، هيومن رايتس ، تتهم الأردن بإغلاق حدوده أمام السوريين
يحاولون الفرار من سوريا. قام العراق والأردن وتركيا إما بإغلاق العديد من المعابر الحدودية تماماً أو بالسماح لأعداد محدودة فقط من السوريين بالعبور، مما يترك عشرات الآلاف عالقين في ظروف خطيرة بالمناطق الحدودية السورية المنكوبة بالنزاع. وحده لبنان يتبع سياسة الحدود المفتوحة مع السوريين الفارين من النزاع.
في 25 يونيو/حزيران 2013، ظهرت تقارير تفيد بشن غارات جوية على مخيم باب السلام السوري المخصص للسوريين النازحين قرب الحدود التركية، حيث يعلق آلاف الأشخاص منذ أغسطس/آب 2012 لأن تركيا ترفض السماح لهم بالدخول. قال ناشط سوري زار المخيم في 26 يونيو/حزيران لـ هيومن رايتس ووتش إن الهجمات أصابت سبعة من سكان المخيم. وقال إن السبعة سُمح لهم بدخول تركيا لتلقي العلاج لكن السلطات التركية أبقت المعبر الحدودي القريب مغلقاً، رغم احتجاجات السوريين المقيمين في مخيم باب السلام.
قال جيري سمسون، باحث أول في شؤون اللاجئين في هيومن رايتس ووتش: ‘على جيران سوريا التوقف عن إعادة أشخاص منكوبين إلى أماكن تتعرض فيها حياتهم للخطر. وعلى المانحين الدوليين مساعدة جيران سوريا عن طريق تقديم الدعي السخي لهم، وللمنظمات الإنسانية التي تساعد ما يقرب من 2 مليون لاجئ’.
رغم أن الأردن ينكر قيامه بإغلاق حدوده فإن اللاجئين السوريين حديثي الوصول إلى الأردن يقولون إن حرس الحدود الأردني منعهم هم وآخرين من الدخول لمدة أيام أو أسابيع في مايو/أيار. منذ أواخر 2011 والآردن يمنعا لفلسطينيين والعراقيين والرجال غير المتزوجين في سن التجنيد وأي شخص بدون أوراق ثبوتية من دخول الأردن.
تعترف السلطات في حكومة كردستان العراق المتمتعة بحكم شبه ذاتي بأنها أغلقت حدودها مع سوريا في مايو/أيار، وبأن بعض السوريين المحتاجين لمساعدة إنسانية عاجلة هم فقط من سُمح لهم بالعبور منذ منتصف يونيو/حزيران.
تصر السلطات المركزية في العراق على أنها ستسمح بدخول ‘الحالات الإنسانية العاجلة’ وحالات لم شمل الأسر. لكنها فرضت قيوداً شديدة على عدد السوريين المسموح لهم بالدخول منذ أغسطس/آب 2012، كما توقف توافد لاجئين جدد تقريباً في أواخر مارس/آذار.
تمنع تركيا دخول الآلاف من السوريين من باب السلام وأطمة وغيرها من المعابر الحدودية مع سوريا، وتسمح على نحو متقطع فحسب بعبور أعداد صغيرة من مخيم باب السلام وغيره من مخيمات النازحين السوريين في سوريا بالقرب من الحدود التركية إلى داخل تركيا، مما يتسبب في بقاء الآلاف بالأسابيع أو الشهور داخل سوريا. في أكتوبر/تشرين الأول قال مسؤول تركي كبير لـ هيومن رايتس ووتش إن مخيمات اللاجئين داخل البلاد امتلأت، وقال إنه بدلاً من السماح لمزيد من اللاجئين السوريين بالدخول، تعمل الحكومة على ضمان وصول المساعدات إلى السوريين الموجودين في مناطق قريبة من الحدود.
