقوفين بسبب الحراك حقق معهم على الأرجح بتهمة تقويض النظام والإساءة للقصر الملكي وهم حصريا المتسببون حسب السلطات الأمنية برفع سقف الخطاب والهتاف في الحراك الشعبي.
لذلك يبدو ان خطة النسور بالإفراج عن الموقوفين التسعة حظيت بموافقة القصر الملكي في نهاية الأمر وشكلت ملامح إختراق للأخير على جبهات متشددة في موضوعة الحراك بالمستوى الوطني العام.
بالتوازي لا توجد ادلة على أن خطوة النسور بالإفراج عن أشرس الحراكيين وأصحاب الهتافات والنشاطات العميقة ستزيد فعلا من شعبية حكومته خصوصا وأنها تاتي فيما يبدو ردا على الهتافات الصعبة في مقرات صحيفة ‘الرأي’ التي أعلن العاملون فيها إستمرار إحتجاجهم التصعيدي بالرغم من تعيين رئيس جديد لمجلس الإدارة والإعلان عن تلبية مطالبهم.
ولا توجد بالمقابل أدلة على أن خطوة النسور ستساعده في الدوائر التي تخاصمه سواء داخل جهاز الدولة أو في جبهة مجلس النواب حيث يطمح المزيد من النواب بتشكيل ‘حكومة برلمانية’ وفي أسرع وقت ممكن خلفا لحكومة النسور وهو ما عبر عنه عضو المجلس محمد قطاطشه عندما ظهر على شاشة التلفزيون. قطاطشة أفاد بأن الوقت قد حان لتشكيل حكومة برلمانية والخبير البرلماني وليد حسني يصر بان هذا الخيار لا زال مطروحا.
الحديث عن حكومة برلمانية بإعتبارها الخطوة التالية المقترحة في سياق ما يسمى بـ’الإصلاح المتدرج’ يساهم بالمقابل في تفعيل حمى ‘الإستيزار’ عند أعضاء مجلس النواب، الأمر الذي يعزز طموحات الكثير من النواب المستوزرين للعمل على إسقاط حكومة النسور ما دام خطاب العرش الملكي قد ربط إستمرارها بمسألة واحدة فقط هي ثقة مجلس النواب.
بالتوازي تبدو الأجندة التي ساهمت في توهج إحتجاجات الرأي قريبة جدا من تحقيق هدفها المركزي فقد عبر الحكومة تعيين رئيس جديد لمجلس إدارة الصحيفة هو شخصية تنتمي للحرس القديم والمحافظ وهو وزير الداخلية الأسبق وعضو مجلس الأعيان مازن الساكت.
الإتجاه المحافظ الذي سيطر على مجلس الأعيان قبل نحو أسبوعين يتجه نحو الإستحكام في صحيفة الرأي بالمستوى الإداري حيث عين الساكت بدلا من الدبلوماسي ووزير الإعلام الأسبق علي العايد مما يضع عمليا مطالب المعتصمين في الرأي بخصوص حريات النشر وأسقف النشر والإبتعاد عن التحكم الرسمي والحكومي أمام إختبار مبكر.
حراك الرأي كان مطلبيا ومعيشيا لكنه تطور إلى حراك سياسي قبل عشرة أيام وهاجم بقسوة حكومة الرئيس عبدلله النسور الذي يرد اليوم بمناورات يدعم فيها إختيار الساكت للمؤسسة الصحافية العملاقة الأهم بالبلاد فيما يخترق لصالح قرار شعبي جدا من طراز الإفراج عن صقور الحراك الشعبي.