عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
previous arrow
next arrow

الأردنيون يحتفلون غدا بعيد الاستقلال الـ67

  النضال الاولى وتاريخ العطاء والانجاز الذين سطروه جيلا بعد جيل ليتمكن الوطن بعزيمة ابنائه وبحكمة قيادته الهاشمية من النهوض والنماء على مدى عقود تطورت فيها مناحي الحياة وتعزز وجود الدولة الاردنية على خارطتي الوطن العربي والعالم.
ويوم الاستقلال هو فخرنا واعتزازنا وهو الذي يمثل محطة انطلاق حقيقية نحو البناء المؤسسي للدولة القائم على احترام القانون وسيادته وتجذير القواعد الاساسية التي تبنى عليها الاوطان ويكفلها الدستور، وانشاء مؤسسات تحاكي في اهدافها ومنجزها المعايير الدولية، وانطلق الاردنيون في مسيرة تعليم تليق بهم وبشغفهم نحو الانخراط في عالم المعرفة، يسطرون انجازات تتحدث عن ذاتها، هي سنوات من العمل والبناء بدأت منذ فجر الاستقلال والى يومنا هذا..
هو الاردن الذي اراد شعبه الابي ان يكون عضدا ليساند امته العربية والاسلامية، وان يكون موئلا للاحرار والمهجرين، ومثالا في صناعة كفاءات بشرية قادرة على تحقيق الانجاز تلو الانجاز على مختلف الصعد وايقونة في العلم والتطور المعرفي ومنارة للديمقراطية الحقة وصون حقوق وكرامة الانسان ومحط اهتمام اقتصادي عربي ودولي.
واصبح الاردن انموذجا في السياسة المعتدلة والواقعية المبنية على الاحترام المتبادل بينه وبين جميع دول العالم، وقصة بطولة وعطاء سطرتها قواته المسلحة الباسلة محليا وعربيا ودوليا ، يتصدر ذلك كله عهد تاريخي وميثاق مشرف بين الشعب والقيادة مبني على اسس دستورية ومستند الى حقائق تاريخية وشرعية وضمير راسخ وواثق بمستقبل الوطن والحفاظ عليه وافتدائه بالمهج.
يقول صانع الاستقلال المغفور له باذن الله جلالة الملك المؤسس الشهيد عبدالله بن الحسين طيب الله ثراه في كتابه الآثار الكاملة : ولقد دخلنا شرقي الاردن فوجدنا فيها اربع حكومات منفصل بعضها عن بعض فراعنا شملها المتمزق، ولذلك كان هدفنا الاول ان نلم شعث البلاد ونحقق ما كانت في حاجة اليه من الوحدة ، وها هي اليوم ولله الحمد متمتعة بتلك الوحدة الاردنية الشاملة التي لا تزال تسعى في سبيل تحقيقها شقيقاتها المجاورة لها والتي نسأل الله ان يمن عليها بما تصبو اليه من الوحدة”.
لقد صمدت الوحدة الوطنية طوال عقود مضت عنوانا للبناء والعطاء والانجاز في وطن واحد يجمع ولا يفرق يعزز فيه ابناؤه البنيان والاصلاح تجمعهم مبادىء وقيم وثوابت اردنية خالصة يميزون فيها بين الغث والسمين ليحققوا منعة واستقرارا يحدوهم الامل نحو مستقبل اكثر بهاء واشراقا.
يوم 25 ايار للعام 1946 يوم مجيد في الذاكرة الوطنية ,ففيه أصدر المجلس التشريعي الأردني قبل سبعة وستين عاما قرارا تاريخيا اعلنت فيه البلاد الاردنية دولة مستقلة استقلالاً تاماً وذات حكومة ملكية وراثية نيابية والبيعة بالمُلك لسيد البلاد ومؤسس كيانها وريث النهضة العربية (عبدالله بن الحسين المعظم) بوصفه ملكاً دستورياً على رأس الدولة الاردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الاردنية الهاشمية.
في ذلك اليوم خاطب الملك المؤسس الجيش أثناء الاستعراض العسكري الكبير الذي أقيم في مطار ماركا بمناسبة اعلان الاستقلال : يا جنودنا ويا أبناءنا أنتم سياج وطنكم ويوم الاستقلال هذا هو الفجر اللامع من بريق سلاحكم وإني لمغتبط لما شهدت من حسن نظامكم وتدريبكم وأرجو أن تكون العاقبة لكم ما دمتم المثل الذي يحتذى في التضحية باسم الأمة العربية وفي البسالة والطاعة وأداء الواجب كان الله معكم وأعزكم وأعز الوطن بكم..
لقد وقف الاردنيون رجالا اشداء وصامدين مع الهاشميين في حركة نضالية نهضوية من اجل الاستقلال والسيادة العربية، وكانت البداية بإطلاق رصاصة الثورة العربية الكبرى في العاشر من حزيران للعام 1916 بقيادة الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه الذي مثل خياراً عربيا توجهت إليه أنظار الأحرار العرب الذين يتوقون ليوم الاستقلال ورأوا في الحسين تجسيداً للمكانة الدينية والخبرة السياسية والثقل المعنوي لدى المسلمين كافة.