وفقاً للمفوضية الأممية السامية لشؤون اللاجئين، كان الأردن حتى منتصف يونيو/حزيران يستضيف أكثر من 480 ألف لاجئ سوري من المسجلين لدى المفوضية أو يجري تسجيلهم، بينما تستضيف تركيا أكثر من 387 ألفاً، ويستضيف العراق أكثر من 158 ألفاً. يوجد في لبنان أكثر من 550 ألفاً من اللاجئين المسجلين لدى المفوضية أو يجري تسجيلهم، والذين يضيفون إلى سكانه ما يقرب من 10 بالمئة، بينما تقدر الحكومة اللبنانية أعداد السوريين في البلاد بأكثر من مليون.
بموجب اتفاقية اللاجئين لسنة 1951، والقانون العرفي الدولي للاجئين، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، تلتزم كافة الدول باحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية، ويحظر عليها إعادة أي شخص إلى بلد ـ أو صد أي شخص يحاول مغادرة بلد ـ يتهدد فيه الخطر حياته أو حريته، أو يتعرض فيه لمخاطر جدية من التعذيب أو غيره من ضروب العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كما أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يعزز حق كل فرد ‘في أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول اللجوء إليها هرباً من الاضطهاد’.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على المانحين الدوليين دعوة جيران سوريا إلى الاحتفاظ بحدودها مفتوحة أمام طالبي اللجوء، وعليهم أيضاً توفير الدعم المالي السخي للمنظمات الإنسانية التي تعالج أزمة اللاجئين، والدعم العملياتي لحكومات تركيا والعراق والأردن ولبنان.
قال جيري سمسون: ‘يخاطر العراق والأردن وتركيا بتحويل سوريا إلى سجن مكشوف لعشرات الآلاف من السوريين العاجزين عن الفرار من المذابح في بلدهم. فلا الضغط الذي تتعرض له هذه البلدان جراء العدد المتزايد من اللاجئين، ولا توزيع المساعدات داخل سوريا، يمكن أن يبررا انتهاك الحق الأساسي للناس في طلب اللجوء من الاضطهاد وغيره من الانتهاكات’.
صد اللاجئين على الحدود العراقية
حتى 25 يونيو/حزيران كانت المفوضية الأممية السامية لشؤون اللاجئين قد سجلت 159140 شخصاً، معظمهم من السوريين الأكراد، في العراق. يعيش نحو 5500 من هؤلاء في مخيم القائم، بينما يعيش الباقون في منطقة كردستان العراق: نحو 60 ألفاً في مخيم دوميز، ونحو مئة ألف آخرين أغلبهم في مدينة دهوك، على مسافة نحو 60 كيلومتراً من الحدود السورية.
ورغم قبول هذه الأعداد، إلا أن السلطات العراقية منعت دخول الآلاف، وربما عشرات الآلاف من السوريين العالقين على الحدود.
إغلاق معبر القائم الحدودي في أغسطس/آب 2012
في منتصف أغسطس/آب 2012، أمر مسؤولون كبار في بغداد السلطات المحلية ووزارة الهجرة والمهجرين بإغلاق معبر القائم الحدودي، الواقع قرب بلدة القائم بمحافظة الأنبار العراقية وعلى مقربة من بلدة أبو كمال السورية. قالت السلطات المحلية لـ هيومن رايتس ووتش إنها ترددت في إغلاق المعبر لكنها اضطرت للامتثال للأوامر الصادرة من بغداد.
في أواخر أغسطس/آب قال سلام الخفاجي، وكيل وزارة الهجرة والمهجرين، لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات أغلقت المعبر أمام الجميع ريثما تقوم بتوسيع مخيم القائم للاجئين القريب، والذي يؤوي بضعة آلاف من اللاجئين. إلا أن مسؤولين كبار آخرين قالوا إن المعبر أغلق لأسباب أمنية، موحين باحتمالية استغلال عناصر القاعدة للمعبر في دخول العراق.
