من مظاهر العيد .. العيدية
وكالة الناس – كتب – د . عصام الغزاوي – نهايات جميلة كان يختتمها رمضان المبارك باطلالة عيد الفطر، الذي كان له معاني كثيرة، والاجمل في عيون الاطفال ، كنا صغارا ننتظر بلهفة وآذاننا مشرعة لسماع دوي مدفع العيد من جبل القلعة معلنا ثبوت العيد وانتهاء الصوم ، ليس فرحاً بالملابس الجديدة والحلوى وحسب بل انتظاراً للعيدية التي كانت تدخل الفرح والسرور الى قلوبنا، كانت العيدية من أجمل مظاهر العيد التي يفرح بها الأطفال وكانوا يضعون توقعاتهم لحجم ما سيحصلون عليه اعتماداً على عمر الطفل والقدرة الاقتصادية لمن يوزع العيدية ودرجة القربى ، كنا صبيحة العيد نلبس الملابس الجديدة ونطوف على بيوت الجيران نهنئ أصحابها بقدوم العيد ونقف في انتظار العيدية لنعود بعدها للمنزل نعد ما جمعناه ، كانت عيديتي لغاية الصف السادس قرطة ( 20 فلس ) ولم يكن يتجاوز إجمالي العيديات النصف دينار ، في الصف السادس قدمت ( المترك ) بنجاح وتعدلت العيدية لتصبح شلن ( 50 ) فلس ولأول مرة في حياتي بلغ إجمالي العيديات التي جمعتها ( 95 ) قرش أكملتها والدتي بشلن ليصبح المجموع دينار فراطة وضعتها في جيبي ، كان يطربني صوت خشخشتها كلما إهتزت جيبي حريصاً ان تبقى يدي تمسك بها حتى لا افقد منها شئ ، ذهبت بعدها إلى بقالة (ابو الوليد) وإستبدلتها بدينار ورقي كان اول دينار أملكه في حياتي ، شعرت انني أصبحت املك ثروة كبيرة ، وضعته في جزدان جلدي قديم في جيب البنطلون الخلفي وأحكمت إغلاق الجيبة بالزر حتى لا أفقده حريصاً على ان يبقى الجزدان ظاهراً في جيبي من باب التفاخر والمباهاة وكما يفعل الكبار ، كان للدينار قدرة شرائية كبيرة اذا علمت ان سعر تنكة البنزين كان ثمانون قرشاً فقط ، كان مشروع استثمار العيدية يعتبر مشروع كبير يخطط له بمنتهى الحرص ، ولكن هذا التخطيط غالبًا ما كان ينتهي بتسربل الدينار الى خزنة البنك المركزي ( صرة الوالدة ) لتشتري لي لاحقاً ما يلزم من الأقلام والدفاتر والحاجيات .