الأردنيون يحتفلون بعيد الجلوس الملكي
مؤكدين على الدوام حرصهم على مواصلة مسيرة العطاء والذود عن الوطن والحفاظ على مكتسباته وانجازاته، ويطمحون وبعون الله وبحكمتهم وانتمائهم للاردن الغالي وولائهم للمليك المفدى الى المزيد من الخير والحياة الافضل.
كما يؤكد ابناء هذا الوطن الذي احبوه قولا وفعلا في هذه المناسبة الوطنية العزيزة على قلوبنا جميعا العزم على مواصلة العمل نحو تحقيق الاهداف الوطنية الرامية الى الحفاظ على هيبة مؤسسات الدولة وتعزيز سيادة القانون وصون حقوق الانسان وتأكيد العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات ضمن قواعد ومبادىء دستورية مرنة وقابلة للتحديث والاصلاح في بيئة تشاركية وحضارية تصون وتحفظ الوطن وابنائه وامنه واستقراره.
تميز فكر جلالة الملك عبدالله الثاني ومنذ ان اعتلى العرش في التاسع من حزيران عام 1999 بالايمان بقدرات شعبنا العظيم وتميز حضوره بالعلم والمعرفة والاخلاق الكريمة المنبثقة عن ديننا الحنيف وعروبتنا ومبادئنا وعاداتنا وتقاليدنا الكريمة السمحة.
الاصلاح الشامل وتعزيز قدرات الدولة العصرية وسياسة خارجية تتصف بالاتزان والاستثمار بالمورد الانساني والسير قدما نحو الاعتماد على الذات وتعزيز سبل التكافل والتضامن المجتمعي والتركيز على التميز والابداع والتطوير والبحث عن وسائل وادوات جديدة في سد النقص في الموارد الطبيعية وكذلك الاهتمام بتاهيل ابناء الوطن وتدريبهم في مجالات عدة، كانت جميعها اساسيات في جدول اعمال الوطن عبر السنوات الاربع عشرة الماضية.
سار الاردن وبقيادة وحكمة جلالته قويا منيعا في ظل ظروف اقليمية ودولية دقيقة وشائكة، فبقي الوطن فاعلا ومؤثرا ومحافظا على وحدته وثباته في وجه كل التحديات، ليكون انموذجا في الاستقرار والامن والتسامح والايثار في منطقة غير مستقرة.
وشهدت عمان عاصمة الاردنيين والهاشميين وشقيقاتها محافظات المملكة كافة في عهد جلالته نهضة عمرانية وعلمية وتكنولوجية وثقافية وسياحية رائدة، وتتحدث عشرات المشروعات الناجحة خلال عقد من الزمان عن مناطق شملها التطوير والتحديث ليغدو الاردن بلدا اكثر حضارة ومدنية باهيا مزدانا باهله وانجازاتهم.
في عيد الجلوس الرابع عشر لجلالة الملك عبدالله الثاني نستذكر بعض محطات الانجاز والاصلاح التي شهدها الاردن في عهده ومن اهمها الاصلاح السياسي، فقد تواصلت المسيرة الديمقراطية وكانت الانتخابات النيابية عنوانا لها، اذ جرت اربع انتخابات نيابية، كان آخرها مطلع العام الجاري والتي كانت بشهادة المراقبين الدوليين محط تقدير بشفافيتها ونزاهتها، والاهم من ذلك حرص الاردنيين على المشاركة الفاعلة بممارسة حقهم الدستوري بالتصويت الحر والنزيه وباشراف هيئة مستقلة للانتخاب استحدثت ضمن تعديلات دستورية شملت اكثر من ثلث المواد.
واستحدثت المحكمة الدستورية لتكون محطة مهمة في مسيرة الأردن الإصلاحية، من خلال ادائها لدورها في صون الدستور وتحصين منظومة القيم القائمة على العدالة والنزاهة والحيادية وترسيخ مبدأ احترام سيادة القانون، الذي يعزز دولة المؤسسات ويصون حقوق وحريات المواطنين.
وتختص المحكمة، التي أنشئت بموجب التعديلات الدستورية بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وتفسير نصوص الدستور، وهي هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها وتتمتع بشخصية اعتبارية وباستقلال مالي وإداري.
واقر في عهد جلالته قانون للاحزاب وقانون للانتخاب، وتجري في شهر آب المقبل الانتخابات البلدية التي تشكل محطة مهمة لتؤدي البلديات دورها المنوط بها في خدمة المواطنين، والقيام بدورها التنموي في جميع مناطق المملكة.
وطرح جلالته اوراقا نقاشية اربع هي « مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة، وتطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين، وأدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة، ونحو تمكين ديمقراطي ومواطنة فاعلة « هدفت الى تحفيز حوار وطني حول مسيرة الإصلاح وعملية التحول الديمقراطي التي يمر بها الأردن، بهدف بناء التوافق، وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، وإدامة الزخم البناء حول عملية الإصلاح ومثلت خارطة طريق للنهج السياسي خلال الاعوام المقبلة.
وجاءت الورقة النقاشية الرابعة لجلالته استكمالا للاوراق النقاشية الثلاث لتعبر عن مرحلة جديدة نحو تطبيق برنامج التمكين الديمقراطي وتحدد ادواته مركزة على ان الحوارات والنقاشات يجب ان تبنى على معلومات موضوعية لا على الإشاعات وان مبدأ الالتزام والمشاركة هو جوهر المواطنة الفاعلة لتحقيق التحول الديمقراطي.
