هيومن رايتس تنشر تفاصيل مرعبة حول اغتصاب السوريات …!!!
قريبات وجارات للنشطاء والمقاتلين المؤيدين للمعارضة، وفي عدد من الحالات عرضتهن للتعذيب والانتهاك الجنسي.
وأجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 10 سيدات سوريات تم احتجازهن، إما لمشاركتهن في أنشطة تتعلق بالمعارضة، أو لمشاركة أفراد من عائلاتهن. وكان ثمانية منهن ناشطات تم احتجازهن، وقلن جميعاً إن قوات الأمن والشبيحة قامت بانتهاكهن أوتعذيبهن أثناء الاحتجاز. شملت الانتهاكات الصدمات الكهربية، وإبقائهن في أوضاع مجهدة، واستخدام القضبان والأسلاك والعصي المعدنية في ضربهن وتعذيبهن.
كانت السيدات الثماني قد حضرن مظاهرات سلمية، وقمن بتصميم ملصقات لجماعات المعارضة، وقدمن المساعدة الإنسانية والرعاية الطبية للمتضررين من النزاع، وقمن بنقل المنشقين عن الجيش السوري، وساعدن السوريين النازحين. وقلن جميعاً إن قوات الأمن احتجزتهن من نقاط تفتيش أو في مداهمات للمنازل، لمدد تصل إلى ما يقرب من 14 شهراً بين فبراير/شباط 2012 وأبريل/نيسان 2013. في حالتين قالت سيدتان إن محتجزيهما قاموا باغتصابهما أثناء الاحتجاز بفرع المخابرات العسكرية في طرطوس، وفرع المخابرات الجوية في المزة بدمشق.
أجرت هيومن رايتس ووتش المقابلات أيضاً مع سيدتين تم احتجازهما، وخمس سيدات تعرضن للانتهاك البدني، على أيدي القوات الحكومية لمجرد الاشتباه في ارتباط أقاربهن أو جيرانهن بقوات المعارضة.
لم تتلق هيومن رايتس ووتش أية معلومات تفيد بقيام قوات المعارضة باحتجاز مؤيدات للحكومة أو قريبات للمرتبطين بالقوات الحكومية والإساءة إليهن.
قالت ليزل غرنتهولتز، مديرة حقوق المرأة في هيومن رايتس ووتش: “فيما وراء المعارك اليومية بالمدافع، كان للمرأة صوت مسموع في المعارضة في القرى والبلدات في أرجاء سوريا. ورداً على هذا تقوم الحكومة السورية بمعاقبة النساء على توصيل المساعدات الإنسانية، والمشاركة في الاحتجاجات، وتأييد المعارضة، بتعريضهن للاحتجاز والتعذيب والاعتداء الجنسي”.
قالت هيومن رايتس ووتش إن اعتقال المحتجزات السابقات العشر جميعاً واحتجازهن كان تعسفياً. لم يجر احتجاز ثمانية من السيدات لشيء سوى أنشطة تتعلق بتأييدهن للمعارضة، بما في ذلك المشاركة في الاحتجاجات السلمية، وتقديم المساعدة الإنسانية، ومساعدة المنشقين عن الجيش السوري ومقاتلي المعارضة الجرحى.
وفي حالتين لم يجر احتجاز السيدتين إلا بسبب نشاط أقاربهما في المعارضة. قالت المحتجزات السابقات إن عناصر قوات الأمن التي تجري الاعتقالات لم تعلن عن هويتها ولا قدمت مبرراً قانونياً للاعتقالات ولا أبلغت السيدات بالتهم الموجهة إليهن ولا أخبرتهن بالمكان الذي تؤخذن إليه. تم حبس محتجزة سابقة لمدة نحو 3 شهور احتياطياً على ذمة المحاكمة، في انتهاك للمعايير القانونية الدولية وكذلك للتشريعات التي مررتها الحكومة السورية في أبريل/نيسان 2011 والتي تحدد 60 يوماً كحد أقصى للاحتجاز دون مراجعة قضائية.
أفادت السيدات بوقوع التعذيب في مقرات الاحتجاز التالية: فرع المخابرات العسكرية في طرطوس، وفرع المخابرات العسكرية رقم 15 في دمشق، وفرع المخابرات العسكرية في درعا، وسجن عدرا المركزي في دمشق. سبق لـ هيومن رايتس ووتش توثيق استخدام الحكومة للتعذيب في 27 مقر للاحتجاز في أنحاء سوريا، بما فيها تلك المقرات.
