“نصفهم سوريون”.. أكثر من 5 آلاف قاصر وصلوا إلى هولندا العام الماضي
وصل أكثر من 5 آلاف وأربعمئة طالب لجوء “قاصر” إلى هولندا في عام 2023 نصفهم من السوريين، وسط تصاعد الغضب في عدة بلديات ضد استقبالهم.
وذكر تقرير في شبكة “إن أو إس” أنه تقدم أكثر من 5400 قاصر غير مصحوب مع ذويه بطلب لجوء في هولندا حتى نهاية تشرين الثاني الماضي، مقارنة بنحو “4200 قاصر في عام 2022″ و”2200 في عام 2021”.
وفي السنوات الأخيرة، زادت نسبة القصّر بين طالبي اللجوء ويمثلون 16 في المئة من إجمالي عدد طلبات اللجوء في عام 2023، أما في عام 2015، فقد كانت النسبة نحو 9 في المئة.
لماذا يختار القُصّر هولندا؟
وقدم مركز البحث العلمي والبيانات “WODC” دراسة إلى مجلس النواب حول دوافع هذه المجموعة للقدوم إلى هولندا وكان من أبرز الأسباب أن إجراءات اللجوء ولم الشمل في هولندا كانت جيدة وسريعة نسبياً، وكان هذا سبباً مهماً وراء اختيار هؤلاء الشباب القصر لهولندا وفقاً لدائرة الهجرة والجنسية “IND” أيضاً.
ووفقاً للباحثين، من المتوقع أن يتم تداول المعلومات حول فترات الانتظار الطويلة الموجودة حالياً في هولندا بين الشباب وأن الصورة الإيجابية لهولندا مع الإجراءات الأسرع لم تعد سبباً للقدوم إلى هولندا، كما يقول الباحث الرئيسي في المركز إيسيك كولو جلاسكو.
و”على الرغم من أنه من الممكن أنه لا تزال هناك معلومات غير صحيحة متداولة بين الشباب ينتهي الأمر بالكثير من المراهقين في هولندا بالمصادفة.. إنهم يفرون لأن الوضع غير آمن في بلدهم أو في البلدان التي فروا إليها”، وفقاً للمركز.
قد يكون هناك العديد من الأسباب التي تجعل القصّر يختارون هولندا، ويحدث ذلك أحياناً بسبب معلومات تلقوها مسبقاً من معارفهم أو بناءً على نصيحة مهربي البشر.
على سبيل المثال، قد يعتبرون هولندا بمثابة محطة توقف قبل وجهتهم النهائية، ولكن يتم القبض عليهم من قبل الشرطة باعتبارهم قُصراً ويتم نقلهم إلى مركز تسجيل طلبات اللجوء في تير آبل.
وتعتبر سياسة اللجوء الصارمة في دول أوروبية أخرى مثل الدنمارك لها أيضاً تأثير على اختيارهم لهولندا.
وبحسب أرقام دائرة الهجرة والتجنيس فإن نصف القصر يأتون من سوريا لا سيما الذين عاشوا بالقرب من وطنهم لعدة سنوات بعد فرارهم من وطنهم، ولكن عندما واجهوا التمييز وتدهور الظروف الاقتصادية هناك، كما هو الحال في تركيا، سافروا إلى أوروبا.
وغالباً ما يختار الشباب القُصر هولندا بسبب صورتها الإيجابية كمجتمع آمن حيث تُضمن حقوق الإنسان ويستطيعون فيها بناء مستقبلهم إضافة إلى أن قد يكون لديهم أيضاً شبكة اجتماعية كبيرة فيها.
وتقول الباحثة كولو جلاسكو: “إن الكثير من السوريين حاصلون على تعليم عالٍ ولديهم إمكانية وصول أكبر إلى المعرفة حول طرق الهروب والشبكات التي يتشاركونها عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.
وبعد العام القياسي 2015، عندما تقدم 98,850 قاصراً غير مصحوبين بذويهم بطلب للحصول على اللجوء في أوروبا، انخفض عدد الطلبات إلى حوالي 13,000 في عام 2019، ومنذ ذلك الحين، يتزايد عدد القاصرين غير المصحوبين الذين يقدمون طلبات اللجوء في هولندا، تماماً كما هو الحال في بقية الدول الأوروبية.
وفي عام 2022 كان هناك 39.520 في أوروبا وفي عام 2023 كان هناك 37.345 حتى شهر تشرين الثاني.
وذكرت دائرة الهجرة والتجنيس “IND” العام الماضي أن عدد الشباب القصر القادمين إلى هولندا يتزايد بشكل أسرع مما هو عليه في بقية أوروبا. ولا يستطيعون التقدم بطلب للحصول على اللجوء في كل الدول الأوروبية ففي فرنسا وإسبانيا ينتهي بهم الأمر في مراكز حماية القصّر.
وفي عام 2015، احتلت هولندا المركز السابع بين البلدان التي لديها أكبر عدد من طلبات اللجوء من الشباب القصر، وفي عام 2023، تقدم عدد أكبر من القُصر بطلب اللجوء في ألمانيا والنمسا فقط.
والأمر اللافت للنظر مقارنة بالذروة السابقة هو أن الشباب جاؤوا من سوريا حيث كانوا في عام 2023 (49 في المئة) و2022 (58 في المئة) مقارنة بعام 2015 (38 في المئة).