وفي هذه الورقة اكد جلالته على ان تقدمنا على طريق إنجاز نموذجنا الديمقراطي سيتحدد بقدرتنا على عبور محطات محددة، تؤشر الى تقدم ونضوج سياسي حقيقي وملموس، وليس مواعيد نهائية مسبقة أو عشوائية. وعلى امتداد طريق التنمية السياسية والتحول الديمقراطي الذي نسلكه، بما يتخلله من نجاحات وإخفاقات، سيكون التزامنا المشترك بالممارسات الديمقراطية الراسخة هو ضمانة النجاح في مواجهة مختلف المعيقات.
ويهدف برنامج التمكين الديمقراطي الذى رعى حفل انطلاقه جلالة الملك مطلع حزيران الجاري إلى تعزيز وتنمية مبادئ الديمقراطية والقيم التنموية التي أساسها سيادة القانون، ونبذ العنف وقبول الآخر، والحوار والمساءلة، إضافة إلى تحفيز مؤسسات المجتمع المدني للقيام بدورها كداعم أساسي للمواطن وقضاياه.
ويسعى البرنامج، الذي ينضوي تحت مظلة صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، إلى إشراك جميع فئات المجتمع، خصوصا الشباب، في بناء ثقافة ديمقراطية واعية، وتعزيز سبل ممارستها عبر المؤسسات الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني الداعمة، استنادا إلى أسس الثقة والقدرة على التغيير والمساهمة في دفع عجلة التنمية.
ويحرص جلالته على ارساء وتفعيل مبادىء النزاهة والشفافية, وفي رسالة الى رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور كلفه فيها برئاسة لجنة ملكية لتعزيز منظومة النزاهة قال جلالته: إن إرساء المبادئ العليا التي قام الوطن من أجل إعلائها كالعدالة، والمساواة، وسيادة القانون، إضافة إلى مكافحة الفساد، والشفافية، والمساءلة، والتي هي ركائز جوهرية للحوكمة الرشيدة في الأردن، هي القاعدة الأساسية والمنطلق الثابت لمسيرتنا الإصلاحية التي لن تصل إلى مداها المنشود إلا عبر بناء شراكة حقيقية ومتوازنة وفاعلة بين جميع مؤسسات منظومة النزاهة لتأطير التعاون البنّاء المرتكز على رؤية واضحة وأسس موضوعية.
وفي هذا الاطار وتحقيقا لمبدأ العدالة وجه جلالة الملك عبدالله الثاني رسالة الى رئيس الوزراء كلفه فيها بإعداد دراسة شاملة لقانون التقاعد المدني تتوخى أعلى درجات العدالة وتؤدي إلى تقديم مشروع قانون جديد ينظم جميع المسائل المتعلقة بتقاعد أعضاء السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويعالج التشوهات والإرباكات التي نتجت عن التعديلات المتكررة التي أُدخلت على القانون على مدار العقود السابقة.
وجلالته حريص على تفعيل ادوار جميع فئات المجتمع في رسم السياسة العامة والمشاركة في صنع القرار، فكانت لقاءاته المتكررة والمتعددة مع جميع اطياف التكوين السياسي والحزبي على اختلاف اهدافها ورؤاها وطريقتها في التعبير عن ارائها، وجلالته يؤكد دوما ان الحوار والنقاش المنسجم مع المصالح الوطنية والعمل ضمن الاسس الدستورية في تعديل القوانين والتشريعات بما في ذلك الدستور هو السبيل للوصول الى المحافظة على منجزات الوطن والذود عن مصالح شعبنا الابي.
ويمثل الدستور الاردني ركيزة اساسية للدولة الاردنية على مدى عقود مؤطرا عمل السلطات الثلاث ومحددا حقوق وواجبات الاردنيين وهو ما اكده جلالته في رسالته الى رئيس اللجنة الملكية لمراجعة نصوص الدستور رئيس الوزراء الاسبق احمد اللوزي حيث قال جلالته: إننا إذ نتوجه اليوم إلى الأردنيين والأردنيّات معبّرين عن ضرورة معالجة موضوع التعديلات الدستورية بمنهجية وعمق، وحرص على الوصول إلى مخرجات ترفد الأداء المتميز لنظامنا السياسي، لنؤكد أن بلدنا يرتكز إلى إرث هاشمي راسخ في قيادة الإصلاحات الدستورية, فها هو دستور جدنا، المغفور له بإذن الله تعالى، جلالة الملك طلال بن عبدالله، مثال راسخ على الرؤية الوطنية الشاملة.
واعربت منظمات وهيئات دولية ومحلية عن ترحيبها بتعديل الدستور، وفي بيانها بهذا الخصوص قالت كل من الشبكة الأورو- متوسطية لحقوق الإنسان، ومنظمة هيومان رايتس ووتش، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، بانها ترحب بهذه المبادرة الملكية باعتبار ان هدفها التقدم نحو إرساء ديمقراطية قائمة على احترام الحقوق. وانبثق عن لجنة ملكية برئاسة رئيس مجلس الاعيان طاهر المصري شكلت لقيادة عملية حوار سياسي يعزز مسيرة الإنجاز والاستقرار والبناء على المكتسبات توصيات قادت الى اقرار قانوني الاحزاب والانتخاب وهما أهم قانونين ناظمين للعمل السياسي، والمدخل لعملية الإصلاح السياسي الشامل الذي بنينا عليها آمالنا بأردن رائد يتقدم ميادين الإصلاح في المنطقة.