قالت فاطمة (تم تغيير كافة الأسماء لحماية صاحباتها اللواتي أجريت معهن المقابلات)، وهي ناشطة عمرها 35 عاماً كانت تساعد في نقل المنشقين عن الجيش السوري من حمص إلى درعا، قالت لـ هيومن رايتس ووتش إنها تعرضت للتعذيب كل يوم طوال فترة بلغت 15 يوماً أثناء الاحتجاز في فرع المخابرات العسكرية رقم 215 في دمشق، في مارس/آذار 2012:
في أحد الأيام تستخدم الكهرباء، وفي اليوم التالي يستخدم “الشبح” (التعليق من السقف من المعصمين مع تدلي القدمين أو ملامستهما للأرض بالكاد). ما زالت آثار التعذيب موجودة. كنت أفقد الوعي من الكهرباء… كانوا يضربونني على ساقيّ تحت الفخذين وعلى ظهري. عذبوني حتى ظهرت الكدمات على جسمي… أخذني رجلان وحملاني إلى الحمام لأنني كنت عاجزة عن المشي.
تم الإفراج عن فاطمة في مارس/آذار 2013، بعد ما يقرب من 14 شهراً من الاحتجاز.
أجمعت الناشطات الثماني اللواتي أجرت معهن هيومن رايتس ووتش المقابلات على احتجاز قوات الأمن لهن بسبب أنشطتهن المؤيدة للمعارضة. وقلن إن قوات الأمن استجوبتهن بشأن تورطهن مع جماعات المعارضة، وطلبت منهن الإدلاء بأسماء ومواقع وأنشطة أصدقاء وأقارب وآخرين من المشتبه في تأييدهم للمعارضة. تم احتجاز نسرين، 25 سنة، في درعا في فبراير/شباط 2012، وهي تساعد في نقل منشق عن الجيش السوري. وقالت لـ هيومن رايتس ووتش إن مستجوبيها سألوها عن هوية أحد قادة الجيش السوري الحر في قريتها، ووعدوا بإخلاء سبيلها في مقابل اسمه.
قالت ست من السيدات إن السلطات اتهمتهن بـ”الإرهاب” أو “الأنشطة الإرهابية”، لكنها أطلقت سراحهن بعد شهور من الاحتجاز بدون إجراءت قضائية كافية ـ بما في ذلك القضاة الذين رفضوا فحص ملفات قضاياهن بتعليمات من الأجهزة الأمنية، والذين أعادوهن للحبس الاحتياطي لمدد طويلة بدون تعليمات أو أحكام.
قال أحد قضاة دمشق لإحدى السيدات، “لقد نظر الأمن القومي في ملفك وليس بيدنا ما نفعله. من غير المسموح لأحد أن يرى ملفك. لا يمكن لقاض أن يفرج عنك”.
قالت مستشارة قانونية في دمشق لـ هيومن رايتس ووتش إنها تقوم حالياً بمساعدة 15 محتجزة بسجن عدرا المركزي، عقب نقلهن من الأفرع الأمنية بالمحافظات التي تشمل إدلب ودرعا ودمشق:
تم اعتقال معظم السيدات أثناء الثورة بسبب أنشطتهن ـ التظاهر، وتقديم المساعدة الإنسانية أو الطبية، وحتى مجرد النشاط على الإنترنت وموقع فيسبوك… ويجري اتهامهن بمساعدة جماعة مسلحة أو العمل معها كإرهابيات ـ لكن هذا غير صحيح.
وقالت إن موكلاتها أفدن باحتجاز حوالي 150 سيدة حالياً في عدرا، وهو الرقم الذي تؤيده أقوال محتجزتين سابقتين أجرت هيومن رايتس ووتش المقابلات معهما. تعتقد المستشارة القانونية، استناداً إلى عملها مع المحتجزات منذ بدء الانتفاضة السورية، أن أغلبية هؤلاء السيدات محتجزات للمشاركة السياسية والأنشطة المؤيدة لجماعات المعارضة. ويقدرمركز توثيق الانتهاكات في سوريا أن الحكومة السورية احتجزت أكثر من 5400 سيدة بين مارس/آذار 2011 وأبريل/نيسان 2013، كما يقدر بقاء 766 سيدة و34 فتاة تحت سن الـ18 عاماً في مقرات الاحتجاز الحكومية. وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تعرضت 24 محتجزة للتعذيب حتى الموتمنذ مارس/آذار 2011. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التحقق على نحو مستقل من أعداد المحتجزات أو اللواتي توفين أثناء الاحتجاز، بسبب منعها من الوصول إلى مقرات الاحتجاز في سوريا.