أعادت السلطات فتح المعبر في 18 سبتمبر/أيلول لكنها رفضت دخول جميع الرجال غير المتزوجين في سن التجنيد وحددت أعداد المقبولين من بقية اللاجئين متذرعة بأسباب أمنية.
في أواخر سبتمبر/أيلول قال سوريون من العالقين على الجانب السوري لـ هيومن رايتس ووتش إنهم منعوا هم وآلاف غيرهم من العبور إلى داخل العراق منذ منتصف أغسطس/آب. في أواخر أكتوبر/تشرين الأول قالت وكالة محلية للإغاثة لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات العراقية، بين 24 سبتمبر/أيلول و10 أكتوبر/تشرين الأول، لم تسمح إلا بعبور نحو 125 شخصاً في اليوم. وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول، دعت هيومن رايتس ووتش السلطات العراقية إلى إعادة فتح المعبر.
في 13 يونيو/حزيران قال المتحدث باسم وزارة الداخلية سعد معن لـ هيومن رايتس ووتش إن وزارة الداخلية تولت السيطرة على المعابر الحدودية لوسط العراق، وإن معبر القائم قد أغلق أمام كافة اللاجئين منذ أكتوبر/تشرين الأول. في 13 يونيو/حزيران قال عمدة القائم لـ هيومن رايتس ووتش إن [معبر] القائم قد أغلق ‘لأسباب إنسانية’، لكنه لم يدل بتفاصيل.
في 18 يونيو/حزيران اعترف الخفاجي بإغلاق معبر القائم، لكنه قال لـ هيومن رايتس ووتش إن الحدود ‘ليست مغلقة تماماً’ وإنه قد تم منذ أكتوبر/تشرين الأول السماح بعبور عدد محدود، وإن كان غير معروف، من السوريين الذين يواجهون ‘حالات طوارئ إنسانية’.
تقول مفوضية اللاجئين ووكالات الإغاثة المحلية إن السلطات، بين أكتوبر/تشرين الأول وأواخر مارس/آذار 2013، سمحت لعدد قليل من اللاجئين السوريين فحسب بالعبور من معبر القائم، بغرض لم شمل العائلات في المقام الأول.
في 4 يونيو/حزيران قالت مفوضية اللاجئين إن السلطات أغلقت معبر القائم تماماً في نهاية مارس/آذار، مما أدى إلى ‘تعويق… السوريين الساعين إلى الاحتماء في محافظة الأنبار [العراقية]’ و’إلى عودة العديد من اللاجئين المسجلين إلى سوريا حيث لم يعد بوسعهم استقدام ذويهم إلى العراق، إضافة إلى عجزهم عن دخول سوق العمل’ في القائم.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة العراقية أن تعيد فوراً فتح معبر القائم الحدودي والسماح لمفوضية اللاجئين بتسجيل السوريين أثناء عبورهم.
إغلاق معبر بيشابور الحدودي غير الرسمي في مايو/أيار 2013
تقول مفوضية اللاجئين إنه لم يتم منذ أكتوبر/تشرين الأول السماح لمعظم اللاجئين السوريين الذين يحاولون دخول العراق بالعبور إلى منطقة كردستان العراق إلا عبر معبر بيشابور الحدودي غير الرسمي، الذي تديره حكومة كردستان الإقليمية. ويبعد المعبر نحو 20 كيلومتراً من مدينة دهوك، و60 كيلومتراً من مخيم دوميز للاجئين.
وبحسب مفوضية اللاجئين، قامت سلطات حكومة كردستان الإقليمية في 19 مايو/أيار بإغلاق المعبر تماماً. في منتصف يونيو/حزيران أفاد صندوق الأمم المتحدة للأطفال (اليونيسيف) بأن ‘إغلاق المعبر الحدودي المؤدي إلى شمال العراق دون الجميع فيما عدا لم شمل العائلات’ يمثل ‘باعثاً أكبر من بواعث القلق’.