ولم تكن عملية الاصلاح السياسي المستمرة والمتواصلة وليدة لحظتها فهي متجذرة ومواكبة دوما للاحداث والتطورات داخل المجتمع الاردني، الا انها شهدت تسارعا متميزا في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني الذي اكد ومنذ بدايات عهده المجيد اهمية الاصلاح واشار اليه في غير مرة في خطب العرش وكتب التكليف السامية للحكومات التي تشكلت في عهده وكذلك في مقالاته ومقابلاته الصحفية والتلفزيونية المتعددة مع كبريات صحف ومحطات التلفزة العالمية.
في مقالة بقلم جلالة الملك عبدالله الثاني حملت عنوان (الإصلاح أولويتنا) نشرتها صحيفة وول ستريت خلال شهر نيسان من العام 2004 كتب جلالته: في هذه الأيام يوجد في كل أنحاء الشرق الأوسط-في مجالات المال والأعمال، الحكومة، الخدمات الإنسانية والتعليم- جيل جديد من القيادة المنتمية للقرن الحادي والعشرين، لا يحدده العمر بل التزام مشترك بالمضي قدما، إننا نؤمن بأن الحرية والتسامح أمران أساسيان إذا أريد الوفاء بالإمكانات البشرية.. إننا نسعى إلى مؤسسات مدنية تحترم حقوق الإنسان، بما فيها المساواة بين الجنسين وحكم القانون، نعرف أن الحكم الشفاف والخاضع للمساءلة ضروري إذا أريد أن يسهم المواطنون في التغيير.
في فكر جلالته يتضح جليا اهمية تحسين حياة المواطنين، وفي تواصل دائم ومستمر كانت لقاءاته مع ابناء الوطن مباشرة تتصف بالتواد والتراحم والتكافل والصراحة والوضوح، ولان مساعدة المحتاج واغاثة الملهوف من شيم الاردنيين وجلالته قائدنا، فكثيرا ما فاجأ اسرا عفيفة في بيوتها المتواضعة يجالسهم ويحادثهم ويفهم شكواهم واحتياجاتهم، في صورة معبرة صادقة نابعة من الوجدان والضمير.
وجلالته يحرص على لقاء الشيوخ اهل الخبرة والحكمة كما يحرص على لقاء الشباب وجه الاردن الحضاري وفرسان التغيير يلتقيهم ويستقبلهم ويصطحبهم، تنصهر ثقافاتهم ومنابتهم واصولهم في بوتقة واحدة وهوية اردنية جامعة قائمة على المواطنة الصالحة، وفي واحد من لقاءات جلالته بابناء الوطن في الديوان الملكي الهاشمي قال: لا أحد يحتكر مكونات الدولة, النظام هو المؤسسات والمواطنون، وكل فرد في هذا المجتمع هو جزء من النظام, وهذا البلد، الذي لا يملك إلا رجالاته وعزيمتهم، تحدى المستحيل بتضحيات لن تنسى، وهذه الدولة الأردنية ليست إنجازا لشخص، أو طرف واحد، وإنما هي إنجاز تراكمي لكل الأردنيين من جيل إلى جيل.
وفي كلمة لجلالته بمناسبة الاحتفال بمرور خمسين عاما على تأسيس الجامعة الأردنية اجاب جلالته على سؤال من هو الأردني بقوله: الأردني هو الذي يعتز بهويته الأردنية وبانتمائه الحقيقي لهذا الوطن، والأردني هو الذي يقدم مصلحة الأردن على كل المصالح والاعتبارات،والأردني هو الذي عندما يمر الوطن بظروف صعبة أو استثنائية، يسمو بكرامته وانتمائه على كل مصلحة شخصية أو حزبية أو جهوية، ويقف إلى جانب الوطن في مواجهة كل التحديات, والأردني هو الذي يقوى بالوطن ولا يستقوي عليه، ولا ينتهز الفرص للتحريض عليه، والأردني لا يقبل بأي أجندة إلا إذا كانت مرتبطة بتراب الأردن وتضحيات الأردنيين وطموحاتهم، الأردني هو الذي يقيس ثروته الحقيقية بمقدار ما يقدم من عطاء وتضحية وإنجاز وليس بمقدار ما يملك من مال أو جاه.
وارتباطا مع احتياجات المواطن الخدمية المباشرة (التعليم والصحة والسكن ) فقد حقق الاردن في عهد جلالته نجاحات وانجازات ومشروعات في هذه القطاعات المهمة، فازداد عدد المدارس وتحسنت نوعية التعليم خاصة الاساسي وازداد عدد المستشفيات والمراكز الصحية الشاملة فيما شهد بعضها تحسنا في بنيتها ومرافقها ونوعية خدماتها وذلك باشراف مباشر ومتابعة من قبل جلالته الذي زار اكثر من مرة مستشفيات حكومية واطلع على طبيعة الخدمات فيها، ونفذت التوجيهات الملكية السامية بتوسيع مظلة التأمين الصحي الشامل، وانجزت مبادرات ومشروعات مهمة في توفير السكن الملائم وخصوصا للعائلات المحتاجة من خلال تنفيذ مشروع اسكانات للاسر العفيفة.
