0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

أول دليل سياحي مرخص بلغة الإشارة في الأردن

وكالة الناس – رغم التحديات والحواجز السلوكية والظروف القاسية التي مر بها، لم تكن حياة الشاب يوسف خلف أبو ملحم محكومة باليأس. فوفاة والده قبل ولادته بثلاثة أشهر، والضيق المالي الذي رافق نشأته، لم تثنه عن تحويل التحديات إلى قصة نجاح ملهمة كأول دليل سياحي يعمل بلغة الإشارة.

أبو ملحم، الذي تجاوز عقده الثالث، شخص ذو إعاقة سمعية، وقد استطاع أن يحول هذا التحدي إلى دافع لتحقيق إنجاز فريد، ليصبح أول دليل سياحي مرخص في الأردن يستخدم لغة الإشارة في عمله.

يروي يوسف، بلغة الإشارة، تفاصيل مسيرته بتدفق من الأمل والطموح، بينما يتولى زميله رائد الصمادي ترجمة حديثه.

خلال اللقاء، أشار يوسف إلى الصعوبات التي واجهها في طفولته، إذ توفي والده قبل ولادته، ولم يكن لوالدته الشابة حينها مصدر دخل يعيل الأسرة. إلا أن والدته، رغم صغر سنها، تكفلت بتربية أبنائها وتلبية احتياجاتهم، فكانت الداعم الأول في حياته، وحرصت على دمجه في المجتمع.

وتلقى يوسف تعليمه في مركز مختص داخل مخيم سوف، حيث تعلم لغة الإشارة بإصرار ومتابعة من والدته، التي أولت اهتمامًا مماثلًا لابنتها رويدة، شقيقة يوسف، التي لديها أيضا إعاقة سمعية جزئية، وتعمل اليوم في المؤسسة الاستهلاكية العسكرية.

نائب رئيس جمعية الأدلاء السياحين في جرش بشير المصالحة، أوضح أن يوسف يمثل حالة فريدة ورائعة، ويشكل إضافة نوعية للعملية السياحية، موضحا بأن جمعية الأدلاء السياحيين في جرش من أشد الداعمين للأشخاص ذوي الإعاقة من الأدلاء، وتعمل بالتعاون مع الجمعية الأم على وضع اسمه ورخصته عند كل المكاتب السياحية في عمّان، للتواصل مع وكلاء السياحة للتعريف بتوفر دليل بلغة الصم.

وأضاف المصالحة أن الجمعية سترتب أيضا مع وكلاء السياحة مع مجموعات سياحية من الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية من داخل الأردن وخارجه، كما ستعمل الجمعية على وضع اسم يوسف على مواقع عالمية ليتسنى للسياح الأجانب معرفة توفر هذه الخدمة في الأردن.

ويرى يوسف أن والدته لعبت دورًا محوريًا في تعزيز ثقته بنفسه، وتمكينه من مواجهة الحياة بعزيمة لا تلين.

الإعاقة بالنسبة ليوسف، لم تكن يومًا مدعاة للخجل، بل كانت بداية لقصة نجاح، أثبت من خلالها قدرته على العطاء والإنتاج، شأنه شأن أي فرد في المجتمع.

يحمل يوسف رخصة قيادة، ويتنقل باستقلالية تامة، ويعيش يوسف حياة أسرية مستقرة مع زوجته وطفليه، آدم وشوق.

ويشير أشرف شقيقه الأكبر إلى وجود لغة تفاهم خاصة بين يوسف وزوجته، تمكِّنها من معرفة متطلباته حتى قبل أن يطلبها.

وليوسف شقيقان؛ أشرف الذي يمتلك محلًا في السوق الحرفي، ومحمد، الذي يعمل في مديرية الأمن العام، وثلاث شقيقات؛ رويدة العاملة في المؤسسة الاستهلاكية العسكرية ولديها الإعاقة السمعية ذاتها، وشقيتان من الأشخاص الأصحاء.

ويستذكر أشرف، كيف كانت والدته تعمل ليل نهار لتوفير احتياجات الأسرة، بدون أن تغفل يوما عن رعاية يوسف، إذ حرصت على تأهيله وتمكينه من العمل.

وكان لها دور كبير في توظيفه في بلدية جرش الكبرى كمساعد مساح، مما ساعده على الاندماج المجتمعي وتطوير مهاراته.

وجاءت فكرة أن يصبح يوسف دليلا سياحيا من خلال مرافقته لشقيقه في المحل الحرفي، حيث تعلّم حرفة الرسم بالرمل وصناعة الميداليات والخزف.

وقد بدأ بمرافقة زوار الموقع الأثري من الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية وشرح معالمه لهم، مما أدخل السرور إلى قلوبهم، ومن هناك وُلدت لديه الرغبة في أن يكون أول دليل سياحي بلغة الإشارة على مستوى المملكة.

ويوضح يوسف، عبر زميله، أن أحد مديري السياحية آمن بموهبته، وقدم له الدعم اللازم، مخاطبًا وزارة السياحة لترشيحه لدورة دليل سياحي على نفقة الوزارة.

بدورها، خاطبت الوزارة المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، الذي خصص له مترجمًا بلغة الإشارة طيلة فترة الدورة.

وتخرج يوسف فيها بتقدير ممتاز، ويحمل اليوم الرقم 41575 كدليل سياحي معتمد في المواقع السياحية الأردنية كافة.

ويوسف يعجز عن وصف شعوره بالسعادة، إذ أصبح ربّ أسرة قادرًا على العمل والإنفاق على أولاده كأي شخص آخر.

وفي حديثه، لم ينسَ والدته، التي بقيت حاضرة في تفاصيل مسيرته كلها، مستذكرًا كيف واجهت الحياة بصلابة رغم صغر سنها، وقررت أن تبقى إلى جانب أبنائها لتنسج قصص نجاح بإصرار.

ويصف يوسف نفسه بأنه شخصية اجتماعية، تحيط به شبكة واسعة من الأصدقاء، بينهم العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية الذين شكلوا مصدر دعم وتشجيع دائم له.

من جانبه، يشير رئيس بلدية جرش الكبرى، أحمد العتوم، إلى أن البلدية تضم موظفَين من ذوي الإعاقة السمعية، من بينهم يوسف، ويؤكد أنهما من أكثر الموظفين نشاطًا، خصوصًا خلال جائحة كورونا، حيث ساهما في إنتاج فيديوهات توعوية بلغة الإشارة للتوعية حول فيروس كورونا، استفاد منها الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية.

وأضاف العتوم أن وجود يوسف وزميله في البلدية شكل عامل جذب لأشخاص آخرين من ذوي الإعاقة السمعية لمراجعة البلدية وإتمام معاملاتهم، إذ يتولى يوسف وزميله مرافقتهم إلى الأقسام المختلفة لتسهيل إجراءاتهم.

ولم يواجه يوسف أي تحديات عند تقديم طلبه رسميا للحصول على رخصة، وعلى العكس كانت هناك تسهيلات ودعم لحين حصوله على الرخصة كدليل سياحي مرخص بـ 19 موقعا سياحيا، مبينا بأن التحديات التي يواجهها هي عدم تقبل بعض الأدلاء السياحين فكرة بأن يكون بينهم شخص ذو إعاقة سمعية.

فيما بين يوسف زريقات، وهو دليل سياحي آخر، أن زميله يوسف يعتبر إضافة نوعية؛ وهو بحاجة إلى مزيد من التسهيلات والدعم وأهمها التنسيق المسبق مع مكاتب وكلاء السياحة.