في يونيو/حزيران تحدثت هيومن رايتس ووتش مع عدد من المسؤولين المحليين وموظفي وكالات الإغاثة العاملة مع اللاجئين السوريين، فأكدوا الإغلاق وقدموا له تفسيرات مختلفة.
قال أحد مسؤولي مجلس الوزراء بحكومة كردستان الإقليمية إنه رغم عدم علمه بأية أسباب رسمية للإغلاق، إلا أن الحكومة الإقليمية استشعرت أن السوريين الأكراد الفارين إلى المناطق التي تسيطر عليها حكومة كردستان الإقليمية ليسوا جميعاً من اللاجئين لأن الوضع في الجزء الكردي من سوريا ‘ليس بذلك السوء’. كما قال إن حكومة كردستان الإقليمية محبطة من غياب الدعم من بغداد والمجتمع الدولي لمخيم دوميز، حيث تسود ظروف معيشية ‘فظيعة’.
قال أحد موظفي مفوضية اللاجئين إن المسؤولين أبلغوا المفوضية بأنهم أغلقوا المعبر ‘حتى إشعار آخر لأسباب فنية’.
قال أحد موظفي وكالة إغاثة محلية لـ هيومن رايتس ووتش إن حكومة كردستان الإقليمية والحكومة المركزية العراقية اتفقتا على إغلاق الحدود مؤقتاً بسبب سوء الظروف في مخيم دوميز المكتظ. في 2 أبريل/نيسان أفادت مفوضية اللاجئين بأن المخيم يؤوي 35 ألف شخص ويعاني من ‘الاكتظاظ الحرج’. وبحسب سكان المخيم وعمال الإغاثة المحليين، كان المخيم حتى أواخر يونيو/حزيران يؤوي 60 ألف شخص.
قال شخص على اتصال بمسؤولي المعارضة السورية إن سلطات حكومة كردستان الإقليمية أغلقت المعبر ريثما تناقش خططاً جديدة للتشارك في العوائد التي يدرها المعبر مع المسؤولين السوريين.
قالت مصادر أخرى إن مسعود البرزاني رئيس حكومة كردستان الإقليمية أمر بالإغلاق شخصياً بعد مزاعم بقيام حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا باحتجاز 75 شخصاً من حزب كردستان الديمقراطي السوري في منتصف مايو/أيار.
في 18 يونيو/حزيران قال أحد عمال الإغاثة المحليين لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات فتحت المعبر في اليوم السابق للسماح بعبور ‘حالات الطوارئ الإنسانية’، وإن وزارة الداخلية في حكومة كردستان الإقليمية قالت إن المعبر سيعاد فتحه بنهاية يونيو/حزيران.
في أواخر يونيو/حزيران قال أحد مسؤولي مفوضية اللاجئين لـ هيومن رايتس ووتش إن سلطات حكومة كردستان الإقليمية فتحت المعبر جزئياً في 29 مايو/أيار للسماح للسوريين الراغبين في العودة إلى وطنهم بمغادرة العراق، وإن السلطات سمحت لعدد جد محدود من الأشخاص بالعبور ‘لأسباب إنسانية استثنائية، [من قبيل الحالات] الطبية [و] لم شمل العائلات، أو مواطني البلدان الثالثة’ وعلى أساس فردي.
أبدت هيومن رايتس ووتش القلق من تصريحات مفوضية اللاجئين بأن سلطات حكومة كردستان الإقليمية لم تفتح المعبر في يونيو/حزيران إلا للسماح للسوريين بالعودة إلى سوريا.
في منتصف يونيو/حزيران قال عمال إغاثة لـ هيومن رايتس ووتش إن سلطات حكومة كردستان الإقليمية تعهدت ببناء مخيم جديد للاجئين قرب بلدة دهوك، وإنها ستعيد فتح المعبر الحدودي بحلول نهاية يونيو/حزيران.
لم يرد مسؤولو حكومة كردستان الإقليمية على مطالبات هيومن رايتس ووتش بتعليق رسمي على إغلاق المعبر.