وللمرأة الاردنية حضور متميز في المشاركة في عملية النهضة التنموية الشاملة التي يشهدها الاردن في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، فقد ازدادت نسبة مشاركتها السياسية في تشكيل الحكومات وفي مجلسي الاعيان والنواب وكذلك في البلديات، وتراجعت بشكل ملحوظ نسبة الامية بين الاناث مقابل ارتفاع هائل ومضطرد في تحصيل المرأة الاكاديمي العالي، واسهمت بشكل اكبر في النشاط الاقتصادي والثقافي والاعلامي، وتميزت بممارستها لحقها الدستوري في مشاركة لافتة في صناديق الاقتراع للانتخابات والترشح لعضوية مجلس النواب، وازداد عدد النساء المنتسبات للنقابات المهنية، وساعد ذلك كله التوجيهات الملكية السامية بتعديل التشريعات والقوانين المتعلقة بحقوقها بما يكفل عدم التمييز او الاقصاء او تقليل فرص نجاحاتها وحضورها.
وفي الشأن الاقتصادي شهد الاردن في عهد جلالته توجها نحو قطاعات استثمارية جديدة واهمها قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات حيث يسير الاردن بخطى ثابتة نحو تاكيد حضوره في هذا المجال سواء من ناحية التركيز على مسارات التعليم او من ناحية التشجيع على اقامة مشروعات رائدة في هذا القطاع الذي ينشىء ويدير 75 بالمئة من مجمل محتوى الإنترنت باللغة العربية في المنطقة.
وبدأ الأردن منذ أكثر من عقد مضى، بإصلاحات هيكلية بهدف الاندماج في الاقتصاد العالمي وتعزيز الفرص، وشمل ذلك استثمارات وطنية في مجال التدريب والبنية التحتية، وقوانين وسياسات لتعزيز النمو، ومبادرات تنموية جديدة، وتوفير مزيد من الحماية للشركات الأجنبية والمحلية على حد سواء وسن قوانين جديدة ومتطورة لتشجيع الاستثمار، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص ويحظى الأردن باتفاقات تجارة حرة مهمة توصله إلى اقتصادات كبرى وتفتح أمامه أسواقا توصله إلى أكثر من مليار مستهلك في جميع أنحاء العالم.
ولمواجهة التحديات التي يفرضها واقع افتقار الاردن للمياه واستيراده لما نسبته 96 بالمئة من احتياجاته من الطاقة، فان جلالته يركز على اهمية الأساليب التكنولوجية الحديثة في إدارة واستثمار الموارد والبحث عن خيارات الطاقة المتجددة كالرياح، والطاقة الشمسية والنووية.
وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية، الا ان الاردن تمكن خلال السنوات العشر الماضية، من رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 22 مليار دينار، ومستوى الدخل الفردي إلى 3050 دينارا، وقيمة الصادرات الى اكثر من خمسة أضعاف.
وللمرة السابعة احتضن الاردن مؤخرا المنتدى الاقتصادي العالمي الذي انبثق عنه العديد من المشروعات والافكار الريادية على المستوى المحلي والعربي والعالمي، وفي كلمة في الجلسة الختامية للمنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال أيار 2013 قال جلالته: ان منطقتنا اليوم لديها هدف أساسي، وهو بناء مستقبل قوي ومستقر تنعم فيه جميع شعوبنا بالازدهار،وأنتم، وآخرون كثر في جميع أنحاء بلداننا، قادة ورواد هذه المسيرة، نحن بحاجة إلى مسار واسع، مسار موثوق ومطمئن، يشجع الملايين من الناس على المضي قدما.
وجلالته يوجه دوما إلى مساعدة القطاع الخاص لتجاوز المعيقات التي تواجهه كونه الشريك الأساس في عملية الإصلاح الاقتصادي، التي تعد المفتاح للتصدي ومعالجة مشكلتي الفقر والبطالة ويدعو الى ضرورة تكثيف الاهتمام لإقامة شراكات بين المستثمرين الأردنيين والأجانب، والاستفادة من المناطق التنموية وموقع مدينة العقبة كبوابة للنفاذ إلى الأسواق الإفريقية ودول الشرق الأوسط.
ويشدد جلالته على أهمية صون حقوق المواطنين وإنفاذ سيادة القانون على الجميع بمنتهى الحزم والشفافية، باعتباره المظلة التي تحمي مسيرة الديمقراطية والإصلاح في الأردن، وفي لقائه في ايار الماضي رئيس وأعضاء مجلس النواب قال: ان سيادة القانون هي أهم ركن من أركان الدولة، وهي الضمانة الحقيقية للمسيرة الديمقراطية وأمن المواطن واستقرار الوطن، داعيا السلطات الثلاث إلى التعاون الكامل في التشريع وتطبيق القانون على الجميع بمنتهى الحزم والشجاعة والشفافية، وبدون أي تهاون أو محاباة أو استرضاء.
