الغرايبة يوضح .. أسباب إرتفاع أسعار المواد الغذائية
وكالة الناس – يين الخبير الإقتصادي الدكتور عمر خليف الغرايبة الأسباب الحقيقية التي تقف وراء إرتفاع السعلة الأساسية من المواد الغذائية في الأردن.
وقال الدكتور الغرايبة: في ظل الظروف التي نعيشها وتعيشها الدول العربية من أزمات إقتصادية، وتسارع في الأحداث، أرى من واجبي توضيح قضية في غاية الأهمية متعلقة في الأردن من الناحية الإقتصادية الا وهي التضخم وأسعار الصرف وأسعار المستوردات، وهناك لدى المواطنين مقارنات صحيحة وفي بعض الأحيان مغالطات يرتكبونها بسبب عدم التخصص أو عدم الإلمام في جوانب الموضوع، لذلك كان لا بد علينا أن نوضح هذا الموضوع بما تقتضية الأمانة العلمية، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل الأردن يختلف عن الدول العربية الأخرى سواء تلك التي قامت بتعويم عملتها مثل مصر والسودان، أو التي ارتفع فيها معدلات التضخم بطريقة كبيرة وانخفض سعر صرفها مثل لبنان وسوريا والعراق؟ ..”
وأضاف الدكتور الغرايبة :” نبدأ من سعر صرف الدينار الأردني الذي كان، وما زال، يساوي 70 قرشاً لكل دولار، فقد حافظ الدينار الأردني على قيمته وسعر صرفه مقابل الدولار، وذلك بسبب الاستقرار السياسي من جهة وبسبب استقرار السياسة النقدية في الأردن من جهة أخرى، وهناك نقطة قوة لدى البنك المركزي الأردني أن لديه احتياطي نقد أجنبى أكثر من 12 مليار، بمعنى أنه قادر على تغطية أكثر من 10 شهور من مستوردات الأردن، وإذا نظرنا إلى البنوك الأردنية سواء التجارية أو الإسلامية نجد أنها تتميز بمتوسط كفاية رأس المال 15% قبل الجائحة، و معيار كفاية رأس المال حسب اتفاقية بازل أظهرت أن البنوك التي تمتلك كفاية رأس المال مساوية الى 12% تكون ممتازة، بمعنى أن البنوك الأردنية حققت شرط كفاية رأس المال وتجاوزته، وفي حال حدوث خسارة فهذا لا يؤثر على ملاءتها المالية بسبب كفاية رأس مالها.”
وتابع د. الغريبة:” ولكن ما شاهدناه في مصر والسودان هو قفز نحو التعويم الموجه بسبب إنخفاض سعر صرف الجنية المصري والسوداني ووجود سوق سوداء، كما أن أرصدتها من احتياطي النقد الأجنبي كانت منخفضة جدا، فعلى سبيل المثال لم يكن لدى البنك المركزي المصرى عام 2016 قبل التعويم سوى 13 مليار دولار، أي أنها قادرة على تغطية فقط 3 شهور من المستوردات، أما بالنسبة للذي يحصل في لبنان وسورية والعراق، فقد شاهدنا إنخفاض حاد في سعر الصرف مثل 15,000 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد نتيجة الانقسامات الداخلية والحروب التي حدثت في تلك الدول وسوء في إدارة السياسة النقدية المالية داخلها”.
وتساءل الدكتور الغرايبة :” ما الذي حدث لأسعار المستوردات في الأردن؟ و لماذا ارتفعت أسعارها في شهر آذار من عام 2021؟ للإجابة عن هذا السؤال نعود إلى ما بدأنا به المقال وهو ربط الدينار بالدولار، وكما شاهدنا خلال جائحة كورونا أن الدولار انخفض سعر صرفه إلى ما يقارب 13% مقابل العملات الأخرى نتيجة طباعة ترليونات الدولارات أثناء الجائحة، وكلما زاد المعروض من الدولار كلما انخفض سعر صرفه أكثر، وهذا بالتالي انعكس على الدينار الأردني في الخارج وتحديدا على أسعار المستوردات، فنحن نصرف الدينار بسعر ثابت مع الدولار ولكن الدولار انخفض مقابل العملات الأخرى، لذلك إنخفاض قوة الدولار أدى إلى ارتفاع تكاليف الشحن وأسعار السلع المستوردة، وهذا ما ظهر مباشرة بعد إقرار الموازنة العامة في الأردن وبطبيعة الحال سيزيد من نسب التضخم.”
وقال :” إذا هناك قلق والجميع يتساءل ما هو الحل؟ الحل يكمن في فك ارتباط الدينار بالدولار والانتقال إلى نظام سعر الصرف الزاحف الذي يربط الدينار بسلة عملات مثل الدولار واليورو والجنيه الاسترليني واليوان الصيني، فبدل ربط الدينار بالدولار فقط ونتحمل مخاطر تقلب الدولار، نقوم بربطة بسلة عملات مختلفة الأوزان وعلاقتها عكسية مع بعضها البعض وبذلك نكون قد استطعنا من تخفيض التقلب والتذبذب في أسعار المستوردات بأخذ متوسط الأوزان لهذه العملات في سلة واحدة، فلو انخفض الدولار من جهة يرتفع اليورو أو الجنيه من جهة أخرى “.
وختم حديثه قائلاً :” ولكن كما وضحنا في المقال السابق الانتقال من نظام سعر الصرف الثابت إلى نظام سعر الصرف الزاحف يحتاج إلى تهيئة مؤسسية وتشغيلية وقد تناولناها في المقالة السابقة، كما أنه يحتاج الى إصلاحات اقتصادية وعلى جميع المستويات والقطاعات وهذا ما سنتناوله في المقالة القادمة إن شاء الله”.