بيت العمال: وقف الضمان لرواتب المتقاعدين يخالف الأصل القانوني والإنساني
وكالة الناس – قال المركز الأردني لحقوق العمل “بيت العمال” أن قرار المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بوقف الرواتب التقاعدية مؤقتاً للمتقاعدين ممن تجاوزوا سن الثمانين عاماً يهدف إلى حماية أموال المشتركين وضمان وصولها إلى أصحابها الفعليين، إلا أن الوسيلة المتبعة لتحقيق ذلك لا تراعي احتياجات كبار السن وظروفهم الإنسانية، وتضعهم في موقف افتراضي من الشك قبل إثبات العكس.
جاء ذلك في بيان صدر عن المركز اليوم الأربعاء ووصل خبرني نسخة منه ، وتاليا نصه كما وردنا :
تصريح صحفي حول وقف رواتب المتقاعدين وتكليفهم تقديم شهادة تفقد الحياة
المركز الأردني لحقوق العمل “بيت العمال”
أوضحت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي أن قرارها بوقف الرواتب التقاعدية للمتقاعدين الذين تجاوزوا سن الثمانين عاما مؤقتا جاء بدافع حماية أموال المشتركين وضمان وصولها إلى أصحابها الفعليين، مبينة أن الهدف من هذه الخطوة هو منع استمرار صرف مبالغ لغير المستحقين، الأمر الذي قد يؤدي إلى تراكم التزامات مالية غير قانونية على بعض الأسر، كما أشارت المؤسسة إلى أن عمليات التدقيق كشفت بالفعل عن حالات استمرت فيها بعض الأسر بتقاضي رواتب بعد وفاة أصحابها.
لا يختلف اثنان على أهمية حماية أموال الضمان الاجتماعي باعتبارها أموال المؤمن عليهم والمتقاعدين أنفسهم، وأن صرفها في غير موضعها يمثل إخلالا بحقوق المشتركين، غير أننا في المركز الأردني لحقوق العمل “بيت العمال” نرى أن الوسيلة المتبعة لتحقيق هذه الغاية لا تتناسب مع متطلبات واقع هذه الفئة من كبار السن وهم الأكثر حاجة للمعاملة الخاصة والاعتبارات الإنسانية، فوقف الراتب التقاعدي بشكل مسبق إلى حين “إثبات الحياة” يضع المتقاعد في موقف صعب إذ يفترض هذا الإجراء أن جميع المتقاعدين هم في موضع شك حتى يثبتوا العكس، مع أن الأصل القانوني والإنساني أن يستمر صرف الراتب باعتباره حقا مكتسبا لا يحجب إلا إذا ثبت وجود سبب قانوني واضح ومحدد لوقفه.
لا شك أن إلزام كبار السن بمراجعة فروع المؤسسة أو الدخول في إجراءات معقدة لإثبات حياتهم يشكل عبئا نفسيا وجسديا كبيرا خاصة وأن العديد منهم يعانون أمراضا مزمنة أو صعوبات في الحركة، وكان الأجدر بالمؤسسة أن تتحمل هي مسؤولية التحقق من وجود مبررات وقف الراتب من خلال آليات أكثر عدالة ومرونة مثل تطوير الربط الإلكتروني مع دائرة الأحوال المدنية والمستشفيات والطب الشرعي لتحديث بيانات الوفيات بشكل دوري أو عبر فرق ميدانية وزيارات منزلية للتأكد من حياة كبار السن وهي خطوات تعد من أبسط المهام التي يجب أن تضطلع بها المؤسسة في إطار مسؤوليتها تجاه المشتركين.
وفي هذا الشأن كان من المفترض مراعاة المرجعيات الوطنية والدولية التي التزم بها الأردن، فقد أطلقت المملكة مؤخرا الاستراتيجية الوطنية لكبار السن (2025 – 2030) التي جعلت من الحماية الاجتماعية والأمن المالي محورا رئيسيا لضمان حياة كريمة لهذه الفئة، وأكدت على تيسير وصولهم إلى حقوقهم وخدماتهم دون عراقيل، وعلى الصعيد الدولي فقد صادق الأردن منذ سنوات طويلة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 102 بشأن الحد الأدنى لمعايير الضمان الاجتماعي نصت بوضوح على الحق في معاش الشيخوخة كجزء أساسي من منظومة الضمان الاجتماعي والتوصية التابعة لها رقم 202 التي أكدت على ضرورة توفير حد أدنى من الدخل الأساسي بشكل منتظم وميسر لجميع الفئات وبالأخص كبار السن، كما أكدت خطة مدريد الدولية للشيخوخة لعام 2002 على ضرورة ضمان وصولهم المنتظم إلى المعاشات باعتبارها أساس أمنهم المعيشي والصحي.
انطلاقاً من كل ذلك فإن حماية أموال الضمان هدف مشروع وضروري لكن تحقيقه يجب أن يتم عبر آليات مؤسسية دقيقة تحافظ في الوقت نفسه على حقوق المتقاعدين وكرامتهم وتجنبهم أي أعباء إضافية، فالمطلوب هو تطوير أنظمة متابعة وتنسيق مع الجهات الرسمية المعنية وتعزيز قاعدة البيانات الوطنية واعتماد أدوات تحقق إنسانية وفعالة توازن بين حماية أموال المؤسسة وصون حقوق كبار السن وكرامتهم ومراعاة ظروفهم والوفاء بالتزاماتنا تجاههم.
المركز الأردني لحقوق العمل “بيت العمال”