ربع الساعة الأخير في علاقة الأردن بنظام بشار..!!
قادة جيوش تسعة دول عربية وغربية.
أجندة علنية هذه المرة للإجتماع ستبحث وفقا لبيان أصدرته القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية تداعيات الأحداث الجارية في المنطقة وخاصة الأزمة السورية.
وكانت وكالة الأنباء الأردنية الحكومية بترا قد نقلت عن مصدر في القيادة العامة أنه وبدعوة من رئيس هيئة الاركان المشتركة الفريق اول الركن مشعل محمد الزبن وقائد القيادة المركزية الامريكية الجنرال لويد اوستن سيعقد اجتماع في الاردن خلال الايام القليلة القادمة.
الإجتماع يحضره رئيس هيئة الاركان المشتركة الامريكية الجنرال مارتن ديمبسي ورؤساء هيئات الاركان في كل من المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا والمملكة المتحدة وفرنسا والمانيا وايطاليا وكندا.
وسيشكل هذا الاجتماع- وفقا لبترا- فرصة للدول المشاركة الشقيقة والصديقة لبحث الامور المتعلقة بأمن المنطقة وتداعيات الاحداث الجارية خاصة الازمة السورية وتأثيراتها بالاضافة لبحث اوجه التعاون العسكري بين هذه الدول والمملكة الاردنية الهاشمية بما يحقق ويحفظ أمن الاردن وسلامة مواطنيه.
يمكن ببساطة ملاحظة أن هذا الإجتماع اللافت لم يعد مهما ما إذا كان معد سلفا ضمن برنامج سابق أو تم الإعداد له بسرعة في الأيام القليلة الماضية بحسب سلسلة التطورات على الساحة السورية واللبنانية والمصرية .
ولم يعد مهما حضور إسرائيل لهذا الإجتماع فهي ممثلة بأصدقائها العرب والغربيين.
لكن الأهم ملاحظة أن هذا الإجتماع الذي إرتبط بعنوان أردني بإمتياز هو (حفظ أمن الأردن وسلامه مواطنيه) ينتظم لأول مرة في عمان بعد إنعقاد عدة نسخ منه في الماضي بتركيا وقطر.
معنى ذلك أنه الأجتماع العسكري الرفيع الذي يعقد لأول مرة على بعد عدة كيلومترات من الحدود السورية وعلى بعد أقل من ساعة في السيارة عن محيط ومداخل العاصمة دمشق.
ويمكن في الوقت نفسه الإنتباه لإن هذا الإجتماع ينظم بعد إستعمال النظام السوري للسلاح الكيمائي في الغوطة الشرقية وبعد تكثيف العمل الإستخباري في المنطقة خلال اليومين الماضيين لجمع أدلة وبينات وشهادات وبعد وصول بعض الأدلة لأطراف في الأردن.
كذلك يعقد الإجتماع بعد تشكيل (خلية أزمة) سعودية أمريكية على تواصل مع الفرنسيين والأردنيين وممثلي دول خليجية في مقر السفارة الأمريكية في عمان.
هذه الخلية كانت تدار بكفاءة من خلال الأمريكيين ونائب وزير الدفاع السعودي الأمير سلمان بن سلطان وطوال الأسابيع الماضية وتمكنت هذه الخلية من إدخال مجموعة سلاح نوعي لمعارضي الجيش الحر بهدف إعادة التوازن ميدانيا على الأرض السورية.
نشاط مجموعة الأزمة هذه التي لم يكن من الممكن التستر عليه خصوصا بعد دخول رئيس الإئتلاف السوري المعارض أحمد الجربا لدرعا عبر الأردن وتدشين إجتماعات لتشكيل نواة للجيش الوطني السوري المعارض وإستقبال شخصيات من طراز العماد مناف طلاس.
هذه العلنية دفعت وزير الخارجية السوري وليد المعلم لتوجيه رسالة شديدة اللهجة للأردن تكشف بوضوح بان قواعد اللعبة بين عمان ودمشق بدأت تتغير.
المعلم رفع من مستوى الغلاظة الأسبوع الماضي وهويعتبر أن الأردنيين يلعبون بالنار مستعرضا دخول أسحلة ورجال عبر الحدود إلى بلاده متحدثا عن معسكرات تدريب للمعارضة المسلحة.
بعد ذلك وبرأي الكثير من المراقبين الأردنيين شكل إنطلاق صواريخ كيميائية على مسافة قريبة من الحدود الأردنية خطوة بمثابة إعلان حرب على الأردنيين بسبب الأخطار الشاملة والجسيمة لإحتمالية عبور الغازات السامة عبر الهواء والحدود ووصول مخاطرها لكثر من 13 قرية أردنية تقبع على الحدود مع سوريا أو بالقرب منها.