قامت اثنتان من المحتجزات السابقات بإبلاغ هيومن رايتس ووتش بأن عناصر قوات الأمن وحراس السجن اغتصبوهما وانتهكوهما جنسياً أثناء الاحتجاز. قالت أمل، 19 سنة، لـ هيومن رايتس ووتش إنها تعرضت للاغتصاب في مناسبتين مختلفتين: الأولى على يد محقق وضابطين في أكتوبر/تشرين الأول 2012، بفرع المخابرات العسكرية في طرطوس، والثانية على يد ضابطين بفرع المخابرات العسكرية رقم 235 (فرع فلسطين) في دمشق، في نوفمبر/تشرين الثاني 2012. حكت مايسة، 30 سنة، لـ هيومن رايتس ووتش عن تعرضها للضرب والتهديد بالتعذيب، والاغتصاب في مناسبتين منفصلتين في يونيو/حزيران 2012 على يد ضابط أمن أثناء احتجازها في فرع التحقيقات بالمخابرات الجوية في المزة بدمشق. بعد الاغتصاب الأول، قامت مايسة بإبلاغ أحد الضباط القادة الذي كان يستجوبها بالاعتداء. قام الضابط بصفع المعتدي أمام مايسة بعد أن تعرفت عليه بوصفه مرتكب الاغتصاب، لكنه لم ينقله من منصبه. قالت مايسة لـ هيومن رايتس ووتش إن المعتدي عاود اغتصابها في مساء اليوم التالي. في مناسبتين أخريين، في يوليو/تموز 2012، قام أحد حراس السجن في نفس الفرع بإرغام مايسة على ممارسة الجنس الفموي معه. العميد عبد السلام فجر محمود هو مدير فرع التحقيقات بذلك المقر.
سبق لـ هيومن رايتس ووتش تحديد مواقع مقرات الاحتجاز الـ27 التي تديرها أجهزة المخابرات السورية حيث تمكنت المنظمة من توثيق وقائع التعذيب، وكذلك الهيئات المسؤولة، وأساليب التعذيب المستخدمة، وهوية القادة المسؤولين في حالات كثيرة. وثقت هيومن رايتس ووتش أنماطاً ممنهجة تشير إلى أن التعذيب وإساءة المعاملة هو سياسة تتبعها الدولة، وبالتالي يشكل جريمة ضد الإنسانية. كما سبق لـ هيومن رايتس ووتش توثيقاستخدام الاعتداء الجنسي على أيدي قوات الأمن السورية بحق محتجزين من الرجال والنساء في أكثر من 20 واقعة. لم تتضح تماماً حتى الآن درجة استخدام الاعتداء الجنسي أثناء الاحتجاز، بسبب حرمان مراقبي حقوق الإنسان من الوصول إلى مقرات الاحتجاز، وامتناع الكثير من الضحايا عن التقدم مخافة الوصم أو التنكيل.
لا تملك هيومن رايتس ووتش أدلة على توجيه ضباط من الرتب العليا لأوامر إلى قواتهم بارتكاب اعتداءات جنسية أثناء الاحتجاز، أو على أن الاعتداءات الجنسية واسعة الانتشار وممنهجة في مقرات الاحتجاز الحكومية. إلا أن المعلومات التي تلقتها هيومن رايتس ووتش تشير إلى عدم اتخاذ الضباط القادة في معظم الحالات لأية إجراء للتحقيق في أفعال الاعتداء الجنسي أو معاقبة مرتكبيها أو منعهم من ارتكابها، وهذا على الرغم من وقوع هذه الأفعال في ظروف يفترض معها علم الضباط القادة، أو ضرورة علمهم، بحدوث تلك الجرائم. في الحالة الوحيدة التي وثقتها هيومن رايتس ووتش وبدا فيها أن الضباط وقعوا العقاب على المرتكب عن طريق العنف البدني ـ حالة مايسة ـ لم تكن تلك الأفعال كافية لحماية المحتجزة من الانتهاك. ولا توجد في أية حالة من الحالات أدلة توحي بملاحقة المرتكبين على جرائمهم.