وفي بعض الأحيان، يرسل الأباء أطفالهم القصر إلى أوروبا لأنه لا يوجد ما يكفي من المال لفرار الأسرة بكاملها، وقد يكون الطفل الأكبر قوياً بما يكفي لتحمل الرحلة الشاقة، فيما يجب على الأب البقاء مع عائلته لرعاية بقية أفراد الأسرة.
ولم شمل الأسرة ليس دائماً هدفاً في حد ذاته: في بعض الأحيان يتم إرسال الطفل إلى أوروبا لأسباب تتعلق بالسلامة.
بالنسبة للقاصرين غير المصحوبين الذين يُسمح لهم بالبقاء في هولندا، يقدم 80 في المئة منهم طلباً للم شمل الأسرة، وفقاً لبحث سابق أجرته IND..
ويعد النقص المستمر في أماكن إيواء القاصرين غير المصحوبين “مصدر قلق كبير”، وفقاً لرسالة حديثة موجهة إلى البرلمان.
“وفي 30 من تشرين الأول، كان 290 قاصراً غير مصحوبين يقيمون في تير أبيل، حيث يوجد مكان لعدد 55 قاصراً غير مصحوبين بذويهم كحد أقصى”. ومن المتوقع أن يظل تدفق القصّر مرتفعاً في عام 2024.
“ناقوس خطر”
ومؤخراً، دقت عدد من المنظمات المعنية باستقبال اللاجئين القاصرين ناقوس الخطر بسبب قلة مراكز الإيواء المخصصة لهم حيث أرسلت رسالة إلى البلديات طلباً للمساعدة.
وفي كانون الثاني يناير الجاري، من المفترض أن يكون هناك ما يقرب من مئة مكان متاح لهؤلاء الأطفال في منطقة درينتي، لكن لا يوجد احتمال لذلك حتى الآن، كما يقول بارت دي بروين من مؤسسة “Phusis” المعنية بمساعدة القاصرين.
وحذرت دي بروين، نيابةً عن منظمتي الإغاثة “جيدبورج” و”نيدوس” من أنه “إذا استمرت الأمور على هذا النحو، فلن يحصل العديد من الأطفال على مكان آمن في أثناء فصل الصيف وبعده”.
ويتم وضع طالبي اللجوء القاصرين إلى هولندا لدى عائلات تستقبلهم أو في مراكز استقبال صغيرة ويتم تعيين وصي حتى يبلغوا 18 عاماً، وللقاصرين أيضاً الحق في التعليم والرعاية الصحية والتوجيه.
بلديات هولندية ترفض استقبال القاصرين
وترفض العديد من البلديات استقبال القصّر على الرغم من وجود مكان في الفنادق المستأجرة لطالبي اللجوء، ويخشى أعضاء المجالس والمسؤولون السياسيون ورؤساء البلديات من أن يتسبب هؤلاء في “الإزعاج” والتسكع في الشوارع وأخبر هؤلاء المسؤولون وكالة استقبال طالبي اللجوء أنه ليس لديهم مرافق وأنهم يقومون بما يكفي بالفعل.
وبحسب التقارير الصحفية فإن القاصرين يعلقون لأسابيع في تير آبل حيث يعانون من ظروف صعبة حيث لا يوجد تعليم ولا اهتمام بهم.
وقبل أيام، تسبب الوصول المحتمل لخمسين من القصر إلى قرية سيروسكيركي في حدوث اضطرابات في بلدية فيريا.
وعبر مجلس القرية بخيبة أمل من مجرى الأحداث، وقال رئيس مجلس القرية جان كوسميكر: “نحن لسنا ضد المأوى.. لكن خمسين قاصرا في الفئة العمرية من 14 إلى 18 عاما يخلون بالتوازن في القرية”.
كما أن مجلس القرية لا يحب الموقع الذي تفكر فيه البلدية لإقامة الملجأ بالقرب من مسبح القرية، ويضيف ليندر أوستي، عضو مجلس القرية: “بحد أقصى عشرين قاصرا في مكان ما خارج المركز.. يمكننا أن نتعايش مع ذلك. أما بالنسبة للباقي، فابحثوا لهم عن مأوى في القرى الأخرى في البلدية”.
ويقول السكان إن عدد خمسين صبياً كبير مشيرين إلى أنه لا يوجد سوى حوالي 35 صبياً يعيشون في سيروسكيركي نفسها، معبرين عن خشيتهم من الجريمة وغيرها من المضايقات ويشيرون إلى العديد من المشكلات في مركز تقديم الطلبات في تير آبل.
بدورها لا تخطط بلدية زاندفورت لتوفير مأوى طارئ إضافي لحاملي الإقامة وطالبي اللجوء القاصرين على المدى القصير رغم أن وزير الدولة لشؤون العدل والأمن إريك فان دير بورغ قد قدم طلباً عاجلاً لذلك.
وفي قرية بيركيل انسخوت في مقاطعة شمال برابانت غرب هولندا تم إيواء 55 لاجئاً قاصراً في فندق حتى نهاية العام الماضي، ولم يتم تمديد تلك الإقامة لهم ويجري البحث حالياً عن مكان آخر لإيوائهم. وترفض بلديات أخرى أيضاً استقبال القصر فيما توافق بلديات أخرى على إيوائهم.