رئيس الوزراء الأردني عبدلله النسور سبق أن كشف النقاب في حديث مباشر للقدس العربي عن سيناريو حقيقي من الهواجس الكيمائية العابرة من سوريا مشيرا لإن الأردن ينبغي أن يستعد لمثل هذا الأمر.
النسور قال أيضا بأن بلاده تفكر بالأوضاع الميدانية في حالة حصول إنهيار أو فوضى في الدولة السورية الحالية حيث سنستقبل في هذه الحالة- الكلام للنسور- نوعين من المهاجرين الأول هم المهاجرون المعتادون والثاني مهاجرون من طوائف مختلفة سيتطلب وجودهم إحتياطات أمنية خاصة لعزلهم عن بقية الطوائف.
النسور قال: لا نريد ان نغرق في مستنقع هذه التعقيدات وعلينا الإستعداد لكل الإحتمالات.
قبل أربعة أيام فقط من مجزرة الكيماوي السوري في الغوطتين الغربية والشرقية خرج النسور للإعلام واعلن بأن الأردن طلب المعونة من العالم للتصدي لإحتمالات إنفلات السلاح الكيماوي في سوريا المجاورة.
يعني ذلك ان الأخطار باتت حقيقية وجوهرية وان مصلحة الأردن المباشرة حسب مدير الأمن العام الأسبق الجنرال مازن القاضي تتطلب الإنتقال وفورا لمستوى ترتيب منطقة أمنية عازلة تحتوي شرارة الحريق السوري.
الجنرال القاضي قال للقدس العربي بأن أهالي القرى الأردنية المحاذية للحدود مع سوريا ينامون مع أصوات المدافع وغبار الحرب.
وفي مؤسسة القرار الأردنية وأجهزتها العميقة تفكر حاليا غرف العمليات بمسألتين أساسيتين: كيف نحتاط لعدم وجود خلايا نائمة بإسم مخابرات نظام بشار الأسد ؟…وكيف سنتعامل مع أخطار الكيماوي السوري لو أصبح خيارا يائسا لنظام دمشق؟.
المؤسسة الأردنية في أعماقها لا تخفي قناعتها بأن مصالحها تتطلب صمود وبقاء النظام السوري الحالي بدلا من خيارات الإنفلات وتصلب شوكة الإسلاميين وفصائل المعارضة المتشددة.
لكن في الربع ساعة الأخير وبموجب تطورات الميدان تبدو المؤسسات الأردنية على قناعة بأن الرهان على صمود نظام الأسد بعد تأخر الحسم كثيرا لم يعد ينطوي على حكمة.
لذلك يقتنع مسئولون بارزون بينهم وزير الخارجية ناصر جوده ورئيس الحكومة ونخبة كبيرة من سياسيي عمان بأن مرحلة الإستعداد (للأسوأ) بدأت.
وبأن المملكة لا تستطيع المجازفة بعد الأن بأمنها القومي خصوصا بعدما رفض الأردن- ولا زال يرفض- عدة مرات دخول قوات عسكرية أجنبية من حدوده إلى داخل سوريا.
منذ أكثر من عام إستمعت القدس العربي لمسئول أردني في أرفع المستويات وهو يتحدث عن تحفظ عمان على خطة وضعها الأمريكيون والإسرائيليون وتقضي بالسيطرة المسبقة على مخاون السلاح الكيماوي السوري عبر فريق كوماندوس بدلا من تركها للنظام أو وقوعها بيدي المجموعات الإسلامية المتشددة.
تحفظ عمان كما فهمت القدس العربي آنذاك كان مردة مسألتان: حاجة عملية من هذا النوع لأكثر من ثمانية ألاف عسكري محترف على الأقل وهو عدد لا يمكن تنفيذ العملية به سرا وكان هذا التحفظ الأول.
التحفظ الثاني يتعلق بعدد الضحايا الكبير المتوقع من عملية من هذا النوع خصوصا في اوساط المدنيين في حال إنكشاف العملية.
النشاط على جبهة الإجتماعات العسكرية في الأردن يوحي ضمنيا بأن مستوى إحساس عمان بالخطر تضاعف , وبأن إحتمالات إستدعاء السيناريو سالف الذكر بعنوان السيطرة على مستودعات السلاح الكيماوي السوري تزايدت خلال الأيام القليلة الماضية, الأمر الذي دفع صحيفة لوفيغارو الفرنسية للحديث عن تجهيز فرق كوماندوس مستعدة للتدخل أو دخلت فعلا.
القدس العربي