واهتم جلالته بالشباب مركزا على اهمية التميز والابداع، فكان ان خصصت العديد من جوائز التميز لهم بل وللشباب العربي كذلك، اذ سلم جلالته في المنتدى الاقتصادي العالمي ( جائزة الملك عبد الله للإنجاز والإبداع الشبابي) لثلاثة من الشباب الريادي العربي المبدع من السودان ولبنان ومصر، من بين 365 شاباً تنافسوا عليها من 13 دولة عربية، وهي جائزة أطلقها جلالته خلال المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2007 وتهدف إلى تمكين ودعم الشباب العربي من الفئة العمرية بين 18-30 عاماً من كلا الجنسين من الرياديين الذين ابتكروا حلولا إبداعية لمواجهة التحديات الملحّة التي تعيشها مجتمعاتهم على الصعيد البيئي والاقتصادي والاجتماعي.
الحضور العربي والدولي الذي اكده الاردنيون بقيادتهم الحكيمة كان واضحا وماثلا بشهادات ضيوف المملكة من اشقاء واصدقاء وكذلك على منابر المحافل وفي المؤتمرات واللقاءات العربية والدولية، فكان الاردن وكما هو عليه دوما سندا وعونا للامة العربية ولشعوبها يقتسم معها لقمة العيش وقطرة الماء يغيث الملهوف ويحنو على الضعيف.
لقد تحمل الاردن جراء الازمة السورية تبعات اقتصادية واجتماعية وديمغرافية هائلة انطلاقا من انتمائه العروبي ونظرته الى اللاجئين الذين يدخلون الى الاردن اشقاء واخوة، واضافة الى البعد المادي فقد قامت قواتنا المسلحة الباسلة وشعبنا الابي بجهود جبارة وكبيرة لتوفير الحماية والمأوى لمئات الآلاف من اشقائنا في واحدة من حالات التعامل الانساني الذي سطر الاردن فيها على الدوام سجلا ناصعا حيث لم يغلق حدوده في وجه أي عربي.
وفي المحفل الدولي بقي جيشنا العربي الباسل بطلا ضمن مشاركته في قوات حفظ السلام والامن الدوليين.
ويولي جلالته قواتنا المسلحة والاجهزة الامنية جل رعايته تدريبا وتأهيلا وتسليحا، لتدخل طورا جديدا من التقدم والتطور، وخلال الشهر الماضي افتتح جلالة الملك القائد الاعلى للقوات المسلحة الاردنية مصنع شركة جدارا للمعدات والأنظمة الدفاعية، إحدى شركات مجموعة كادبي الاستثمارية التابعة لمركز الملك عبدالله الثاني للتصميم والتطوير، وشركة جدارا هي مشروع أردني – روسي مشترك لتطوير الصواريخ وتصنيعها، ويعد صاروخ (النشاب) المضاد للدروع والمنشآت، بمواصفات فريدة وكفاءة متميزة ودقة عالية، أول منتجاتها.
وفي هاييتي احدى الدول التي تشارك فيها القوات المسلحة الاردنية في حفظ السلام الدولي منذ العام 1989 زار جلالته العام الجاري الوحدات المشاركة في الواجب الإنساني في ارض المهمة، والتي أسهمت في حالة الأمن والاستقرار وتوفير المساعدات الإنسانية في مواجهة آثار الكوارث والأزمات التي تعرض لها منذ عام 2004 معربا جلالته عن اعتزازه بأدائهم المتميز وبدورهم الإنساني الكبير الذي أسهم في عملية حفظ السلام في هاييتي بكل احترافية واقتدار وتميز.
وجلالته يدعو دوما الى تطوير الأداء الإعلامي والارتقاء به على أسس من المهنية والموضوعية، وبما يضمن الموازنة بين حرية الإعلام والمسؤولية.
وبقي الاردن في عهد جلالته محافظا على موقفه الثابت ازاء القضية الفلسطينية التي يعتبرها جوهر الصراع العربي الاسرائيلي وخلال مؤتمر القمة العربية الذي عقد في العاصمة القطرية العام الجاري قال جلالته: إن المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤولياته في تكثيف الجهود من أجل إعادة بناء الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإحياء مفاوضات السلام، للبناء على ما تحقق، ومعالجة جميع قضايا الوضع النهائي، وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية.
وفي آذار العام الجاري وقع جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان اتفاقية تاريخية، أعادت التأكيد على أن جلالة الملك هو صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس الشريف، وله الحق في بذل جميع الجهود القانونية للحفاظ عليها، خصوصا المسجد الأقصى، المعرف في هذه الاتفاقية على أنه كامل الحرم القدسي الشريف.
ويدعو جلالته على الدوام الى تفعيل العمل العربي المشترك، وفي مقابلة مع صحيفة الشرق القطرية قال ان « التحديات الاستثنائية وغير المسبوقة، التي تمر بها أمتنا العربية والإسلامية، تستدعي منا جميعا تنسيق الجهود المتصلة بتفعيل العمل العربي المشترك، وتعزيز التعاون بين الدول العربية، لمواجهة هذه التحديات، والحد من آثارها وانعكاساتها السلبية على مصالح أمتنا الإستراتيجية وقضاياها المصيرية».
وواصلت السياسة الخارجية في عهد جلالته الوقوف على المبدأ الثابت في التوازن والاحترام المتبادل بين الاردن وجميع دول العالم وكان لجلالته زيارات عدة الى مختلف دول العالم كان محورها الاساس القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية ونقل صوت وصورة الانسان الاردني المتميز بالفكر والحضارة والابداع كما استقبل الاردن العديد من زعماء دول العالم وقادته.