تدعو هيومن رايتس ووتش إلى الإفراجالفوري عن كافة النشطاء والمحتجزين غير المنادين بالعنف المحتجزين تعسفياً، بمن فيهم أولئك المحتجزين لنشاط معارض أو للاشتباه في نشاط الأقارب. وقد دعت هيومن رايتس ووتش مجلس الأمن الأممي مراراً إلى مطالبة السلطات السورية بإتاحة وصول المراقبين الدوليين دون قيد أو شرط إلى كافة مقرات الاحتجاز، بمن فيهم أعضاء لجنة تقصي الحقائق التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان الأممي. ينبغي السماح لمراقبي حقوق الإنسان المدربين، المعترف بهم دولياً، وتجهيزهم للتحقيق في الاحتجاز التعسفي والتعذيب والانتهاك الجنسي لكل من الرجال والنساء. كما تكرر هيومن رايتس ووتش دعوتها إلى مجلس الأمن الأممي لإحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتستحث الدول الأخرى على الانضمام إلى دعوات المحاسبة بتأييد الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية بوصفها الهيئة الأقدر على التحقيق الفعال وملاحقة من يتحملون المسؤولية الكبرى عن الانتهاكات في سوريا.
وتواصل هيومن رايتس ووتش دعوة المنظمات الدولية غير الحكومية ومقدمي المساعدة الإنسانية والمنظمات المحلية إلى تطوير وتوسيع وتحسين وصول ضحايا التعذيب السوريات، بما في ذلك الاعتداء الجنسي، إلى المساعدات الطبية والنفسية والاجتماعية والقانونية، داخل البلاد وخارجها.
قالت ليزل غرنتهولتز: “استمر التعذيب والاعتداء على الناشطات لأكثر من عامين، بينما تواصل السلطات السورية إغضاء الطرف. يتعين على الحكومة السورية التوقف فوراً عن الإساءة إلى الناشطات، وإقرار تدابير لحمايتهن. أما مرتكبي تلك الجرائم فلا بد من محاسبتهم”.
الاعتقال التعسفي والتعذيب والانتهاك البدني لناشطات ومحتجزات أخريات: مقابلات وشهادات
تحدثت هيومن رايتس ووتش مع ثمانية ناشطات أفدن بالتعرض للتعذيب أو الانتهاك البدني أثناء الاحتجاز في فرع المخابرات العسكرية في طرطوس، وفرع المخابرات العسكرية في درعا، وفرع المخابرات العسكرية رقم 215 في دمشق، وفرع المخابرات الجوية بالمزة في دمشق، وسجن عدرا المركزي.
قام الشبيحة باحتجاز أمل، 19 سنة، من منزلها في محافظة طرطوس في أكتوبر/تشرين الأول 2012، بعد مشاركتها في مظاهرات سلمية، واحتجزوها لما يقرب من 3 شهور في مقرات بمحافظات طرطوس وحمص ودمشق. تعرضت أمل لاستجوابات مطولة بشأن معرفتها بمؤيدي المعارضة، وتم اتهامها في النهاية بالإرهاب. قالت أمل لـ هيومن رايتس ووتش إنها في فرع المخابرات العسكرية في طرطوس تعرضت للتعليق من السقف من معصميها بينما تلمس قدماها الأرض بالكاد (وهو ضرب من التعذيب يعرف بالشبح). وقالت إنها أرغمت على البقاء في هذا الوضع لمدة 6 ساعات، تناوب اثنان من ضباط الأمن أثناء تلك الفترة على ضربها بالعصي والأسلاك. كما قالت إن أحد مستجوبيها استخدم الكهرباء لتعذيبها:
أخذني إلى غرفتي ووضعني على مقعد وأوثقني به. ثم أتى بنصل وبدأ يجرح معصمي حتى ينقل الصدمة الكهربية بالدم. ثم نزع الغلاف عن السلك ووضعه على معصمي الجريح [حيث كان قد جرحه]. جرح يدي، وكان هناك القليل من الدماء، ووضع السلك هناك. ثم أدار الكهرباء لمدة دقيقتين أو ثلاث… أعطاني 3 صدمات. كان يضحك سعيداً حين يرى شخصاً يتعرض للتعذيب.
حكت فاطمة، 35 سنة، التي احتجزت في دمشق للمساعدة في نقل المنشقين عن الجيش والتشجيع على التظاهر، حكت لـ هيومن رايتس ووتش عن تعذيبها بالصدمات الكهربية في فرع المخابرات العسكرية رقم 215 في دمشق:
كنت أجلس في مقعدي ويداي مقيدتان، وساقاي موثقتان من أسفل. ثم يوصلون الكهرباء للمقعد الذي أجلس عليه. وضعوا الشاحن على المقعد فكان يرتج. كنت أفقد الوعي. كان المقعد معدنياً وكانت الكهرباء تمر عبره.
قالت فاطمة إضافة إلى هذا إن مستجوبيها، حين لم تستجب لمطالبتهم بمعلومات عن أعضاء الجيش السوري الحر وموردي أسلحته واستراتيجيته، كانوا يضربونها حتى تفقد الوعي.
