عاجل

مسلمو الهند , هل سيواجهون إبادة جماعية كمسلمي الروهينجا

وكلاة الناس – كتب. رائف الريماوي – الهنود يحبون التحدث عن المهاتما غاندي للتعريف بالهند كأرض سلام ومحبة، وهذا يعزز مكانتها الأخلاقية كديمقراطية فريدة على المسرح العالمي ، برز غاندي وأفكاره كثيرا عندما ظهر رئيس الوزراء ناريندرا مودي في الهند منذ حوالي سنة ونصف. خلال لقائه مع مودي في البيت الأبيض في 24 أيلول/ ، قال الرئيس جو بايدن إن “رسالة غاندي بخصوص اللاعنف والاحترام والتسامح مهمة اليوم ربما أكثر من أي وقت مضى.

وفي خطابه الخاص أمام الأمم المتحدة، قال مودي إن العالم يواجه خطر التفكير الرجعي والتطرف، وشدد على مؤهلات بلاده الديمقراطية. ولتعزيز وجهة نظره، قام بصياغة لقب جديد للهند: أم جميع الديمقراطيات. لا أحد يعرف ما الذي يعنيه ذلك اللقب، بالتأكيد ليس الأم الهندية التي قتل ابنها البالغ من العمر 12 عاما , الذي قُتل برصاصة الشرطة في ولاية آسام الشمالية , في نفس الوقت الذي كان فيه مودي رئيس الحكومة الهندية , يلقي مواعظه في أمريكا.

في لقطات مروعة لمقتل هندي مسلم على يد الشرطة الهندية أصيب الصبي، شيخ فريد، عندما فتحت الشرطة النار على قرويين بنغاليين مسلمين احتجاجا على الإخلاء القسري من أراضيهم التي تريد الحكومة الآن منحها للهندوس الأساميين، الذين تسميهم “مجتمع السكان الأصليين”. ومن المفارقات، أنه قبل لحظات من وفاة فريد، كان قد حصل من مكتب البريد على بطاقة هوية وطنية تثبت أصله. موت طفل بهذه الطريقة البربرية يجسد عارا وطنيا الى يوم الدين .

لقطات مروعة لمقتل هندي مسلم على يد الشرطة الهندية هاجم رجال الشرطة المدججون بالسلاح ,معين الحق ,كانوا بإمكانهم السيطرة عليه بسهولة، لكنهم بدلا من ذلك أطلقوا عليه النار . تم تصوير شريط فيديو تم تداوله على نطاق واسع. تُظهر الصور رجال الشرطة ينهالون على معين الحق بالهراوات حتى وهو منهار، ويتناوبون بذلك مع، المصور الهندوسي الذي يرافق فريق الشرطة.

وبينما كان معين الحق يموت، قفز بانيا – المصور الهندوسي – بشراسة وداس على جثته. التطرف الهندوسي الذي تقوده الدولة في الهند. في بلد قوامه 84% من السكان من الهندوس، و 14% فقط من المسلمين، حقق حزب بهاراتيا جاناتا (BJP) الذي يتزعمه مودي إنجازا مذهلا يتمثل في خلق إحساسا عميقا بأن الهندوس ضحية، و مما دفع الى إذكاء المشاعر الكراهية لديهم ضد المسلمين و بأن المسلمين هم العدو .

تضليل وخطاب الكراهية، فتح الجراح الدينية القديمة، والتلاعب بوسائل الإعلام الخانعة، وإسكات الأصوات التقدمية، وتمكين مجموعات البلطجة الأهلية الهندوسية. وأصبح شعار “الهندوس في خطر” الذي دأب اليمين على ترديده ,يلقى صدى عميقا لدى الهندوس الغوغاء اليوم. تم إقناع العديد من الهندوس الآن بالاعتقاد بأن أكبر مشكلة تواجه الهند هي مسلموها.

