ذي إنترسيبت: المدعون الفدراليون يتهمون الإمارات صراحة ونادر أقر بجناية دعم حملتي كلينتون وترامب
وكالة الناس ــ نشر موقع “ذي إنترسيبت” تقريرا أعده ماثيو كول عن نشاطات جورج نادر، الذي تصرف نيابة عن المصالح الإماراتية في الولايات المتحدة أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية التي جلبت الرئيس السابق دونالد ترامب في عام 2016.
وقال كول إن نادر الأمريكي الجنسية عمل مستشارا لحكومة الإمارات العربية المتحدة والمدان بقضايا جنسية وكان زائرا منتظما على البيت الأبيض خلال السنة الأولى من تولي ترامب الرئاسة وأقر بدوره بمساعدة الإمارات على ضخ ملايين الدولارات في حملة مساهمة غير قانونية في النظام السياسي الأمريكي أثناء الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو ما كشفت عنه وثائق قدمت في الشهر الماضي للمحكمة الفدرالية.
وكشف المدعون الفدراليون في مذكرة الحكم الصادرة في كانون الأول/ ديسمبر أن نادر قد وافق قبل عدة أشهر على الإقرار بتهمة واحدة وهي جناية تحويل ملايين الدولارات من التبرعات إلى حملة هيلاري كلينتون وإخفاء مصدرها الأجنبي.
ولم يتم الكشف عن إقرار نادر من قبل. ولم يرد محاميه عن على أسئلة الموقع للتعليق. وبحسب مذكرة الحكم التي قدمها المدعون فقد تآمر نادر لإخفاء الأموال “رغبة منه في ممارسة الضغط (لوبي) بالإنابة عن عميله، وهي حكومة الإمارات العربية المتحدة”. وجاء في مذكرة الحكم أن نادر حصل على تبرعات مالية غير قانونية من حكومة الإمارات العربية المتحدة.
ويعتبر الملف المقدم للمحكمة أول مرة تتهم فيها الحكومة الأمريكية علنا الإمارات، التي تعد حليفا مهما، بمحاولة الحصول وبطريقة غير قانونية على منفذ للمرشحين أثناء الحملات الانتخابية الرئاسية.
ويعلق الموقع أن إقرار نادر بذنبه يفتح النافذة على جهود الإمارات وحاكمها الفعلي ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد للتأثير على نتائج انتخابات عام 2016 وبالتالي تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية في الخليج. وكشفت مذكرة الحكومة أن جورج نادر ورجل أعمال من لوس أنجليس اسمه أحمد أندي خواجا ، تبرعا بمبلغ مليون دولار لحفلة تنصيب ترامب ولا يعرف من أين جاءت هذه الأموال.
ويزعم المدعون أن نادر قام بتحويل 5 ملايين دولار من تجارته في الإمارات إلى خواجا، المدير التنفيذي لشركة في لوس أنجليس تعمل في مجال تخليص المدفوعات. وجاء من هذا المبلغ 3.5 مليون دولار من الحكومة الإماراتية ودفع إلى اللجان السياسية في الحزب الديمقراطي التي كانت تعمل على انتخاب كلينتون، بحسب الحكومة الأمريكية التي اتهمت نادر وخواجا وستة آخرين بإخفاء مصدر هذه الأموال.
ولم يقدم المدعون تفاصيل عن المبلغ الباقي وهو 1.4 مليون دولار والذي حوله نادر إلى الخواجا. واعترف نادر بالذنب وكذا اعترف بالذنب خمسة من ثمانية متهمين بالمؤامرة المزعومة. وهناك اثنان سيقفان أمام المحكمة هذا العام، وهرب خواجا من الولايات المتحدة بعد اتهامه. وذكرت وكالة أنباء أسوسيتدبرس أنه محتجز في ليتوانيا، نقلا عن مصادر في الشرطة هناك ومحام ليتواني يمثله.
ويطالب المدعون بالحكم خمسة أعوام على نادر، ويطالبون بألا يبدأ تنفيذ الحكم إلا بعد أن ينهي مدة عشرة أعوام التي يقضيها بتهمة حيازة مواد إباحية عن الاطفال وإحضار قاصر إلى الولايات المتحدة “بغرض ممارسة نشاطات جنسية إجرامية”.
ويزعم المدعون أن نادر تلقى تعليماته من ولي عهد أبو ظبي بن زايد وأنه قدم له إيجازات دورية عن تقدمه وهو يحاول عقد علاقات مع كلينتون. وفي مرة اشتكى خواجا من أن نادر والإمارات لم يحولا المال لتغطية حفلة جمع التبرعات لكلينتون التي ينظمها. ورد نادر بأنه سيرسل ملاحظة “إلى سموه” في إشارة لمحمد بن زايد.