كانت ثريا، 31 سنة، التي احتجزت في درعا في فبراير/شباط 2012 لمساعدة المنشقين عن الجيش السوري والتشجيع على التظاهر، قد كسرت ساقها في حادث قبل بدء الاحتجاجات. وقالت لـ هيومن رايتس ووتش إن ملازماً بفرع المخابرات العسكرية في درعا استغل إصابتها لتعذيبها: “كان يعرف أن الكسر لم يلتئم بعد. إذا أجبت سؤالاً بطريقة لا ترضيه كان يركلني في ساقي… ساقي بحاجة للجراحة. قال الطبيب هنا [في الأردن] إنهم كسروا العظام وفتتوها”. تعاني ثريا من عرج واضح بمشيتها.
تعرضت نسرين، 25 سنة، لانتهاكات مماثلة خلال 11 شهراً من الاحتجاز بسجن عدرا المركزي بين أبريل/نيسان 2012 ومارس/آذار 2013. كانت نسرين محتجزة في درعا بعد المشاركة في احتجاجات والمساعدة في نقل مقاتلي المعارضة الجرحى والمنشقين. وقالت لـ هيومن رايتس ووتش إن ملازماً بسجن عدرا كان يحرم المحتجزين من الخروج إلى المنطقة شبه المكشوفة خارج زنازينهم مباشرة، والتي كان مسموحاً لهم فيها بالتعرض للهواء الطلق.
كان يضربنا إذا طلبنا الخروج. ضربني على قدمي. وقالت لي ممرضة بوجود كسر في ساقي [جراء الضرب]. كان يستخدم حذاءه العسكري ويركلني بكعب الحذاء.
قالت ست سيدات أجرت معهن هيومن رايتس ووتش مقابلات إنهن شهدن عناصر قوات الأمن أو سمعنهم يعذبون سجناء آخرين، من الرجال والنساء، أثناء احتجازهن. وقالت محتجزة سابقة إن أفراد قوات الأمن في فرع المخابرات العسكرية رقم 215 أزالوا العصابة عن عينيها وأرغموها على مشاهدتهم وهم يطلقون الرصاص على اثنين من أصدقائها وزملائها الرجال المحتجزين فيردونهما. وقالت لـ هيومن رايتس ووتش إن الرجلين كانا غير سوريين وقد عملا معها في المظاهرات في أيام الانتفاضة الأولى.
قالت المحتجزات إنهن شهدن عناصر قوات الأمن يستخدمون الصدمة الكهربية، وإطارات السيارات، والمقاعد، والحبال الجلدية، والتفتيش الجسدي، لانتهاك محتجزين آخرين. تم الإبلاغ عن انتهاكات مشابهة في فرع المخابرات العسكرية رقم 215 بدمشق، وفرع المخابرات العسكرية رقم 235 (فرع فلسطين) في دمشق، وفرع الأمن السياسي في السالمية، وفرع الأمن العسكري في حماة، وفرع المخابرات العسكرية بدرعا.
قالت نسرين، 25 سنة، لـ هيومن رايتس ووتش إنها اعتقلت من درعا في فبراير/شباط 2012، واحتجزت لمدة تفوق العام. وقالت إنه في بداية الثورة لم تكن قوات الأمن تطلق النار على النساء، فصارت جزءاً من “جبهة أمامية” من السيدات اللواتي أدين دور الدرع الواقي للمتظاهرين الرجال. علاوة على هذا فقد ساعدت لاحقاً في نقل مقاتلي المعارضة المصابين والمنشقين عن الجيش السوري. شاهدت نسرين وسمعت تعذيب المحتجزين الذكور أثناء احتجازها في فرع المخابرات العسكرية رقم 215 في دمشق:
كانت غرفتنا تجاور الغرفة التي يستجوبون فيها الرجال. وكنت طوال الليل أسمعهم وهم يعذبونهم ويستجوبونهم، من الظهيرة وحتى الصباح. حين كانت دماء أحد الرجال تغرق الأرض، كان على نفس الشخص الذي تعرض للتعذيب أن ينظف الأرض. كنا نسمع أصواتاً تقول “نظف الأرض يا كلب. اغسل هذا يا كلب”. كانت هناك فرجة صغيرة في بابنا وكنا نراهم منها ينظفون الأرض أمام غرفتنا. كانوا يعذبونهم بالكهرباء ويرشون عليهم الماء ـ كنا نسمع كل هذا. كان المكان صغيراً جدا وكنت تسمع كل ما يدور حولك.
