باسم عوض الله يرد على المشككين بنزاهته
وكالة الناس – كتب رئيس الديوان الملكي الاسبق باسم عوض الله رسالة لمتابعيه على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” يعتذر فيها عن غيابه وانقطاعه عن التواصل مع اصدقائه ومتابعيه، نظرا لانشغاله بالانشطة والاعمال المختلفة.
كما ويرد عوض الله في رسالته على المشككين بنزاهته وكافة الاتهامات التي وجهت له في اكثر من فعالية ومحفل.
وتاليا نص الرسالة:
الأخوات والاخوة الأعزاء،
بداية أود أن اعتذر عن غيابي خلال الفترة الماضية على التواصل معكم عبر منصة الفيسبوك لانشغالي بالعديد من الانشطة والأعمال، مؤكداً احترامي وتقديري لكل من يتواصل معي ويطرح تساؤلات ووجهات نظر والتي احترمها جميعها وأحترم كل من يطرحها، رغم اختلافي مع بعض وجهات النظر إلا ان الخلاف لا يفسد للود قضية طالما أن الهدف النهائي هو إثراء النقاش والحوار لما فيه خير ومصلحة أردننا الغالي.
وقد لاحظت خلال الشهور الماضية من خلال التواصل مع بعض الأصدقاء إثاره العديد من التساؤلات أو حتى الاتهامات لي شخصياً بأنني من استورد نهج التخاصية ونفذه وباع مقدرات الوطن واتهامي بالمسؤولية عن ارتفاع عجز الموازنة العامة وارتفاع المديونية واستغلالي لمنصبي العام لتحقيق مصالح خاصة حتى انه تم اقحامي وتحميلي مسؤولية بعض السياسات أو القرارات وانا خارج العمل الرسمي. وقد لوحظ أن كل تلك الانتقادات والاتهامات قد جاءت عمومية وافتقرت إلى أية أدلة أو براهين علمية وعملية. وبالرغم من إجابتي على العديد من هذه التساؤلات والاتهامات في أكثر من مرة ،وفي أكثر من محفل، أو فعالية ،إلا أن استمرارها دفعني لكتابة رأيي الخاص بها على صفحتي على الفيسبوك، انطلاقاً من قناعتي بأهمية احترام كل من يقدم التساؤلات، أو يكيل الاتهامات لي في أي قضية كانت ،وقناعتي بأن الرد على هذه التساؤلات والاتهامات هي متطلب رئيسي لإحقاق الحق ،ووضع النقاط على الحروف، لأن منهجية الحوار والرد هي التي تعزز المهنية والمصداقية ،وتعتبر الركيزة الأساسية للحوار البناء.
أولاً: اتهامي باستيراد برنامج التخصيص وتطبيقه وبيع مقدرات الوطن:
النهج الاقتصادي الليبرالي وتطبيق برامج التخاصية هو ظاهرة عالمية بدأت منذ عدة قرون وظهرت بشكل سياسات اقتصادية تبنتها العديد من الدول المتقدمة والنامية تجاوز عددها المائة دولة في عقد السبعينات من القرن الماضي، وتم تبنيها في الأردن اضطرارياً بعد الأزمة الاقتصادية عام 1989. ففي ضوء ما شهده الاقتصاد الأردني من اختلالات هيكلية عميقة في البنية الاقتصادية وتدني مستوى الإنتاجية والكفاءة الاقتصادية، وتراجع حوالات المغتربين وتراجع حجم المساعدات الخارجية وتفاقم العجز المالي ولجوء الحكومة للاقتراض لتغطية العجز، تعرض الأردن إلى أزمة