سياسة القبول الجامعي.. تفريغ لجامعات و(تخمة) في أخرى!
والجامعات، وكذلك ملء المقاعد الشاغرة فيها.
تزدحم دوائر القبول والتسجيل، ومكاتب رؤساء الجامعات منذ ساعات الصباح الباكر، بالطلبة واولياء امورهم ومن يرافقهم من «واسطات» من مختلف الفئات الوظيفية المسؤولة، وكذلك المعارف، تحقيقا لرغبات الطلبة بتغيير تخصص او جامعة او الاثنين معا.بل تمتلىء مكاتب المسؤولين في وزارة التعليم العالي والجامعات بمئات الاستدعاءات، التي تلتمس النقل والتغيير.
هذا المشهد، المدعوم بتأثير من الواسطات، يعني وفق مراقبين، الغاء علمية القبول الجامعي الموحد القائم على التنافس.
وتسهم اشتراطات مجلس التعليم العالي في الابقاء، قدر الامكان، على مخرجات القبول الموحد التنافسي، إلا أن سماح المجلس المشروط بإجراء المناقلات، رغم الاشتراطات يفرغ عملية القبول الموحد من مضمونها، خصوصا في تعزيز تصنيف الجامعات بين ‘طاردة’ و’جاذبة’ في وقت ان جميع الجامعات ومن النوعين -الجاذب والطارد- تعاني.
ووفقا لاحصائيات حصلت عليها (وكالة الناس ) فإن عدد المقاعد الشاغرة في الجامعات ناهز (2000) مقعد، إلا أن غالبية المقاعد توزع على جامعات بعينها، ولاسباب موجودة اصلا سابقة بحكم موقع الجامعة وبعدها عن مركز العاصمة، ولاسباب مستجدة مرتبطة باسباب العنف التي شهدتها بعض الجامعات في الفترة الاخيرة.
وبحسب الاحصائية التي لم توزع على الاعلام عند إعلان النتائج، فإن عدد المقاعد الشاغرة في جامعة الحسين بن طلال بلغ (1070) مقعدا في مختلف التخصصات وفي جامعة مؤتة (423) مقعدا ايضا في تخصصات متعددة، وفي جامعة الطفيلة التقنية (233) مقعدا، وفي الهاشمية (148) مقعدا، وان هذا العدد مرشح للزيادة بسبب المناقلات، ما يعزز ‘سياسة تفريغ’ الجامعات من الطلبة.
بينما تراوح عدد المقاعد الشاغرة في باقي الجامعات بين (6) مقاعد لتصل في حدها الاقصى (96) مقعدأ، وجاءت في تخصصات غير مطلوبة اصلا وغير مرغوب الدراسة فيها، وجامعات كان العدد الاجمالي المتاح القبول فيها قليل، ما انعكس على المقاعد التي ما تزال شاغرة فيها.
ففي الجامعة الاردنية، بحسب الاحصائية، بلغ عدد الشواغر المتاح القبول فيها (45) مقعدا، في وقت قبلت (139) طالبا زيادة عن العدد المقرر في بعض التخصصات، وفي اليرموك عدد المقاعد الشاغرة (22) مقعدا، بينما قبلت (151) طالبا زيادة وفي العلوم والتكنولوجيا يوجد مقعد شاغر مقابل (146) طالبا زيادة، وفي ال البيت (6) مقاعد شاغرة مقابل (50) طالبا زيادة عن العدد المقرر، وفي البلقاء التطبيقية (96) مقعدا شاغرا مقابل (131) طالب زيادة عن العدد المقرر، مع الاشارة الى ان عدد المقاعد الشاغرة المتاح في جامعة البلقاء التطبيقية مرتبط بحجم التنسيب في القبول المرتبط ايضا بحجم التخصصات المرتبط كذلك بفروع الجامعة المنتشرة في انحاء المملكة من خلال الكليات التابعة لها.
الاستجابة للضغوطات التي تمارس على رئاسة الجامعات ‘الجاذبة’، والتي لا يوجد فيهاعدد مقاعد شاغرة كبير، فقد قبلت اعداد طلبة زيادة على المتاح فيها في بعض التخصصات، بشكل أكبر، ما سيعزز ‘الاختلال’ في التوزيع الطلابي بين الجامعات.
محاولة الجامعات ‘الجاذبة’ مقاومة الضغوطات الاجتماعية والواسطات لنقل الطلبة اليها، مع عدم وجود ضوابط لعملية استنكاف الطلبة من استكمال الدراسة في الجامعات الطاردة، قد لا يستمر، حيث هنالك ‘بوابات خلفية’ للقبول تتمثل في القبول الموازي العادي والدولي منه.
تشير المعلومات الى أن كثيرا من الطلبة الذين رشحوا في تخصصات مطلوبة في جامعات ليست بعيدة عن مركز العاصمة، وتحديدا في تخصص الطب، فضلوا اللجوء للبرنامج الموازي في جامعات على دراسة التخصص في جامعات ضمن البرنامج العادي، رغم الفارق في الرسوم.
هذا الواقع يتطلب أجراءات من قبل مجلس التعليم العالي للحد من هذه الظاهرة، بحيث تكون إجراءات وقائية، من أجل ضمان استمرارية الجامعات سواء ‘الجاذبة’ التي في حال بقيت الامور على ما هي عليه، ستنفجر من عدد الطلبة او تلك ‘الطاردة’ التي ستصبح ‘خاوية’ و’خالية’ من الطلبة.