قبل تولي مودي زمام الأمور في عام 2014، اعتقد معظم المواطنين أن همومهم الرئيسية هي الفقر، والنمو الاقتصادي غير الكافي، والفساد. صعد مودي إلى السلطة بوعود إصلاح كل هذه السلبيات . و مع استمرار تدهور الاقتصاد، وارتفاع معدلات البطالة والفقر في ظل حكمه، اعتمد حزب بهاراتيا جاناتا بشكل متزايد على سياسات التفوق لصرف الانتباه والتهرب من المسؤولية. للاستمرار في الفوز بالانتخابات، يجب أن يستمر في استقطاب الناخبين الهندوس ضد المسلمين، وبث المزاعم الباطلة لتشويه صورة المسلمين و وتحريض واستقطاب الهندوس. الهندوس المتطرفين يتهمون المسلمين بأنهم يرغبون في الزواج من النساء الهندوسيات، لينجبوا بسرعة اكثر بهدف تجاوز عدد السكان الهندوس وإقامة دولتهم الإسلامية، ليفرضوا قوانين جديدة خاصة بهم .

يتعرض الباعة المتجولون والعمال المسلمون لهجوم متزايد من الجماعات الهندوسية المتطرفة التي تدعو إلى مقاطعة المتاجر الإسلامية. تمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي الهندية اليوم بمقاطع فيديو لمن نصبوا أنفسهم حماة للهندوسية يطالبون بإعدام المسلمين دون محاكمة . نادرا ما يتم محاسبة او حجز الهندوسي البارزين بسبب خطاب الكراهية. ويتعرض المسلمون بشكل روتيني لهجمات عشوائية لارتكابهم “جرائم” مثل نقل الماشية أو التواجد برفقة نساء هندوسيات.

في بعض الأحيان، يكون الاستفزاز ببساطة أن شخصا ما هو مسلم في مظهره. وكما قال مودي نفسه في التجمعات الانتخابية، فإنه يمكن التعرف على الأشخاص “الذين يخلقون العنف من خلال ملابسهم”. تاريخ حقد الهندوس أطول من انحدار الهند إلى هاوية الكراهية. ولاية آسام، التي صارت تجسد رقصه الموت على جثث المسلمين ، والمكان الذي تم فيه تعميم صورة المسلم باعتباره دخيلا خطيرا غير مرغوب فيه. هذا الخوف من أن يجتاحهم الغرباء , المسلمين ,الذي تم ترميزه وراثيا على مدى قرون، يعود تاريخه إلى منذان الذي بدأ البريطانيون بإزالة غابات الولاية , من أجل زراعة الشاي و محاصيل أخرى. أدت إزالة الغابات تلك إلى هجرة الفلاحين البنغاليين من المناطق المجاورة المكتظة بالسكان بحثا عن اراضي خصبة جديدة يمكن الحصول عليها .

زاد استياء الآساميين ، استمرار الهجرات في العقود الأخيرة نتيجة التقسيم العنيف لشبه القارة الهندية، الصعوبات الاقتصادية، وعدم الاستقرار السياسي، والحروب ادت لتكون ما يعرف الآن باسم بنغلادش, وأدت عوامل متعلقة بالمناخ إلى نزوح جماعي مستمر من بنغلادش الدلتا المعرضة للفيضانات إلى ولاية آسام. ومع صعود مودي، اختلط الاستياء التاريخي للآساميين تجاه غير الآساميين ,مع سياسات القومية الهندوسية مع خليط خطير من الكراهية لغير الاساميين . الدوس على جثة مسلم بمثابة بريق الوطنية الاسامية الهندوسية، ولهذا السبب يتم التباهي به أمام الكاميرا. وأصبح التعصب الأعمى الآن وسام شرف. كان بانيا الهندوسي الذي داس على جثة معين الحق ,يحمي الهند , في نظرهم , وشوهد رجال شرطة وهم يحتضنونه في الفيديو بعد وفاة معين الحق. ويوضح سلوك مودي رئيس حكومة الهند الكثير عن الطرق التي استخدم بها التاريخ كسلاح و كيف حفز الكراهية وجعلها قيمة .