اقتصادية ومالية كبيرة عام 1989 كان من أهم مؤشراتها ارتفاع عجز الموازنة قبل المساعدات إلى أكثر من 20% من الناتج، وتزايد حجم المديونية الخارجية لتصل إلى 190% من الناتج، وأصبحت الحكومة عاجزة عن تسديد مستحقات ديونها الخارجية وتوقفت عن السداد، وقد رافق ذلك ارتفاع كبير في معدل التضخم ليبلغ 25.7%، وانهار سعر صرف الدينار الأردني مقابل الدولار من 2.96 دولار عام 1987 إلى 1.74 دولار عام 1989 وواصل الانخفاض ليصل إلى 1.47 دولار عام 1991، وتدهور كبير في احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية، وتراجع وانكماش في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بأكثر من 13%، هذه الظروف أدت إلى زيادات كبيرة في معدلات الفقر والبطالة وتدني مستوى الثقة بالاقتصاد الوطني وقدرته على الصمود في وجه هذه التحديات. ونتيجة لهذه الأزمة أضطر الأردن إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والتوقيع على برامج استقرار وتصحيح هيكلي اقتصادي من أجل الحصول على تمويل سريع لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار، والحصول على ضمانات من الصندوق للدائنين في كل من نادي لندن ونادي باريس بقدرة الأردن على تسديد ديونه الخارجية. والحصول على قروض مالية ومساعدات فنية مثل قرض تصحيح قطاع الزراعة، وقرض تصحيح قطاع الطاقة، وقرض التصحيح الاقتصادي والتنمية، وغيرها.
وضمن هذا الإطار تم منذ عام 1989 تطبيق العديد من برامج التصحيح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد والبنك الدوليين شملت إصلاحات في مجال السياسات المالية والنقدية والتجارية والبيئة التنظيمية والتشريعية وتعزيز المناخ الاستثماري وتشجيع تنمية القطاع الخاص وتطبيق إستراتيجية للتخاصية، كما تم عام 1996 إطلاق برنامج التخاصية ومن ثم تبني الإستراتيجية الوطنية للتخاصية التي تم عرضها على مجلسي النواب والأعيان، ومن ثم تم إصدار قانون للتخاصية ينظم عمليات التخاصية وتحديد القطاعات والشركات ذات الأولوية بالتخصيص.
لذلك يتضح للجميع بأن برنامج التخصيص أو ما يسمى بالنهج الليبرالي هو جزء من برنامج التصحيح الاقتصادي الذي تم إقراره والبدء بتنفيذه بعد الأزمة الاقتصادية عام 1989، علماً بانني خلال هذه الفترة كنت أعمل في القطاع الخاص خارج المملكة، وبالرغم من ذلك فإنني شخصياً أؤمن بأهمية هذا النهج في تطوير الأداء الاقتصادي للدول وضمان استدامة التنمية فيها، ولكنني بالفعل لست من استوردها. وأود أن أذكر الجميع بأنني طوال فترة خدمتي في العمل العام لم أكن مسؤولاً مباشراً عن تخصيص أي مؤسسة حكومية ولم اكن في يوم من الأيام رئيساً للوزراء لاتحمل وزر الولاية العامة، وإن تشرفت يحمل المسؤولية مع زملائي الوزراء في الحكومات المتعاقبة.