قالت هيومن رايتس ووتش إنها تشعر بالقلق أيضاً من تقارير ترد من عمال الإغاثة في المنطقة وتفيد بأن مئات الأشخاص، منذ منتصف يونيو/حزيران، عالقون في سوريا في مواجهة معبر بيشابور مباشرة، ويتعرضون هناك لخطر العنف والمرض ونقص الغذاء.
على حكومتي العراق وكردستان الإقليمية إعادة فتح معبري القائم وبيشابور الحدوديين والسماح لمفوضية اللاجئين بتسجيل السوريين أثناء عبورهم. وعلى سلطات حكومة كردستان الإقليمية أيضاً أن تفي بتعهدها ببناء مخيم جديد للاجئين قرب دهوك، لتخفيف الاكتظاظ في مخيم دوميز للاجئين.
صد اللاجئين على الحدود الأردنية
حتى يونيو/حزيران كانت المفوضية الأممية السامية لشؤون اللاجئين قد سجلت أو تسجل أكثر من 480 ألف لاجئ سوري في الأردن. إلا أن السلطات الأردنية تمنع الآلاف، وربما عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين والرجال غير المتزوجين والأشخاص غير الموثقين الفارين من النزاع السوري من العبور إلى داخل الأردن.
نشرت هيومن رايتس ووتش أول تقاريرهاعن قيام الأردن بصد اللاجئين الفلسطينيين الذين يحاولون الفرار من سوريا وإعادتهم قسرياً على حدوده في يوليو/تموز 2012. في مارس/آذار 2013 نشرت هيومن رايتس ووتش أيضاً تقريراً عن رفض الأردن منذ أواخر 2011 للاجئين الفلسطينيين والعراقيين، والرجال غير المتزوجين والأشخاص غير الموثقين من طالبي اللجوء على حدوده مع سوريا.
منذ أواخر مايو/أيار 2013 قامت السلطات الأردنية أيضاً بمنع آلاف السوريين من العبور إلى داخل الأردن لطلب اللجوء، بحسب وكالات الإغاثة المحلية والدولية، واللاجئين الذين تحدثوا مع هيومن رايتس ووتش.
قال مسؤولو البلاط الملكي الأردني لـ هيومن رايتس ووتش في 27 مايو/أيار إن سلطات الحدود لم تغلق الحدود ولا حددت أعداد اللاجئين المسموح لهم بالعبور. وقالوا إن القتال الشرس الدائر في المنطقة الحدودية، واستهداف القوات المسلحة السورية العمدي للاجئين الفارين، هما ما منع اللاجئين من الوصول إلى الحدود.
إلا أن اللاجئين الذين تحدثوا مع هيومن رايتس ووتش بعد دخول الأردن بصعوبة شديدة في النصف الثاني من مايو/أيار قالوا إن مسؤولي الحدود الأردنيين مسؤولون أيضاً عن انخفاض أعداد اللاجئين الذين يدخلون الأردن. قال البعض إن المسؤولين قالوا لهم إن المعبر مغلق مؤقتاً، بينما زعم آخرون أن المسؤولين قالوا إنهم يحددون أعداد اللاجئين المسموح لهم بدخول الأردن بـ150 يومياً.
قالت هيومن رايتس ووتش إن أية محاولة لمنع أو تحديد أعداد اللاجئين الساعين إلى الاحتماء في الأردن تعرضهم لخطر جسيم. اعترف الملك عبد الله بهذا في مارس/آذار حين رد على أحد سائليه بأن الأردن لن يغلق حدوده في وجه اللاجئين السوريين: ‘كيف يمكنك أن تصد النساء والأطفال؟ هذا أمر لا يمكننا أن نفعله. ليس هذا أسلوب الأردن’.
في منتصف مايو/أيار حدث انخفاض حاد في أعداد اللاجئين السوريين الذين يصلون إلى الأردن.
