الإخوان : مقاطعة للبلدية واجراءات بحق ، زمزم،
المقبلة رسميا، فيما ألمح الى عزم قيادة الجماعة اتخاذ ‘إجراءات تنظيمية محددة’ بحق مؤسسي المبادرة الأردنية للبناء ‘زمزم’.
وكشف القيادي بني ارشيد، في حوار مع ‘الغد’، عن غياب أية اتصالات بين الحركة الإسلامية والقنوات الرسمية، فيما شن هجوما واضحا على تيار الحمائم داخل الجماعة، قائلا إن من يتهم ‘قيادة الجماعة الحالية بالفشل يسعى هو الآن لإعادة إنتاج الفشل من جديد’.
وتحدث بني ارشيد بصراحة عن اتساع الفجوة بين الحركة الإسلامية وبين مؤسسات القرار في البلاد، مستعرضا أيضا مواقف الحركة حيال جملة من الملفات الداخلية للجماعة، وأخرى تتعلق بالسياسات الخارجية.
وشدد بني ارشيد، في سياق تعليقه على ملف مبادرة ‘زمزم’، بالقول إنه ‘ملف تنظيمي داخلي، وإن معالجة الحركة الإسلامية له ستكون وفق الأسس التنظيمية والأعراف المرعية داخل التنظيم’.
لكن بني ارشيد، الذي اعتذر مباشرة عن التعليق بالتفصيل على الإجراءات اللاحقة المتوقعة بحق ‘زمزم’، أضاف ‘شخصيا أعتذر عن التصريح في أي جزئية من جزئيات هذا الملف، ولكنني سمعت مبررات كثيرة عن كل حال انشقاق أو خروج من الجماعة، والسؤال أين هذه المحاولات (اليوم)؟؟ كل الذين خرجوا من الجماعة كانوا يقدمون مبررات، كالتي يقدمها هؤلاء بالضبط، والأيام بيننا’.
وزاد ‘بعد أيام، أو شهور على الأكثر، سنكتشف كم هو حجم الوهم، الذي يسيطر على أذهان الكثيرين من رواد زمزم’.
وردا على سؤال لـ’الغد’، حول أسباب تأخر قيادة الجماعة في اتخاذ قرارات كانت متوقعة بحق ‘زمزم’، أوضح بني ارشيد ‘بظني أن الجماعة كانت تعالج الموقف بكل نضج، وبعيدا عن حال الاستفزاز والاستعجال، والاسترخاء في المعالجة يشير إلى ثقة الحركة الإسلامية بنفسها، وأنها أعطت فرصا متعددة لمجموعة زمزم، حتى استنفدت هذه الفرص’.
في السياق ذاته، نأى بني ارشيد بنفسه عن توجيه أية اتهامات لمبادرة ‘زمزم’ والقائمين عليها، وقال، ردا على سؤال إن كان يعتبر أن هناك جهات ما وراء المبادرة، ‘لست معنيا بالبحث عن النوايا، سواء كانت ذاتية، أو كان هناك من يريد توظيفها، أو هناك جهات مستفيدة وتسعى إلى ترسيخها، لكن التعامل مع الأسس التنظيمية له منطق آخر، وهو منطق الالتزام التنظيمي أو عدم الالتزام’.
وفيما كانت قيادات في الحركة الإسلامية صرحت بوجود توجه لمقاطعة الانتخابات البلدية، المقررة في 27 آب (اغسطس) المقبل، جاءت تصريحات بني ارشيد مؤكدة لوجود قرار بالمقاطعة للانتخابات، لتحسم الجدل بشأن ذلك.
وفي الموقف حيال الانتخابات البلدية قال ‘القرار صدر بمقاطعة الانتخابات البلدية، خاصة أن الحكومة لم تقدم أي بادرة حسن نوايا، فيما يتعلق ببيئة الانتخابات أو قانونها.. القرار تم البت فيه عبر قرار مكاتب تنفيذية، وهي وضعت شرطا واضحا ومحددا، ولم يتحقق، والقرار أصبح مؤسسيا ورسميا’.
