الحرب تقتل فرحة “الميلاد” في بيت لحم للعام الثاني على التوالي
وكالة الناس – للعام الثاني على التوالي، تغيب شجرة عيد الميلاد المجيد والزينة والأضواء عن ساحة المهد في بيت لحم، مع استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في المحافظات الجنوبية، وعدوانه المتواصل على المحافظات الشمالية.
وبينما تتجه أنظار العالم أجمع خلال عيد الميلاد إلى بيت لحم، مهد السيد المسيح، تبدو المدينة وشوارعها وأزقتها، شبه خالية من السياح الذين كانت تعج بهم خلال هذه الفترة من كل عام.
على مدخل شارع مغارة الحليب، المحاذي لكنيسة المهد، انشغل المواطن الفلسطيني جون بعبول بفض الغبار عن بضاعته المكدسة في محله لبيع التحف الشرقية.
وقال بعبول “كما تشاهدون، فعملي اليومي في محلي هو نفض الغبار عن البضاعة التي لم تجد سوقا لها منذ العام الماضي، بسبب الأوضاع التي يمر بها قطاع غزة من قتل وإبادة جماعية، فغاب الحجاج والسياح، وبالتالي تكبدت كما الآخرون خسائر جمة، حتى أنني لم أستطع أن أوفر أجرة المحل في نهاية العام”.
ويوجد في شارع مغارة الحليب أكثر من 23 محلا لبيع التحف الشرقية أغلبيتها الآن مغلقة في ظل غياب الحجاج والسياح والزوار.
وفي الشارع ذاته وقرب مغارة الحليب، جلس الفلسطيني نبيل جقمان أمام محله لعله يرى سائحا أو زائرا قادما إليه،
وقال إن “الأوضاع أصبحت لا تطاق… أملك مصنعا لصناعة التحف الشرقية، وقد كان في السابق يوظّف 12 عاملا، أما الآن فاقتصر الحال على أربعة عمال من أجل الحفاظ على اسم المحل والمصنع، حتى أن عملية التصدير (الشحن) إلى الخارج نواجه فيها صعوبة كبيرة مع انخفاض كبير في نسبة المبيعات”.
وأضاف: “قبل فترة كان هناك بريق أمل من خلال حضور أبناء شعبنا من داخل أراضي فلسطينيي الـ1948، لكن أعداد الزوار انخفض بشكل كبير”.
وتحول حواجز الاحتلال العسكرية التي تحيط ببيت لحم، دون وصول الزوار من داخل أراضي فلسطينيين الـ1948 والقدس وسائر المحافظات الشمالية إلى المدينة، حيث شدد الاحتلال إجراءاته على تلك الحواجز، وبات يتعمد إغلاقها لساعات طويلة منذ بدء عدوانه الشامل على شعبنا في السابع من تشرين الأول 2023.
وحال مصانع التحف الشرقية ومحلاتها، ينساق على جميع المرافق السياحية في مدينة بيت لحم بدون استثناء.
رئيس الجمعية العربية الفلسطينية للفنادق إلياس العرجا قال إن هناك 57 فندقا في بيت لحم بسعة 10 آلاف غرفة فندقية، أُغلقت جميعها منذ بداية العدوان على غزة وحتى الآن، مشيرا إلى أنه كان هناك 8 فنادق في طور البناء لكنها توقفت.
وأضاف العرجا أن إغلاق الفنادق زاد نسبة البطالة، إذ كانت تشغّل قرابة 3000 موظف، واقتصر الحال الآن على 300 يعملون في مجالي الصيانة والترتيبات، مؤكدا أنه لا حجوزات بتاتا في الفنادق، سواء من الخارج أو محليا.
وفي ظل الظروف الصعبة التي يعيشها شعبنا، أكدت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين، أهمية اقتصار فعاليات عيد الميلاد في الأراضي المقدسة كافة على الشعائر الدينية كما العام السابق.
وأكد رئيس اللجنة، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رمزي خوري، أهمية وحدة شعبنا بمختلف أطيافه ووحدة الدم والمصير، في ظل ما يواجهه من الألم والحزن والمعاناة جراء الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهلنا في قطاع غزة، من الاحتلال الإسرائيلي وآلياته وترسانته العسكرية الممتدة لأكثر من عام.
راعي كنيسة المهد للروم الأرثوذكس الأب عيسى ثلجية، أعرب عن حزنه الشديد على أوضاع بيت لحم وكنيسة المهد الفارغة من زوارها المعتادين إلا من عدد بسيط من أهل المحافظة، وممن استطاعوا إليها سبيلا من محافظات الوطن مع غياب الحجاج من العالم.
وقال ثلجية: “يجد الفلسطيني نفسه يبحث عن حريته الدينية في المدينة التي شهدت على ميلاد السيد المسيح، بفعل إجراءات الاحتلال، والعالم ينعم بذلك بل يستعد لإحياء العيد!”، مطالبا الكنائس في العالم والمجتمع الدولي ككل بالضغط فورا لوقف الإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق شعبنا في قطاع غزة، ووقف عدوان الاحتلال المتواصل في الضفة الغربية، بما فيها بيت لحم والقدس، والعمل على إنهاء الاحتلال.
وأضاف: “رسالتنا دوما لن تحيد عن بوصلتها الحقيقية وما جاء به السيد المسيح من التمسك بالأمل والرجاء والمحبة والسلام رغم الألم والمعاناة، لأن بيت لحم انبثق منها السلام الحقيقي إلى العالم أجمع، وستبقى مشعة يشرق منها النور الذي يغطي الظلام”.
وتشهد بيت لحم في الـ24 من شهر كانون الأول الحالي استقبال موكب بطريرك القدس للاتين الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، ومواكب مطارنة الكنائس التي تحتفل بعيد الميلاد المجيد حسب التقويم الغربي، حيث من المنتظر أن يترأس البطريرك بيتسابالا قداس منتصف الليل في كنيسة القديسة كاترينا للاتين المحاذية لكنيسة المهد، والذي ينقله تلفزيون فلسطين للعالم أجمع. وفي السادس من كانون الثاني/يناير المقبل، تستقبل بيت لحم موكب بطريرك القدس وسائر فلسطين للروم الأرثوذكس كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث، مواكبة بطاركة ومطارنة الكنائس التي تسير حسب التقويم الشرقي.
نائب رئيس بلدية بيت لحم حنا حنانيا قال، إن الحال في بيت لحم هذا العام لن يختلف عن العام الماضي، ولن تلبس المدينة ثوبها الاحتفالي الاعتيادي في عيد الميلاد المجيد، ولكنها ستحافظ على رسالة المحبة والسلام التي تبرق بها إلى العالم أجمع.
وأضاف أن البلدية ومؤسسات المدينة ستشارك في استقبال مواكب البطاركة والمطارنة حسب “الستاتيكيو” المتبع، دون أي عزف احتفالي من الفرق الكشفية أو فعاليات احتفالية، آملا أن يتوقف العدوان على شعبنا وتعود الحياة إلى بيت لحم وسائر فلسطين.
ويردد أبناء الشعب الفلسطيني المسيحيين في عيد الميلاد ترنيمة مطلعها “ليلة الميلاد يُمَّحى البغض، ليلة الميلاد تُزهر الأرض، ليلة الميلاد تُدفن الحرب، ليلة الميلاد ينبُت الحب”، آملين أن تتوقف الحرب وتنعم فلسطين بالسلام العادل.
وفا