حزب بهاراتيا جاناتا يريد ببساطة أن تتخلص الهند من “المهاجرين البنغلادشيين”، و المسلمين الهنود. حرم ما يقرب من مليوني شخص من حق التصويت في الولاية، مع عدم توضيح اوة معرفة ما سيحدث لهم. أقرب حالة لحالات انعدام الجنسية واسعة النطاق التي فرضتها الحكومة الهندية , هو الحرمان الجماعي للروهينغا في عام 1982 من حق التصويت في ميانمار، قبل المذابح والنزوح الجماعي بعد ذلك بسنوات في الصين . البداية في ولاية بيهار المجاورة لولاية اسام ، تطلب الحكومة من الناس الإبلاغ عن المهاجرين غير الشرعيين المشتبه بهم , وقد صدرت أوامر للمسؤولين بخلق وعي بالقضية بشكل عاجل. وطالبت المحكمة العليا في الولاية بإنشاء مركزا لاحتجاز المهاجرين، حسب رأي الحكومة : بأن ترحيل المهاجرين غير الشرعيين له أهمية قصوى ويخدم المصلحة الوطنية. ويعيش الان17 مليون مسلم في بيهار حالة من القلق بشأن مستقبلهم. في ولاية البنغال المجاورة، التي تقع على الحدود مع بنغلادش ويقطنها ما يقرب من 25 مليون مسلم، حزب بهاراتيا جاناتا وعد بحملة للتحقق من الجنسية على غرار ولاية آسام إذا وصل إلى السلطة في الولاية. ألقى رئيس الوزراء في ولاية أوتار براديش، أكبر ولاية في الهند وأكثرها أهمية من الناحية السياسية، باللوم مؤخرا على المسلمين في الاستحواذ على المواد الغذائية التي تدعمها الحكومة. سنت ولاية أوتار براديش، إلى جانب ولاية آسام، قوانين طفلين فقط لكل عائلة لتخفيف عدد المسلمين , وعدم القاء اللوم علىهم في سبب النمو السكاني , ويشير المسؤولون إن النمو السكاني بسبب المسلمين , يفسر تخلف هذه الولايات. الادعاء غير صحيح في الواقع، فمعدلات الخصوبة بين المسلمين تتراجع بسرعة ولا تزيد عن نسبة الخصوبة عند الهندوس . الواقع لم يعد مهما , إنه يخضع لمتطلبات رواية الحزب الحاكم غير الانسانية ضد المسلمين. أعضاء حزب بهاراتيا جاناتا يشيرون إلى المسلمين الهنود على أنهم “نمل أبيض” يأكل موارد الهند، ويحرم الهندوس من حقهم في أرضهم غاندي أسس الجمهورية العلمانية و مات وهو يدافع عنها، يتم إفراغها اليوم من محتواها بشكل محموم أكثر من أي وقت مضى. بينما يمتدح مودي غاندي شعائريا، بينما يمجد قادة حزب بهاراتيا جاناتا علانية قاتل غاندي، الذي كان متعصبا هندوسيا. يدعو الوزراء والمشرعون الهندوس اتباع مودي الناس بحرية إلى إطلاق النار على “الخونة” وبدء المذابح، ويتم الترويج لهم بدلا من معاقبتهم على أفعالهم. مودي نفسه الذي ابدى عدم ندمه على المذابح التي وقعت في عام 2002 في غوجارات2002، عندما كان

رئيسا لوزراء تلك الولاية حيث قُتل مئات المسلمين وشرد الآلاف. لم يقتصر الأمر على عدم اعتذار رئيس الوزراء الحالي في ولاية آسام عن تجاوزات الشرطة فحسب، بل إنه قلل في الواقع من وفاة معين الحق وفريد، واصفا وفاة معين الحق بـ”30 ثانية فقط” من مقطع فيديو مدته ثلاث دقائق. كما أنه واصل حملة الإخلاء حتى إنه قام بالتفاخر بنشر صور أنقاض المساجد الأربعة التي دمرت فيها. بينما لا يزال أمثال بايدن في هذا العالم يتحدثون عن غاندي، تغيرت رموز الهند النموذجية. وكذلك معايير الخطاب المقبول في الحياة العامة والاجتماعية. الإبادة الجماعية مطلوبة الآن علانية في التجمعات العامة. وتستخدم التهديدات بالقتل مثل علامات الترقيم في المناقشات على وسائل التواصل

الاجتماعي. في 2 تشرين الأول، تم الاحتفال بعيد ميلاد غاندي وسط ضجة كبيرة باعتباره اليوم الدولي ل الاعنف. وصدر كتابان جديدان عن اغتياله عام 1948. وفي الوقت نفسه، في ولاية كارناتاكا، تم العثور على رجل مسلم يبلغ من العمر 25 عاما مقطوع الرأس بسبب علاقته بفتاة هندوسية، تم قتله على يد جماعة هندوسية أهلية محلية. لا يزال غاندي يُقتل بمليون طريقة في الهند اليوم. وما فعله بيجوي بانيا هو أن أضاف لمسة زخرفة إلى ذلك.