في سياق آخر، رفض بني ارشيد الحديث عن ‘فشل قيادة الجماعة الحالية’ في إدارة عدد من الملفات الداخلية، من بينها الخلافات مع تيار الحمائم، الذي طالب مؤخرا بإعادة تشكيل المكتب التنفيذي للجماعة، وهو الذي يسيطر عليه تيار الصقور، منذ الانتخابات الداخلية الأخيرة، فيما اعتذر الحمائم عن المشاركة في القيادة حينها.
وعن ذلك، تساءل بني ارشيد: ‘ما معنى الفشل، الذي يعبر عنه هؤلاء؟ ! وكيف سيكون النجاح. عندما حضرت هذه المجموعة إلى القيادة، كان هناك فشل حقيقي، وكان هناك تراجع حقيقي، ولم يكن هناك نجاح محسوب بمقياس الجميع’.
وزاد ‘كل مكونات الحركة الإسلامية توزن أداء المكتب التنفيذي الماضي للإخوان، الذي كان قائما على المحاصصة، باعتباره لم يكن ناجحا. الآن هناك محاولة لإنتاج نفس السيناريو، أو بمعنى أدق، الذي يتهم القيادة الحالية بالفشل، هو الذي يسعى لإنتاج الفشل من جديد’.
أما بشأن علاقة جماعة الإخوان مع مؤسسات الدولة الرسمية المختلفة، فاعتبر بني ارشيد أن ثمة ‘حالة انسداد في الأفق السياسي في إجمالي البلاد تتسيد المشهد’، فيما قال إن الخروج من هذه الحالة يعتمد على ‘إرادة مشتركة’، بين الدولة من جهة والقوى السياسية من جهة أخرى.
ورأى بني ارشيد، بحسب قناعته كما يقول، أن ‘القوى الوطنية والشعبية لديها إرادة ورغبة في الخروج من عنق الزجاجة، ومن الأزمة المعقدة’.
واعتبر بني ارشيد أن الحالة التي يمكن للحركة الإسلامية التوجه فيها نحو طاولة الحوار الوطني، هي الحالة التي ينضج فيها ‘الظرف السياسي والعقل السياسي الرسمي’، واستدرك ‘عندها سنجد كل الحلول وليس حلا واحدا’.
إلا أنه رأى أيضا أنه، في ظل حالة ما وصفه بـ’الاستقواء الرسمي بالخارج (…)، وإدارة الظهر للإرادة الشعبية، ستبقى الأزمة متدحرجة، وستكبر’.
وردا على اتهام الحركة الإسلامية بأنها فشلت في إدارة الملف السياسي مع الدولة، وفي بث رسائل تطمين للدولة، قال بني ارشيد ‘الإصلاحات التي تحققت لم تنقل الأردن نحو المسار الديمقراطي، القواعد التي تحكم اللعبة السياسية ما زالت مشدودة، وعند الحديث عن مطالب إصلاحية، نتحدث عن توزيع الصلاحيات على الشعب’.
أما بشأن انقطاع الاتصالات الرسمية مع الدولة، فحمل بني ارشيد المسؤولية إلى مؤسسات القرار في البلاد، وبعض المسؤولين، الذين أشار إلى إيصالهم صورة ‘غير إيجابية’ عن الحركة الإسلامية إلى جلالة الملك.
وقال ‘إن كانت العلاقة تحتاج إلى خطوط تواصل للتعبير عن الذات، وتوصيل رسائل تطمين، فمن هو المسؤول عن تعطيل هذه الخطوط’.
وأضاف أن مواجهة الأزمات المتدحرجة ‘تحتاج إلى مقاربة جديدة، وإدارة الظهر الى القوى الوطنية سيعقد المسألة، ولن يساهم في حلها’.
ورأى بني ارشيد أن هناك فجوة ‘آخذة بالاتساع بين الدولة والمواطن، وبين الدولة والحركة الإسلامية’.