ثانياً: اتهامي بالمسؤولية عن تزايد العحز المالي والمديونية:
بالنسبة لي فقد عينت وزيراً للمالية بتاريخ 7/4/2005 وبالتالي فإنني لم أقم بإعداد الموازنة العامة لذلك العام ورغم ذلك فإن مسؤولية الحكومات والوزراء تراكمية، وقد تعاملت وزارة المالية خلال فترة عملي في الوزارة والتي لم تتجاوز ثلاثة شهور بمنتهى الشفافية والوضوح في طرح التحديات التي تواجه المالية العامة، خاصة وأن تلك الفترة شهدت ارتفاعات كبيرة في أسعار النفط الذي شكل تحدي كبير أمام الموازنة التي كانت ما تزال تقدم دعماً كبيراً لأسعار كافة المشتقات النفطية. وعلى الرغم من ذلك فإن المالية العامة للدولة حققت العديد من النتائج الايجابية في النصف الأول من عام 2005، فقد ارتفعت الايرادات العامة خلال النصف الأول من عام 2005 لتصل إلى 1551.1 مليون دينار مقابل 1367.5 خلال نفس الفترة من عام 2004 مسجلة بذلك ارتفاعاً بنسبة 13.4%، كما ارتفع إجمالي الإنفاق خلال النصف الأول من عام 2005 ليصل إلى 1621 مليون دينار مقارنة بحوالي 1382 مليون دينار خلال نفس الفترة من عام 2004، وبنسبة نمو بلغت حوالي 17.3%. وقد جاءت هذه الزيادة نتيجة زيادة النفقات الجارية بحوالي 227.9 مليون دينار وذلك نتيجة زيادة الدعم للمحروقات ليصل إلى 228.1 مليون دينار جراء ارتفاع أسعار النفط العالمية أي بزيادة مقدارها 106 مليون دينار مقارنة بدعم المحروقات خلال النصف الأول من عام 2004، وفي ضوء ذلك بلغ عجز الموازنة خلال النصف الأول من عام 2005 حوالي 69.9 مليون دينار فقط وبنسبة لا تتجاوز 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي خلال النصف الأول من عام 2005.
ومن جهة أخرى فقد حرصت طوال فترة عملي في الحكومة سواء خلال عملي في وزارة التخطيط والتعاون الدولي أو وزارة المالية على ايلاء الاهمية الكبيرة لتخفيض أعباء المديونية العامة عبر الإدارة الإستراتيجية التشاركية السليمة لها، وبحمد الله فقد حققت الملكة نتائج ايجابية على صعيد المديونية حيث انخفض الرصيد القائم للدين العام الخارجي من 5.510 مليار دينار عام 1999 إلى 3.640 مليار دينار عام 2008. ومن ثم بعد ذلك عادت المديونية للارتفاع لأسباب عديدة يطول شرحها، ولكن لا يوجد لي أي علاقة بها لأنني منذ ذلك الوقت وانا أعمل في خارج المملكة.
وبشكل عام أود التذكير بأن العجز المالي يعتمد على العديد من العوامل من أبرزها السياسات والتشريعات المنظمة للإيرادات العامة وكفاءة تحصيل الإيرادات وحجم المنح والمساعدات الخارجية والعوامل المؤثرة في النفقات العامة وخاصة ما يتعلق منها بالأعباء المالية للقطاع العام ونفقات التقاعد وأعباء المديونية من فوائد وأقساط وكفاءة الإنفاق، بالاضافة الى العوامل الاقتصادية الكلية التي لها دور كبير في التأثير على العجوزات المالية وخاصة ما يرتبط منها بمعدلات النمو الاقتصادي المتحققة.
ثالثاً: استغلال الوظيفة العامة لتحقيق مصالح خاصة:
بحمد الله انا ولدت من أسرة عادية، ودرست وتخرجت من أفضل الجامعات العالمية بمرتبة الشرف، واكتسبت خبرة كبيرة خلال عملي في القطاع الخاص خارج المملكة قبل انتقالي للعمل العام في رئاسة الوزراء 1992، كما اكتسبت خبرة كبيرة في العمل العام أهلتني للعمل خارج المملكة، وطوال فترة وجودي في العمل العام لم أقم بأي إجراء ولم أتخذ أي قرار يخدم أسرتي او شخصي أو أقربائي أو أصدقائي،، والحمد لله خرجت من العمل العام وانا مرتاح الضمير، فقد اجتهدت طوال خدمتي العامة ولي أجران إن أصبت.
الأخوات والأخوة
اعتذر عن الاطالة والدخول في بعض التفاصيل التي قد تكون مملة للبعض ولكني كمواطن محب وفخور ببلدي وبمليكي وبالشعب الأردني الذي أنتمي اليه، أتطلع دائماً للحق والانصاف ولا شيء غير ذلك. مع شكري واحترامي للأصدقاء جميعا.