وقالت أربع محتجزات سابقات إن القضاة رفضوا مراراً مراجعة قضاياهن عند مثولهن أمام المحكمة. مثلت فاطمة، 30 سنة، أمام محكمة الإرهاب في دمشق، التي أنشئت بعد بدء الانتفاضة السورية، ثلاث مرات أثناء احتجاز دام أكثر من 5 أشهر في سجن عدرا. وحكت لـ هيومن رايتس ووتش عن مثولها الثاني امام المحكمة:
رأى القاضي الملف وقال، “لقد نظر الأمن القومي في ملفك وليس بيدنا ما نفعله. من غير المسموح لأحد أن يرى ملفك. لا يمكن لقاض أن يفرج عنك”. وقال إن عقوبتي ستكون الإعدام. قال محاميّ، “لا يمكنني أن أفعل شيئاً. ليس بيدي ما أفعله سوى مواصلة الاطمئنان عليك”.
حين طالبت فاطمة وغيرها من السيدات المحتجزات في سجن درعا بسبب النشاط المعارض، بأن ينظر قاض في ملفات قضاياهن، قالت إنهن وُضعن بالحبس الانفرادي وحرمن من الطعام وحقوق الزيارة.
لم تمثل ثلاث محتجزات سابقات أمام قاض قط، ولا وجه إليهن اتهام رسمي. قالت المحتجزات السابقات جميعاً لـ هيومن رايتس ووتش إن الإفراج عنهن لم يتم إلا في مقابل الرشوة، أو تسليم أحد الأقارب لنفسه، أو إفراج المعارضة عن أسرى كانت تحتجزهم.
الانتهاك والتحرش الجنسي أثناء الاحتجاز
قالت اثنتان من الناشطات لـ هيومن رايتس ووتش إنهما تعرضتا للاغتصاب أثناء الاحتجاز. قالت أمل، 19 سنة، إن أحد مستجوبيها واثنين من ضباط الأمن اغتصبوها أثناء احتجازها في فرع المخابرات العسكرية في طرطوس:
دخل [المحقق] بسروال وقميص داخليين وجلب معه اثنين آخرين… اقترب مني وعندها بدأ الأمر كله. استمر [الاغتصاب] نصف ساعة ربما أو أكثر. ثم ارتدى ثيابه وخرج. كنت على الأرض. ودخل الشخص التالي. ومرت نصف ساعة أخرى. وقال الشخص الثاني للجميع بالخارج، “تعالوا وانظروا”. [مع] الثالث كان الباب المفتوحاً. كنت أمام الجميع بالردهة… كنت قادرة على مقاومة الأول والثاني، ولكن ليس الثالث. نظرت إلى أسفل فرأيت الكثير من الدماء. شعرت بالدوار. كنت أزحف نحو سروالي وبلوزتي. ظهر طبيب في الغرفة… أخذني إلى الحمام وقال، “نظفي نفسك”.
تشير المعلومات التي تلقتها هيومن رايتس ووتش إلى عدم اتخاذ أي إجراء للتحقيق في الواقعة أو معاقبة المرتكبين.
قام ضباط المخابرات الجوية باحتجاز مايسة، 30 سنة، في يونيو/حزيران 2012 من منزلها، وأخذها إلى فرع المخابرات الجوية بالمزة في دمشق. كانت مايسة تقدم المساعدة الإنسانية للنازحين السوريين أثناء دراستها في الجامعة. وقالت لـ هيومن رايتس ووتش إنها اغتصبت على يد أحد ضباط المخابرات الجوية الأمنيين أثناء احتجازها الذي استمر 140 يوماً:
حين دخل قال لي، “لو احتجزك رجال الجيش الحر لاغتصبوك، لكنني هنا سأكون الوحيد الذي يمارس الجنس معك”. ثم نزع ثيابه، فصرخت… واقترب مني وأدارني بحيث أواجه الحائط. ثم نزع ثيابه الداخلية واغتصبني من الخلف. وبعد أن انتهى هددني قائلاً، “إذا تفوهت بشيء فلا تلومين إلا نفسك”… لا أدري إن كنت قد شعرت برغبة في الصراخ أم البكاء أم الاثنين معاً.