بين مارس/آذار ومايو/أيار سجلت مفوضية اللاجئين ما يتراوح بين ألف وألفين يومياً في مخيم الزعتري. وبين 11 و16 مايو/أيار، سجلت منظمة الهجرة الدولية ـ التي تسجل طالبي اللجوء السوريين مسبقاً وهم يعبرون الحدود إلى داخل الأردن قبل نقلهم إلى مخيم الزعتري للاجئين للتسجيل الرسمي لدى مفوضية اللاجئين ـ سجلت في المتوسط 1553 يومياً.
في 17 مايو/أيار سجلت منظمة الهجرة الدولية 369 شخصاً فقط، وفي 18 مايو/أيار انحدر الرقم إلى 107. بين 19 و23 مايو/أيار لم يسجل إلا 34 شخصاً وكان المتوسط اليومي بين 24 و27 مايو/أيار هو 133. في نهاية مايو/أيار تزايدت الأعداد ثانية لكنها تباينت إلى حد بعيد بعد ذلك على مدار الأسابيع التالية: 1328 في 28 مايو/أيار، وتباينات حادة بين 29 مايو/أيار و4 يونيو/حزيران يبلغ أقصاها 928 وأدناها 48، وبمتوسط بلغ 430 يومياً بين 5 و15 يونيو/حزيران.
رغم أن المسؤولين الأردنيين ينكرون إغلاق الحدود وينسبون تأرجح الأعداد إلى القتال الدائر قرب الحدود، إلا أن 8 لاجئين تمكنوا أخيراً من عبور الحدود في مايو/أيار قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن المسؤولين الأردنيين حاولوا منعهم مع كثيرين غيرهم من العبور. وقالوا إن المسؤولين أخبروهم بأن المعبر مغلق مؤقتاً أمام كافة اللاجئين، أو إنه سيتم السماح لما بين 50 و150 شخصاً فقط بالعبور يومياً.
قالت آمنة، وهي سيدة عمرها 27 عاماً من مدينة حمص السورية وصلت إلى معبر جابر الحدودي في منتصف مايو/أيار مع زوجها وثلاثة أطفال، قالت لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولي الحدود الأردنيين ختموا جوازات سفرهم لكنهم ألغوا الأختام بعد ذلك وقبل تمكنهم من عبور الحدود. انتظرت العائلة 8 أيام قبل أن يسمح لها المسؤولون الأردنيون أخيراً بالدخول:
في البداية مررنا من المعبر الرسمي بجوازات سفرنا… ذهبنا إلى الجانب الأردني لختم [جوازات سفرنا] للعبور. وختموها في البداية، لكنهم ألغوا الأختام بعد ذلك واضطررنا للعودة إلى سوريا. كانوا يصرخون ويصيحون فيك: ‘اخرجوا من هنا، عودوا إلى سوريا’…
تركونا عند المدخل السوري لمعبر جابر الحدودي. كنا نجلس على الأرض. وبقينا هناك لمدة 8 أيام. كان هناك كثير من الناس، ربما 50 أو 60 عائلة. لم يقولوا لماذا نحن مضطرون للبقاء هناك. قال الأمن [الأردني] إذا أمكنكم إحضار شخص يضمنكم، إذا كنتم تعرفون شخصاً، عندها يمكنكم عبور [الحدود]… لم يسمحوا لنا بالاقتراب من حدودهم. كانوا يصيحون فينا، ‘لماذا تبقون هنا في الشارع؟ لماذا لا تعودون إلى بلدكم؟’ فقلنا لهم إن منازلنا تهدمت ولا يمكننا العودة.
قال آخرون من طالبي اللجوء إن مسؤولي الحدود الأردنية أو مقاتلي الجيش السوري الحر قالوا لهم إن الأردن لن يسمح إلا لعدد محدود من السوريين بالعبور.