وبعد أيام كان نادر يحضر للقاء كل من هيلاري وزوجها بيل، الرئيس السابق وسأل مسؤولا إماراتيا إن كان يستطيع اللقاء معه قبل سفره للمهمة. وبالتأكيد كان هذا المسؤول هو محمد بن زايد حسب الموقع. وبحسب المذكرة “سأسافر صباح السبت لزيارة أختي الكبيرة وزوجها، وسأراه يوم الأحد وزوجها يوم الثلاثاء. سيدي! أرغب بلقائك غدا حسب وقتك للحصول على إرشاداتك وتعليماتك ومباركتك”. وكان يعني بأختي الكبيرة كلينتون وزوجها بيل.
ورغم محاولات نادر الوصول إلى حملة كلينتون إلا أنه استطاع الوصول إلى حملة ترامب نيابة عن عملائه في الخليج. ووصف روبرت مولر، المحقق الخاص في التدخل الروسي بالانتخابات الرئاسية 2016 نادر بأنه “مستشار بارز” لمحمد بن زايد وأنه أقام “اتصالات” مع الحملتين. وأخبر نادر مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) بأنه قابل ابن دونالد ترامب، دونالد ترامب جونيور عدة مرات عام 2016. وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن نادر أخبر نجل ترامب بأن كلا من ولي عهد الإمارات والسعودية راغبان بمساعدة والده على الفوز في الانتخابات. وحسب “أف بي أي” فقد نصح نادر حكام الخليج “ببناء علاقات جيدة” مع كلينتون وترامب في أثناء الحملات الانتخابية عام 2016.
وبحسب الملاحظات التي سجلها “أف بي أي” فقد حاول نادر وبلا نجاح ترتيب لقاء بعد فوز ترامب بينه وبن زايد، وقبل حفل تنصيبه. وعوضا عن ذلك، فقد رتب المسؤولون الإماراتيون لبن زايد كي يتحدث في نيويورك، مع مسؤولي حملة ترامب، بمن فيهم جاريد كوشنر وستيفن بانون والجنرال المتقاعد مايكل فلين. وبعد أسابيع، رتب نادر والزعيم الإماراتي لقاء بين المتبرع لحملة ترامب، إريك برينس ورئيس صندوق الاستثمار الروسي المباشر كيرل ديمتريف في جزر سيشل.
وبعد تنصيب ترامب، أصبح نادر زائر منتظما على البيت الأبيض، حسبما أوردت “نيويورك تايمز”. ولكن دوره في حملة ترامب ولقاء السيشل وضعه في مرمي تحقيق مولر. واعتقل العملاء الفدراليون نادر في حزيران/ يونيو عند وصوله إلى مطار جي أف كيندي الدولي وبعد هبوطه من طائرة قادمة من الإمارات ووجهوا له تهما بحيازة عدد من الصور وأشرطة الفيديو للجنس مع الأطفال. وهي تهم ألغيت لاحقا، لكن نادر أدين لاحقا بتهمة منفصلة بحيازة مواد إباحية عن الأطفال وإحضار طفل عمره 14 عاما إلى الولايات المتحدة بغرض ممارسة الجنس معه.
وأقر نادر بالجرمين المرتبطين بنشاطات حدثت عام 2012 و2000 حسب وثائق المحكمة. وحكم عليه بالسجن لمدة 10 أعوام ورقابة مدى الحياة في سجل المدانين بجرائم جنسية. وقضى نادر عاما في جمهورية التشيك في 2003 بتهمة ممارسة الجنس مع نفس القاصر الذي أحضره للولايات المتحدة.
ونادر ليس الوحيد المتهم بمساعدة الإمارات وزيادة تأثيرها على السياسة الأمريكية. ففي العام الماضي وجهت وزارة العدل اتهامات لتوماس باراك، رجل الأعمال والصديق المقرب من ترامب ومستشاره بالعمل كوكيل سري للإمارات في محاولة منه لتعزيز مصالح هذه الدولة الخارجية.
وفي بيان صحافي من وزارة العدل صدر في حينه وصفت فيه باراك واثنين آخرين بالعمل لـ”تقديم معلومات استخباراتية” لحكومة الإمارات عن حملة ترامب ولاحقا عن إدارته. ووجهت تهمة لباراك أيضا بعرقلة مسار العدالة للكذب أمام المحققين وفي قضية أخرى مع مواطن إماراتي مقرب منه وهو راشد المالك، والذي كشف عن دوره أول مرة موقع “ذي إنترسيبت” في 2019.
وفي لائحة الاتهامات الموجهة لباراك تم وصف المسؤولين الإماراتيين البارزين ومحمد بن زايد بدون ذكر أسمائهم، كأفراد وجهوا وأشرفوا على جهود باراك مع ترامب لتعزيز مصالح البلد الخليجي. ورفض باراك الاتهامات وسيواجه المحكمة بوقت لاحق من هذا العام.