قامت مايسة بإبلاغ أحد المحققين في السجن بالاغتصاب وهوية المغتصب، فقام بصفع الضابط الأمني على سبيل العقاب، وقال لمايسة أن تنبهه إذا عاود الضابط الاقتراب منها. ومع ذلك ففي اليوم التالي، قالت إن الضابط جاء إلى زنزانتها واغتصبها ثانية. بعد هذا قالت مايسة لـ هيومن رايتس ووتش إنها عانت من انهيار عصبي وظلت تخبط رأسها بقضبان الزنزانة الحديدية حتى أغشي عليها. وحين أفاقت، سألها محقق ثان أن تعيد تحديد هوية المعتدي عليها، وهو ما فعلته. أنكر المعتدي الاعتداء، واتهمته مايسة بأنه من ضباط الجيش السوري لإثارة الغضب ضده. حين فعلت مايسة هذا، قام المحقق بضرب الضابط المعتدي.
في وقت لاحق من احتجاز مايسة، قام ضابط أمني آخر بالاعتداء الجنسي على مايسة وهي في الحبس الانفرادي في يوليو/تموز 2012. وقالت لـ هيومن رايتس ووتش إنه أخذها إلى حمام غير خاضع لمراقبة الكاميرات الأمنية حتى يتمكن من الاعتداء عليها:
كنت أغسل يدي حين اقترب مني وقال إن بوسعه مساعدتي على الخروج [من الاحتجاز] وإنه يمتلك علاقات ممتازة… وبدأ يلمسني في كل مكان. ثم دفعني إلى أسفل… ونزع سرواله ولكن ليس بالكامل. ووضع قضيبه في فمي. لم يكن خائفاً. كان يفعل هذا بثقة. كنت أخشى الصراخ لأنه هددني بالتعذيب. ثم قذف على وجهي. وجعلني أفعل هذا مرتين خلال الـ24 يوماً [التي كنت فيها في الحبس الانفرادي]… بعد ذلك اليوم كان يمر بجوار زنزانتي يومياً لرؤيتي. وقال لي مراراً، “إذا تحدثت ستندمين، فأنت لا تعرفين مع من تتعاملين”.
قالت ثلاث محتجزات سابقات لـ هيومن رايتس ووتش إن عناصر قوات الأمن وحراس السجن تحرشوا بهن جنسياً أثناء الاحتجاز، بما يتراوح بين التحسس وحتى التحرش اللفظي. ويقال إن الانتهاكات وقعت في فرع المخابرات العسكرية في درعا، وإدارة المخابرات العامة فرع الخطيب في دمشق، وفرع المخابرات العسكرية رقم 215 في دمشق.
تم احتجاز هادية، 20 سنة، لما يقرب من شهرين في يونيو/حزيران 2012، بسبب نشاطها ونشاط أفراد عائلتها. كانت هادية تقدم المساعدة للأسر المتضررة من الحرب، واعتقلت أثناء مشاركتها في مظاهرة بدمشق. قالت هادية لـ هيومن رايتس ووتش إنها تعرضت لتحرش جنسي من قبل ضباط شرطة في الحبس الانفرادي بفرع الخطيب في دمشق. “حاول اثنان منهم لمسي من خلال ثقب في الباب. وأمروني بالتعري لأن الجو شديد الحرارة وحتى يمكنهما التفرج… قال السجان، “إذا تركتني أنام معك سأطلق سراحك””. سبق لـ هيومن رايتس ووتش توثيق استخدام التعذيب في فرع الخطيب، بما في ذلك الضرب والضرب بأدوات، والصعق الكهربي، والضرب على باطن القدمين (الفلقة) ووضع المحتجزين في أوضاع مجهدة.
قالت فاطمة، 35 سنة، إنها تعرضت لاعتداء جنسي في فرع المخابرات العسكرية رقم 215 في دمشق على أيدي مستجوبيها والحراس: “كنت معصوبة العينين، جالسة على الأرض. وكانوا يأتون ويضعون أيديهم عليّ ويتفوهون بأقذع الألفاظ. كانوا يضعون أيديهم على ثدييّ”. كما سبق لـ هيومن رايتس ووتش توثيق استخدام التعذيب في فرع المخابرات العسكرية رقم 215 عن طريق الضرب والضرب بأدوات والشبح.
الاحتجاز التعسفي والإساءة إلى سيدات غير ناشطات أثناء عمليات التفتيش
تم اعتقال رشا، 31 سنة، أثناء مداهمة لمنزل بحماة في أغسطس/آب 2011، على أيدي رجال وصفتهم بأنهم من الشرطة العسكرية. تعاني رشا من مرض الكلى وقد خضعت لاستزراعها في 2007، ثم مرضت أثناء الاحتجاز في حماة ولم يسمح لها بالوصول إلى نظامها اليومي من الأدوية. قالت رشا لـ هيومن رايتس ووتش إن القوات الحكومية عذبتها أثناء احتجازها الذي دام 18 يوماً في فرع الأمن العسكري بحماة:
أخذوني بمفردي. كان السبب زوجي ـ فقد كانوا يبحثون عنه. كان مطلوباً بسبب مشاركته في المظاهرات… كانوا يضربونني بعصا، بالمعادن، بالخشب. أخبرتهم بأمر دواء الكلى الذي أحتاج إليه فزادوني ضرباً. قالوا إنهم سيتوقفوا إذا أفصحت عن مكان زوجي. أحرقوني بقضيب من الحديد المحمى. كانوا يضربونني في كل مكان، وخاصة على منطقة الكلى.