وفي يوم الجلوس الملكي، قلد جلالة الملك عبدالله الثاني جلالة الملكة رانيا العبدالله، قلادة الحسين بن علي.
وعلى درب ونهج ورؤية جلالة الملك تسير جلالتها مهتمة بالتعليم والتنمية المستدامة ورعاية الابداع والتميز والشباب.
تقول جلالتها على صفحتها الالكترونية: بدون تعليم ستستيقظ كل صباح محدودة قدراتك..غير قادرة على تجاوز ما كانت عليه بالأمس, فالتعليم ليس علوما وجغرافيا وتاريخا وفنا فحسب.. ولا معلومات تعبئ بها عقلك، بل مفاتيح لأبواب عقلك تشرعها فتستوعب الدنيا.. وحينها يصبح العالم أفقك ويصير الحلم طموحا.
وجلالتها تؤمن بحق الانسان في الطموح وبأننا نولد جميعا سواسية، لأننا خلقنا جميعا بنعمة العقل..وتقول حقك أن يكون غدك واقعا لا حلما. وفي كلمة لجلالتها في جلسة نقاشية ضمن المنتدى الاقتصادي العالمي 2013، بحثت كيف يمكن للمنطقة العربية توفير وظائف لائقة ومنتجة في الوقت المناسب وبطريقة مستدامة وعقدت تحت عنوان (رؤية جديدة للتوظيف في العالم العربي)، قالت جلالتها ان التعليم ورغم دوره المحوري الا انه لا يجد الاهتمام الكافي في العالم العربي. وجلالتها ترأس مجلس أمناء المجلس الوطني لشؤون الأسرة الذي تأسس عام 2001، كمؤسسة مجتمع مدني، بهدف العمل على تحسين نوعية حياة الأسرة الأردنية بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والمساهمة في وضع السياسات والاستراتيجيات والخطط التنموية ذات العلاقة بالأسرة وأفرادها ومتابعة تنفيذها.
ويعمل المجلس على تحديث الاستراتيجية الوطنية لكبار السن التي اطلقها عام 2009، وتحديث الخطة الاستراتيجية لحماية الأسرة من العنف، كما درب المحامين على قوانين الاسرة، وانجز اسس اعتماد الحضانة، وهو بصدد انشاء 10 حضانات ستكون اولها في الجامعة الهاشمية، وأعد حقيبة علمية مُوجهة للأطفال دون 9 سنوات واسرهم حول الاستخدام الآمن للشبكة العنكبوتية، ووضع المادة العلمية على موقع المجلس الالكتروني لتكون متاحة للجميع.
وانجز المجلس مسودة مشروع تعديل قانون الحماية من العنف الأسري، ويعمل حاليا على تحليل التشريعات ذات العلاقة بالأسرة الأردنية، كما انهى اعداد نظام اعتماد لرياض الأطفال في الأردن ويتطلع الى وضع آلية عمل له.
وتحت رعاية جلالتها أعلنت شركة مايكروسوفت الأردن ايار الماضي عن أسماء الفائزين في مسابقة كأس التخيل لابتكار حلول لتوظيف التكنولوجيا في مجالات الحياة المختلفة وهي مسابقة طلابية عالمية ألهمت المنافسة 450 طالباً من مختلف الجامعات الأردنية لابتكار حلول لتوظيف التكنولوجيا ولتحقيق أفكارهم ومشروعاتهم وإثراء حياة الناس من حولهم وذلك عبر استخدام أحدث برمجيات مايكروسوفت التقنية.
وبصفتها احدى اعضاء اللجنة رفيعة المستوى لرسم أجندة التنمية لما بعد 2015، شاركت جلالتها بقية اعضاء اللجنة في تسليم تقرير عملهم النهائي الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون.
واختار امين عام الامم المتحدة اعضاء اللجنة في شهر اب الماضي، بهدف رسم رؤية جديدة لجهود التنمية العالمية في المستقبل. وتضم في عضويتها الى جانب جلالتها ممثلين عن حكومات وقطاع خاص وقطاع أكاديمي ومنظمات مجتمع مدني وشباب, وجاء اختيار جلالتها تقديراً لجهودها في الأردن والعالم في المجالات التعليمية والانسانية والتنموية.
وخلال فترة اعداد التقرير شاركت جلالتها في اجتماعات اللجنة لبحث شمول قضايا مختلفة كزيادة العمل للحد من الفقر في العالم، وضرورة تضمين التنمية الانسانية في اطار عمل الاجندة، كما التقت ممثلي مؤسسات مجتمع مدني وشباب للاستماع الى مقترحاتهم حول اولويات التنمية لما بعد 2015.
وفي شباط الماضي شاركت جلالة الملكة رانيا العبدالله في عمان بجلسة تشاورية عقدت حول التعليم في الاردن وربطه بسوق العمل، ضمن سلسلة مشاورات عقدتها منظمات الامم المتحدة للعديد من القطاعات وبمشاركة المعنيين من راسمي السياسات والمنفذين والمستخدمين والمستفيدين لتحديد اولويات خطة التنمية لما بعد عام 2015.
