صدور كتاب “محطات بالون الطيف” للدكتور مازن العرموطي
وكالة الناس -سالم قبيلات – صدر في عمّان كتاب جديد بعنوان “محطات بألوان الطيف، مسيرة التجديد والبناء والتعبير الثقافي” لمؤلفه الدكتور مازن العرموطي ،توزع محتوى الكتاب على( 520) صفحة من الورق المصقول قياس (A4)، مطبوع بشكل أنيق مع غلاف فاخر، معزز بالصور والوثائق والإثباتات.
استعرض المؤلف في منجزه الموسوعي أحداثا وأسرارا كثيرة، معززة بمعلومات دقيقة، تمثلت بمعايشته شخصية وتجارب له في الشأن العام والبناء المؤسسي. حيث احتوى القسم الأكبر من صفحات الكتاب على سرد للسيرة الذاتية لحياة المؤلف في مختلف المواقع العملية والوظيفية له، وقد أبرزت فصول الكتاب محطات مهمة له في مقارعة العقبات الطبيعية والمصطنعة التي واجهته خلال مسيرة العمل الأكاديمي والدبلوماسي، والتي جاءت لتشهد للمؤلف، امتلاكه القوة والحكمة والصبر والقدرة على مواجهة الشدائد، وأظهرته إنسان مفعم بالنشاط والحيوية، ذو ذكاء وروح مرحة، يحكمه الإيمان بالعمل الجماعي المنظم والمتقن، والقدرة على تقبل الأفكار الجديدة، وله قدرة كبيرة على ترتيب أولوية الأشياء من حوله وإعادة هيكلتها، إنسان يخطط لعمله بدقة، ولديه القدرة والمعرفة على إحداث التغييرات التي يريدها، كما امتلك القدرة على ربط المفاهيم المتعددة بطريقة غير نمطية، ما منحة التعبير على إثارة مواضيع ثرية وعميقة للنقاش. يميزه الاعتراف بالخطأ خلال سرد الأحداث، فما يهمه هو الوصول إلى الحقيقة، متأثر عن وعي بالقيم والمعتقدات السائدة في المجتمع، يجيد إدارة الوقت، فمن اللافت إن جدوله كان دائمًا مشحون بالأعمال والمهام التي تفوق الوقت المتاح له، مسكونا بالحلول المستدامة في كل ما عُهد به إليه من مسؤوليات، يمتلك القدرة على ترتيب الأشياء بدقة لا تخلو من التفاصيل الصغيرة، متمكن من السيطرة على شكوك العمل بحكمة فائقة، ويتخذ أصعب القرارات بشجاعة، متمسك بالمألوف ولا يخشى من التغيير السريع وتبعاته، لديه وقت كاف للتفكير والتأمل ساعده على خلق مساحة رحبة في حياته، يتحلى بالحكمة والمرونة وإتباع الطرق البديلة. متمسك بقوة في الحفاظ على التراث الثقافي الإنساني وإبراز جمال الطبيعة الخلابة، فهو شخصية لم تكن غائبة عن حمل شواغل فكرية وثقافية ملهمة.
وعلى صفحات عديدة من الكتاب كتبت وقائع أحداث مثيرة للفضول والدهشة،حيث يمكن من خلالها التعرف على جوانب أخرى مختلفة مفاجئة عن شخصية المؤلف، فبوضوح تام يجد القارئ شخصية غير نمطية لا تقبل أسلوب التلقين أو بوجود أحد أخر يفكر عنها، ولذلك طغت على الشخصية ارتجال المناكفة واقتراح البدائل لغسل الهفوات الغزيرة لحالة الشبق البيروقراطي عند الموظف الأردني، بحسب وجهة نظر المؤلف.