وكان اعلان الاستقلال تتويجاً للسياسة الحكيمة والواقعية للملك المؤسس عبدالله الأول، وثمرة لنضالات الشعب الأردني ممثلاً بحركته الوطنية الواعية، وترجمة لتفاعلات الواقع الوطني والإقليمي والدولي، بعد ان استطاع بحكمة واقتدار التخلص من استحقاقات وعد بلفور المشؤوم عندما نجح في تأسيس امارة شرق الاردن عام 1921، بعد وصوله الى مدينة معان في عام 1920 اذ انطلق منها بعد مكوثه فيها أربعة أشهر حيث التقى بالعشائر الأردنية لوضع الترتيبات اللازمة لتأسيس الدولة الأردنية إلى عمان التي وصلها يوم 2 آذار 1921.
وشرع المغفور له الملك المؤسس بتأسيس الدولة الأردنية وأعلن في 30 آذار 1921 قيام الإمارة الأردنية باسم إمارة شرق الأردن واتخاذ عمان عاصمة لها وأنشئت أول حكومة أردنية في شرق الأردن في الحادي عشر من نيسان 1921 وأطلق على هيئتها اسم ( مجلس المشاورين )، وترافق ذلك مع تأسيس الجيش العربي وكانت نواته من الضباط والجنود الذين خدموا في جيش الثورة العربية الكبرى.
في عام 1921 كان عدد سكان شرق الأردن حوالي 400 ألف نسمة وباستذكار تاريخ الاردن الحديث فقد شكل تاريخ 28 / 5 / 1923 الاحتفال الأول باعلان امارة شرقي الاردن، وفي عام 1945 أصبحت إمارة شرق الأردن عضواً في جامعة الدول العربية , وفي 22 آذار 1946 تم عقد معاهدة صداقة وتحالف بين بريطانيا والأردن أعلنت فيها بريطانيا اعترافها بانتهاء الانتداب وإعلان شرقي الأردن دولة مستقلة، حيث بدأت الخطوات العملية دستوريا وإدارياً لإعلان الاستقلال.
في العام 1948 تاريخ نكبة فلسطين كان الاردن في مواجهة الحدث وتداعياته ، فجاء الدفاع عن القدس من قبل أبطال الجيش العربي في باب الواد واللطرون وفي كل بقاع فلسطين وتمكنت الكتيبة السادسة المرابطة في أريحا من الزحف إلى القدس وقوامها ثلاث سرايا مشاة توزعت على المواقع المهمة للمدينة وأبوابها الرئيسة، واستقبل أهالي القدس وفلسطين الجيش العربي ورأوا في جنوده رجالاً بواسل وقد حققوا النصر وحافظوا على القدس عربية واجزاء من فلسطين عرفت فيما بعد باسم الضفة الغربية.
وبعد النكبة ، تصاعدت الدعوة للوحدة مع الأردن وكان المؤتمر الفلسطيني المنعقد في عمان بتاريخ الاول من تشرين الأول 1948 برئاسة الشيخ سليمان التاجي الفاروقي، وفوض المؤتمر المغفور له الملك عبدالله تفويضاً تاماً مطلقاً في أن يتحدث باسم الفلسطينيين، ومهّد ذلك المناخ السياسي إلى عقد مؤتمر أريحا في الأول من كانون الأول 1948 بحضور أعيان فلسطين وزعمائها ووجهائها الذي نادى بوحدة الضفتين.

وفي الرابع والعشرين من نيسان1950 التأم مجلس الامة ولاول مرة في الحياة الدستورية الاردنية جمع بين ضفتي الاردن وفي خطابه في ذلك اليوم قال الملك المؤسس “وان الوحدة لاول اماني الثورة العربية، بل هي عمود الاستقلال ووسيلة النضال ومن تخلف عنها تخلف عن كيانه ومقومات سلطانه، وان الواقع الاردني- الفلسطيني ليحتمها بل ليعتبرها وسيلة حياته الاقتصادية ودفاعه عن نفسه بوصفه الجبهة الامامية المترامية الحدود والمجال الحيوي لسكانه العرب منذ اقدم العهود، وان المواثيق العربية لتوجب شد ازره في كل ما يفسح له مجال الحياة ووسائل العزة والكرامة وتحقيق الاماني المشروعة”.
مسيرة بدأت بخطوط عريضه وصّفها الملك المؤسس في ذاك الخطاب، بالمحافظة على علاقات ودية ومتوازنة مع جميع الدول وحفظ التوازن بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وتعديلات دستورية وقانونية بما يوفي مصلحة الوطن والامة والاصلاح في المجالات كافة والسعي الحثيث لتوفير فرص العمل وتحسين الاقتصاد الوطني وثوابت وطنية سار عليها الاردنيون قيادة وشعبا وحققوا على هديها الكثير، منجز واقعي تتحدث عنه الشواهد .