وخلال الجلسة التي عقدتها منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) بمشاركة طلبة جامعات واولياء امور وممثلين عن مؤسسات مجتمع مدني ومؤسسات حكومية، جرى تحديد نحو 24 اولوية في قطاع التعليم، وصوت الحضور على اهم تلك الاولويات.
كما شاركت جلالتها في عمان خلال اذار الماضي باعمال ورشة اقليمية لوضع الاولويات الانمائية العربية لما بعد 2015 عقدت بدعوة من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية ومؤسسة الامم المتحدة استهدفت مناقشة أولويات أجندة التنمية، وقالت جلالتها خلال الورشة: «نحن بحاجة لاستراتيجيات وأهداف جديدة تصاغ حسب أولويات الأفراد، استراتيجيات تنموية تمكن الإنسان العربي وتواكب طموحاته».
وفي نيسان الماضي، افتتحت جلالتها في عمان اعمال المنتدى العربي للتنمية الذي نظمته مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية الإقليمية حول أولويات التنمية في الدول العربية لمرحلة ما بعد عام 2015.
وفي اطار اهتمامها بدعم الابداع والمبدعين افتتحت في ايار الماضي في المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة اكبر واشمل معرض فني تشكيلي أردني بعنوان (70 عاماً من الفن الأردني المعاصر)، ويعد أكبر معرض يحتفي بمسيرة الفن التشكيلي الأردني شارك فيه 195 تشكيلي من مختلف الأجيال باكثر من 200 عمل فني، وتوج المعرض جهود المتحف الرائدة في اقتناء الأعمال الفنية الأردنية والحفاظ عليها والتعريف بها. وفي شهر شباط الماضي التقت جلالتها الطلاب الاردنيين الذين شاركوا في مسابقة انتل للعلوم – العالم العربي لعام 2012 التي أقيمت في دبي، وحققوا نتائج متميزة بعد منافسة مع 130 طالبا وطالبة من 11 دولة عربية.
وفي بداية العام الحالي زارت جلالة الملكة مدينة الحسين الطبية وتفقدت اقساما جديدة في مستشفى الملكة رانيا العبدالله للاطفال الذي يتميز بوجود 22 تخصصا فرعيا لطب وجراحة الاطفال يشرف عليها كوادر طبية اردنية من الخدمات الطبية الملكية، ويتعامل مع نحو 700 حالة مرضية يوميا.
ويعتبر المستشفى من الاوائل في مجاله على مستوى المنطقة والوحيد في جراحة المنظار للاطفال على مستوى المملكة، وقد اضيفت له اقسام حديثة هي قسم زراعة النخاع العظمي للاطفال وامراض نقص المناعة الوراثية عند الاطفال وقسم الخداج الذي جرت توسعته ليشمل 14 حاضنة بالاضافة الى توسعة وحدة غسيل الكلى.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله افتتحا المستشفى في شهر شباط من العام 2010، ويقدم المستشفى التدريب لكوادر طبية من الدول العربية اضافة الى استقباله لحالات مرضية لاطفال من الدول العربية.
ويجري المستشفى نحو 25 عملية جراحية يوميا بما يزيد على 6 الاف عملية سنويا لمختلف تخصصات جراحة الاطفال، ويتميز بوجود تخصصات لطب الاطفال غير متوفرة خارج المستشفى مثل امراض الايض والاستقلاب وامراض المناعة والمفاصل وامراض الجينات الوراثية، بالاضافة الى قسم طوارىء للاطفال.
وفي مسيرتها العملية قرنت جلالة الملكة رانيا العبدالله القول بالعمل وترجمت ذلك بمبادرة (مدرستي) التي اطلقتها عام 2008 لتجسد نهجا تشاركيا بين مؤسسات القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني. وتهدف المبادرة الى تحسين البيئة التعليمية في أكثر من 500 مدرسة حكومية في محافظات المملكة ضمن خمس مراحل شملت كل مرحلة مئة مدرسة يتم فيها إجراء أعمال الصيانة وتطبيق مجموعة من البرامج التعليمية والتوعوية التي تهدف إلى إغناء مهارات وكفاءات طلابها، وتحسين الاساليب التعليمية للمعلمين والمعلمات، وبذلك وصل عدد المستفيدين الاجمالي من برامج (مدرستي) النوعية والتعليمية الى نحو 165 الف طالب وطالبة.
ومنذ اطلاق اولى مراحل المبادرة وجلالتها تتابع وتؤكد على تحسين البيئة التعليمية لطلبة المدارس الحكومية بما يسهم في تحسين نوعية التعليم وتحفيز الطلبة والمعلمين, وفي متابعة لتنفيذ هذه المبادرة قامت جلالتها خلال شهر ايار الماضي بزيارة الى قرية الأشرفية بلواء الكورة وتفقدت مدارس شملتها مبادرة (مدرستي). وفي اطار اهتمامهما بالمعلم وايمانهما بأهمية دوره في العملية التعليمية، اطلق جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله العام 2006 (جائزة الملكة رانيا العبدالله للمعلم المتميز)، تبعها في العام 2009 اطلاق جلالتها (جائزة المدير المتميز),
واستطاعت هذه الجوائز الوصول الى الاهداف التي اطلقت لاجلها والمتمثلة في تجذير التميز التربوي، وتعزيز مكانة المعلم والمدير الى جانب الحاق الفائزين ببرامج تدريبية واكاديمية ونشر نجاحاتهم وإتاحة المجال امامهم لتبادل الخبرات محليا ودوليا. وجاء انشاء أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين لتواكب تطلعات جلالتها في العمل لإحداث قفزة نوعية في مدارسنا بدعم أساليب جديدة لإيصال المعلومة.