قال محمد، وهو سوري عمره 20 عاماً من محافظة درعا، عبر إلى داخل الأردن في 27 مايو/أيار مع أمه البالغة 59 عاماً، إن مسؤولي الجيش السوري الحر قالوا للسوريين المقتربين من الحدود الأردنية إن المسؤولين الأردنيين أبلغوا الجيش السوري الحر بأنهم سيسمحون لـ50 سوري فقط بالعبور يومياً. وقال لـ هيومن رايتس ووتش إنه عند اقترابه مع آخرين من الحدود، منعهم حرس الحدود الأردني من الدخول قائلين، ‘لا يمكن إلا لـ50 شخصاً فقط أن يعبروا في المرة الواحدة’.
قال وليد، وهو سوري عمره 17 عاماً، إنه انتظر مع عائلته لمدة 8 أيام قرب معبر تل شهاب قبل أن يسمح لهم المسؤولون الأردنيون بالعبور في 29 مايو/أيار:
على حسب أهوائهم، كانت [سلطات الحدود الأردنية] تسمح لـ50 شخصاً ربما بالمرور. ثم يقولون، ‘كفى’… يدخل أول 50 شخصاً، ثم يغلقون المعبر ويقولون لن يدخل شخص آخر.
انتظرت فاطمة، وهي أم غير متزوجة لثلاثة أطفال عمرها 31 عاماً، من قرية صغيرة جنوبي دمشق، لمدة 3 أيام في منطقة الحدود قبل العبور:
في اليوم الأول قيل لنا إن المعبر مغلق. أجرى المتمردون مكالمة هاتفية مع الجانب الأردني. وقالوا، ‘قالوا إن العدد اليوم كاف ـ 60 شخصاً. عليكم الانتظار حتى الغد’. وقالوا، ‘لا يمكننا أن نقبل أكثر من عدد معين لأنهم [الأردنيون] أعطونا حصة’. كان البعض ينتظرون منذ أسبوعين أو ثلاثة للعبور. رأيناهم يتحدثون مع [الأردنيين] هاتفياً… حين بلغنا الحدود رأيناهم يتحدثون وجهاً لوجه لكننا نحن النساء كنا على مبعدة فلم نسمع ما كانوا يقولونه. في اليوم الأول لم نخرج. في اليوم الثاني قال [الجيش السوري الحر] إننا لا نستطيع الذهاب ـ كانوا يحاولون أخذ المعاقين والمرضى.
صد اللاجئين على الحدود التركية
في أكتوبر/تشرين الأول 2012 نشرت هيومن رايتس ووتش تقريراً عن قيام تركيا بمنع دخول آلاف السوريين منذ أغسطس/آب، عند باب السلام وأطمة وغيرها من المعابر الحدودية المشتركة مع سوريا.
في نفس الشهر قال أحد كبار مسؤولي الخارجية التركية لـ هيومن رايتس ووتش إنه يعرف بوجود أعداد كبيرة من السوريين قرب الحدود التركية، لكنه لا يعرف ما إذا كانت السلطات قد منعتهم من العبور. قال المسؤول إن حكومته كانت تساعد جمعيات تركية على عبور الحدود بالمساعدات إلى السوريين المحتاجين للمساعدة الإنسانية ولكن الحكومة التركية لا تعتبرهم في خطر.
في يونيو/حزيران 2013 قال مقدمو المساعدة الإنسانية العاملون مع اللاجئين السوريين، ونشطاء سوريون، قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن حرس الحدود التركي عند بعض المعابر الحدودية الرسمية يمنع آلاف السوريين من دخول تركيا، ولا يسمح إلا بعبور ذوي الاحتياجات الطبية العاجلة.
قال ناشط سوري إن السلطات التركية رفضت إدخال بين 150 و200 عائلة من معبر أطمة في الأسبوعين السابقين لأن مخيمات اللاجئين القريبة داخل تركيا امتلأت. وقال الناشط إنهم أُرغموا على اللحاق بآلاف اللاجئين المحتملين في مخيمات النازحين المقامة على عجل على الجانب السوري.
