لماذا يثير مقترح ترمب حول غزة قلق المنطقة؟
وكالة الناس – أثار الرئيس الأميركي دونالد ترمب غضب العالم العربي بقوله إن الفلسطينيين لن يكون لهم حق العودة إلى قطاع غزة بموجب اقتراحه للسيطرة على القطاع الذي دمرته حرب إسرائيلية استمرت أكثر من 15 شهرا.
ومنذ الأيام الأولى لحرب غزة، رفضت حكومات عربية -ولا سيما مصر والأردن- طرد الفلسطينيين من الأراضي التي يريدون إقامة دولة مستقبلية عليها، والتي ستشمل الضفة الغربية المحتلة وغزة.
واقترح ترمب لأول مرة في 25 يناير/كانون الثاني أن تستقبل مصر والأردن الفلسطينيين من غزة، وهو اقتراح عارضه البلدان بشدة.
وفي إعلان صادم في الرابع من فبراير/شباط، بعد اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن، اقترح ترامب إعادة توطين 2.2 مليون فلسطيني خارج غزة وتولي الولايات المتحدة السيطرة على القطاع الساحلي المدمر وإعادة تطويره ليصبح “ريفييرا الشرق الأوسط”.
وفي العاشر من فبراير/شباط، قال ترامب إن الفلسطينيين لن يتمتعوا بحق العودة إلى غزة بموجب خطته، وهو ما يتناقض مع تصريحات مسؤوليه الذين أشاروا إلى أن إعادة توطين سكان غزة لن تكون إلا بصورة مؤقتة.
وتمس خطة ترمب -التي تقضي بسيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة الذي مزقته الحرب وتطويره اقتصاديا- واحدة من أكثر القضايا حساسية في الصراع العربي الإسرائيلي.
وقال ترمب -المعروف بأنه صانع صفقات صارم في حياته المهنية السابقة كمطور عقاري في نيويورك- إنه يعتقد أنه يستطيع إقناع الأردن ومصر باستقبال الفلسطينيين النازحين. كما قال إن بالإمكان إعادة توطين الفلسطينيين في “سكن أفضل بكثير”.
ومن المرجح أن تفاقم خطط ترمب مخاوف سكان غزة من احتمال طردهم من القطاع الساحلي، فضلا عن إثارة قلق الدول العربية التي كانت تخشى دائما أن يؤدي مثل هذا الإجراء إلى زعزعة استقرار المنطقة.
ماذا وراء المخاوف؟
تطارد الفلسطينيين منذ زمن ذكريات النكبة عندما طُرد 700 ألف من ديارهم مع إعلان قيام إسرائيل عام 1948.
وطُرد أو فر كثيرون منهم إلى دول عربية مجاورة، منها الأردن وسوريا ولبنان، وما زال كثيرون منهم أو من أبنائهم يعيشون في مخيمات اللاجئين في هذه الدول وذهب بعضهم إلى غزة.
ويعيش اليوم نحو 5.6 ملايين لاجئ فلسطيني، أغلبهم أبناء أو أحفاد من فروا، في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة. وتقول وزارة الخارجية الفلسطينية إن نحو نصف اللاجئين المسجلين لا يزالون بلا جنسية، ويعيش كثيرون منهم في مخيمات مكدسة.
ويشكل حديث ترمب عن إعادة توطين نحو مليوني شخص من سكان غزة كابوسا بالنسبة للأردن، الذي لطالما خاف من الطرد الجماعي للفلسطينيين من غزة والضفة الغربية، كما يعكس رؤية لطالما روجها الإسرائيليون المنتمون لتيار اليمين عن الأردن باعتباره وطنا فلسطينيا بديلا.
وشهدت أحدث موجة من الصراع -التي توقفت الآن في ظل وقف هش لإطلاق النار- قصفا إسرائيليا وهجوما بريا في غزة لم يسبق لهما مثيل، مما أدى إلى تدمير الغالبية العظمى من القطاع.
ونزح معظم سكان غزة داخل القطاع أكثر من مرة خلال الحرب الإسرائيلية. وقال مسؤولو صحة فلسطينيون إن الحملة الإسرائيلية تسببت في استشهاد أكثر من 48 ألفا في غزة.
كيف تحرك الفلسطينيون خلال هذا الصراع؟
قبل شن إسرائيل هجومها على غزة في 2023، طلبت في البداية من الفلسطينيين في شمال غزة الانتقال إلى ما قالت إنها مناطق آمنة في الجنوب. ومع توسع الهجوم، طلبت منهم إسرائيل التوجه جنوبا نحو رفح على الحدود مع مصر.
وفي وقت لاحق من الحرب، أمرتهم بالانتقال إلى منطقة إنسانية جديدة محددة في المواصي -وهي منطقة تمتد 12 كيلومترا على الساحل- لكنها قصفت هذه المنطقة مرارا وارتكبت عدة مجازر بها.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن نحو 85% من سكان قطاع غزة -الذي يعد واحدا من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم- نزحوا بالفعل من ديارهم.
هل يمكن حدوث تهجير جماعي في هذا الصراع؟
يقول كثير من الفلسطينيين داخل غزة إنهم لن يغادروا حتى لو أُتيحت لهم الفرصة لأنهم يخشون أن يؤدي ذلك إلى نزوح دائم آخر في تكرار لما حدث في 1948.
ورفضت السلطات المصرية علنا فكرة تهجير الفلسطينيين لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان.
ماذا قالت الحكومة الإسرائيلية وساستها؟
قال يسرائيل كاتس، وزير الخارجية الإسرائيلي السابق -والذي يشغل حاليا منصب وزير الدفاع- في 16 فبراير/شباط 2024 إن إسرائيل لا تعتزم ترحيل الفلسطينيين من غزة، وإنها ستنسق مع مصر بشأن اللاجئين الفلسطينيين وستجد طريقة لعدم الإضرار بمصالح مصر.
لكن تعليقات بعض الوزراء الإسرائيليين أثارت مخاوف الفلسطينيين والعرب من نكبة جديدة. ودعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش مرارا إلى اتباع سياسة “تشجيع هجرة” الفلسطينيين من غزة، وإلى فرض إسرائيل الحكم العسكري في القطاع.