ومنذ إطلاق جلالتها الأكاديمية في حزيران 2009 وصلت برامجها الى المعلمين والمعلمات ومديري المدارس الحكومية في كل من عمان والزرقاء والرصيفة والسلط وعين الباشا ومادبا، وفي محافظات الشمال والعقبة والطفيلة والكرك ووصل عدد المستفيدين من برامجها 7695 تربويا وتربوية.
وتحظى مبادرة التعليم الاردنية التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني في عام 2003 بمتابعة من جلالة الملكة رانيا العبدالله، حيث تمأسست كمنظمة غير ربحية تبني شراكات بين القطاعين العام والخاص لتحفيز التطوير التعليمي والمساهمة في بناء اقتصاد يعتمد على المعرفة. وعملت المبادرة على تجهيز الصفوف المدرسية الأردنية بتكنولوجيا المعلومات وتزويد معلمي الأردن بمناهج متقدمة, وتم تبني نموذج المبادرة في عدد من الدول, وحصلت على جائزة منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)-ملك البحرين حمد بن عيسى ال خليفة الدولية لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال في مجال التعليم لعام 2009.
ومن اجل زيادة الوعي الصحي وتمكين المجتمع المحلي بجميع شرائحه من اتباع أنماط حياة وسلوكيات صحية، عملت جلالتها الى جانب فريق متخصص على تأسيس الجمعية الملكية للتوعية الصحية، ومنذ انطلاقتها عام 2005 تعمل على تطوير وتنفيذ مشروعات وبرامج تنموية تعنى بالصحة والسلامة العامة بالشراكة مع القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني، ومن ابرز انجازاتها برنامج اعتماد المدارس الصحية، وتعاونها مع (مدرستي) لزيادة الوعي حول أهمية الصحة، واللياقة والتغذية الصحية بين أطفال الأردن وعائلاتهم.
وبهدف مساعدة الأيتام لتحقيق مستقبل أفضل بعد خروجهم من دور الرعاية والانخراط في المجتمع بشكل إيجابي، اصطحبت جلالتها في رمضان عام 2003 مجموعة من الايتام الى البنك المركزي حيث افتتحت حساباً باسم مبادرة الأمان لمستقبل الأيتام, وفي العام 2006 تم مأسسة الحملة تحت مسمى صندوق الامان لمستقبل الايتام الذي يعمل حاليا في جميع انحاء المملكة ووصل عدد الايتام المستفيدين من خدماته حتى اذار الماضي 2179 يتيما ويتيمة 70 بالمئة منهم اناث والنسبة الباقية ذكور، حيث تخرج من برامج الصندوق الأكاديمية والمهنية 970 يتيما. ويتطلع الصندوق الى توسيع برامجه ليصل عدد المستفيدين منها 3500 يتيم بحلول عام 2015.
وتكرس جلالتها جهودها في متابعة الاحتياجات المجتمعية بما يتوافق مع الرؤية الأردنية في خدمة المجتمع المحلي وتنميته، وتعمل من خلال جولاتها في مختلف مناطق المملكة على ترجمة الافكار الى مبادرات تنموية على ارض الواقع، حيث تهدف هذه الجولات إلى الوقوف على حال المواطنين والاستماع الى احتياجاتهم وإرساء المشاريع الهادفة لتنمية المجتمعات المحلية والالتقاء بالمواطنين وقيادات المجتمع المحلي من رجال وشباب ونساء وتفقد أحوال الأسر والمراكز التنموية والصحية والمستشفيات والمدارس.
وفي مجال تنمية المجتمعات المحلية وتمكين الافراد استطاعت مؤسسة نهر الأردن، التي اسستها جلالة الملكة رانيا العبدالله عام 1995، كمؤسسة أردنية غير ربحية الوصول الى ما يزيد على مليون مستفيد من خدماتها وبرامجها المختلفة في جميع مناطق المملكة تحقيقا لتوجيهات جلالتها في الوصول الى جميع فئات المجتمع وتحسين حياة المواطنين اضافة الى حماية الطفل والتوعية بحقوقه, وتحرص المؤسسة على الاستمرار في هذا النهج للوصول الى جميع المواطنين والى كل قرية ومدينة اردنية لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة. ولجلالتها ادوار مهمة ورائدة في خدمة المجتمع المحلي والدفاع عن حقوق الأطفال في الأردن وفي مختلف أنحاء العالم. وفي عام 2009 أطلقت جلالتها مبادرة (أهل الهمة) التي هدفت إلى تسليط الضوء على الأفراد والجماعات التي أثرت في مجتمعاتها المحلية.
وتتواصل جلالتها دوليا مع منظمات ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة بالمشاريع والبرامج المحلية بهدف إيجاد الدعم المناسب لإحداث تغيير إيجابي في المجتمعات المحلية وبناء شبكة من ممثلي القطاع الخاص والعام الملتزمين بتحسين مستوى الحياة للأفراد.