كما قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه، في يوم 25 يونيو/حزيران، شنت الحكومة السورية غارات جوية على مخيم باب السلام حيث كان يقيم لاجئون محتملون، فجرحت سبعة أشخاص وروعت السكان. سمح للمصابين السبعة بدخول تركيا لتلقي العلاج، لكن المعبر الحدودي القريب ظل مغلقاً. في أعقاب الهجوم، احتج سكان المخيم على ممانعة الحكومة التركية في السماح لهم بالعبور إلى حيث السلامة.
أكد ناشط سوري آخر أنه اعتباراً من منتصف يونيو/حزيران لم يعد معبر باب السلام الحدودي مفتوحاً للاجئين السوريين، تاركاً العائلات عالقة على الجانب السوري ومعرضة للهجوم. قال الناشط إن البعض عبروا إلى داخل تركيا خلسة وكانوا يعيشون في مخيم معد على عجل أقاموه في منتزه عام في كلس، وهي بلدة تركية قريبة من المعبر الحدودي.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه لا نقص المساحة في مخيمات اللاجئين ولا توفير المساعدة الإنسانية عبر الحدود يمكن أن يبررا منع أو تأخير دخول السوريين الفارين من النزاع إلى تركيا. بدلاً من هذا، يجب على تركيا فوراً مساعدة السورييين في تركيا أثناء فرزهم، ثم السماح لهم بحرية التنقل أو استيعابهم في مخيمات مفتوحة.
المخاطر الأمنية على اللاجئين المحتملين في المناطق الحدودية السورية
قالت هيومن رايتس ووتش إن هجمات الطيران والمدفعية من قبل القوات الموالية للرئيس بشار الأسد على المناطق الحدودية السورية كانت أقل منها على المناطق الأخرى، ومع ذلك فإن الآلاف من اللاجئين المحتملين الذين حرموا من الدخول إلى العراق والأردن وتركيا موجودون في مناطق شهدت وتعرضت لغارات بنيران الطائرات والمدفعية.
قال أحد عمال الإغاثة في منطقة كردستان العراق لـ هيومن رايتس ووتش في يونيو/حزيران إن موجة متزايدة من القصف وهجمات أخرى قرب بلدة ربيعة في شمال شرق سوريا قد جعلت تلك المنطقة غير آمنة. قال عامل الإغاثة إن الهجمات قد دفعت الحكومة المركزية بالعراق وسلطات حكومة كردستان الإقليمية إلى الاتفاق على إغلاق معبر بيشابور.
واجه اللاجئون الذين يحاولون العبور إلى داخل الأردن الخطر مؤخراً بسبب القتال بين القوات المسلحة السورية والجيش السوري الحر المعارض في المناطق الحدودية. قال مسؤولون أردنيون لـ هيومن رايتس ووتش إنه في مايو/أيار ويونيو/حزيران 2013 قام جنود سوريون بإطلاق النار مباشرة على لاجئين لمنعهم من بلوغ الحدود، وسبق لـ هيومن رايتس ووتش نشر تقريرعن قيام جنود سوريين بإطلاق النار على السوريين وهم يحاولون العبور إلى داخل الأردن.
أكد اللاجئون الذين تحدثوا مع هيومن رايتس في يونيو/حزيران، كما أكدت تقارير إعلامية، وقوع اشتباكات عنيفة في المناطق الحدودية في أواخر مايو/أيار 2013، مما يزيد الخطر الواقع على اللاجئين العالقين في تلك المناطق.
كما تعرضت مخيمات النازحين الكبيرة في باب السلام وأطمة داخل سوريا قرب الحدود التركية لهجمات القوات الجوية السورية، بما في ذلك أحدث الهجمات يوم 25 يونيو/حزيران على باب السلام، وهجمة على أطمة في 26 نوفمبر/تشرين الثاني.