خلال فترة حكم الملك المؤسس والتي استمرت طيلة السنوات الثلاثين 1921-1951 تحققت للاردن إنجازات سياسية مهمة ومنها: تحقيق الاعتراف السياسي الدولي بإمارة شرق الأردن، وإصدار القانون الأساسي سنة 1928 كأول دستور لإمارة شرق الأردن مع توقيع اتفاقية دولية هي المعاهدة الأردنية البريطانية وإجراء الانتخابات لأول مجلس تشريعي أردني عام 1929 وتأسيس الجيش العربي ورعاية نشأته وتطوره وفتح الآفاق السياسية أمام تطور الوعي السياسي الأردني وتأسيس أحزاب سياسية وطنية وتكريس مفهوم الدولة وبناء مؤسساتها.
وبذل الاردنيون في عهد الملك المؤسس جهودا في تطوير القطاع الزراعي , حيث تم إنشاء اول مصرف زراعي لتمويل الفلاحين عام 1922 وافتتاح اول معرض صناعي زراعي اردني في عمان عام 1927 , وفي مجال التربية والتعليم افتتحت المدارس الابتدائية والثانوية في مختلف مناطق المملكة وتم تشكيل مجلس المعارف لرسم خطط التربية ووضع المناهج المدرسية وأُسس اختيار المُعلمين ,كما أنشئت أول وزارة للمعارف عام 1944.
وصدرت في عشرينيات القرن الماضي الصحف والمجلات وتم تأسيس الاندية الثقافية وعقد الامسيات الادبية وكان الملك عبدالله أديباً وشاعراً التفّ حوله الادباء والمثقفون.
وقضى جلالة الملك عبدالله المؤسس شهيداً على أبواب المسجد الاقصى في القدس الشريف التي افتداها بروحه الطاهرة في العشرين من تموز 1951.
في السادس من أيلول عام 1951 بعد استشهاد المغفور له الملك المؤسس اعتلى المغفور له باذن الله جلالة الملك طلال بن عبدالله العرش، واهتم طيب الله ثراه باجراء الاصلاحات الدستورية التي تعزز دعائم المجتمع القائم على الحرية المسؤولة امام القانون ومن ابرزها الدستور الأردني الذي صدر في الثامن من كانون الثاني عام 1952 وكفل للشعب الأردني حقوقه ويعتبر من احدث الدساتير في العالم وأكثرها ديمقراطية وشورى وانفتاحا.
وتضمن الدستور المضامين الاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك حق كل مواطن في العمل والتعليم والرفاه الاجتماعي كما انه جعل الحكومة مسؤولة امام مجلس النواب الذي اصبح يملك سلطة منح الثقة او حجبها عن اية حكومة، الامر الذي رفع من مستوى الحياة البرلمانية الى المرتبة التي تليق بها اسوة بالدول الديمقراطية الاخرى ، كما احتوى على بنود تضمن حقوق المواطن وحرياته الاساسية وحماية العمال وشروط عملهم وفق دساتير العالم المتطورة.
وجاء هذا الدستور الذي يعد أول دستور وحدوي عربي حيث نص على اعلان ارتباط الأردن عضويا بالامة العربية وتجسيد الفكر القومي للثورة العربية الكبرى ملبيا لآمال وتطلعات الشعب الأردني كونه جاء منسجما مع التطورات الهامة خاصة بعد وحدة الضفتين عام 1950 وتنامي الشعور الوطني والوعي القومي في كل ارجاء الوطن العربي.
ووقف المغفور له الملك طلال مجاهدا في صفوف المقاتلين من الجيش العربي دفاعا عن فلسطين وبذل جهودا متميزة لتوثيق عرى التعاون والتنسيق لما فيه مصلحة الامة والوطن العربي الكبير الذي كان خرج لتوه من نكبة فلسطين عام 1948.
وفي عهد جلالته اتخذ الأردن قرارا يقضي بجعل التعليم الزاميا ومجانيا حيث يعتبر هذا القرار الأول من نوعه في الأردن والوطن العربي وكان له الاثر الكبير في النهضة التعليمية التي شهدتها البلاد فيما بعد، كما صدر في عهد جلالته قانون خط السكة الحديدية في شهر آذار عام 1952 الذي ينص على اعتبار هذا الخط وقفا اسلاميا.
وبذل المغفور له الملك طلال جهدا كبيرا في تطوير لواء السيارات المسلحة الذي تألف من الكتائب الأولى والثانية والثالثة كما شارك في غالبية المناورات والتمارين العسكرية التي قامت بها وحدات اللواء , وشارك في الحرب العربية الإسرائيلية وخاض مع الجيش العربي الأردني معارك بطولية ضد الاحتلال الإسرائيلي وكان لوجود جلالته بين الجنود وحضهم على القتال والصمود في وجه العدو الاثر الكبير في الهاب مشاعر الحماس واذكاء روح التضحية والفداء لديهم ما مكنهم من تحقيق العديد من الانتصارات وانقاذ القدس والضفة الغربية.
ورغم قصر عهده الا ان المغفور له الملك طلال بن عبد الله طيب الله ثراه بقي يتواصل مع ابناء شعبه يتحسس الامهم وآمالهم وقدم لوطنه الكثير واسهم في التأسيس لكثير من الانجازات على طريق البناء والتقدم نحو المستقبل المشرق والواعد.-(بترا)