أما عن موازين الخسارة السياسية بالنسبة للحركة الإسلامية على خلفية مقاطعتها للمشاركة في العملية السياسية، وما يمكن تسميته بـ’الخروج من المولد بلا حمص’، قال بني ارشيد ‘ليس هذا الحمص الذي نبحث عنه، وليس هذا السوق الذي نرغب أن نشارك فيه، قراءتنا تقول إن موقفنا السياسي الذي رفض المشاركة في كل هذه المؤسسات كان أداة ضغط فاعلة (…)، من أجل تقديم مزيد من الإصلاحات، بمعنى آخر لو شاركنا لربما لم يتحقق للمجتمع أي إصلاحات’.
ونفى بني ارشيد أن تكون الحركة قد سعت إلى مكاسب حزبية و’فئوية’ عبر مواقفها، معتبرا أن ‘الموافقة على المشاركة في مجلسي الأعيان والنواب والحكومة كانت لتحقق ذلك للحركة لو أرادت’.
وحذر بني ارشيد، في السياق، من استمرار ما قال إنه ‘حدوث موجة جديدة من أعمال الاحتجاج’ في الشارع، خاصة عند اقتراب رفع أسعار بعض السلع، مجددا دعوة الحركة الإسلامية لضرورة الاستفادة من التجربة المغربية في الإصلاح أردنيا.
وشدد بني ارشيد، رغم ذلك، على تمسك الحركة الإسلامية بمطلب إصلاح النظام، وقال :’عندما قررنا هذا الشعار، فإنه نتج عن إرادة واعية، ومدركة للوضع المحلي والإقليمي، في تقديرنا أن إصلاح النظام هو الأنسب للأردن، ونتمنى أن يتم إدراك هذه المعادلة’.
وفي الشأن الإقليمي، جدد بني ارشيد التأكيد على ‘عدم ارتباط’ موقف الحركة الإسلامية من الإصلاح الداخلي، بالتطورات على الجبهة السورية، رغم تأثيرات الأزمة السورية على الأردن.
ورجح بني ارشيد أن تسهم الأحداث في سورية أو مصر بـ’تحسين المناخ الإصلاحي في الإقليم كله، وليس الأردن فقط’، منددا بـ’تدخلات حزب الله اللبناني وإيران’ في الساحة السورية.
وقال ‘الوضع في سورية مؤلم ومؤسف، وفي غاية التعقيد والتشابك، سورية أصبحت الثقب الأسود، الذي يستنزف مكونات الدولة السورية، ومكونات الإقليم’. وزاد ‘معركة الجميع باتت في سورية، وكل الذين ساهموا في التدخلات الخارجية أسهموا في حرق المستقبل، مثل إيران وحزب الله، وسيدفعون ثمنا باهظا نتيجة التورط في معركة الثورة السورية ضد نظام مستبد’.
وعن دعوات الجهاد في سورية، قال بني ارشيد ‘سورية لا تحتاج مقاتلين، ولا مناضلين، وإنما دعما من نوع آخر، وأكثر من ذلك، المجموعات القادمة لسورية لم تخدم الثورة، بقدر ما خدمت النظام السوري، وتحديدا المجموعات المرتبطة بالقاعدة، سورية بحاجة الى مال وسلاح، وواجب المجتمع الدولي أن يقدمه. قمنا بحملات لجمع المال معظمها لغايات إغاثية’.
إلى ذلك، أعرب بني ارشيد عن تفاؤله بالتجربة الإسلامية في حكم مصر، رغم ما أسماه ‘وجود بعض الأخطاء في الأداء’، وقال إن ذلك ‘وضع طبيعي جدا’ وإن الأهم أن ‘الحكم في مصر يسير نحو بوصلة لإنشاء نهضة’.
وقال ‘الخيار المصري استوجب مؤامرة كونية، لإجهاض هذا المسار، ولدينا معلومات مؤكدة عن مؤامرة، تنخرط فيها إسرائيل وأميركا وفلول النظام المصري السابق، والقوى الليبرالية وإيران وحزب الله ودول خليجية’ على حد قوله.