لم يتم الإفراج عن رشا إلا بعد عثور الشرطة العسكرية على زوجها واحتجازه في حماة. كما شهدت رشا، “لم أعد مستهدفة بعد خروجي من السجن لأن زوجي صار سجيناً”. أثناء الاحتجاز، قالت رشا إنها احتجزت في غرفة صغيرة ومعها 30-35 سيدة شابة أخرى تم احتجازهن جميعاً لأن أحد أفراد عائلاتهن مطلوب لتأييد المعارضة.
قالت حليمة، وهي سيدة حامل في العشرين من العمر وأم لطفلين من حمص، قالت لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الحكومة استهدفتها بسبب أبناء عمها، الذين قالت إنهم أعضاء في الجيش السوري الحر. حضر إلى منزلها خمسة رجال بالزي العسكري، وصفتهم بأنهم من الشبيحة، في مارس/آذار 2012 بعد زيارة منزل عمها القريب:
حضروا إلى منزلي في نفس الوقت لأن اسمي يماثل اسم أبناء عمي… أخذوني ووضعوني في غرفة كبيرة لمدة يومين. لا أدري أين كانت. عصبوا عينيّ وأخذوني في سيارة… سألوني أسئلة عن أبناء عمي ـ أين ذهبوا؟ قلت لهم إنني لا أعرف.
بعد 3 أيام من الاستجواب، قالت حليمة إن سيدة من أعضاء الشبيحة تعمل مع خاطفيها أشفقت عليها وساعدتها على الفرار. وخوفاً من المزيد من الاضطهاد، رحلت حليمة مع أسرتها فوراً إلى دمشق ثم الأردن.
وثقت هيومن رايتس ووتش أيضاً خمس حالات من انتهاك النساء على أيدي القوات العسكرية أثناء عمليات تفتيش مستهدفة أو محاولات لاعتقال أقارب من الرجال حددت القوات الحكومية أنهم من مؤيدي المعارضة. قالت السيدات في المقابلات إن الانتهاكات وقعت في محافظات دمشق ودرعا وحمص وإدلب بين سبتمبر/أيلول 2011 وأغسطس/آب 2012.
قالت شيماء، 20 سنة، لـ هيومن رايتس ووتش إنها عانت من إصابة في الرأس حين داهمت قوات الحكومة منزلها في درعا في أغسطس/آب 2012. وقالت إنهم كانوا يبحثون عن زوجها وأشقائها، الذين وصفتهم بأنهم من مؤيدي الجيش السوري الحر:
كنت أجلس بمفردي في المنزل. دخلت قوات الأمن… كانوا يريدون زوجي لكنه كان قد رحل. وكانوا يريدون أشقائي، وأرادوا مني إبلاغهم بمكانهم. قلت إنني لا أعرف فبدأوا يضربونني. وظللت أقول إنني لا أعرف. فجلبوا قضباناً معدنية وضربوني بها على رأسي ثم على ظهري. وبدأوا يجلدونني… بعد الضربة الأولى على رأسي بدأت أفقد توازني ولم أعد أرى بوضوح. فقدت الوعي… ولا أذكر بعد هذا سوى إفاقتي محاطة بالجيران.
قالت شيماء وأمها لـ هيومن رايتس ووتش إنها تتعرض لآثار مستمرة جراء الإصابة، بما في ذلك فقدان الذاكرة والتشوش والإرهاق.
استهدفت القوات الحكومية أيضاً رجالاً وأطفالاً بالانتهاك والاعتقال بسبب مزاعم تأييد أقاربهم أو معارفهم للمعارضة. إلا أن النساء معرضات لخطر الانتهاك بصفة خاصة أثناء التفتيش بحثاً عن مقاتلي المعارضة ومؤيديها من الرجال، حيث أن أدوار النساء الاجتماعية والأسرية كثيراً ما تربطهن بالمنازل بعد فرار الرجال لتجنب الاضطهاد أو رحيلهم للانضمام إلى الجماعات المسلحة.