لقد كشف المؤلف عن مشاعر وقصص لحالات عتاب للمرجع الوظيفي، وفي مرات أخرى عرض وقائع عن أشكال من الترهيب والعقاب تعرض لها شخصيا. ولعل أوضحها ما أشار إليه كاتب المقدمة الدكتور نبيل حداد تحت العنوان الفرعي في نهاية المقدمة “مكائد و عراقيل” (فمنذ التحاقه بالعمل العام، وما أن يحل الرجل في أحد المواقع المهمة وتظهر للعين قدراته الاستثنائية حتى تبدأ سلسلة تكاد لا تنتهي من المواجهات، إما مع البيروقراطية التقليدية، أو ما اعتدنا عليه من ميل غريزي لبقاء الأمور على حالها والنفور من كل ما هو خارج على المألوف، والنظر إلى المبادرات الخلاقة على أنها مغامرات فردية ليس الغرض منها سوى تلبية طموح من هم مثل مازن العرموطي للقفز إلى أعلى، وتصل الأمور أحياناً إلى مستوى الدسائس الرخيصة والمناورات الخبيثة وربما المؤامرات المفضوحة، دون أن يلتفت هؤلاء إلى أن الرجل لم يغادر موقعاً ما أبدع فيه إلا بإرادته هو وبطلب إعفاء من المهمة المسندة إليه هو في حقيقة الأمر أقرب إلى الاحتجاج، لأن الأمور لم تعد تسير على ما يتطلع لإنجازه بحسب رؤيته وبالشكل الذي يريد، ولو كان مازن يطمع حقاً نحو الأعلى لتحمل استفزازاً من هنا وعرقلة من هناك ولصبر حتى يصل إلى ما يتطلع إليه ولربما فوق ذلك).
وللتعرف على مزيد من المعلومات عن تفاصيل الإحداث التي أشار لها الدكتور نبيل حداد، يجدها الباحث بالتفاصيل الكاملة على الصفحات من (130 إلى 186), وقد وردت تحت عناوين فرعية مختلفة ومنها:
- تجربة المرحلة الجامعية الأولى (تجربة فريدة متعددة الجوانب ودور وصفي التل وفكرة إنشاء اتحاد لطلبة الأردن)، ابتداء من (الصفحة 131).
- السفارات والتمثيل لدى الهيئات الدولية (تنافر معرفي يقابله أداء غير تقليدي) (ص.145)،ففي هذا الفصل تحدث عن موقفه من منظمة الأمم المتحدة التي يميل إلى وصفها بأنها مجرد ماكينة لإنتاج الورق والمحاضر والقرارات التي لا تنفذ وتشبهها إلى حد كبير جامعة الدول العربية، منصة الخطابة والنقاشات العقيمة.
- كما كتب بإسهاب عن صفات سلبية سائدة في العمل لدى موظفي السلك الدبلوماسي الأردني، وأشار أيضا إلى معاناته مع بعثات الكيان الصهيوني في مدينتي (فيينا و لاهاي) حينما قرر عدم التواصل معهم واقتصاره التواصل على الحد الأدنى وضمن الاجتماعات متعددة الأطراف.(ص .178)
- وتحت العنوان ” مؤامرات وقرارات تعسفية وأنتها الحقبة الدبلوماسية مع أسئلة دون جواب. (ص.180)، كتب عن العلاقة المتوترة له مع المركز في عمان والتي كان احد أسبابها الرئيسية موضوع قرار عدم التعامل مع البعثات الدبلوماسية للكيان الصهيوني، حيث اعتبرت الخارجية القرار خروجا عن “التقاليد البائسة في عمل وزارة الخارجية) بحسب قوله.
- وأشار بمرارة إلى عملية نقله التعسفي من (لاهاي) إلى المركز، قبل إن يكمل فترته المقررة، نتيجة شكوى من (نتنياهو وزير خارجية الكيان الصهيوني) في ذلك الوقت، لرفضه الاجتماع به في جلسة مجاملة عاديه، وبسبب أخر وهو مساندته قرار محكمة العدل الدولية بعدم قانونية الجدار العازل على الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما ذكر حادثة الحريق في منزله في مدينة (لاهاي) التي لم يصل التحقيق فيها إلى نتائج مقنعة. (ص. 181 )
كما فرد المؤلف في كتابه فصولاً عديدة حول جوانب خاصة وعائلية تتعلق بسيرته الذاتية عبر السنين، في العمل الأكاديمي واللجان والهيئات، ومعايشته لما أسماه “الحقبة الذهبية” التي تداخلت فيها البيئات الثقافية والاجتماعية والمعيشية التي ساهمت في تشكيل شخصيته ونظرته إلى الحياة.
وختاما إن كل ما ورد في هذا الكتاب من معلومات يجعل منه وثيقة وطنية قيمة، من المفيد الاطلاع عليها من قبل الباحثين والمهتمين بالشأن السياسي العام، لما تحمل من معلومات مهمة تساعد على فهم الكثير من الإحداث الراهنة.